يعرض بأتيليه القاهرة، الساعة السابعة مساء اليوم الأربعاء 6 سبتمبر (أيلول) الحالي فيلم شفيع شلبي «صانع الفرح» (العيد في الصعيد). وهو من نوعية الأفلام متعددة الأجزاء من موسوعات «وصف مصر» و«الحياة في المتوسط»، و«أعلام القرن العشرين»، من إنتاج المركز العربي للإنتاج الوثائقي للمؤلف السينمائي، الذي أنشئ سنة 1981. وكانت باكورة أعمال شفيع شلبي فيلم «صنعة الحوت»، وهي مهنة الصيد في مدينة جدة (غرب السعودية)، ثم «(إيقاعات)... يوم في المدينة القديمة» عن مدينة جدة من موسوعة المدن سنة 1982، ثم «قصة مدينة» عن مدينة جدة أيضاً.
«صانع الفرح» وغيره من العروض التفاعلية، تعبر عن رؤية «المؤلف - المخرج» السينمائية بلغة الشعر، من دون مبالغة؛ فهو ينتقل سريعاً ما بين ما حدث قديماً وما يحدث الآن، ولا بد من امتلاكه حساً فنياً فائق الدقة بين الماضي والحاضر. لغته شفيفة صادقة، معبرة. الصورة، الموسيقى «البصرية» النافذة لقلب وعقل المشاهد (المتلقي) ووجدانه... تلكما هما من أدوات شفيع شلبي، لينسج بها عمله الفني، كما أن المتلقي هنا هو صاحب الكلمة، وعيناه هما أول عيون ترى العمل بعد صنعه؛ وبذلك تكتمل حلقة التواصل، وبالتالي يصبح المتلقي جزءاً لا يتجزأ من الفيلم؛ فهو عنصر أساسي فيه، وهو ما يسمى «الإنتاج السينمائي التفاعلي».
شفيع شلبي «مؤلف سينمائي» (مخرج، كاتب سيناريو، منتج سينمائي وتلفزيوني)، ومهندس زراعي؛ ولد في 2 مايو (أيار) عام 1947، وتخرج في كلية الزراعة سنة 1967، وهي الكلية التي اشتهرت بدراسة الكثير من الفنانين بها، مثل: عادل إمام، صلاح السعدني، محمود عبد العزيز، محسنة توفيق، والمخرج محمد فاضل، إلا أنه شق طريقه المهني في هوايته (الإذاعة والتلفزيون)، فتقدم لاختبار الإذاعة ونجح، وعمل لها لفترة، وسرعان ما انتقل إلى شاشة التلفزيون المصري، مقدماً ومذيعاً وقارئاً لنشرة الأخبار بجوار مَن كانت تُعد ملكة الفترة الإخبارية في تلك الفترة، الراحلة همت مصطفى... استمر عمله بالتلفزيون المصري في الفترة من (71 - 81).... كان في ذلك الوقت أصغر المذيعين أبناء تلك الحقبة وأكثرهم وسامة، ومن أفصحهم وأشجعهم، وأقربهم من الناس، وكان التلفزيون في تلك الفترة ينحاز لبعض الاتجاهات الجادة، ويعبر عن القضايا التي تهم الواقع ذلك الحين، ويواجه بعض سلبيات التأثير الفادح لهزيمة يونيو (حزيران) 1967 بقدر من الموضوعية، ويحاول شرح أسباب ما جرى، والخروج من حفرة الهزيمة بإحياء بعض الآمال في النفوس.
كان من أشهر وأغرب الإذاعيين والتلفزيونيين خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، لكنه نموذج محير قليلاً؛ فهو الثائر غير المسيَّس، الذي عاش في قلب الشارع المصري عبر التاريخ، ليكتبه بالصوت والصورة. ميّزه صوته، الذي لم يتغير رغم بلوغه السبعين، وشكله وطريقة ظهوره على الشاشة. كتب عنه مصطفى أمين، وعن المذيع «منكوش الشعر» المتحرر في دولة متزمتة خارجة من هزيمة مروعة. إلا أن شفيع شلبي كانت له اختياراته، وكان يختار ثقافة التقدم ويقرأ فيها بنهم، وكان منحازاً لحق الناس في حرية التعبير، وحقهم في تغيير أحوالهم وخروجهم من ثبات الماضي إلى أفق قائم على الاحتمالات. وكان من المصدقين بأن الإبداع والفن لا بد أن يجدا مناخاً فاعلاً؛ لأن الإبداع عموماً هو حرية وفعل حرية، والنقد آخر الأمر يحدث التغيير في الأوطان.
اشترك في فيلم «العوامة 70» لواحد من عباقرة ذلك الجيل، خيري بشارة، ولم يتقاضَ عليه أجراً؛ إيماناً منه بفكرته، حسب ما صرح به لـ«الشرق الأوسط»، إلا أنه رفض أن يسلك طريق التمثيل، رغم امتلاكه كل مقومات الفتى الأول في تلك الفترة، كما أخرج عدداً مهماً من الأفلام التسجيلية.
يحلو للبعض وصفه بالمتمرد، إلا أنه يرفض تلك التسمية؛ وذلك - حسب حديثه معنا - أن المتمرد يرفض الواقع، ولا يحاول تغييره، ولا يملك رؤية. لم يتغير شلبي السبعيني كثيراً عن ذلك الفتى، فهو ما زال يطرق المناطق «الفنية» الثرية بأصالتها وتفردها وتنوعها، وامتزاجها مع العصري، دون ذوبان فيه، تأخذ ما يغنيها، وتلفظ ما قد يطمس أو يغير هويتها.
كرّمه مهرجان جمعية الفيلم في دورته الثالثة والأربعين، بإهدائه درع المهرجان وشهادة تقدير؛ بوصفه واحداً ممن أثروا الحياة السينمائية.
يذكر أن عروض السينما التفاعلية تكون يومي الأربعاء الأول والثالث شهرياً، بأتيليه القاهرة، والسبت الأخير من كل شهر بأتيليه الإسكندرية.
«صانع الفرح»... سيمفونية بصرية جديدة لشفيع شلبي
أول أعماله عن مدينة جدة و«صنعة الحوت»
«صانع الفرح»... سيمفونية بصرية جديدة لشفيع شلبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة