«المركزي الروسي» يقر تخفيضاً رابعاً جريئاً على سعر الفائدة

توقعات التضخم تتيح إمكانية إقرار تخفيض جديد في الفترة المقبلة

لم يؤثر قرار تخفيض سعر الفائدة على سعر الروبل الروسي في السوق أمس (إ.ب.أ)
لم يؤثر قرار تخفيض سعر الفائدة على سعر الروبل الروسي في السوق أمس (إ.ب.أ)
TT

«المركزي الروسي» يقر تخفيضاً رابعاً جريئاً على سعر الفائدة

لم يؤثر قرار تخفيض سعر الفائدة على سعر الروبل الروسي في السوق أمس (إ.ب.أ)
لم يؤثر قرار تخفيض سعر الفائدة على سعر الروبل الروسي في السوق أمس (إ.ب.أ)

أقر البنك المركزي الروسي خلال اجتماع مجلس إدارته يوم أمس تخفيضاً جريئاً على سعر الفائدة الأساسي بقدر 0.5 نقطة، أي من 9 حتى 8.5 في المائة. وهذا رابع تخفيض منذ مطلع العام الحالي. وكان «المركزي» حافظ في أول اجتماع له مطلع 2017 على سعر الفائدة دون أي تخفيض عند 10 في المائة، إلا أن استعادة النشاط الاقتصادي عافيته وبقاء توقعات التضخم عند المستوى المستهدف خلال الفترة الماضية من العام دفعت «المركزي» خلال اجتماعه في 24 مارس (آذار) إلى إقرار تخفيض حذر بقدر 0.25 نقطة، حتى 9.75 في المائة، وفي اجتماعه في 28 أبريل (نيسان) كان أكثر جرأة، وأقر تخفيضا بقدر 0.5 نقطة، أي حتى 9.25 في المائة، وعاد في يونيو (حزيران) إلى التخفيض الحذر، واقتصر قراره على تخفيض بقدر 0.25 نقطة، ليصبح سعر الفائدة الأساسي عند مستوى 9 في المائة. وفي توضيحه لقرارات التخفيض السابقة كان «المركزي الروسي» يشير دوماً إلى أن القرار جاء نتيجة بقاء توقعات التضخم قرب المستوى المستهدف، لكنه كان يحذر من «بقاء مخاطر التضخم على المدى المتوسط».
وكان لافتاً في بيان «المركزي» أمس، أنه وسّع الفترة التي يتوقع أن يستمر فيها تخفيض سعر الفائدة، وبعد أن أتاح في بياناته السابقة إمكانية التخفيض خلال النصف الثاني من عام 2017، لم يستبعد أمس إمكانية تخفيض سعر الفائدة مجددا، أكثر من مرة، حتى الربع الأول من العام المقبل 2018، وهي الفترة التي قال: إنه سيحافظ خلالها على السياسة النقدية «المتشددة باعتدال». وقال في بيانه الرسمي: «يتيح بنك روسيا ضمن أفق الربعين المقبلين (الأخير من عام 2017 والأول من عام 2018) إمكانية تخفيض سعر الفائدة. وسينطلق في اتخاذ قرار التخفيض من التقديرات لمخاطر الانحراف الحالي والثابت للتضخم عن المستوى المستهدف، كما سيأخذ بالحسبان دينامية أسعار المواد الاستهلاكية، والنشاط الاقتصادي مقارنة بالتوقعات».
ويشكل الانكماش الملموس خلال شهر أغسطس (آب) عاملاً رئيسيا دفع «المركزي» إلى إقرار التخفيض الجديد على سعر الفائدة. وأشار في هذا السياق إلى تراجع التضخم في سوق المنتجات غير الاستهلاكية، واستقرار ارتفاع أسعار الخدمات قرب مؤشر 4 في المائة، خلال الشهر الماضي، هذا فضلا عن تباطؤ ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية نتيجة التراجع الموسمي لأسعار الخضراوات والفاكهة. وبشكل عام أشار «المركزي» في بيانه عقب قرار التخفيض إلى أن التضخم يبقى قريباً من مستوى 4 في المائة، بينما يستمر النمو الاقتصادي، ويضيف أن المخاطر متوسطة الأجل المتمثلة في تجاوز التضخم المستهدف تتغلب على مخاطر الانحراف المطرد للتضخم نحو الهبوط. ولذلك؛ يؤكد «المركزي» أنه وبغية الحفاظ على التضخم عند المستوى المستهدف، فإنه سيستمر على نهج السياسة النقدية المتشددة باعتدال. ويتوقع أن يعقد مجلس إدارة «المركزي الروسي» اجتماعه التالي للنظر في سعر الفائدة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويتوقع «المركزي الروسي» تقلب التضخم في عام 2018 حول مؤشر 4 في المائة، ما بين ارتفاع وهبوط، وذلك تحت تأثير عوامل ظرفية في السوق، وقال: إن تغير الأسعار على المنتجات والخدمات التي يقبل المواطنون عليها أكثر من غيرها، ينعكس بسرعة على دينامية توقعات التضخم؛ ولذلك يرى أنه «للحفاظ على التضخم قرب مستوى 4 في المائة، لا بد من تخفيف حساسية توقعات التضخم بالتغير الظرفي للأسعار»، ويؤكد أن التضخم في المرحلة الحالية يقف قرب مستوى 4 في المائة، وكان في شهر أغسطس عند مستوى 3.3 في المائة، وذلك بعد أن ارتفع في يونيو حتى 4.4 في المائة. وبالنسبة لارتفاع أسعار المواد غير الاستهلاكية والخدمات فقد استقر مؤخراً عند مستوى 4 في المائة. كما تباطأ ارتفاع الأسعار على المواد الاستهلاكية بفضل الظرف الموسمي. ويتوقع «المركزي» أن يبقى تقلب الأسعار على المواد الاستهلاكية مصدرا رئيسيا لتقلبات التضخم خلال الفترة المقبلة، حتى الربع الأول من العام المقبل. في غضون ذلك، تبقى مصادر مخاطر التضخم على المدى المتوسط هي ذاتها، أي احتمال تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية للمواد الخام. وفي هذا السياق، يؤكد «المركزي الروسي» أن تطبيق قواعد الميزانية سيساهم في التخفيف من المخاطر المتصلة بدينامية أسعار النفط في الأسواق العالمية.
ولم يؤثر قرار تخفيض سعر الفائدة على سعر الروبل الروسي في السوق أمس، ويتفق الجزء الأكبر من المشاركين في السوق والخبراء على أن قرارات «المركزي» الأخيرة لن تؤثر على سعر الروبل، ولن تؤدي إلى تراجعه؛ وذلك لأن التخفيض كان متوقعا، ولم يحمل أي مفاجآت للسوق.
وكانت إلفيرا نابيولنا، مديرة «المركزي الروسي» ، قالت في تصريحات قبل الاجتماع بأيام عدة، إن مجلس إدارة «المركزي» سيبحث تخفيض سعر الفائدة بحدود 0.25 أو 0.5 نقطة. فضلا عن ذلك، سبق الإعلان عن قرار تخفيض سعر الفائدة حالة إجماع شبه تام في السوق، على أن «المركزي» سيقر تخفيضاً جريئاً، وانطلق المحللون في توقعاتهم هذه من تقديرهم للمؤشرات الرئيسية التي تؤثر على قرار «المركزي» بالنسبة لسعر الفائدة، وبصورة خاصة مستوى التضخم. وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، إن قرار تخفيض سعر الفائدة حتى 8.5 في المائة يعكس تراجع توقعات التضخم.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.