اتهام روسي «داعشي» بالتخطيط لهجمات إرهابية في مصر

تلقى تدريبات في {معسكرات تكفيرية} في سوريا

TT

اتهام روسي «داعشي» بالتخطيط لهجمات إرهابية في مصر

أمرت نيابة القاهرة الجديدة (شرق العاصمة المصرية) أمس بإحالة مواطن روسي، قالت إنه ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي لنيابة أمن الدولة، تمهيداً لإحالته إلى الجنايات لمحاكمته بتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي والتخطيط لهجمات في مصر.
وكان قسم شرطة أول القاهرة الجديدة قد تلقى بلاغاً من سكان عقار أفاد باشتباههم في شخص أجنبي يستأجر شقة في العقار في ضاحية التجمع الخامس، وشوهد يحمل سلاحاً في أحد الأيام. وقادت التحريات إلى الكشف عن انتمائه لتنظيم داعش الإرهابي.
وكشفت التحقيقات عن أن المتهم كان يخبئ سلاحاً في أماكن متعددة لتفادي ضبطه. كما تبين من التحريات عقب تفريغ جهاز الكومبيوتر المحمول الذي كان بحوزته، أنه يضم مقاطع فيديو توضح تلقيه تدريبات عسكرية وقتالية في «معسكرات تكفيريين» وفيديوهات لزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي. وأكدت التحقيقات أن المتهم ينتمي بالفعل إلى «داعش» واسمه الحركي عبد الحميد رسلان، وأن هناك مراسلات بينه وبين أشخاص ينتمون إلى هذا التنظيم الإرهابي.
وكشفت التحريات والتحقيقات عن أن المتهم الروسي سافر إلى تركيا، ومنها إلى سوريا، حيث تلقى تدريبات في معسكرات للإرهابيين، ثم انتقل إلى مصر واستأجر شقة في شرق القاهرة، وكان ينوي تنفيذ عمليات إرهابية في مصر.
وقالت مصادر مطلعة إن «التهم المسندة إلى المتهم تتضمن الانضمام إلى (داعش) والاشتراك في مؤامراته وتقديم إمدادات للتنظيم، فضلاً عن جرائم تصنيع وحيازة المفرقعات واستعمالها استعمالاً من شأنه تعريض حياة الناس للخطر، وحيازة أسلحة نارية وذخائر بقصد استعمالها في نشاطه الإجرامي، والاتفاق الجنائي على ارتكاب تلك الجرائم، والالتحاق بمنظمة إرهابية».
ويُعد تنظيم «ولاية سيناء» الذي بايع البغدادي عام 2014، واحداً من أقوى التنظيمات المتطرفة التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، وتبنى سلسلة الهجمات الإرهابية التي وقعت على أكمنة للجيش المصري بمدينة الشيخ زويد شمال شبه الجزيرة، التي خلّفت عشرات القتلى والمصابين بين الجنود.
في غضون ذلك، تمكنت قوات إنفاذ القانون بالجيش الثالث الميداني، بالتعاون مع القوات الجوية، من استهداف وتدمير سيارتي دفع رباعي، وتصفية إرهابيين تكفيريين شديدي الخطورة بوسط سيناء.
وقال العقيد تامر الرفاعي، المتحدث باسم القوات المسلحة، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، إن «القوات تمكنت من ضبط كمية كبيرة من الدوائر الكهربائية والمواد المستخدمة في تصنيع العبوات الناسفة وأجهزة الاتصال والمستلزمات الطبية والإدارية، فضلاً عن ضبط كمية كبيرة من المواد المخدرة».
وأشار المتحدث العسكري إلى أن قوات الجيش الثالث الميداني تواصل جهودها للقضاء على العناصر التكفيرية والإجرامية في سيناء.



اتجاه لإجراء الانتخابات البرلمانية الليبية نهاية العام

اجتماع سابق للجنة «6 + 6» بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
اجتماع سابق للجنة «6 + 6» بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
TT

اتجاه لإجراء الانتخابات البرلمانية الليبية نهاية العام

اجتماع سابق للجنة «6 + 6» بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
اجتماع سابق للجنة «6 + 6» بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)

بينما ظهرت بوادر توافق بين أعضاء لجنة «6 + 6» المشكّلة من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» لإعداد التشريعات اللازمة للاستحقاق المقبل، على إجراء الانتخابات البرلمانية مع نهاية العام الحالي، والرئاسية العام المقبل، يسارع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بإجراء لقاءات مع مختلف الأطراف في البلاد بقصد تطويق حالة التوتر التي سببتها الضربات الجوية على مناطق بغرب ليبيا.

ونقل تلفزيون «المسار» الليبي، يوم الثلاثاء عن مصادر، أن اللجنة المجتمعة في المملكة المغربية، توافقت على إجراء الانتخابات البرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والرئاسية في يناير (كانون الثاني) 2024. ولم يعلق أي من أعضاء مجلس النواب، أو المتحدث باسمه على هذه الأنباء، لكن مسؤولاً سياسياً سابقاً قال، إنه «على الرغم من هذه التوافقات فإن ما تشهده المنطقة الغربية من أحداث توتر وتغوّل من التشكيلات المسلحة قد يعطّل هذا المسار».

وأضاف المسؤول السياسي السابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعض التشكيلات المسلحة تدافع بقوة عن نفوذها ومكتسباتها، وهذا قد يطيل أمد الدوامة التي تعيشها ليبيا أمام استقواء هذه التشكيلات، مع وجود بعض المدافعين عنها».

ورأى المسؤول السياسي، أن المبعوث الأممي «يسعى لإخراج البلاد من دوامة المسلحين، من خلال خطة لدمجهم في المؤسسات الأمنية والمدنية، تمهيداً لإجراء انتخابات في البلاد»، لكن «هناك مَن يعطّل هذا المسار».

المبعوث الأممي مجتمعاً مع المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا (حسابه على «تويتر»)

حكومة مصغرة

يأتي ذلك بينما قالت المصادر، التي لم يسمها تلفزيون «المسار»، إن لجنة «6 + 6» توافقت أيضاً على تشكيل حكومة مصغرة بمهام محددة لمدة 6 أشهر غير قابلة للتمديد لتنظيم الانتخابات. كما توافقت اللجنة الليبية على السماح بترشح العسكريين للانتخابات، وعدم السماح لمَن عليه حكم قضائي أو مطلوب للعدالة بالترشح. وتشكلت لجنة «6 + 6» بموجب التعديل الدستوري لوضع قوانين الانتخابات، التي تعذر إجراؤها في ديسمبر 2021، وتتألف من نواب في البرلمان وأعضاء في المجلس الأعلى للدولة في ليبيا.

ويرى سياسيون ليبيون أن الضربات العسكرية التي تشنها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على مناطق بغرب ليبيا، وضعت المسار الانتخابي في البلاد على المحك مجدداً، إذ بدا أن أفرقاء السياسة يتجهون إلى فصل جديد من الخلافات، لكن المبعوث الأممي، سارع لتطويق هذه الخلافات، بعقد لقاءات مع أطراف مختلفة بغرب ليبيا. وتشهد غالبية مدن الغرب الليبي حالة من التوتر على خلفية العملية العسكرية التي يشنها منذ مطلع الأسبوع الحالي طيران تابع لوزارة الدفاع بحكومة الدبيبة، على مدينة الزاوية ومحيطها بقصد محاربة «مهربي البشر والوقود».

وفي زيارة مفاجئة، وصل باتيلي، بعد ظهر يوم الثلاثاء إلى مدينة الزنتان، والتقى عميد البلدية عمران العمياني، بالإضافة إلى اجتماعه مع مشايخ وأعيان الزنتان، وذلك قبل توجهه للقاء اللواء أسامة جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية، الموالي لحكومة «الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب. واستبق باتيلي اللقاءات التي عقدها في مدينة الزنتان بالجبل الغربي، بزيارة رئيس المجلس الأعلى للقضاء، حيث تناقش مع أعضائه، ورئيسه مفتاح القوي، حول «الدور المهم» للسلطة القضائية في العملية الانتخابية.

تعزيز الاستقرار

ورحب رئيس المجلس الأعلى للقضاء بالمبعوث الأممي، مثمناً جهود بعثته في «تعزيز ودعم الاستقرار في ليبيا»، كما قدم القوي إحاطة موجزة حول عمل ومهام مجلسه، والدور المناط بالهيئات القضائية في ترسيخ نصوص القوانين واللوائح والتشريعات في عديد المسائل، لا سيما مجريات العملية الانتخابية في ليبيا، بالإضافة إلى دور لجان المجلس في ملفات حقوق الإنسان، ومؤسسات الإصلاح والتأهيل، والخطوات التي يتخذها المجلس في إطار الاختصاصات المخولة له. كما نوه نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، النائب العام المستشار الصديق الصور، بمهام السلطة القضائية، والمساعدة في تهيئة الظروف الملائمة للوصول لدولة مدينة ديمقراطية.

بدوره، أكد باتيلي، الجهود التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ضمن المشاورات واللقاءات مع مختلف الجهات المحلية والدولية، وأهمية المسارات المعززة للاستقرار لبناء دولة ليبيا الحديثة.


خطوات مهّدت لعودة العلاقات المصرية - التركية

مصافحة الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم (الرئاسة المصرية)
TT

خطوات مهّدت لعودة العلاقات المصرية - التركية

مصافحة الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم (الرئاسة المصرية)

لم يتوقع كثيرون أن تكون الانعطافة في العلاقات المصرية - التركية بتلك السرعة، وبهذا التصاعد، ففي غضون نصف عام، تجاوزت القاهرة وأنقرة «جفاءً وتوتراً» في علاقتهما دام لعقد كامل، وانتقل البلدان سريعاً من مساعي «تطبيع» العلاقات، إلى الاتفاق على «ترفيع» التمثيل الدبلوماسي، وربما تشهد الآونة المقبلة لقاء قمة بات متوقعاً بين رئيسي البلدين.

طريق استعادة العلاقات المصرية - التركية مر بمحطات عدة، مهدت السبيل أمام البلدين اللذين جمعتهما علاقات تاريخية، وفرقتهما دروب السياسة بعد عام 2013، عندما أطاحت مظاهرات «حاشدة» للمصريين ساندتها القوات المسلحة المصرية، بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، لكن ما أفسدته «الآيديولوجيا» أعادت «البراغماتية» ترميمه، ولو بعد عقد كامل، بحسب ما يرى مراقبون.

ولم يكن اتفاق الرئيسين؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب إردوغان، خلال اتصال هاتفي (مساء الاثنين)، للتهنئة بفوز الأخير بالانتخابات الرئاسية، وإعادة انتخابه رئيساً لتركيا لفترة رئاسية جديدة، على «البدء الفوري» في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء، سوى محطة جديدة في طريق ممتد، بدت بعض خطواته بعيدة عن الأضواء، حيث جرت أبرز مراحله الأخرى في محفل بعيد تماماً عن أجواء السياسة التقليدية».

ففي منتصف عام 2021، بدأ البلدان جولتين من المحادثات الاستكشافية لـ«تطبيع العلاقات»، وقدمت أنقرة بعض الإشارات التي تؤكد جديتها في طي صفحة التوتر مع القاهرة، وكان من أبرز تلك الإشارات إصدار تعليمات صارمة لقيادات تنظيم «الإخوان» ومنابرهم الإعلامية التي تنطلق من الأراضي التركية، بوقف تحريضها ضد القاهرة، وبالفعل أغلقت عدة قنوات تابعة للتنظيم، ورحل عدد منها إلى عواصم أخرى، بينما خضع من لم يلتزم من إعلاميي «الإخوان» للتوقيف من جانب السلطات التركية.

وجاءت الخطوة العلنية الأبرز على هامش حضور رئيسي البلدين حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم، الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة، نهاية العام الماضي، جرت أول مصافحة بين السيسي وإردوغان، وتحدث الأخير عن عقده «لقاءً مثمراً» امتد لأكثر من أربعين دقيقة مع الرئيس المصري، لتنطلق بعدها خطوات متسارعة نحو التقارب.

وفي غضون بضع أسابيع، التقى وزيرا خارجية البلدين، اللذين لم يلتقيا لأكثر من 10 سنوات، ثلاث مرات؛ إذ زار وزير الخارجية المصري سامح شكري تركيا مرتين في أقل من ستة أسابيع، بينما زار نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، القاهرة في مارس (آذار) الماضي.

وجاءت أزمة زلزال 6 فبراير (شباط) من العام الحالي، لتعطي العلاقات بين البلدين «نفساً إنسانياً»، تجسد في اتصالات هاتفية بين رئيسي البلدين، وتقديم مصر مساعدات إغاثية عاجلة، ثم تبادل وزيرا الخارجية الزيارات، لتنطلق بعدها عجلة تسريع وتيرة التقارب، سواء عبر تصريحات إيجابية من الطرفين، أو ترتيبات متأنية اتخذت طابعاً ثنائياً وإقليمياً.

«الإرادة السياسية» كلمة مفتاحية، يراها الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة «مهمة لفهم أسباب تسارع وتيرة التقارب المصري التركي، مشيراً إلى أن البلدين سعيا إلى بناء الصفحة الجديدة في علاقتهما على قاعدة المصالح المشتركة، والفوائد المتبادلة».

ويضيف فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن التقارب بين القاهرة وأنقرة، لم يقتصر على البعد الثنائي فقط، بل دعت إليه كذلك «معادلات كبرى في الإقليم»، لافتاً إلى أن المنطقة تشهد خلال الآونة الأخيرة تحولات يصفها بـ«الاستراتيجية»، من إقليم شرق المتوسط إلى ليبيا، وصولاً إلى تطبيع العلاقات السعودية - الإيرانية، والتركية - السورية.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن القاهرة وأنقرة «نجحتا في القفز على الخلافات الصغيرة في ملفات إقليمية، وانتقلتا إلى رؤية أكثر اتساعاً لشؤون الإقليم، تراعي حجم ودور البلدين، والمتغيرات المحيطة بالمنطقة، والتي تفرض تنسيقاً عالي المستوى بين العاصمتين».

وأوضح أن الطرفين المصري والتركي يدركان تماماً قيمة ما يمكن أن يقدمه كل طرف للآخر؛ فمصر تستطيع لعب دور مهم يدعم مسار تطبيع العلاقات التركية - السورية، واستيعاب تركيا في منظومة منتدى غاز شرق المتوسط، وفي المقابل تستطيع تركيا دفع المسار الليبي خطوات إلى الأمام، كما أن معادلة العلاقات بين مصر وتركيا وإسرائيل، يمكن أن يكون لها ثقل مستقبلي في مواجهة العديد من التحديات التي يشهدها الإقليم.

وبالفعل كان الملف الليبي إحدى العقبات البارزة في مسار العلاقات المصرية التركية، و«مقياساً» دائماً لجدية أنقرة في التقارب مع القاهرة، وكثيراً ما اعتبرت مصر أي تدخل خارجي في الشأن الليبي، مساساً بأمنها القومي، ودعت في أكثر من مناسبة إلى إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.

لكن مصر التي حدد رئيسها في يونيو (حزيران) 2020 «خطاً أحمر» لوقف التصعيد بين قوات شرق ليبيا ونظيرتها في الغرب المدعومة من تركيا، حافظت طيلة سنوات التوتر مع أنقرة على أن تبقى العلاقات الاقتصادية بمنأى عن الاحتقان السياسي، وبالفعل سارت تلك العلاقات في اتجاه مغاير لما اتخذه المسار السياسي، فزاد مُعدل النمو في التبادل التجاري بين البلدين بمقدار 32.6 في المائة في 2021، بحسب إحصاءات رسمية مصرية.

البعد الاقتصادي يراه حسن الشاغل، الباحث بمركز «الأناضول» لدراسات الشرق الأدنى، «عاملاً أساسياً وحاسماً» في استعادة العلاقات المصرية - التركية لطبيعتها. ويلفت إلى أن الأزمات الاقتصادية التي عانتها الدولتان خلال الفترة الماضية دفعت باتجاه تغليب أطر التعاون وتسوية المشكلات، «بحثاً عن حلول تنعش الاقتصاد، لإدراك كل دولة أنها بحاجة إلى الدولة الأخرى».

ويضيف الشاغل لـ«الشرق الأوسط» أن تركيا صارت الآن أكبر مستقبل للغاز المصري، وهو ما يوفر تكلفة الشحن بالنسبة لتركيا لقرب المسافة مع مصر، كما أن هناك العديد من المنتجات المصرية مثل الحاصلات الزراعية والقطن تمثل أهمية بالنسبة لتركيا، كما أن الاستثمارات الصناعية التركية، وزيادة التبادل التجاري يمثلان أهمية للقاهرة.

ويلفت الباحث بمركز «الأناضول» لدراسات الشرق الأدنى، الانتباه كذلك إلى أن استعادة العلاقات المصرية - التركية لطبيعتها يخدم توجهات إقليمية، تدفع باتجاهها المملكة العربية السعودية، وهو إرساء نموذج التنمية الإقليمية عبر تصفير مشكلات المنطقة، وهو ما سيمثل «دفعة قوية للاستقرار الإقليمي برمته».

ويرى الشاغل أيضاً أن تنقية أجواء العلاقات المصرية - التركية يمكن أن تسهم في إغلاق ملف يصفه بـ«الشائك»، وهو ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط، مؤكداً أن مصر وتركيا بلدان محوريان في هذا الصدد، ومن شأن التقارب بينهما تقريب الحل النهائي للعديد من المشكلات في تلك المنطقة الحيوية.


دعم أممي طارئ للمتضررين من الأزمات في 3 محافظات يمنية

طفل نازح في أحد المخيمات في الحديدة (الأمم المتحدة)
طفل نازح في أحد المخيمات في الحديدة (الأمم المتحدة)
TT

دعم أممي طارئ للمتضررين من الأزمات في 3 محافظات يمنية

طفل نازح في أحد المخيمات في الحديدة (الأمم المتحدة)
طفل نازح في أحد المخيمات في الحديدة (الأمم المتحدة)

بينما لا تزال المنظمات الإغاثية غير قادرة على تقييم الوضع الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين؛ بسبب القيود المفروضة على أنشطتها، وبالتزامن مع تحذير منظمات أممية من انتشار سوء التغذية الحاد، أعلن الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، التابع للأمم المتحدة، تخصيص 18 مليون دولار أميركي لتلبية الاحتياجات العاجلة للأشخاص المتضررين من الأزمات الإنسانية في 3 محافظات سجلت مستويات مرتفعة من سوء التغذية.

مخيمات تفتقر للخدمات الأساسية (إعلام حكومي)

وكان وكيل الأمين العام ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، قد وافق في مارس (آذار) على تخصيص هذا المبلغ لمنع المجاعة، ومعالجة المستويات المتزايدة من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع، والصدمات الاقتصادية، وتغير المناخ، طبقاً لما جاء في بيان وزعه مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن الذي أبان أن هذا المبلغ سيوفر «حزمة شاملة ومتكاملة من الخدمات والتدخلات متعددة القطاعات»، باستخدام آلية الحد من مخاطر المجاعة المتكاملة لكل من المساعدة النقدية العينية ومتعددة الأغراض، وبغرض «الحد من المستويات المتزايدة لسوء التغذية الحاد»، ومعالجة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.

منسق الشؤون الإنسانية خلال زيارته أحد المخيمات في تعز (إعلام حكومي)

ووفق تقديرات الأمم المتحدة، ستؤثر الأزمة الإنسانية خلال العام الحالي على 17.3 مليون شخص؛ حيث تشير الأدلة المستمدة من تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الذي تم إجراؤه في المديريات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية. كما أظهر المسح الأخير أن أكثر من ثلثي الرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، لا يتلقون تغذية ورعاية مناسبتَين؛ مما يعزز الأرضية لزيادة سوء التغذية الحاد والمزمن بين الأطفال دون سن الخامسة.

الحوثيون شردوا 4 ملايين يمني (إعلام حكومي)

وذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، أنه بدءاً من نهاية شهر مايو (أيار) الحالي، تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن بنسبة 23.5 في المائة فقط.

ولذلك، فإن هذا التخصيص «سيدعم الأشخاص الأكثر احتياجاً في 3 محافظات، هي: حجة والحديدة وتعز»، وهي من بين الأكثر ضعفاً وتضرراً من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد، مع التركيز على الحد من سوء التغذية الحاد، بينما أكد منسق الشؤون الإنسانية ديفيد غريسلي، من جانبه، أن الاستجابة الإنسانية في اليمن لا تزال تعاني نقصاً حاداً في التمويل، مما يحرم آلاف الأشخاص من المساعدات الإنسانية الحيوية.

وحسب بيانات المكتب، سيتم تنفيذ المشروعات الممولة من قبل الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ عبر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والمنظمة الدولية للهجرة، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية. وينتظر أن يؤدي هذا التمويل إلى تحسين الوصول في الوقت المناسب إلى السكان المعرّضين للخطر، ولضمان استدامة المساعدة الإنسانية، على أن تعمل هذه الوكالات، بتعاون وثيق، مع المنظمات غير الحكومية التي لديها قدرة على الوجود في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

وترى الأمم المتحدة أن نهج الاستجابة المخطط هذا يعتمد على التقارب الجغرافي، والموضوعي، والتشغيلي، والسكاني، مع نقاط الدخول المشتركة لتقديم الخدمات؛ لأن هذا النهج الشامل سيحقق نتائج ملموسة، على أن يتم قياس تلك النتائج من خلال المراقبة المشتركة، والتنفيذ الناجح المستخدم لزيادة التمويل الإضافي من المانحين الآخرين، بما في ذلك التكامل مع التخصيص القياسي القادم للصندوق.

هذه الخطوة تأتي بينما لا يزال الحوثيون يغلقون أهم شركة وسيطة كانت تعمل على مراقبة توزيع المساعدات، والتأكد من بيانات المستحقين في مناطق سيطرتهم منذ 5 أشهر، ويرفضون حتى الآن قرارات النيابة لديهم بإحالة ملف مدير الشركة إلى القضاء، والسماح لها بالعودة للعمل، في حين يخشى العاملون في الشركة من محاولة حوثية للاستيلاء عليها، كما حصل مع ممتلكات آخرين، عبر ما يسمى «الحارس القضائي».

خطاب النيابة العامة (متداول)

وحسب مصادر عاملة في شركة «برودجي سيستمز»، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإنه على الرغم من مرور 5 أشهر على إغلاق الشركة، واعتقال المدير عدنان الحرازي، فإن مخابرات الحوثيين ترفض التعاطي مع توجيهات النيابة، وما يسمى «مجلس النواب» لإطلاق سراح الرجل. ويقولون إنهم سمعوا عن مخطط للاستيلاء على الشركة ومصادرتها، وإن الحوثيين يريدون إرغام الموظفين الذين يزيد عددهم على 1000 على العمل مع المدير المعين، وإبقاء مالكها في السجن أطول فترة ممكنة؛ من أجل تدميرها؛ عقاباً له على التقارير التي كشفت حجم التلاعب في المساعدات.


صرخة «أممية» لتوفير 3 مليارات دولار لمساعدة الفارّين من الحرب السودانية

خالد خليفة مستشار المفوض السامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)
خالد خليفة مستشار المفوض السامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)
TT

صرخة «أممية» لتوفير 3 مليارات دولار لمساعدة الفارّين من الحرب السودانية

خالد خليفة مستشار المفوض السامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)
خالد خليفة مستشار المفوض السامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)

بينما أطلقت المفوضية السامية للاجئين، صرخة أممية لتوفير 3 مليارات دولار لمساعدة ملايين الأشخاص الذين اضطروا للفرار من ديارهم سواء داخل حدود السودان أو عبروا الحدود الدولية إلى البلدان المجاورة، مقرّة في الوقت نفسه تعرضهم إلى مخاطر مرتبطة بالحماية.

وقال خالد خليفة، مستشار المفوض السامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، لـ«الشرق الأوسط» يعاني اللاجئون السودانيون الفارون من الحرب، من ظروف إنسانية صعبة وهم بحاجة إلى المساعدات العاجلة التي تشمل المأوى والمياه النظيفة ومرافق النظافة والغذاء والرعاية الصحية والمساعدات النقدية ومواد الإغاثة الأساسية.

طلبات لجوء متنامية

وأضاف خليفة «تسعى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى مساعدة النازحين قسرا وتقديم المساعدات الأساسية والطارئة والتنسيق مع جميع الوكالات والجهات والمنظمات المختصة لدعم المجتمعات المضيفة وتقديم خدمات تنموية مستدامة لرفع العبء وضمان العيش الكريم للنازحين قسرا، لحين عودتهم إلى بلادهم الأصلية بأمان وكرامة».

وفي سياق الأزمة في السودان وفق خليفة، فإن المفوضية تقدر وصول أكثر من 260 ألف شخص من اللاجئين وطالبي اللجوء والعائدين الذين فروا من النزاع في السودان وعبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، منهم نحو 72 ألف لاجئ من جنوب السودان عادوا إلى بلادهم، فضلا عن تخطي أعداد النازحين داخل السودان حاجز المليون شخص.

ظروف إنسانية صعبة

وأقر خالد، أن المفوضية تواجه تحديات كبيرة في توفير المساعدات لهؤلاء اللاجئين، بما في ذلك المأوى والغذاء والرعاية الصحية وغيرها من المساعدات الضرورية، مشيرا إلى أن المفوضية تعمل بالتعاون مع حكومات الدول المجاورة والشركاء الدوليين على الاستجابة لهذه الأزمة الإنسانية.

وقال مستشار مفوضية اللاجئين «كانت الأمم المتحدة وشركاؤها أطلقوا في 17 مايو (أيار) نداء يدعو إلى توفير 3 مليارات دولار أميركي لمساعدة ملايين الأشخاص الذين اضطروا للفرار من ديارهم سواء داخل حدود السودان أو عبروا الحدود الدولية إلى البلدان المجاورة».

ووفق خليفة، فإن معظم البلدان التي تستقبل الأشخاص الفارين من الأحداث الأليمة التي يشهدها السودان، سواء في الدول المجاورة أو الذين نزحوا داخليا، تعتبر من الدول التي كانت تعاني في الأصل من نقص في التمويل، الأمر الذي من شأنه أن يقود قدرة المفوضية إلى الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة.

وحول أكثر التحديات التي تواجه اللاجئين من السودان، قال خليفة «يعاني اللاجئون من ظروف إنسانية صعبة وهم بحاجة إلى المساعدات العاجلة التي تشمل المأوى والمياه النظيفة ومرافق النظافة والغذاء والرعاية الصحية والمساعدات النقدية ومواد الإغاثة الأساسية، فضلا عن تعرضهم لمخاطر مرتبطة بالحماية».

خطة الاستجابة للاجئين

وكشف خليفة، عن أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تعمل على وضع وتنفيذ خطة الاستجابة للاجئين في البلدان المضيفة، وتكمن الأولوية في دعم السلطات المحلية من حيث التسجيل وتحديد الأشخاص المعرضين لمخاطر متزايدة للحصول على مساعدات محددة. ويشكل النساء والأطفال معظم الوافدين الجدد، وهناك عدد منهم غير مصحوبين بذويهم أو منفصلون عنهم.

وشدد مستشار المفوض السامي لمفوضية اللاجئين، على أن الجهود المبذولة للتخفيف من العنف القائم على نوع الجنس والتصدي له ستكون ذات أهمية قصوى جنباً إلى جنب مع معالجة مخاطر الاستغلال والاعتداء الجنسيين، مشيرا إلى أنه سيتم توفير الدعم للتعليم وسبل كسب الرزق، إضافة إلى المساعدات النقدية، حيثما كان ذلك ممكنا.

أكثر من 103 ملايين نازح قسرا

وحول وضع اللاجئين على مستوى العالم قال خليفة «بحلول منتصف عام 2022، شهد العالم مستويات قياسية للنزوح القسري مع وجود أكثر من 103 ملايين شخص ممن نزحوا قسرا بسبب الاضطهاد والصراعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والآثار الناجمة عن تغير المناخ، منهم 26.7 مليون لاجئ تحت ولاية المفوضية، و53.1 مليون نازح داخليا، و4.9 مليون طالب لجوء».

ووفق مستشار المفوض السامي لمفوضية اللاجئين، فإن سوريا وفنزويلا وأوكرانيا وأفغانستان وجنوب السودان تأتي في مقدمة الدول، التي تفرز أعداداً كبيرة من اللاجئين. وترتبط هذه الأعداد الكبيرة بالحروب والنزاعات التي تشهدها تلك البلدان والتي تمتد منذ أعوام عدة.

من جهة أخرى، والحديث لخليفة، فإن بعض الدول تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين، وغالبا ما تكون دولا مجاورة، بينما تأتي الدول التالية في المراتب الخمس الأولى من حيث أعداد اللاجئين المستضافين فيها، على هذا النحو: تركيا «3.7 مليون لاجئ»، وكولومبيا «2.5 مليون لاجئ»، وألمانيا «2.2 مليون لاجئ»، وباكستان «1.5 مليون لاجئ»، وأوغندا «1.5 مليون لاجئ».

ولفت إلى أن استقبال اللاجئين أو استضافتهم ليس مسؤولية دول معينة فحسب، بل هو أمر يتطلب تعاونا دوليا لمشاركة المسؤولية في تقديم المساعدة والحماية للنازحين قسرا والعمل على إيجاد حلول مستدامة بهدف التوصل إلى السلام، والأمن، وتحقيق الاستقرار في بلدانهم الأصلية.

المهددات الأمنية والسياسية ونقص التمويل أبرز التحديات

وحول التحديات التي تواجه المفوضية لدعم مشروعاتها وتحقيق أهدافها، وخطة عملها لمواجهة المستجدات، قال خليفة «تقود المفوضية العمل الدولي الهادف لحماية الأشخاص المجبرين على الفرار من منازلهم بسبب الصراع والاضطهاد، وتعمل أيضاً لضمان منح الجنسية للأشخاص عديمي الجنسية».

وأوضح أن المفوضية، تعتمد بشكلٍ شبه كامل على المساهمات الطوعية المقدمة من الحكومات والأمم المتحدة وآليات التمويل الجماعي والمؤسسات الحكومية الدولية والقطاع الخاص، «نحن نعمل على مدار العام لجمع الأموال لبرامجنا والاستجابة لحالات الطوارئ الجديدة عند حدوثها».

وقال مستشار المفوض السامي لمفوضية اللاجئين «نقدم المساعدات المنقذة للحياة بما في ذلك المأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية للأشخاص المجبرين على الفرار جراء الصراعات والاضطهاد ونساعدهم في العثور على مكان يستقرون فيه حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم»، مشددا على أن المفوضية تواجه تحديات سياسية وأمنية في الوصول إلى المناطق المتضررة من الصراع وعدم الاستقرار الأمني والمناطق النائية.

وأقر خليفة أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تواجه تحديات عدة تشمل نقص التمويل، والتحديات السياسية والأمنية، والتحديات اللوجيستية. لتجاوزها، تعتمد المفوضية على حشد مصادر التمويل وتعزيز الشراكات والتنسيق مع المنظمات العاملة في المجال الإنساني ومنظمات الأمم المتحدة والقطاع الخاص والأفراد.


طرفا النزاع في السودان يتفقان على تمديد الهدنة لـ5 أيام

الدخان يتصاعد فوق سماء العاصمة السودانية الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في 29 مايو 2023 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد فوق سماء العاصمة السودانية الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في 29 مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

طرفا النزاع في السودان يتفقان على تمديد الهدنة لـ5 أيام

الدخان يتصاعد فوق سماء العاصمة السودانية الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في 29 مايو 2023 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد فوق سماء العاصمة السودانية الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في 29 مايو 2023 (أ.ف.ب)

أعلنت السعودية والولايات المتحدة، الاثنين، في بيان مشترك، التمديد 5 أيام لهدنة في السودان، بدأت نظرياً قبل أسبوع، ولكن لم يتم الالتزام بها على الأرض، وذلك «للسماح ببذل جهود إنسانية إضافية».

ومنذ 15 أبريل (نيسان)، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، عن مقتل المئات ونزوح 1.4 مليون شخص داخلياً، ولجوء نحو 350 ألفاً آخرين إلى دول الجوار.

ووفق بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (إيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

وأكدت الأمم المتحدة، الاثنين، أن سكان السودان من بين الأكثر حاجة في العالم في الوقت الحالي إلى اهتمام «عاجل» لتفادي انعدام الأمن الغذائي. وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، في تقرير مشترك، إنه «جرى رفع مستوى القلق في السودان وهايتي ومنطقة الساحل (بوركينا فاسو ومالي) إلى أعلى درجة» من حيث توافر الأغذية للسكان. كما حذر التقرير من أن النزاع على السلطة بين قائد الجيش وخصمه في السودان ستكون له على الأرجح «تداعيات كبيرة على الدول المجاورة».

ويتبادل طرفا النزاع الاتهام بخرق الهدنة التي كان من المفترض أن تفسح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة للمدنيين.

وحتى اليوم الأخير من الهدنة، وصلت الإمدادات إلى عدد محدود من المستشفيات في الخرطوم، التي خرج معظمها من الخدمة بسبب القتال، كذلك لا يزال المواطنون يعانون ندرة الموارد الغذائية ومياه الشرب وانقطاعات في الكهرباء والاتصالات.

 

 

 


الرئيس الصومالي يتعهد بالقضاء على «الإرهاب»

الرئيس الصومالي في افتتاح أعمال البرلمان الفيدرالي (وكالة الصومال الرسمية)
الرئيس الصومالي في افتتاح أعمال البرلمان الفيدرالي (وكالة الصومال الرسمية)
TT

الرئيس الصومالي يتعهد بالقضاء على «الإرهاب»

الرئيس الصومالي في افتتاح أعمال البرلمان الفيدرالي (وكالة الصومال الرسمية)
الرئيس الصومالي في افتتاح أعمال البرلمان الفيدرالي (وكالة الصومال الرسمية)

أشاد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، بـ«الحرب التي يشنها الجيش الوطني على الإرهاب»، متعهداً بـ«القضاء على فلول حركة (الشباب) المتطرفة». وقال

لدى افتتاحه، الاثنين، أعمال الدورة الثالثة لمجلسي الشعب والشيوخ، إن «العلماء أفتوا بوجوب محاربة ميليشيات الخوارج في كل المجالات، سواء عسكرياً أو دينياً»، لافتاً إلى «البحث عن الدعم المطلوب للقضاء على هذه الميليشيات».

وبعدما أشاد بالإنجازات التي حققها البرلمان خلال الدورة السابقة والمتمثلة في المصادقة على 11 قانوناً، طالب مجلسي الشعب والشيوخ بسرعة تشكيل اللجان المعنية بمراجعة الدستور، مشيراً إلى أهمية وجود دستور متكامل يعكس احتياجات المواطن الصومالي.

بدوره، اعتبر رئيس الحكومة الصومالية حمزة عبدي بري، أن انتخاب الرئيس ونائبه لا يعني الانتقال من النظام الفيدرالي، داعياً السياسيين إلى التخفيف من القلق والشكوك المتعلقة بهذا الشأن؛ إذ إن الهدف هو إعادة السلطة إلى الشعب.

ولفت خلال مشاركته في مأدبة عشاء أقامتها إدارة محافظة بنادر، الليلة الماضية، على شرف أعضاء المجلس الاستشاري الوطني، إلى اتخاذ المجلس ما وصفه بقرارات مصيرية خلال اجتماعاته الأخيرة بالعاصمة مقديشو، من بينها تحديد الصلاحيات الدولية، والهيكل الأمني، والنظام القضائي والمالي.

ورأى أن العاصمة مقديشو تخطو نحو طريق التنمية وإعادة الإعمار بعد تغلبها على العقبات التي مرت بها من الصراعات والنزوح والدمار، لكن ولاية بونتلاند، رفضت الاتفاق الذي أبرمته الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات الإقليمية، واعتبرته بمثابة تعليق للدستور وانقلاب سياسي.

وقال وزير الإعلام في بونتلاند، محمود عيديد، إنهم لن يقبلوا هذا الاتفاق، ورأى أنه يتنافى مع الدستور.

ولم يشارك رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني، بسبب الخلاف بين إدارته وبين الحكومة الفيدرالية، في اجتماع المجلس الاستشاري في مقديشو، الذي حضره رؤساء الولايات الأخرى.

إلى ذلك، أفادت وكالة «الأنباء الصومالية الرسمية»، باعتقال قياديين بارزين من حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في عملية عسكرية مخططة، نفذتها وحدات من الفرقة الـ26 للجيش الصومالي بإحدى المناطق في محافظة غلغدود.

وأسفرت العملية عن اعتقال القياديين مختار محمد محمود، المعروف بـ«أبو محمود» مسؤول مخابرات الحركة، بالإضافة إلى مسؤولها المالي عسير محمد محمود (آية الله)، ونقلت عن عثمان عبد الله من الوحدة التي نفذت هذه العملية أن 8 من حراس القياديين قُتلوا خلالها.

وبحسب الوكالة، دعا ضباط الجيش، المواطنين للتعاون معه في تقديم المعلومات المتعلقة بعناصر ميليشيات الخوارج للمساهمة في تحرير البلاد منهم.

بدورها، نددت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيجاد)، بالهجوم على معسكر الكتيبة الأوغندية التابعة لقوات بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، في بلدة بولو مارير بمنطقة شبيلي السفلى. وقال بيان للهيئة: «يجب علينا الوقوف معاً في تضامن مع حكومة الصومال وشعبها في كفاحهما للإرهاب، وفي جهودهما نحو بناء السلام والاستقرار في الصومال».

وأعلن الجيش الأوغندي إرسال فريق من الخبراء للتحقيق في الهجوم الذي تعرضت له الكتيبة يوم الجمعة الماضي.


تحذير أممي من فرار مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر

بات السودانيون على موعد مع هجرة قسرية من الخرطوم (الشرق الأوسط)
بات السودانيون على موعد مع هجرة قسرية من الخرطوم (الشرق الأوسط)
TT

تحذير أممي من فرار مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر

بات السودانيون على موعد مع هجرة قسرية من الخرطوم (الشرق الأوسط)
بات السودانيون على موعد مع هجرة قسرية من الخرطوم (الشرق الأوسط)

قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، يوم الاثنين إن التقديرات التي تشير إلى احتمال فرار زهاء مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر (تشرين الأول) ربما تكون متحفظة، وإن الصراع هناك ينذر بازدياد عمليات تهريب البشر وانتشار الأسلحة في منطقة هشة.

وفر بالفعل أكثر من 350 ألف شخص عبر الحدود السودانية منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان)، وتوجه معظمهم إلى مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان. ونزح أكثر من مليون داخل السودان الذي يقدر عدد سكانه بنحو 49 مليون نسمة، حيث اندلع قتال عنيف في مناطق سكنية بالعاصمة الخرطوم، وامتد العنف أيضاً إلى منطقة دارفور غرب البلاد.

رقم متحفظ

وقال غراندي في مقابلة في القاهرة بعد زيارة للحدود مع السودان، وفق ما ذكرت «رويترز»، إن المفوضية توقعت في وقت سابق مغادرة نحو 800 ألف سوداني و200 ألف شخص من جنسيات أخرى السودان على مدى ستة أشهر. وأضاف: «هذا التوقع، بأننا سنصل إلى هذه الأرقام المرتفعة في الأشهر القليلة المقبلة، ربما يكون متحفظاً... في البداية لم أكن أعتقد أن ذلك سيتحقق، لكنني الآن بدأت أشعر بالقلق».

ومن بين الدول المتاخمة للسودان جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا وليبيا، وكلها تأثرت بصراعات داخلها في الآونة الأخيرة.

وقال غراندي إن انهيار القانون والنظام في السودان «ومسارعة الكثيرين للرحيل» سيوفران أرضاً خصبة للاتجار بالبشر، بينما من الممكن أن تهدد الأسلحة التي يجري تداولها عبر الحدود بوقوع مزيد من العنف. وأضاف: «شهدنا ذلك في ليبيا مع منطقة الساحل. لا نريد تكرار ذلك لأن ذلك سيضاعف الأزمة والمشكلات الإنسانية».

وناشدت الأمم المتحدة المانحين تقديم 470 مليون دولار من أجل استجابتها المخصصة للاجئين في أزمة السودان على مدى ستة أشهر، وهو مبلغ قال غراندي إن واحداً في المائة فقط منه جرى ضخه، مضيفاً أنه «توجد حاجة ماسة» إلى عقد مؤتمر لتعهد المانحين بتقديم التمويلات، وأن المجتمع الدولي المنشغل بمسألة أوكرانيا لا يولي السودان بالاهتمام الكافي.

وأردف: «يمكنكم بكل وضوح أن تشعروا بوجود اختلاف خطير للغاية؛ فهذه الأزمة قد تزعزع الاستقرار في منطقة بكاملها وخارجها، بقدر ما تفعله أوكرانيا في أوروبا».

وقال غراندي إن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحاول ترسيخ وجودها في وادي حلفا بشمال السودان حيث ينتظر كثير من الذكور السودانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عاماً لتقديم طلبات الحصول على تأشيرة لدخول مصر، ولا تحتاج النساء أو الأطفال أو كبار السن للحصول على تأشيرات.

وأوضح أيضاً أنه يلزم توصيل مساعدات لمنطقة فاصلة بين المواقع الحدودية المصرية والسودانية؛ حيث ينتظر الفارون فترات طويلة. ومنذ بدء الصراع، عبر 160 ألف شخص تقريباً من السودان إلى مصر التي تستضيف بالفعل جالية سودانية كبيرة.


السودانيون يترقبون الهدنة الجديدة رغم الخروقات المتعددة

لم تختف سماء الخرطوم من أعمدة الدخان حتى إبان فترات الهُدن (أ.ف.ب)
لم تختف سماء الخرطوم من أعمدة الدخان حتى إبان فترات الهُدن (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يترقبون الهدنة الجديدة رغم الخروقات المتعددة

لم تختف سماء الخرطوم من أعمدة الدخان حتى إبان فترات الهُدن (أ.ف.ب)
لم تختف سماء الخرطوم من أعمدة الدخان حتى إبان فترات الهُدن (أ.ف.ب)

يترقب السودانيون تمديد وقف إطلاق النار الجديد، رغم الخروقات المتعددة للهدن السابقة بما فيها هدنة الـ7 أيام الأخيرة التي توصل إليها طرفا الصراع بعد مباحثات طويلة في مدينة جدة، بوساطة سعودية وأميركية. في غضون ذلك، كشف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يوم الاثنين مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي جهود المملكة الهادفة إلى دعم الحلول السياسية في السودان. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الوزيرين بحثا هاتفياً ما تبذله المملكة من جهودٍ حثيثة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية من خلال استضافتهم في مفاوضات جدة، وما نتج عن ذلك من اتفاقيات حول وقف إطلاق نار قصير الأمد. ودعت السعودية والولايات المتحدة يوم الأحد طرفي النزاع في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، إلى مواصلة النقاش للتوصل إلى اتفاق بشأن تمديد وقف إطلاق النار الذي ينتهي مساء الاثنين.

وكان الجيش وقوات «الدعم السريع» قد وقعا في مدينة جدة على اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وهدنة إنسانية لمدة سبعة أيام قابلة للتمديد بدءاً من مساء يوم الاثنين. وانزلق السودان إلى هاوية الاقتتال بين الجيش و«الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان)، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية كان من المفترض أن تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية.

ترحيب غربي بالاتحاد الأفريقي

ورحبت الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في بيان نشرته الخارجية الأميركية يوم الاثنين ببيان الاتحاد الأفريقي عقب اجتماع «مجلس السلام والأمن» بشأن السودان، ونددت بتصرفات الطرفين المتحاربين والمعاناة التي تسببا فيها لشعب السودان. وأكدت الدول الثلاث والاتحاد الأوروبي من جديد دعمها «للقيادة الأفريقية وخريطة طريق الاتحاد الأفريقي لحل الصراع في السودان». كما رحبت «بجهود الاتحاد الأفريقي لإنشاء آلية موسعة لضمان تحرك إقليمي ودولي شامل ومنسق من أجل عملية سلام قابلة للتطبيق، واستئناف الانتقال إلى الحكم المدني والديمقراطية في السودان». وكان البيان الختامي لاجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي يوم 27 مايو (أيار) قد طالب «الأطراف المتحاربة بالوقف الفوري لإطلاق النار دون أي شروط مسبقة، ووقف التعبئة»، كما دعا إلى «تبني الحل السلمي للنزاعات وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق؛ واستئناف عملية انتقال سياسي تتوج بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية». وتبنى البيان الختامي «خريطة طريق الاتحاد الأفريقي لحل الصراع في السودان، بهدف إسكات البنادق في السودان»، داعياً الطرفين السودانيين والمجتمع الدولي إلى دعم تنفيذ خريطة الطريق.

انتهاكات الهدنة

ميدانياً، تتواصل انتهاكات الطرفين للهدنة التي تزداد الدعوات لتمديدها. وأفاد سكان في العاصمة، التي يقطنها أكثر من 7 ملايين نسمة، وكالة الصحافة الفرنسية بوقوع معارك في مدينة بحري شمال العاصمة الخرطوم، فيما سُمع دوي المدفعية في جنوبها.

وفي إقليم دارفور غرب البلاد تزداد الأوضاع تدهوراً، إذ كتب المدير الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالسودان طوبي هارورد، على حسابه على موقع «تويتر» يوم الاثنين قائلاً: «يتجاهل القتال بشكل صارخ التزامات وقف إطلاق النار، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية». وأضاف: «أدت موجات القتال المتكررة خلال الأيام الماضية في الفاشر، شمال إقليم دارفور، بما في ذلك معسكر (أبو شوك) للنازحين، إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، ونهب منازل ونزوح جديد».

ومنذ 15 أبريل (نيسان)، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، عن مقتل المئات، ونزوح 1.4 مليون شخص داخلياً، ولجوء نحو 350 ألفاً آخرين إلى دول الجوار.

ووفق بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (إيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

انعدام الأمن الغذائي

ومن جانبها، أكدت الأمم المتحدة يوم الاثنين أن سكان السودان من بين الأكثر حاجة في العالم في الوقت الحالي إلى اهتمام «عاجل» لتفادي انعدام الأمن الغذائي. وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي في تقرير مشترك إنه «جرى رفع مستوى القلق في السودان وهايتي ومنطقة الساحل (بوركينا فاسو ومالي) إلى أعلى درجة» من حيث توافر الأغذية للسكان. كما حذر التقرير من أن النزاع على السلطة بين قائد الجيش وخصمه في السودان سيكون له على الأرجح «تداعيات كبيرة على الدول المجاورة».

ويتبادل طرفا النزاع الاتهام بخرق الهدنة التي كان من المفترض أن تفسح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة للمدنيين. ولكن حتى اليوم الأخير من الهدنة وصلت الإمدادات إلى عدد محدود من المستشفيات في الخرطوم التي خرج معظمها من الخدمة بسبب القتال، كذلك لا يزال المواطنون يعانون ندرة الموارد الغذائية ومياه الشرب وانقطاعات في الكهرباء والاتصالات.


بوادر صراع وشيك بين البرهان وإسلاميّي السودان

قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
TT

بوادر صراع وشيك بين البرهان وإسلاميّي السودان

قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)

بدأت بوادر صراع وشيك بين الإسلاميين السودانيين وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، إذ يسعى هؤلاء اليوم للتخلص منه ويعدّونه متساهلاً أكثر من اللزوم، بينما يخوض الرجل منذ 6 أسابيع حرباً على جبهة أخرى ضد نائبه السابق قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي».

وقال محلل عسكري، طلب عدم كشف هويته، إن «الإسلاميين لديهم وجود كبير في المؤسسة العسكرية، عملوا عليه منذ وصولهم إلى السلطة في انقلاب البشير عام 1989». وأضاف: «حاول البرهان إبعاد بعضهم، لكنه في ذات الوقت أبقى على البعض الآخر». اليوم، يجد البرهان نفسه وحيداً في مواجهة الإسلاميين الذين يتهمونه بالتساهل مع «قوات الدعم السريع» التي كان على علاقة جيدة معها.

نهاية صداقة

النزاع المسلح الذي وقع قبل 6 أسابيع بين الجيش وقوات «الدعم السريع» أنهى تماماً علاقة صداقة وتعاون قديمة بين الرجلين، التي بدأت مع بداية النزاع في إقليم دارفور عام 2003 إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير. فكان حميدتي وقتذاك قائد مجموعة صغيرة مسلحة تتصدى لحركات مسلحة أخرى في الإقليم، تقاوم نظام البشير. لذا، اختار البشير دعم جماعة حميدتي، فيما كان البرهان ينسق عمليات الجيش في دارفور حيث نشأت العلاقة بين الرجلين. ومع الوقت، كبر حجم قوات حميدتي، التي أصبحت لاحقاً تابعة للجيش، لكنها احتفظت دائماً بنوع من الاستقلالية في قيادتها وعملياتها.

ثم تعززت هذه العلاقة في أبريل (نيسان) 2019، تحت ضغط الثورة الشعبية الكبيرة التي طالبت بسقوط نظام البشير، فاتفق الرجلان على إسقاط البشير المدعوم من «الإخوان المسلمين» وتشكيل مجلس عسكري لحكم البلاد، ترأسه البرهان، بينما احتل حميدتي منصب نائب رئيس المجلس العسكري. ومنذ سقوط البشير، مرت العلاقة بتوترات محدودة بين الرجلين بين حين وآخر، لكنها كانت قصيرة، وتُحل دائماً سريعاً وتعود الثقة بينهما.

احتجاجات شعبية واسعة أسقطت نظام البشير في 2019 (رويترز)

هيمنة الإسلاميين

في ظل حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي امتد 3 عقود، هيمن الإسلاميون على السلطة في البلاد، وأسسوا شبكة واسعة من المصالح المالية والتجارية والسياسية، وفق ما قالت وكالة الصحافة الفرنسية. وحكم الجيش السودان مدة 55 عاماً منذ استقلال البلاد قبل 67 عاماً. وقال مركز «ريفت فالي» البحثي إن «السياسة السودانية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالعسكريين، لذلك أصبح الجيش مؤسسة مسيسة».

وفي 2019، عندما اضطر الجيش إلى إطاحة البشير، تحت ضغط ثورة شعبية كبيرة، ابتعد الإسلاميون عن الواجهة، وتم حظر حزبهم «المؤتمر الوطني» الذي كان يتزعمه البشير، ووضع كثيراً من المسؤولين في السجن. واختار الجيش، لتهدئة خواطر الشارع والمجتمع الدولي، «ضابطاً مجهولاً» هو عبد الفتاح البرهان لوضعه على رأس البلاد.

راح البرهان يكثر من التصريحات المناوئة للإسلاميين وحزب المؤتمر الوطني. لكن اشتعال الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل أدى إلى فوضى كبيرة، ما سمح لقادة النظام السابق بالهروب من السجون، وهذا بدوره سمح لحزب «المؤتمر الوطني» بأن يظهر مجدداً على الساحة، ويعلن دعمه للجيش في مواجهة «قوات الدعم السريع» التي تناصب أتباع البشير عداوة كبيرة. ويكرر قائد هذه القوات، الفريق حميدتي، القول إن حربه الحالية ليست ضد الجيش، لكنها ضد الإسلاميين المسيطرين على قيادة الجيش.

جانب من الدمار في جنوب الخرطوم بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)

قطعة شطرنج

وفي هذا الصدد، يقول عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار» المحلية، إن «الإسلاميين يستثمرون في الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد حالياً، ليضمنوا وضعاً في التسوية السياسية المقبلة». لكن ميرغني يؤكد أن البرهان ليس سوى «قطعة شطرنج في السياسة السودانية، فهو لا يمثل تياراً سياسياً، بل إن دوره يرتبط بوظيفته في القوات المسلحة».

من جانبه، يشير الخبير في الشؤون السودانية، أليكس دي فال، إلى أن البرهان «يواجه عوائق عدة. فخلافاً لدقلو والبشير من قبله، ليست لديه موارد مالية خاصة، لكي يتمكن من عقد تسويات سياسية». ويضيف: «لذلك، فقد أُجبر دوماً على التفاوض مع العسكريين ومع الحرس القديم (من الإسلاميين) قبل اتخاذ كل القرارات المهمة».

ويرى أمير بابكر، رئيس تحرير موقع «مواطنون»، المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، أن البرهان «عزز علاقته مع الإسلاميين لتحقيق طموحه في الحكم». وعلى الرغم من محاولته «إظهار الابتعاد عنهم، فإنه استجاب لضغوطهم بسبب وجودهم في الأجهزة الأمنية، ونفذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021»، أي قبل بضعة أسابيع من الموعد المحدد لتسليم السلطة للمدنيين، وفق الوثيقة الدستورية التي كانت تحكم المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام البشير.


بعد استهداف شعاراتهم... انقلابيو اليمن يستنفرون في إب

شعار الصرخة الخمينية تعرض للطمس على يد مجهولين في مدينة إب اليمنية (فيسبوك)
شعار الصرخة الخمينية تعرض للطمس على يد مجهولين في مدينة إب اليمنية (فيسبوك)
TT

بعد استهداف شعاراتهم... انقلابيو اليمن يستنفرون في إب

شعار الصرخة الخمينية تعرض للطمس على يد مجهولين في مدينة إب اليمنية (فيسبوك)
شعار الصرخة الخمينية تعرض للطمس على يد مجهولين في مدينة إب اليمنية (فيسبوك)

استنفرت الميليشيات الحوثية عناصرها الأمنيين بمحافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء)، عقب اتساع حملة شعبية لطمس شعاراتها وإحراقها، بما فيها شعار «الصرخة الخمينية»، حيث ترى الجماعة في هذا السلوك مؤشراً على تنامي حالة الرفض التي تخشى أن تقود إلى انتفاضة شاملة ضد وجودها الانقلابي.

وأوضحت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن حالة الاستنفار غير المسبوقة للجماعة تركزت بداية على استهداف السكان في أحياء عدة بمدينة إب القديمة التي انطلقت منها أول شرارة شعبية لإزالة الشعارات الطائفية وإحراقها، ثم توسعت فيما بعد لتشمل مناطق أخرى بنطاق مركز المحافظة.

وبحسب المصادر، شنّت الجماعة حملات دهم لمنازل شبان وناشطين وسط المدنية، وقامت بخطف 20 مدنياً وناشطاً حقوقياً على الأقل اتهمتهم بالوقوف خلف إزالة وطمس شعاراتها.

وتوسعت أعمال طمس اليمنيين الغاضبين شعارات الجماعة لتشمل - وفق المصادر - مناطق أخرى متفرقة في 4 مديريات تقع جنوب غرب المحافظة، هي: العدين، والحزم، والفرع ومذيخرة.

وفي حي «دار الشرف» بمديرة المشنة جنوب المدينة، تحدث شهود لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض شعارات الميليشيات لأعمال حرق وإزالة وطمس من قِبل سكان في الحي، ممن يرفضون بشدة وجود تلك الشعارات المستقدَمة من إيران على جدران منازلهم وحاراتهم وشوارعهم.

تزامن ذلك مع استمرار استهداف الميليشيات آلاف السكان من مختلف الأعمار في إب وتحشيدهم بقوة السلاح إلى حضور الفعاليات بمناسبة الاحتفال بما تسميه الجماعة «الذكرى السنوية للصرخة».

وتحدث سكان في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن أن قادة الميليشيات فوجئوا بتلك الحملة الشعبية التي طالت في أوقات الليل معظم شعاراتها وصور كبار قادتها وقتلاها الملصقة على جدران المنازل وفي الأحياء والشوارع، مع كتابة عبارات تطالب برحيل الميليشيات الفوري من المحافظة.

على ضوء ذلك، فرضت الجماعة طوقاً أمنياً ونشرت عناصرها الأمنيين على مداخل ومخارج الحي القديم في مدينة إب وفي أحياء والسبل، والمشنة، والظهار وحراثة، وغيرها، وباشرت باستفزاز السكان ومضايقتهم وقمعهم وخطف بعضهم لمعرفة هوية من يقفون وراء طمس شعاراتها، كما قامت بمراجعة كاميرات المراقبة التابعة لبعض المحال التجارية في سياق تحرياتها الواسعة لمعرفة صور وهويات من قاموا باستهداف شعاراتها.

وبحسب ما ذكرته المصادر، عمّمت الجماعة الحوثية على مراكز الشرطة التابعة لها بمنع تجول الشبان في الأحياء بعد العاشرة ليلاً؛ خشية القيام بمزيد من أعمال الطمس للشعارات الطائفية، كما أمرت بنصب كاميرات مراقبة في بعض الأحياء التي ظهرت فيها أعمال الطمس، وتكثيف أعمال التحري عن السكان ومعرفة من يؤيدها أو يعارضها.

وأكدت المصادر أن التعليمات الحوثية صدرت عن جهاز الأمن الوقائي وهو جهاز أمني خاص، حيث نصّت على إلزام من يسمون «حراس الليل» بالانتشار في أحياء المدينة وبعض المديريات، ومراقبة حركة المواطنين، وإيقاف أي شخص يدخل إلى حي لا يسكن فيه، إلى حين إحضار من يعرِّف به أو يضمنه، ومعرفة البيت الذي يقصده.

وتشهد محافظة إب بين كل فينة وأخرى أعمالاً وممارسات شعبية معبّرة عن حالة الغضب والرفض الواسع لوجود الميليشيات التي لا تزال تحكم قبضتها الحديدية على المحافظة وكل مؤسساتها الحكومية الإيرادية.

وكانت الجماعة، المسنودة من إيران، كثّفت في أوقات سابقة من استهدافها بالتشويه جدران أحياء مدينة إب القديمة وغيرها بشعاراتها الطائفية، خصوصاً الحي الذي يقع فيه منزل الناشط المكحل الذي قتل في وقت سابق في أحد سجون الجماعة، وقاد مقتله إلى اندلاع تظاهرة شعبية طالبت برحيل الميليشيات الفوري من المحافظة.

وعزت مصادر مطلعة في إب أسباب استمرار الجماعة في تشويه المدينة القديمة وغيرها بالشعارات الطائفية للانتقام من سكانها، ولرفع معنويات أنصارها بعد الهزة الكبرى التي منيت بها أثناء تشييع الناشط المكحل.

وتعاني المحافظة الخاضعة لسيطرة الميليشيات ونحو 22 مديرية تابعة لها منذ سنوات أعقبت الانقلاب، ارتفاعاً متزايداً في معدلات الجريمة بمختلف أشكالها، بالإضافة إلى تعسفات وانتهاكات واسعة للحقوق والحريات وعمليات سطو ونهب لممتلكات المواطنين تقوم بها عصابات إجرامية تقدم لها التمويل والدعم قيادات انقلابية.