على مائدة الملك تشارلز... أطعمةٌ عضويّة وبيض الدجاجات التي يعتني بها شخصياً

TT

على مائدة الملك تشارلز... أطعمةٌ عضويّة وبيض الدجاجات التي يعتني بها شخصياً

الملك تشارلز يعتني شخصياً بدجاجاته في قصر هايغروف (إكس)
الملك تشارلز يعتني شخصياً بدجاجاته في قصر هايغروف (إكس)

في الـ77 من عمره، ما زال الملك تشارلز يحافظ على كيلوغراماته الـ72 التي رافقته منذ سنوات الشباب. فمن المعروف عن العاهل البريطاني تمسّكُه بحميةٍ صحية، وبنشاطٍ رياضيّ منتظم قائم بمعظمه على السير في الطبيعة لمسافات طويلة، إلى درجة أنّه استحق لقب «الماعز الجبلي» من قبَل زوجته الثانية كاميلا.

يمشي الملك تشارلز مسافات طويلة في الطبيعة (موقع العائلة البريطانية المالكة)

فطور الملك تشارلز

أكان مستيقظاً أم لا وفي تمام التاسعة صباحاً، يعلن مزمار القربة الاسكوتلندي انطلاقة يومٍ جديد من تحت نوافذ غرفة نوم الملك. هكذا يقتضي التقليد الذي ورثه عن أسلافه ووالدته الملكة إليزابيث.

يبدأ يوم الملك بالاستماع إلى نشرة الأخبار عبر الراديو، يليه طعام الفطور. قلّما تتبدّل مكوّنات تلك الوجبة الأساسية في يوم تشارلز، وهي تقوم على فاكهة الموسم الطازجة على رأسها الخوخ عندما يكون متوافراً. تُضاف إليها المكسّرات النيئة والموسلي، أي مزيج الحبوب والفاكهة المجففة، والذي غالباً ما يتناوله مع الحليب أو اللبن.

فاكهة الموسم هي جزء أساسي من فطور الملك تشارلز (أ.ف.ب)

يحضر على مائدة الفطور الملكيّة كذلك الخبز المصنوع في مطابخ القصر، والمكوّن من طحين الشعير الأسود أو من دقيق الحنطة على الطريقة التقليدية. مع هذا الخبز، لا يفوّت تشارلز تناول البيض المسلوق نصف سلقة. هكذا يحبه وهو يصرّ على ألّا تتخطّى مدة السلق الدقائق الـ3.

بيضة مع كل وجبة

في مقره الريفي المفضّل، قصر هايغروف، وضع الملك تشارلز لمساته الخاصة على جنّته العضويّة. هناك تمتدّ على مساحات شاسعة حدائق الزراعات العضويّة من خضار وفاكهة، وهناك أيضاً تعدو الدجاجات التي تبيض بيضه المفضّل.

الملك تشارلز يعتني شخصياً بدجاجاته في قصر هايغروف (إكس)

وفق اثنين من طهاته السابقين، فإنّ الملك تشارلز «ركّز على الإنتاج الغذائي العضوي قبل أن يجري اختراعه حتى». ويضيف دارن ماك غرايدي وكارولين روب، في حوارٍ أجري معهما عام 2023، أنّ مزرعة هايغروف كانت من بين أولى المزارع العضوية المرخّصة في المملكة المتحدة. وفي عام 1990، أطلق تشارلز علامته التجارية الخاصة للأغذية العضوية «داتشي أوريجينالز» والتي ما زالت تُسوّق حتى اليوم في كبرى متاجر إنجلترا.

بالعودة إلى البيض، فهو رفيق كل وجبة يتناولها الملك. غالباً ما يكون مسلوقاً، أما إذا أراد أن يكسر القواعد الصحية، فيطلب طبق البيض المخبوز مع الجبن وهو أحد أطباقه المفضّلة، وفق منشورٍ صادر عام 2020 عن المقر الرسمي للملك «كلارنس هاوس».

غداء تشارلز... نصف حبّة أفوكادو

بمناسبة عيد ميلاده الـ70 في 2018، نشر القصر الملكيّ مجموعة من المعلومات عن تشارلز الذي كان ما زال أميراً حينذاك. من بين تلك المعلومات أنه لا يتناول طعام الغداء، فيكتفي بوجبتَي الفطور والعشاء يومياً. وكان المراسل الملكيّ السابق لصحيفة «تلغراف» قد صرّح نقلاً عن تشارلز، بأنه يعتبر وجبة الغداء ترَفاً تتداخل وجدول أعماله المزدحم.

إلا أنه، ومنذ تشخيصه بنوعٍ حميد من سرطان البروستاتا مطلع 2025، اضطر الملك تشارلز إلى كسر تلك العادة التي رافقته منذ 40 عاماً. لكن رغم نصائح الأطباء، فهو يصرّ على وجبة غداء في غاية البساطة والتقشّف. ووفق صحيفة «ذا ميل أون صنداي»، فإنّ تشارلز بات يأكل نصف حبة أفوكادو على الغداء، إنما «بكثير من التردد».

منذ تشخيصه بنوع حميد من السرطان بدأ تشارلز يتناول وجبة غداء خفيفة (رويترز)

قليلٌ من اللحم... كثيرٌ من النبات

في حوار أجرته معه شبكة «بي بي سي» عام 2021، كشف تشارلز أنه لا يتناول اللحم والسمك أكثر من مرتَين أسبوعياً. كما أنه يمتنع عن الحليب ومشتقّاته مرةً في الأسبوع. أما أحد شروطه المتعلّقة بالطعام، فهو أن تترافق كل وجبة يتناولها مع طبق من السلَطة.

أسبابٌ كثيرة تدفع به إلى اتّباع حميةٍ غذائية نباتية بمعظمها. من بين تلك الأسباب، الوعي البيئي الذي يشتهر به أسلوب حياة تشارلز. إضافةً إلى ذلك فهو حَذرٌ من المضار الصحية التي تتسبب بها اللحوم المصنّعة. وكتأكيدٍ على ميوله النباتيّة، فقد أعلن قصر باكينغهام عن حاجته لطبّاخ متخصص في الأطباق النباتية من أجل الطهو للملك الجديد؛ حدث ذلك خلال الشهر الأول من تولّيه العرش عام 2022.

لا يتناول الملك تشارلز اللحم والسمك سوى مرتين في الأسبوع (إنستغرام)

وفق الشيف غراهام نيوبولد الذي عمل سابقاً في القصر الملكي البريطاني، فإنّ تشارلز اعتاد منذ سنوات طويلة أن يأخذ طعامه النباتيّ معه خلال جولاته الطويلة داخل إنجلترا. وفي حديث صحافي، قال نيوبولد إنّ سلّة الطعام غالباً ما ترافق الملك من محطة إلى أخرى، وهي تحوي الخبز المصنوع على الطريقة التقليدية، والفاكهة والعصائر الطازجة، إضافةً إلى مكسّراته وفاكهته المجففة، و6 أنواع من العسل.

فطيرة طائر الدرّاج

إلى جانب قائمة طعامه اليومية المكوّنة من الفاكهة والبيض والحبوب الكاملة والخضر والأفوكادو، تدخل أطعمة أخرى إلى حمية تشارلز. لدَيه علاقة خاصة بالفطر، وهو لا يكتفي بأكله بل يخصص رحلاتٍ إلى الغابة المحيطة بمقرّه في هايغروف لقطفه شخصياً. كما أن الملك هو من محبّي سمك السلمون، والجبن الذي غالباً ما يتناوله مع البسكويت.

علاقة تشارلز بالأرض والزراعة العضوية تعود لسنوات طويلة (موقع قصر هايغروف)

من بين المطابخ العالمية، يحب الملك تشارلز المطبخ الإيطالي مع أفضليّة واضحة لطبق الريزوتو مع الفطر. وفي الأيام التي لا يمتنع فيها عن تناول اللحم، يطلب من الطهاة أن يعدّوا له هذا الطبق مع لحم الخروف.

لكن تبقى فطيرة طائر الدرّاج طبقه المفضّل على الإطلاق. هذا ما كشفه ضمن حوار أجراه مع مجلة «كاونتري لايف» البريطانية بمناسبة عيد ميلاده السبعين قبل سنوات. فقد وصف تشارلز تلك الفطيرة المقرمشة والمكوّنة من لحم طائر الدرّاج والخضار والصلصة البيضاء، باللذيذة جداً واضعاً إياها في صدارة أطباقه المفضّلة.

فطيرة طائر الدرّاج طبق تشارلز المفضّل (فيسبوك)

شاي ورَقيّ للملك تشارلز

لا يحب الملك تشارلز القهوة فهو، كما كل بريطاني، من عشّاق الشاي. يفضّل احتساءه برفقة البسكويت، مع العلم بأنّه ليس من هواة الشوكولا.

إلا أنّ شاي الملك ليس كأي شاي آخر. وفق صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، فإنّ صنفه المفضّل هو «دارجيلنغ» وهو شاي فاخر يُزرع في منطقة دارجيلنغ الهندية عند سفوح جبال الهيمالايا، ويتميز بنكهة الزهور وبعطره الشبيه برائحة المسك. يعلم كل طهاة القصور الملكية البريطانية أن شاي الملك مصنوع من الأوراق وليس من الأكياس الجاهزة. أما الرفيقان الدائمان لفنجان شاي تشارلز، فالقليل من الحليب والعسل.


مقالات ذات صلة

الملك تشارلز يجرّد شقيقه أندرو من لقبين آخرين

يوميات الشرق الأمير البريطاني أندرو (يسار) يتحدث مع شقيقه الملك تشارلز (رويترز)

الملك تشارلز يجرّد شقيقه أندرو من لقبين آخرين

جرّد الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا شقيقه أندرو رسمياً من لقبين جديدَين، في أحدث إجراء من الملك لإظهار حسمه فيما يتعلق بعلاقة أخيه المثيرة للجدل بإبستين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الأمير ويليام (أ.ف.ب) play-circle

الأمير ويليام يزور أطفال غزة الذين يتلقون العلاج في بريطانيا... ويتأثر بشجاعتهم

تأثر الأمير ويليام، أمير ويلز، بشجاعة أطفال غزة المصابين بأمراض خطيرة جراء الحرب الإسرائيلية في القطاع، والذين يتلقون العلاج في المستشفيات البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كارثة تضرب مشروع الأمير ويليام البيئي (شراكة أراضي الخث في الجنوب الغربي)

«هجوم كيميائي» على أشجار الأمير ويليام

تعرَّضت أشجار صفصاف، زُرعت ضمن مشروع لاستعادة الطبيعة في أراضٍ تابعة للأمير ويليام داخل متنزه دارتمور الوطني البريطاني، لعملية تسميم مُتعمَّدة...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأميرة البريطانية ديانا تقف إلى جانب زوجها تشارلز (رويترز)

على ماذا ندمت الأميرة ديانا قبل 10 أيام من وفاتها؟

كشفت الأميرة البريطانية ديانا عن ندم كان يرافقها، وذلك قبل 10 أيام من وفاتها، حيث ارتبط الأمر بولديها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الأمير البريطاني السابق أندرو (أ.ف.ب) play-circle

ستارمر تعليقاً على صمت أندرو: يجب تقديم المعلومات ذات الصلة بقضية إبستين

قال رئيس الوزراء البريطاني إن أي شخص لديه معلومات بشأن التحقيقات حول جيفري إبستين يجب أن يدلي بها، بعد أن تجاهل الأمير السابق أندرو طلباً للإدلاء بشهادته.

«الشرق الأوسط» (لندن )

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.