مخاطر الامتناع عن تناول الغلوتين

تحذيرات من الانجرار وراء أحدث صيحة في عالم الغذاء من دون حاجة طبية

مخاطر الامتناع عن تناول الغلوتين
TT

مخاطر الامتناع عن تناول الغلوتين

مخاطر الامتناع عن تناول الغلوتين

مع أن الأطعمة الخالية من الغلوتين أصبحت أحدث صيحة في عالم الغذاء اليوم، فإنها ربما تحمل معها مخاطر لا داعي لها، إذا كنت لا تعانين من أمراض في البطن.
هل تتطلعين نحو إنقاص وزن منطقة الخصر أو تعزيز صحتك، من خلال إتباع نظام غذائي خال من الغلوتين؟ ربما عليك التفكير ملياً قبل الإقدام على ذلك.
وعلى سبيل المثال، أشارت دراسة نشرت في عدد أبريل (نيسان) من المجلة الطبية البريطانية (ذي بريتيش ميديكال جورنال) إلى أن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين، بالنسبة للأفراد الذين ليس لديهم سبب طبي يستدعي اتباعهم إياه، ربما يزيد من دون ضرورة من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، إذا ما تضمن التخلي عن الحبوب الكاملة المفيدة للقلب.
في هذا الصدد، قال الدكتور أندرو تشان، البروفسور المساعد بكلية «هارفارد» للطب، وأحد القائمين على الدراسة: «إذا كانت امرأة ما تفكر في الشروع في نظام غذائي خال من الغلوتين، بهدف إنقاص الوزن أو الحيلولة دون الإصابة بأمراض بالقلب، فإن هذا ربما لا يكون الخيار الأمثل».

الغلوتين والأمعاء

يعتبر الغلوتين نمطاً من البروتين، ويوجد في الحبوب، مثل الشعير والقمح وغيرها. ومن المهم الانتباه هنا إلى أن بعض الأفراد لديهم أسباب وجيهة، بل وضرورية من الناحية الطبية لتجنب تناول الغلوتين. ويتضمن هؤلاء من يعانون من حالة يطلق عليها «الداء الجوفي celiac disease»، وهو اضطراب متعلق بالمناعة يسببه الغلوتين.
وفي حالة تناول هؤلاء الأشخاص الغلوتين، فإنه يثير رد فعل داخل أجسامهم يضر بالأمعاء الدقيقة ويحد من قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية. وثمة حالة أخرى أقل حدة يطلق عليها «الحساسية تجاه الغلوتين gluten sensitivity» أو عدم تقبل الغلوتين، والتي بخلاف الحال مع الداء البطني، لا تضر الأمعاء الدقيقة؛ لكنها تثير بعض الأعراض غير المريحة، مثل التشنجات والشعور بالإرهاق والخدر وآلام بالمعدة. وبالنسبة للأفراد الذين يعانون من الحساسية تجاه الغلوتين، فإن الاعتماد على نظام غذائي خال من الغلوتين يعد قراراً ذكياً.
وبالنسبة لغالبية النساء، فإن احتمالات الإصابة بمثل هذه الحالات ضئيلة، ذلك أن 0.7 في المائة فقط من السكان يعانون من الداء الجوفي، تبعاً لما كشفته دراسة نشرتها عام 2016 مجلة الجمعية الطبية الأميركية «ذي جورنال أوف ذي أميركان ميديكال أسوسيشن»، ويبدو أن هذه النسبة تبقى ثابتة طيلة الوقت.
وعلى الرغم من أن عدداً ضئيلاً من الأفراد يبدو أنه يعاني فعلياً من حالة طبية تجعل من العسير عليه التأقلم مع تناول الغلوتين، فإن الدراسة التي نشرتها «ذي جورنال أوف ذي أميركان ميديكال أسوسيشن» كشفت عن تنام ضخم في أعداد الأفراد الذين يعتمدون على نظام غذائي خال من الغلوتين. وأعرب القائمون على الدراسة عن اعتقادهم بأن أفراداً ربما يختارون التوقف عن تناول الغلوتين، لاعتقادهم بأن هذا أمر صحي، أو لظنهم عن طريق الخطأ أنهم يعانون من حساسية تجاه الغلوتين.

ادعاءات كثيرة وأدلة قليلة

ربما يكون قد نما إلى مسامعك بالفعل ادعاءات من عينة من الناس، أن التوقف عن تناول الغلوتين بمقدوره فعل المعجزات في تحسين صحتك، ابتداء من تحسين حالتك المزاجية، مروراً بالمعاونة في إنقاص الوزن، وصولاً إلى الحد من مخاطر الإصابة بأمراض السرطان، حسبما ذكر الدكتور تشان، إلا أنه استطرد بأن المشكلة الحقيقية هنا تكمن في أن الباحثين لم يتمكنوا من إثبات صحة أي من هذه الادعاءات، وإن كانت ثمة دراسات لا تزال جارية.

نصائح حول الغلوتين

التساؤل الآن: كيف يمكنك توظيف هذه النتائج في تحديد ما إذا كان يتعين عليك تناول الغلوتين أو الامتناع عنه؟
أولاً: عليك تحديد ما إذا كان الغلوتين مصدر المشكلة. وعن ذلك، أكد الدكتور تشان أن الأدلة المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن الأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين، ينبغي أن تقتصر على الأفراد الذين لديهم ظروف صحية تستدعي ذلك، مثل المعاناة من الداء الجوفي أو الحساسية تجاه الغلوتين. وإذا كنت تعانين من أعراض ترين أنها ناجمة عن الغلوتين، فعليك استشارة طبيبك لإجراء فحوصات بخصوص الداء الجوفي. ورغم أنه لا توجد اختبارات للحساسية تجاه الغلوتين، فإن طبيبك ربما يقترح عليك إجراء تغييرات بنظامك الغذائي، لتحديد ما إذا كان الغلوتين السبب.
ثانياً: عليك التشكك فيما يعرض عليك دوماً، ففي عالم النظم الغذائية دائماً ما يبشر «الخبراء» بالصيحة الكبرى الجديدة؛ لكن العلم غالباً لا يدعمهم. وشرح تشان: «أعتقد أن ظاهرة النظم الغذائية منخفضة الدهون ربما تشكل مثالاً جيداً على صيحة جديدة التزم بها البعض على نحو مفرط، وتخلوا بالفعل عن جميع الدهون. وعليه، تحولوا إلى أطعمة أخرى مضرة، مثل السكر والحبوب المنتقاة». وأضاف أن كثيرين اتبعوا أنظمة غذائية منخفضة الدهون سعياً وراء صحة أفضل؛ لكنهم ربما تسببوا عبر ذلك في ضرر أكبر من النفع نهاية الأمر.
وأضاف الدكتور تشان: «أعتقد بأن الرسالة الرئيسية من وراء هذه الدراسة، أنه ينبغي التعامل مع أي نظام غذائي يدعو للحد من تناول عنصر غذائي ما، بحذر. لقد اكتسب كثير من الأنظمة الغذائية شهرة واسعة نتيجة الترويج لها من جانب الصحف العادية، أو أفراد ينصبون أنفسهم خبراء تغذية، بينما في الواقع لا تتوفر أدلة علمية تدعم الادعاءات التي تقوم عليها هذه الأنظمة».
ثالثاً: ينبغي السعي لتحقيق توازن، ذلك أن النظام الغذائي المتوازن يعتبر الخيار الأمثل للغالبية العظمى. وفي هذا الصدد، قال الدكتور تشان: «إذا كنت تعتمدين على نظام غذائي متوازن، يتضمن مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية، فأنت بذلك ربما تكونين في الوضع الأمثل الذي يمكنك من حصد أكبر قدر ممكن من الفوائد الصحية. أما الأنظمة الغذائية المعتمدة على التخلي عن مجموعات ضخمة من الأغذية، فإنها غالباً ما ينتهي بها الحال إلى التسبب في أضرار بسبب تقييدها حصول الأفراد على عناصر غذائية بعينها».

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»

أضرار صحية عند التخلي عن الغلوتين

في الوقت الذي لا تتوفر فيه أدلة تؤكد أن الامتناع عن تناول الغلوتين يحمل فوائد صحية للمرأة العادية، فإن دراسة جديدة نشرتها «ذي بريتيش ميديكال جورنال» تشير إلى أن عدم تناول الغلوتين ربما يخلف أضراراً صحية.
وقد ركز الباحثون القائمون على الدراسة على معلومات جرى جمعها من 64714 امرأة، و45303 رجال، في إطار دراستين مختلفتين، ولم يكن لأي منهم تاريخ في أمراض القلب.
جرى توجيه طلب إلى المشاركين في الدراستين بإنجاز استطلاع سنوي بخصوص معدلات تناول أطعمة بعينها، منذ عام 1996 وصولاً إلى 2010. بعد ذلك، عكف الباحثون على تحليل أي من أفراد العينة أصيب بأمراض في القلب. وتوصل الباحثون إلى أن الأفراد الذين تناولوا الغلوتين لم يكونوا أكثر احتمالاً للتعرض لأمراض القلب عن الآخرين الذين لم يتناولوه. بيد أنهم لاحظوا أن الأفراد الذين توقفوا عن تناول الغلوتين انتهى بهم الحال إلى تناول كميات أقل من الحبوب الكاملة. وهنا أوضح الدكتور تشان أن «تناول الحبوب الكاملة يرتبط بمخاطرة أقل بالنسبة للإصابة».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».