6 كتاب BOOK Issue 16845 - العدد Friday - 2025/1/10 اجلمعة ASHARQ AL-AWSAT حافظ األسد للجميل: جيشنا باق في لبنان ما استمرت المكاسب اإلسرائيلية بعد عودتي من جولتي الطويلة التي شملت أيـضـا زيــــارة خـاطـفـة إلـــى بـاريـس، حـــيـــث الـــتـــقـــيـــت نـــظـــيـــري الـــفـــرنـــســـي كــلــود سـيـشـون، اجـتـمـعـت بفيليب حبيب الــذي طلب أن نلتقي بعد عـودتـه مـن إسرائيل. كنت آمل أن تكون محادثاتي في واشنطن قد ليّنت املوقف اإلسرائيلي، غير أن الواقع أظهر زيادة في تصلّب موقف تل أبيب في قضية الرائد سعد حدّاد وقواته، وتشكيل الــقــوة الـعـسـكـريـة الـلـبـنـانـيـة، املـفـتـرض أن تتولّى أمــن املنطقة الـحـدوديـة، فقد أصـر اإلسـرائـيـلـيـون عـلـى أن يـتـم اخـتـيـار كبار ضـبـاطـهـا بــالــتــشــاور مـــع لـجـنـة عسكرية تــضــم ضــبــاطــا لــبــنــانــيــن وإســرائــيــلــيــن. فاكتفيت بالقول لحبيب: - إنك تعرف موقفنا من هذه املطالب، فلماذا تنقلها إلينا؟ - أنا وسيط وعلي أن أنقل املقترحات اإلسرائيلية والردود اللبنانية عليها. أما آرائي فسأقدّمها في الوقت املناسب. - هـــذا هــو الــوقـــت املــنــاســب. ال بــد أن نتحرّك فأجواء املحادثات غير جيّدة. وصل بي األمر بعد أيام إلى حد إبالغ موريس درايبر: «إن لم يغيّر اإلسرائيليون نوعية الكالم معنا، فسنقطع املفاوضات. يــظــهــر أن الــشــهــيــة اإلســـرائـــيـــلـــيـــة تــــــزداد، ودوركــــم كشريك يـبـدو فـاتـرًا وغـيـر فـعّــال. إن الجنوب اللبناني يواجه املصير نفسه الــــــذي واجـــهـــتـــه الـــضـــفـــة الـــغـــربـــيـــة وغـــــزة. يـنـبـغـي أن نــتــحــرّك قــبــل أن تـنـشـأ وقــائــع جديدة على األرض». بقي األمـر على هذا املــــنــــوال إلــــى أن شــعــرنــا بــتــحــسّــن طفيف فــي املــوقـــف اإلســرائــيــلــي فــي أوائـــــل أبـريـل (نــيــسـان)، وعـــزونـــاه إلـــى تـصـريـح رايـغـن الــذي أعلن فيه وقـف تسليم طـائـرات «إف » إلى إسرائيل إلى أن تنسحب كلّيا من 16 لبنان. فتذكّرت ما قاله لي حبيب قبل أيام: «سئمت من تقديم الجزر إلسرائيل طوال الـوقـت، أحـتـاج اآلن إلــى العصا، والعصا بيد رايغن». بـــالـــفـــعـــل، تـــحـــرّكـــت األمــــــــور. قــــــدّم لـنـا أبــــريــــل، مــســودة 3 مـــوريـــس درابــــيــــر، فـــي االتّــــفــــاق قـــائـــ إنـــهـــا مــقــبـولــة مـــن الـفـريـق اإلسرائيلي املفاوض، لكن ثمة اعتراضات عـــلـــيـــهـــا مــــــن الـــــســـــاســـــة اإلســــرائــــيــــلــــيــــن، خـصـوصـا مــن بيغن وشـــــارون. اجتمعت وغـسـان مـع الـرئـيـس الـــــوزّان، وراجعناها ودقـــــقـــــنـــــا فــــــي نــــصّــــهــــا مـــــــــــادة، وأدخــــلــــنــــا تـــعـــديـــ تـــنـــا عـــلـــيـــهـــا. كــــانــــت املــــــســــــودة ال تـــزال تنطوي على ألـغـام كـثـيـرة، كمصير سعد حـــدّاد، وجبل الــبــاروك، واليونيفيل وغيرها. لـم يكن التحرّك كافيا، واأللـغـام فــــي املــــســــودة تــعــنــي أن االتّـــــفـــــاق ال يــــزال بـعـيـدًا، وصـدقـيـة الــواليــات املـتّــحـدة آخـذة بالتدهور، وحكومتنا تـواجِــه تملمال من تأخّر انسحابات كانت موعودة في نهاية . وهــــا نــحــن أنـهـيـنـا 1982 الـــعـــام املـــاضـــي ، وليس من مؤشّر 1983 الربع األول من عام جدّي على اقتراب خروج القوات األجنبية من لبنان. وعلى املستوى الشخصي، بدأ يظهر نوع من االنتقاد املتزايد في الوسط املسيحي بسبب موقفي من العرب، وصل إلـــى حــد إرســــال تـهـديـدات لــي عـبـر قـنـوات مختلفة. فـوعـدنـي الـرئـيـس بـالـتـدخّــل مع أصدقائه املسيحيي، مقترحا أن أزيد عدد حرّاسي ومرافقي لتدارك كل االحتماالت. هــــــــذه األجـــــــــــــواء املـــــتـــــوتـــــرة أوصــــلــــت الـرئـيـس الـجـمـيّــل، رغـــم معرفته باستياء فيليب حبيب الشديد من شارون وموشي 14 أريــنــز، إلــى حـد صــب جــام غضبه، فـي أبــريــل، على حبيب مـن دون تـحـفّــظ. أخذ يـــصـــرخ بــــه ويـــنـــظـــر إلــــــي لـــيـــتـــأكّـــد مــــن أنـــه لـــم يــتــجــاوز األصـــــول والـــحـــدود املـقـبـولـة، ويخرق األعــراف. كنت مسرورًا في الواقع من موقف الرئيس، رغم ثقتي بأن حبيب لم يكن يحتاج إلـى هـذا التقريع، ويعرف املـــســـائـــل عـــلـــى حــقــيــقــتــهــا. غـــيـــر أنـــنـــا كـنـا مهتمّي بأن ينقل إلى إدارته مقدار غضبنا مـن حـال املـراوحـة واملماحكة، واستياءنا الكبير، وأن يشعرها بأننا بلغنا أقصى حــــد مـــن الـــتـــوتّـــر والـــرغـــبـــة فـــي اسـتـعـجـال رايـغـن وشـولـتـز وحضّهما على الضغط على بيغن وأرينز وشارون. مــمــا قــــال الــجــمــيّــل يــــومــــذاك لفيليب حـبـيـب: «يـنـبـغـي أن أكـــون صـريـحـا معك. إن الـدور األميركي في املفاوضات لم يكن كما تـوقّــعـنـاه. الرئيس رايـغـن أكّـــد لنا أن ثوابتنا األساسية الثالث لن تُمسّ: سيادة بلدنا، واإلجـمـاع الوطني، وعالقاتنا مع الـدول العربية. غير أن الضغط األميركي فـــــي املـــــفـــــاوضـــــات انــــصــــب عـــلـــيـــنـــا بـشـكـل مــتــواصــل لتلبية مـطـالـب اإلسـرائـيـلـيـن، مما يوشك أن يمس بثوابتنا الثالث. لقد ضغطت علينا واشنطن أكثر مما ضغطت على إسرائيل. وتنازلنا إلى أبعد مما كنا نـتـصـوّر، وال يمكن أن نـتـنـازل بـعـد. فإما أن يكون االتّفاق بحسب النص اللبناني، أو ال يكون. ال أريد أن أكون الرئيس الذي يـوقّــع اتّفاقا يخرق سـيـادة لبنان ويمس كرامته. أنا مستعد ألن أغامر وأقود حملة من نوع آخر لتحرير بلدي، إذا لزم األمر. إنـــكـــم تــثــيــرون قـضـيـة ســعــد حـــــدّاد لـلـمـرة العاشرة، لقد سئمت ذلك. حدّاد مشكلتنا، إنها املـرة األخيرة التي أسمح لكم أو ألي شخص بـأن يثيرها مـعـي». فوعد حبيب بأال يثير مثل هذه القضايا مرة أخرى. )...( رسالة األسد غير المؤرّخة وغير الموقّعة تـلـقـى الـرئـيـس الـجـمـيّــل مــن الـرئـيـس أبــــريــــل، بـــواســـطـــة مـبـعـوث 28 األســـــد فـــي خـــــاص، رســـالـــة بــخــط الـــيـــد، غــيــر مـوقّــعـة وغير مؤرّخة جاء فيها: لقد أبلغنا الجانب األمريكي ما يلي: «ال نريد أن يكون هناك أي لبس بالنسبة إلى موقفنا، ونريد أن نتحدّث معكم دائما بصراحة. ورغم أننا أكدنا موقفنا سابقا مـن الـوضـع فـي لـبـنـان، وحـرصـا منا على أال يساء فهم موقفنا، كما يبدو أحيانا من بعض التصريحات، فنحن نوضحه مرة أخــــرى: إنـنـا نعتبر أيـــة مـكـاسـب يحققها الغزو اإلسرائيلي للبنان تشكّل خطرًا على أمـنـنـا الــوطــنــي والـــعـــربـــي، مـمـا سيفرض علينا بقاء جيشنا في لبنان مستمرًا ما استمرت هذه املكاسب. ومن الطبيعي أن نـتـمـسّــك بـمـقـتـضـيـات األمـــــن، خــاصــة وأن إسرائيل تبحث وتخطط ألعمال توسّعية متتالية بي وقت وآخر». كـــان مــن الطبيعي أن نعقد اجتماعا طـــارئـــا مـــع الـــرئـــيـــس لـتـحـلـيـل أبـــعـــاد هــذه الـرسـالـة فـي هــذا التوقيت مـن املـحـادثـات، فـحـضـرنـا أنــــا والـــــــوزّان وتــويــنــي وحـــــدّاد. فكّرنا طويال في مضمونها، واستنتجنا أنــــهــــا إشــــــــارة قــــويــــة بـــــــأال نـــتـــابـــع الــســعــي إلـــى اتّــفــاق مــع إســرائــيــل، مــع أنـنـا أنجزنا املــــســــودة، ولــــم تـــبـــق ســــوى نـــقـــاط ثــانــويــة تحتاج إلى حلول. واتّفقنا أن األمل الوحيد املتاح أمامنا هو أن يغيّر األسد رأيه حي نعرض عليه وثيقة االتّفاق، ويسمع وجهة نــظــرنــا واعـــتـــبـــاراتـــنـــا، وحــــن يـــدخـــل على الــخــط وزيــــر الـخـارجـيـة األمـيـركـيـة جــورج شولتز الــذي كنا ننتظر بـفـارغ الصبر أن يتداول مع األسد في ما بجعبته من مسائل قـــال إنـهـا تـهـم األخـــيـــر. وكـنـا متفائلي أن مـــحـــادثـــات عـــالـــيـــة املـــســـتـــوى بــــن شـولـتـز واألسد ضرورية، إذا كان ال بد من تحقيق تقدّم حقيقي. أما أنا فكنت أفكّر بما قصده الـرئـيـس الــســوري بكلمة «مـكـاسـب»، فهي تـحـتـمـل مــجــلّــدات مـــن الـتـفـسـيـر والــتــأويــل والتنظير، وقد تنطوي على «ال» الغية لكل كلمة أو قول أو نظرة. بعد ساعات قليلة، ذهبنا أنا وفيليب حبيب إلـى املطار الستقبال شولتز. وفي طريق الــعــودة، انطلق شولتز فـي املوكب الرسمي، فيما عدت وحبيب إلنجاز بعض الـــتـــحـــضـــيـــرات قـــبـــل اجــتــمــاعــنــا بـنـظـيـري األميركي فـي املـسـاء. راح سائقي يتجوّل على مهل في شوارع الضاحية الجنوبية، الخطرة على األميركيي. وفيما حانت من حبيب التفاتة إلى الوراء والحظ أال سيارة أمــــن وراءنــــــــا، صـــــاح: «يــــا ســيــد إيـــلـــي، يا معالي وزيـر خارجية لبنان، يا صديقي، هل تريد أن تقول لي إنك تتجول في هذه املـديـنـة العنيفة والــخــطــرة، مــن دون قـوة أمـنـيـة خـلـفـك؟ هــل تـعـرف مــن يجلس إلـى جانبك في هذه السيارة؟ هل تعرف كم من الناس يريدون رأسي؟ أدعو ربي أال تكون واحــــدًا مـنـهـم؟»، فقلت للسائق الـشـاب أن يسرع، «فطار» بها، وعاد حبيب للشكوى متسائالً: «أي الشرّين أهون؟ رصاصة في 120 الـــرأس أم االصــطــدام بحائط بسرعة كلم بـالـسـاعـة؟»، وغــرق بعدها فـي صمت ووجـــوم، على غير عـادتـه. إذّاك علمت أنه عندما يخاف ينقطع نفسُه كلّيا. مساء اجتمعنا بشولتز، وقلنا له إننا نـريـد اتّــفــاقــا يـــؤدي إلـــى انـسـحـاب الـقـوات اإلسـرائـيـلـيـة ويــكــون مـقـبـوال مــن سـوريـا، فأجابنا بأنه يعتقد أن مـا توصّلنا إليه يفي بـالـغـرض. وأخـبـرنـا أن بيغن أكّـــد له نـيّــتـه فــي املــضــي بــاالتّــفــاق حـتـى النهاية وبـالـخـروج مـن لـبـنـان، لكنه حـــذّره مـن أن السوفيات غير مرتاحي للدور األميركي، وال يـــــريـــــدون لــــه أن يـــنـــجـــح فــــي تـحـقـيـق أي تـسـويـة بـمـعـزل عـنـهـم، وهــــذا مـــا كنت ملستُه من اجتماعي بالسفير السوفياتي فـي نهاية مـــارس (آذار) الـــذي أشـــرت إليه فـــي الــصــفــحــات الــســابــقــة. وأضــــــاف وزيـــر الخارجية األميركي: «السوفيات يعرقلون. هم قادرون على خربطة األمور، لكنهم غير قادرين على إنجاز اتّفاقات بي إسرائيل والــــدول الـعـربـيـة. أمــا أمـيـركـا فبمقدورها ذلك. لذا سيحاولون إفشال مهمتنا، لكننا لن نسمح لهم بذلك». وعن نفوذ السوفيات فـــي دمـــشـــق، قـــــال: «األســــــد رجــــل مـسـتـقـلّ، ويـتّــخـذ الــقــرار الـــذي يـجـده مناسبا، دون أن يتأثّر باملوقف السوفياتي. وباإلمكان إقناعه بأن االتّفاق جيِّد». لقد كان شولتز واثقا من أن الرئيس السوري سيقبل به، غير أننا لم نكن واثقي البتة. استعرضتُ، باسم الجانب اللبناني، مــســوّدة االتّـــفـــاق، مــــادة، مــــادة، مــحــدّدًا ما يـمـكـن أن نـقـبـل بـــه ومــــا ال يـمـكـن الـقـبـول بـــه. ال يسعنا الـقـبـول بـــأن يــوقّــع االتّــفــاق وزراء الـخـارجـيـة، فلسنا بـصـدد معاهدة ســـ م، بـل وضــع ترتيبات أمنية يجب أن يوقّعها رئيسا الوفدين. كما أننا نعارض االعـــــتـــــراف بـــإســـرائـــيـــل، فــاســتــعــمــال هـــذه العبارة يعني أننا عقدنا معاهدة سالم. أبريل، عقدنا 30 في اليوم التالي، في اجتماعا مطوّال مع شولتز ملتابعة البحث في املسوّدة، وفي ظل املعلومات املتوافرة عـــــن تـــفـــكـــيـــر اإلســــرائــــيــــلــــيــــن بــــبــــدائــــل عـن االنـسـحـاب الـكـامـل، أكـــدت لشولتز أنــه إذا لـم يخرجوا مـن األراضـــي اللبنانية كافة، فـلـن يــكــون هــنــاك اتّـــفـــاق. وافــقــنــي الــوزيــر األمــيــركــي الـــــرأي، وطــلــب أن نــحــدّد خطيا ما نريده من األميركيي. وأردف الرئيس الـوزّان: «نعمل على صفقة كاملة، واملسار أمامنا ضيّق. كثيرون سيهاجموننا، رغم أننا نقوم بما فـي وسعنا لتحرير لبنان من االحتالل». وحث الوزير األميركي على أن يأخذ باالعتبار وضعنا الصعب، وأال يحمّلنا أكثر من قدرتنا. بـــعـــد االجــــتــــمــــاع، طـــلـــب الـــجـــمـــيِّـــل مـن شــولــتــز وحــبــيــب ومــنــي أن نــوافــيــه تحت شـــــجـــــرة صــــنــــوبــــر فــــــي حــــديــــقــــة الـــقـــصـــر، الحــتــســاء الــقــهــوة. بـــدا الـــوزيـــر األمـيـركـي متفائال حيال املوقف السوري بعد تلقيه دعوة لزيارة دمشق، قائال إن هناك أشياء كـثـيـرة يـرغـب األســـد فــي مناقشتها معه، والــواليــات املـتّــحـدة مستعدة للدخول في حـــوار مـعـه بـشـأن قـضـايـا إقليمية تهمّه. وهـــنـــا طـــــرح الـــرئـــيـــس ســـتـــة أســـئـــلـــة كــنــت أعــــددتُــــهــــا وقـــدّمـــتـــهـــا إلــــيــــه، وراح حـبـيـب يسجّلها: - إذا عجزنا عن التوصّل إلى اتّفاق 1 مـــع إســـرائـــيـــل بـــشـــأن االنـــســـحـــاب الــكــامــل، فأي مسار آخر يمكن للواليات املتّحدة أن تساعد فيه لبنان؟ - إذا توصّلنا إلــى اتّــفــاق، ورفضت 2 سوريا االنسحاب من لبنان، باعتبار أن االتّــــفــــاق يـعـطـي إســـرائـــيـــل مـكـتـسـبـات في لبنان، فما مصير االتّفاق؟ - إذا أدّى عقد االتّــفـاق إلـى مقاطعة 3 عربية لبضائعنا، فكيف يمكن لواشنطن أن تساعد؟ - إذا تــجــاهــلــت إســـرائـــيـــل االتّــــفــــاق 4 وانـسـحـبـت جــزئــيــا، وعـــــزّزت مـوقـعـهـا في مـنـطـقـة أمــنــيــة لـبـنـانـيـة، فـكـيـف يـمـكـن أن تساعدونا على إخراج إسرائيل منها؟ - إزاء النفوذ السوفياتي في املنطقة، 5 واملـــعـــارضـــة الــســوفــيــاتــيــة ملـــبـــادرتـــكـــم في الشرق األوسـط، هل أنتم واثقون بأن هذا النفوذ لن يُفشل جهودكم في التوصّل إلى اتّفاق؟ - في حال حدوث ما هو غير متوقّع، 6 ووقعت حرب بي سوريا وإسرائيل، كيف يمكن إذّاك حماية لبنان واللبنانيي منها، ال سيما أن رحاها ستدور على أرضنا كما هو معروف؟ ثم قلت للوزير األميركي إن اإلجابات عــــن هـــــذه األســـئـــلـــة هــــي بــأهــمــيــة االتّــــفــــاق ذاته، إن لم يكن أكثر، فوافقني على رأيي، واعتبرها مهمة وصعبة، وأشـــار إلـى أنه ســيــتــشــاور بـشـأنـهـا مـــع الــرئــيــس رايــغــن. وأضـــــاف أن الــرئــيــس األمــيــركــي وعـــد بـأن بــــ ده سـتـسـاعـد لـبـنـان عـلـى الـــخـــروج من األزمـة، وهي ستقوم بذلك، لكنها ال تملك عصا سحرية. وأقــر بـأن سوريا لن تكون سهلة، ولكن اتّفاقا جيّدًا يخرج إسرائيل مــــن لـــبـــنـــان، سـيـسـتـقـطـب الــــدعــــم الــعــربــي العام ومن ضمنه سوريا. وقال إنه يتوقّع عملية دبـلـومـاسـيـة طـويـلـة، إال أنـــه واثــق بالنتيجة، ألن البديل هو احتالل إسرائيل لعاصمة لبنان نفسها، بكل املخاطر التي تنطوي عليه. 1 فـــي الـــيـــوم الـــتـــالـــي، يــــوم األحــــد فـــي مـــايـــو (أيـــــــــار)، الـــتـــقـــت املـــجـــمـــوعـــة نـفـسـهـا تحت الصنوبرة عينها، وقــال لنا الوزير األميركي إنـه فكّر في األسئلة، واستشار رئــيــســه بـمـضـمـونـهـا، وســـيـــقـــدّم إجـــابـــات عنها. في ما خص االتّفاق، شدّد على أنه يجوز وضــع احتمال الفشل فـي التوصّل إلـــيـــه، ألن تـــداعـــيـــات الــفــشــل وخــيــمــة على لـــبـــنـــان وإســــرائــــيــــل والـــــواليـــــات املـــتّـــحـــدة، وتـــتـــراوح بــن اسـتــمــرار االحــتــ ل ووقـــوع املزيد من الحروب في املنطقة. فـــــي مـــــوضـــــوع ســــــوريــــــا، شــــــــدّد عـلـى وجوب االستحصال على قبولها باالتّفاق، «سـنـفـاوضـهـا، ولـديـنـا بـعـض الـنـفـوذ في العاصمة الـسـوريـة، أكـثـر مما هـو ظاهر. وإذا كـــان لـلـسـوفـيـات نـفـوذ فـيـهـا، فـهـو ال يُــذكـر قياسا مـع حرية الرئيس األســد في أخذ القرارات. األسد يتصرّف باستقاللية كـامـلــة. وال يــتــأثّــر ســـوى بـاملــنــاخ الـعـربـي العام. سنعمل من هذه الزاوية. سأجتمع به قريبا. وأعتقد أنني أستطيع التعامل معه. أعرف هواجسه. هو قومي، وأظن أن االتّــفـاق يخدم الغاية القومية على أفضل وجه. بالنسبة إلى املقاطعة، لكم الحق في أن تقلقوا». أشــــــار الــــوزيــــر األمـــيـــركـــي أيـــضـــا إلـــى خـــشـــيـــتـــنـــا انـــــــــــــدالع حـــــــــرب بـــــــن ســـــوريـــــا وإسرائيل في لبنان، وشاطرنا القلق من هـذا االحتمال، بنتيجة وجـود السوفيات فـــي دمـــشـــق، وتــقــديــمــهــم بــعــض األسـلـحـة املتطورة إلى الجيش السوري. وفي حالة الحرب بي إسرائيل وسوريا، من املحتمل أن يــنــجــر إلــيــهــا الــســوفــيــات، و«هذا أمر خطير ال يمكننا أن نتفرّج عليه مكتوفي األيدي». وأضــــــــاف: «ســــنــــحــــاول إقـــنـــاع (غيتي) 1999 حافظ األسد وإلى يساره عبد الحليم خدام عام تنشر «الــشــرق األوســــط» الـيـوم فـصـا جديدًا من كتاب سيصدر قريبًا لوزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم بعنوان «الفرص الضائعة - من اتّفاق جلء القوات اإلسرائيلية إلى اتّفاق الطائف»، 17 الـــذي يـــروي فـيـه تـفـاصـيـل مــا عُـــرف بـــ«اتــفــاق بني الحكومة 1983 أيار» الذي تم التوصل إليه عام اللبنانية وإســرائــيــل عـقـب االجــتــيــاح اإلسـرائـيـلـي للبنان فـي الـعـام الـسـابـق. كــان سـالـم وقتها نائبًا لـرئـيـس الـحـكـومـة وزيـــــرًا لـلـخـارجـيـة فـــي حكومة شفيق الــــوزان خــال حكم الـرئـيـس أمــ الجميّل. يصدر الكتاب عن دار «سائر املشرق» باالشتراك مع الناشر واإلعلمي أنطوان سعد. )2 ـــ 2( تنشر فصوال من كتاب «الفرص الضائعة» لوزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم لندن: «الشرق األوسط» الرئيس السوري: «اللبنانيون، إذا اتّحدوا، يستطيعون أن يخرجوا إسرائيل. النضال فقط هو ما يحرّر األمم. نحن حرّرنا سوريا من العثمانيين، ثم من الفرنسيين، ولم يكن عندنا جيش كبير. اآلن لدينا جيش قوي وبوسعنا أن نفعل أكثر» (غيتي) 1983 إيلي سالم في صورة تعود إلى عام
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==