الوقاية من الأمراض... الأهم ثم المهم

الوقاية من الأمراض... الأهم ثم المهم
TT

الوقاية من الأمراض... الأهم ثم المهم

الوقاية من الأمراض... الأهم ثم المهم

مع توسع المعرفة الطبية حول الأمراض ومسبباتها، وزيادة تلقي الناس للكثير من المعلومات الطبية، وارتفاع مستوى حرص الكثيرين في الاهتمام بوسائل حفظ الإنسان لصحته، أصبح من المُلّح على الأوساط الطبية أن تعيد ترتيب أوراقها في جانب نصائحها لعموم الناس حول الوقاية من الإصابة من الأمراض.
وكما أن من المهم توثيق الأوساط الطبية لكل المعرفة الطبية التي تمتلكها اليوم، حول الثابت بالأدلة والبراهين من أنواع «عوامل خطورة» الإصابة بكل نوع من الأمراض التي يُمكن الوقاية من الإصابة بها، فإن من المهم كذلك أن تترجم تلك المعرفة بلغة مفهومة لكل الناس في «قائمة» تتضمن ترتيب «سلوكيات الوقاية» وفق درجة الأهمية في جدوى التعامل السليم معها كي يتم تحقيق أعلى فائدة من ممارستها، ثم توضيح كيفية التعامل مع كل عامل من تلك العوامل بطريقة يُمكن لأي إنسان أن يُمارسها كي يحمي صحته.
وهذه النقاط الثلاث، أي معرفة «عوامل خطورة» الإصابة بالمرض، وترتيب «سلوكيات الوقاية» وفق قوة التأثير الإيجابي لكل منها، وتوضيح الطرق العملية الممكنة للتعامل معها، هي أسس الطب الوقائي الذي يحتاج بشكل مستمر إلى إجراء المراجعات العلمية وتوثيق دقة تلك المعلومات حول مدى صوابها في المجتمعات المختلفة بالعالم.
ومن أمثلة المراجعات تلك دراسة الباحثين من جامعة ألاباما في مدينة برمنغهام بولاية ألاباما الأميركية حول مسببات الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، والتي تم عرضها ضمن فعاليات اليوم الأول لمؤتمر رابطة القلب الأميركية AHA حول ارتفاع ضغط الدم، الذي عُقد في الفترة ما بين 14 و17 سبتمبر (أيلول) في سان فرنسسكو. وبداية قد يعتقد البعض أن مرض ارتفاع ضغط الدم قد «قُتل بحثاً»، وأن لا جديد يُتوقع حول البحث في مسببات الإصابة بهذا المرض الشائع جداً أو وسائل الوقاية منه، بل إن مجالات البحث والدراسة فيه يجدر أن تتركز في محاولات اكتشاف وسائل علاجية متقدمة وأكثر فاعليه، ولكن هذه الدراسة الحديثة تذكّرنا بأن ثمة لا تزال أهمية للبحث في معرفة ما هي «سلوكيات الوقاية» الأهم في جهود منع الإصابة بارتفاع ضغط الدم، والذي يُقدم الاهتمام بها والتعامل الصحيح معها فائدة أكبر في تحقيق تلك الغاية.
ووفق ما تم نشره على الموقع الإخباري لرابطة القلب الأميركية حول وقائع فعاليات المؤتمر، علق الدكتور جون بووث، الباحث الرئيس في الدراسة وأحد العاملين ضمن مجموعة رابطة القلب الأميركية لبحوث الاستراتيجية المُركّزة حول ارتفاع ضغط الدم، بقوله: «ارتفاع ضغط الدم في مرحلة مبكرة من العمر مرتبط بالإصابة المبكرة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. وتوصي إرشادات معالجة ارتفاع ضغط الدم بالحفاظ على ممارسة مجموعة من السلوكيات الصحية طوال العمر بغية الحد من ارتفاع ضغط الدم مع التقدم في العمر. ولقد نظرنا في دراستنا إلى الأثر الطويل الأمد في المحافظة على اتباع مجموعة من السلوكيات الصحية وتأثيرات ذلك على التغيرات في مقدار ضغط الدم».
وبشيء من التفصيل، حلل الباحثون تأثير الحفاظ على ممارسة خمسة سلوكيات صحية على مستويات ضغط الدم لأكثر من 25 عاما، وهي: أولا، الحفاظ على وزن طبيعي للجسم، أي أن يكون مؤشر كتلة الجسم Body Mass Index أقل من 25. وثانياً، الامتناع التام عن التدخين. وثالثاً، الامتناع أو تقليل تناول الكحول. ورابعاً، القيام بأداء 150 دقيقة من المجهود البدني الرياضي المعتدل الشدة في كل أسبوع. وخامساً، اتباع تناول الطعام وفق ما يُعرف بنظام «داش» DASH الغذائي أو «نهج التغذية لوقف ارتفاع ضغط الدم». وشملت الدراسة متابعة كل من: مقدار ضغط الدم ومدى الالتزام بممارسة تلك السلوكيات الصحية لمدة 25 سنة لدى نحو 5000 آلاف شخص تراوحت أعمارهم عند بدء المتابعة ما بين 18 و30 سنة.
وتوصل الباحثون في نتائجهم إلى ثلاث نتائج لافتة للنظر، وهي: أولاً، الحفاظ على وزن طبيعي للجسم هو السلوك الأقوى تأثيراً إيجابياً، من بين تلك السلوكيات الصحية الخمسة، في نجاح الحفاظ على مستويات طبيعية لضغط الدم. وعلى وجه التحديد، منْ حافظوا على وزن طبيعي كانوا أقل إصابة بارتفاع ضغط الدم وبنسبة 41 في المائة. وثانياً، لم يرتبط الحفاظ على ممارسة النشاط البدني أو اتباع نظام غذائي صحي بشكل مخصوص، أي كل منها بشكل منفصل، بالتغيرات في ضغط الدم خلال فترة الـ25 سنة من المتابعة. وثالثاً: الأشخاص الذين حافظوا على ممارسة أربعة من تلك السلوكيات الصحية مجتمعة ترتفع لديهم بنسبة 27 في المائة احتمالات المحافظة على ضغط دم طبيعي.
وعلق الدكتور بووث على هذه النتائج بالقول: «نتائجنا تشير إلى أن الحفاظ على وزن طبيعي وصحي للجسم يُمكن أن يُفيد في المحافظة على ضغط الدم منخفض». ولكنه أردف قائلاً ما مفاده أن ذلك لا يعني عدم فائدة ممارسة الرياضة البدنية أو اتباع حمية غذائية صحية أو الامتناع عن التدخين، لأن ممارسة تلك السلوكيات الوقائية تخدم جهود الإنسان في خفض وزن الجسم والاستمرار في حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية، وأضاف: «ثمة عدة عوامل تتشارك مع بعضها البعض في تشكيل حجم خطورة الإصابة بارتفاع ضغط الدم طوال العمر، وهي عوامل تتفاعل مع بعضها البعض».
ولذا يبقى من الضروري أن يكون واضحاً في ذهن الإنسان الباحث عن الصحة أن السلوكيات الصحية في نمط عيش الحياة اليومية إنما هي وسائل تتفاعل مع بعضها البعض، وتعمل على تحقيق تغيرات صحية تؤدي إلى الحصول على الثمرة الصحية المرجوة منها. وفي شأن الوقاية من ارتفاع ضغط الدم، تعمل السلوكيات الصحية الخمسة المتقدمة على تحقيق الوقاية من ارتفاع ضغط الدم، ولكن هذا يمر عبر بوابة الحفاظ على وزن طبيعي للجسم، ولذا فإن الأولوية في متابعة المرء لنفسه هو تفقّد وزن جسمه، وإذا كان وزناً طبيعياً فإن الاحتمالات ترتفع بشكل واضح في نجاح الوقاية من ارتفاع ضغط الدم. وبالمقابل، ممارسة السلوكيات الصحية دون تحقيق الحفاظ على وزن طبيعي للجسم لا يضمن ارتفاع احتمالات الوقاية من الإصابة بارتفاع ضغط الدم.


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)
الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)
TT

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)
الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي، يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

وبحسب موقع «ساينس آليرت» العلمي، فقد أجريت الدراسة بقيادة باحثين من جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، وشملت نحو 3480 من التوائم، من جميع أنحاء الولايات المتحدة وأستراليا والدنمارك والسويد، والذين خضعوا لمسح حول نظامهم الغذائي ومزاجهم.

وكان جميع المشاركين في سن 45 عاماً وما فوق، مع فترات متابعة تصل إلى 11 عاماً.

ويرى الباحثون أن إجراء الدراسة على التوائم أمر مفيد بشكل خاص، لأن التوائم متشابهون للغاية من الناحية الجينية، وبالتالي فإن أي اختلافات تتعلق بالصحة - مثل أعراض الاكتئاب في هذه الحالة - من المرجح أن ترجع إلى متغيرات مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة وظروف المعيشة.

كما أن عمر المشاركين في الدراسة مهم أيضاً، إذ تميل الاضطرابات الاكتئابية إلى أن تصل إلى ذروتها لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و75 عاماً، ويشير هذا البحث إلى أن تناول مزيد من الفاكهة والخضراوات قد يكون طريقة بسيطة لمعالجة ذلك.

ووجد الفريق فرقاً واضحاً في أعراض الاكتئاب بين أولئك الذين تم تصنيفهم على أنهم يتناولون كمية كبيرة من الفاكهة والخضراوات (حصتين أو أكثر في اليوم)، وأولئك الذين يتناولون كمية منخفضة من هذه الأطعمة (حصة أو أقل).

إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن معظم المشاركين في الدراسة كانوا لا يزالون يتناولون كميات أقل من المستوى الموصى به عموماً من الخضراوات والفواكه، وهي 5 حصص على الأقل في اليوم.

حقائق

300 مليون

شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب

وكتب الفريق في دراسته التي نشرت بمجلة «ساينتيفيك ريبورت»: «إن اكتشاف هذه الدراسة للارتباط الوقائي بين تناول الفاكهة والخضراوات بشكل أكبر وأعراض الاكتئاب يتوافق مع معظم الأدلة السابقة».

وأضافوا: «نحن نعلم أن الفاكهة والخضراوات مفيدة لكثير من الجوانب المختلفة لصحتنا. وقد سلطت الدراسات السابقة الضوء بالفعل على الروابط بين النظام الغذائي والاكتئاب، وبين الاكتئاب وصحة الأمعاء، وأكدت نتائج دراستنا هذا الأمر».

ومن المعروف أن الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن التي تدعم الصحة العامة، بما في ذلك صحة المخ.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص من الاكتئاب. وكشفت دراسة نشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.