جونية ركضت قصصها... 10 آلاف مُشارك صنعوا نهاراً استعاد فيه اللبنانيون أنفسهم

مي الخليل لـ«الشرق الأوسط»: النساء يرسمن بخطواتهن خريطة وجود لا تُنتَزع

خطى لا تنظر إلا إلى الأمام (بيروت ماراثون)
خطى لا تنظر إلا إلى الأمام (بيروت ماراثون)
TT

جونية ركضت قصصها... 10 آلاف مُشارك صنعوا نهاراً استعاد فيه اللبنانيون أنفسهم

خطى لا تنظر إلا إلى الأمام (بيروت ماراثون)
خطى لا تنظر إلا إلى الأمام (بيروت ماراثون)

اعتاد صباح مدينة جونية أن يستقبل أمواج البحر، فاستقبل يوم الأحد آلاف الخطوات التي جاءت من أنحاء لبنان، نساء، ورجالاً، وأطفالاً، ليملأوا شوارعها بحركة تُشبه إعلاناً جماعياً عن القدرة على النهوض. بدا النهار لحظة مشتركة يتقاطع فيها الجهد الفردي مع الطاقة الجماعية، لتستعيد النساء تحديداً مساحة لطالما انكمشت تحت ثقل الأزمات.

مي الخليل... امرأة تمشي وسط خطوات صنعت رؤيتها (بيروت ماراثون)

كان الركض طريقة لإعادة قراءة الذات في ذلك الصباح، ومع الزينة الميلادية التي تتدلَّى فوق الطرقات. راحت جونية تُهندس نبضها عبر وَقْع الأقدام. نساء ارتدين الزهريّ، وعدّاؤون بلباس أسود يختزل جدّيتهم، وآخرون بالأبيض لون السلام، وألوان تُشبه القصص التي يحملها كلّ شخص إلى الطريق... جميعهم صنعوا مشهداً يختلط فيه الرياضي بالإنساني. كان الركض نوعاً من الإجابة المُشتركة عن سؤال كيف نستعيد أنفسنا في بلد من دون أمان؟ هذا الاستفهام الصعب الذي لا يكفُّ اللبنانيون على التهرُّب من صياغته.

نساء يرفعن لافتة ويرفعن معها معنى القوة (بيروت ماراثون)

نحو 10 آلاف مُشارك التحقوا بـ«سباق السيدات» الذي تنظّمه جمعية «بيروت ماراثون»، في نسخة جمعت النساء، والرجال، والأولاد، من السباق الرسمي للسيدات، إلى سباق الرجال، مروراً بسباق الكيلومتر للأطفال، و«سباق المرح» المفتوح لمَن يشاء.

جونية سلَّمت نبضها لوَقْع الأقدام (بيروت ماراثون)

شكَّلت كلّ خطوة اختباراً لقدرة الروح على أن تتقدَّم رغم التعب، وتجد لنفسها مَخرجاً من حلقات الخوف، والإعياء. وفي العيون التي تُحيط بالمشهد، وفي أطفال يركضون بحماسة، إلى فرق تشجيع تُلوّح بالأصفر، والذهبي، إلى موسيقيين يعزفون على وَقْع أقدام العدّائين، كان ثمة شيء يُشبه لحظة ولادة صغيرة لكلّ روح تحاول أن تتذكر نفسها.

الصليب الأحمر يحرس الطريق ويمدّ السباق بثقله الإنساني (بيروت ماراثون)

ارتفع هدير الحشود في لحظة الانطلاق ليصبح الركض لغة بديلة حين تعجز الكلمات. نساء تقدَّمن بثقة، بعضهن رفعن أيديهن بفرح، وأخريات حملن ما مرَّ بهن، وما ينتظرنه. كلّ واحدة منهنّ أعادت كتابة حكايتها الخاصة على تلك الطرقات. فكما تقول مؤسِّسة ورئيسة جمعية «بيروت ماراثون»، مي الخليل: «ما رأيناه تجاوز الصورة الرياضية إلى لحظة استعادة للصوت، وللمساحة، وللحق بأن تكون المرأة حاضرة بقوة وكرامة في وطنها».

راحت كلماتها تعكس ما ظهر في وجوه المُشاركات. فـ«اركضي قصتكِ»، الشعار الذي شكَّل هوية الحدث، بدا أبعد من دعوة رياضية. تقول الخليل: «هذا الشعار دعوة لكلّ امرأة لأن تأتي بحقيقتها إلى الطريق، وبخوفها، وقوتها، وخساراتها، وأحلامها. النساء اليوم لا يركضن من أجل الرياضة وحدها. يركضن من أجل الأمان، والاستقلال، واستعادة القدرة على الحلم».

يحوّلون الخطوات إلى احتفال (بيروت ماراثون)

وبالفعل، تغيَّرت قصة الركض عند النساء عبر السنوات، كما تضيف: «كانت قصة تحدٍّ في البداية، ثم صارت مسألة وجود. اليوم هي قصة نجاة، وحرّية. كلّ امرأة تركض لئلا يُكسَر صوتها، وإرادتها».

خطوات تتجاوز الحدود وفرحٌ يعلو فوق كلّ تعب (بيروت ماراثون)

ترجم مشهد جونية هذه الجملة بصرياً. مجموعات نسائية ارتدت الزهريّ هتفت، وابتسمت. عدّاءات قفزن في الهواء ببهجة. صغار عبروا بين الكبار على المزاليج، فشقّوا الطريق بفضولهم، وإيقاعهم. موسيقيون وقفوا عند الزوايا يعزفون للخطوات، وفرق تشجيع رفعت الألوان الذهبية، الصليب الأحمر حضر بثقله الإنساني، ومتطوّعون وزَّعوا المياه كأنهم يُوزّعون معنى المُشاركة.

كلّ خطوة شكَّلت اختباراً لقدرة الروح على أن تتقدَّم رغم التعب (بيروت ماراثون)

وعندما تسأل «الشرق الأوسط» مي الخليل عن قدرة الرياضة على إعادة الثقة بين الإنسان وبلده، تُجيب: «ما رأيناه في جونية يُعيد تذكيرنا بلبنان الذي نعرفه. لبنان الذي ينهض من تحت الأنقاض مرّة بعد مرّة. طاقة اللبنانيين لا تموت. والرياضة تمنحنا لحظة نرى فيها الوطن كما نتمنّاه، آمناً، ومُنظّماً، ومفتوحاً للركض، والفرح».

صغار يصنعون إيقاع المدينة بضحكاتهم (بيروت ماراثون)

نُعيدها إلى التحوُّل الذي شهدته علاقة النساء بالرياضة، فتؤكد أنّ التغيير صار جذرياً: «النساء لم يعدن يركضن لأجل اللياقة فقط، فالركض أصبح مساحة للتعبير، والتمرُّد، وإعادة كتابة مكانتهن في المجتمع. اليوم تركض المرأة كي تصنع هواءها الخاص، وتتجاوز الحدود التي فُرِضت عليها، وكي تؤكد لنفسها أنّ حياتها لها، وليست لمَن يشاء أن يرسم خطوتها».

عند خطّ النهاية يضع كلّ مشارك حكايته الصغيرة في مكانها الصحيح (بيروت ماراثون)

مي الخليل، التي تخطَّت تجربة الموت عبر الركض، ترى في الحركة معنى أعمق من كونها رياضة: «الركض أعاد كتابتي. كان الجسر الذي عبرتُ عليه من الألم إلى الحياة. حين يتحرَّك الجسد، تتحرَّك معه الروح. ينكسر الخوف، والجمود، ويستعيد الإنسان قدرته على النهوض. أؤمن بأنّ الركض يشفي كلّ مَن يمنح نفسه فرصة الانطلاق نحو النور».

موسيقى تعزف للخطوات وتمنح الطريق نبضه (بيروت ماراثون)

انتهى نهار جونية بصورة تُشبه خلاصة كلّ جهد بُذل لإنجاحه. الشوارع ضجَّت بالحياة، والوجوه توهَّجت بتعب جميل، والخطوات خلَّفت وراءها شعوراً بأنّ الإنسان، مهما اشتدَّت عليه الظروف، قادر على أن يضع قدماً أمام الأخرى، ويصنع لحظة انتصار صغيرة تخصّه وحده. كان يوم الأحد طاقة مشتركة أعادت إلى اللبنانيين ثقتهم بالقدرة على الاستمرار، ولو بخطوات متواضعة، لكنها دائماً ثابتة.


مقالات ذات صلة

اكتشف سر استيقاظ لامين جمال ليلاً

رياضة عالمية نجم برشلونة لامين جمال (إ.ب.أ)

اكتشف سر استيقاظ لامين جمال ليلاً

شارك نجم برشلونة الشاب لامين جمال مع متابعيه جولة تفصيلية في منزله القديم عبر فيديو على قناته التي أنشأها حديثاً على موقع «يوتيوب».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق نموذج صيني جديد يراقب تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة (غيتي)

باحثون صينيون يبتكرون نموذجاً ثورياً لمحاكاة تلوث الهواء

نموذج «EPICC» يحسِّن محاكاة الجسيمات الدقيقة والأوزون لدعم إدارة تحديات التلوث في الصين والدول النامية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)

«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

يمتد شتاء العلا الثقافي جسراً معرفياً وإثرائياً بين تاريخ المدينة العريق ومستقبلها الواعد، حيث تفتح البلدة القديمة أبوابها سنوياً لتروي قصصها وتكشف أسرارها.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)

في 2025... نجوم السينما لا تتلألأ كما بالأمس

أصبح نوع الفيلم هو المسيطر على مستقبل الممثل، ويُحدد نجاحه أو فشله أكثر من الموهبة نفسها.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق فينس زامبيلا (إ.ب.أ)

مصرع فينس زامبيلا أحد مبتكري لعبة «كول أوف ديوتي» بحادث سيارة

قتل فينس زامبيلا، أحد مبتكري لعبة الفيديو الشهيرة «كول أوف ديوتي»، في حادث سيارة، وفق ما أفادت وسائل إعلام أميركية الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
TT

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)

يقترب عام 2025 من النهاية، ويستعد العديد من الأشخاص لدخول العام الجديد بعادات جيدة ومتينة، على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية أيضاً.

ومن أبرز العادات المرتبطة بالصحة النفسية التي ينصح الخبراء باتباعها عام 2026:

الاهتمام بالنوم

النوم الجيد هو أساس الصحة النفسية الجيدة. قد يؤثر الحرمان من النوم على المزاج والذاكرة والانتباه. في عام 2026، اجعل النوم أولوية وليس ترفاً. استهدف الحصول على 7-8 ساعات من النوم ليلاً. نم واستيقظ في نفس الوقت حتى في عطلات نهاية الأسبوع. قلل من الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة قبل النوم بساعة على الأقل، وخفف إضاءة غرفة نومك.

تقليل وقت استخدام الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي

قد يتراكم التوتر والقلق في ذهنك دون وعي، ويصبح الشك في الذات ملازماً لك مع التصفح المستمر. ورغم أن الحياة الرقمية أمر لا مفر منه، فإن التدريب على وضع حدود لاستخدام الشاشات هو السبيل الوحيد لتحقيق السكينة النفسية. حاول الابتعاد عن الشاشات لمدة ساعة أو ساعتين على الأقل خلال اليوم. من الأفضل عدم تفقد هاتفك فور استيقاظك أو قبل نومك مباشرة. ألغِ متابعة الصفحات التي تثير توترك أو تولد لديك أفكاراً خاطئة، وتجنب المحتوى الذي يجعلك تشعر بالخوف أو الترهيب. كما أن تقليل وقت استخدام الشاشات يُسهم في صفاء ذهنك.

التحدث عن مشاعرك دون الشعور بالذنب

كبت المشاعر مدمر للصحة النفسية على المدى البعيد. بحلول عام 2026، ينبغي أن يصبح من المعتاد مناقشة مشاعرك، سواء مع صديق مقرب أو شخص مختص. التعبير عن المشاعر لا يعني الضعف، بل يساعد على تخفيف التوتر وإتاحة الفرصة للآخرين للوجود معك. عندما تشعر بثقل المشاعر، بادر بالتحدث مبكراً بدلاً من الانتظار حتى تتفاقم الأمور.

تحريك جسمك يومياً

ترتبط التمارين الرياضية ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية. فهي تُحفز إفراز مواد كيميائية في الدماغ تُحسّن المزاج، ما يُساعد على تخفيف التوتر والقلق. ولا تتطلب التمارين الرياضية جهداً كبيراً، فممارسة اليوغا في المنزل أو الرقص وتمارين التمدد الخفيفة مع المشي يومياً كافية. اختر الأنشطة التي تُحبها، لأنها ستُصبح جزءاً من العناية الذاتية، لا مجرد خطوة روتينية.

اللطف مع الذات

كثير من الناس هم أشدّ منتقدي أنفسهم. الشعور بالنقد الذاتي المستمر قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والثقة بالنفس. كن رحيماً بنفسك، وأنت تستقبل عام 2026. تقبّل فكرة أنه لا بأس بأخذ فترات راحة والعمل متى شئت. استمتع بالانتصارات الصغيرة، ولا تقارن مسيرتك بمسيرة الآخرين.


«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح
TT

«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح

منحت جائزة «نوابغ العرب 2025» الدكتور المصري نبيل صيدح جائزة فئة الطب، تقديراً لإسهاماته العلمية التي أسهمت في تطوير فهم صحة القلب وآليات تنظيم الكوليسترول، وما ترتب عليها من أدوية تُستخدم اليوم على نطاق واسع لتقليل مخاطر أمراض القلب.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتور صيدح على فوزه، مؤكداً أن رسالة المنطقة في تطوير العلوم الطبية «مستمرة مع العقول العربية الفذة» الساعية إلى الابتكار من أجل الإنسان. وقال في منشور على منصة «إكس» إن الفائز، مدير وحدة أبحاث الغدد الصماء العصبية الحيوية في معهد مونتريال للأبحاث السريرية، قدّم إسهامات رائدة في فهم كيفية تعامل الجسم مع الدهون وتنظيم مستويات الكوليسترول، مشيراً إلى أنه نشر أكثر من 820 بحثاً علمياً، واستُشهد بأبحاثه أكثر من 71 ألف مرة.

وأضاف الشيخ محمد بن راشد: «الطب رسالة إنسانية، ومنطقتنا كان لها فضل كبير، على مدى قرون، في تطوير علومه وممارساته وأدواته وأبحاثه»، لافتاً إلى أن جائزة «نوابغ العرب» تعيد «البوصلة إلى مسارها الصحيح» عبر الاحتفاء بما يقدمه الإنسان العربي وإبراز نماذجه قدوة للأجيال.

الدكتور المصري نبيل صيدح

وتُعد من أبرز محطات المسيرة العلمية للدكتور صيدح مساهمته في اكتشاف إنزيم «بي سي إس كيه 9» (PCSK9)، الذي يلعب دوراً محورياً في التحكم بمستويات الكوليسترول في الدم؛ إذ بيّن هذا الاكتشاف أن زيادة نشاط الإنزيم قد تقود إلى ارتفاعات خطرة في الكوليسترول، ما شكّل نقطة تحول أسهمت في تطوير جيل جديد من العلاجات المعروفة باسم «مثبطات بي سي إس كيه 9»، التي تُستخدم على نطاق واسع لخفض الكوليسترول وتقليل مخاطر أمراض القلب.

وإلى جانب أبحاثه في صحة القلب، قدّم صيدح إسهامات علمية في فهم أمراض الكبد الدهني واضطرابات السمنة وانتشار السرطان، إضافة إلى تفسير كيفية دخول بعض الفيروسات إلى الخلايا البشرية، بما فتح مسارات جديدة أمام تطوير علاجات مبتكرة في أكثر من مجال طبي.

وفي السياق ذاته، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالدكتور صيدح أبلغه خلاله بفوزه، مشيداً بأبحاثه المتقدمة التي فتحت آفاقاً لتوظيف أحدث التقنيات والبيانات في ابتكار أدوية جديدة وعلاجات تخصصية ترتقي بمستويات الرعاية الصحية.

ويجسد مشروع «نوابغ العرب» مبادرة استراتيجية عربية أطلقها الشيخ محمد بن راشد لتكريم العقول العربية المتميزة في 6 فئات تشمل: الطب، والهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الطبيعية، والعمارة والتصميم، والاقتصاد، والأدب والفنون، بهدف استئناف مساهمة المنطقة العربية في مسار الحضارة الإنسانية.


طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
TT

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة، ورغم ظهوره القليل فإن الفنان الراحل استطاع ترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أعماله، وفق نقاد ومتابعين.

وفور إعلان خبر رحيل طارق الأمير، تصدر اسمه «الترند» على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، وتداول البعض على مواقع «سوشيالية»، لقطات فنية من أعماله، كما ربطوا بين توقيت رحيله، ودراما رحيل الفنانة نيفين مندور التي توفيت قبل أيام، خصوصاً أنهما شاركا معاً في بطولة فيلم «اللي بالي بالك»، قبل 22 عاماً، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً حينها.

وقبل أيام، تعرّض طارق الأمير لأزمة صحية مفاجئة، مكث على أثرها في أحد المستشفيات لتلقي العلاج اللازم، ولم تنجح محاولات الأطباء في علاجه.

وشيعت جنازة الفنان الراحل من أحد مساجد القاهرة، ظهر الأربعاء، وسط حضور فني وأسري بارز، لمساندة شقيقته الفنانة لمياء الأمير، كما حضر نجل خاله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، والأخير نعاه عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، وكتب: «توفي إلى رحمة الله ابن عمتي الغالي الفنان طارق الأمير»، كما نعى الأمير عدد آخر من الفنانين بحساباتهم على مواقع التواصل، من بينهم، روجينا، ونهال عنبر، ويوسف إسماعيل، بجانب نعي نقابة «المهن التمثيلية»، بمصر.

الفنان الراحل طارق الأمير (حساب الفنان أحمد سعيد عبد الغني على موقع فيسبوك)

وعن موهبة الفنان الراحل طارق الأمير، يقول الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، إن «الفنان الراحل من الألغاز التي رحلت عن عالمنا بلا إجابة»، لافتاً إلى أنه «من الفنانين المبدعين الذين تركوا بصمة مميزة في الكتابة والتمثيل في وقت قليل جداً».

وأضاف عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشاركة طارق الأمير في فيلمين من أكثر الأفلام تحقيقاً للمشاهدة، وهما «اللي بالي بالك»، و«عسل إسود»، كان من حسن حظه، رغم مرور أكثر من 20 عاماً على إنتاجهما.

محمد سعد وطارق الأمير في لقطة من فيلم «اللي بالي بالك» (يوتيوب)

وأكد عبد الرحمن أن «طارق الأمير لم يحصل على مساحته بشكل جيد، وغالباً ما يكون الأمر مرتبطاً بعدم رغبته أو قدرته على تسويق نفسه، أو انتمائه لجيل معين، وعندما تراجع هذا الجيل تراجع هو الآخر بالتبعية، ولكن في المجمل، ورغم أعماله القليلة في الكتابة والتمثيل، فإنه كان صاحب موهبة حقيقية».

في السياق، بدأ طارق الأمير مسيرته التمثيلية في تسعينات القرن الماضي، وشارك خلالها في عدد من الأعمال الفنية، وقدم أدواراً مميزة من بينها شخصية «الضابط هاني»، في فيلم «اللي بالي بالك»، مع الفنان محمد سعد، وكذلك شخصية «عبد المنصف»، في فيلم «عسل إسود»، حيث شكل مع الفنان أحمد حلمي «ديو» كوميدي لافت، بجانب مشاركته في أفلام «عوكل»، و«كتكوت»، و«صنع في مصر»، وبعيداً عن التمثيل، كتب طارق الأمير السيناريو لعدد من الأفلام السينمائية، مثل «مطب صناعي»، و«كتكوت»، و«الحب كدة»، وغيرها.