تطوير أول حاسوب إلكتروني خالٍ من السيليكون

رسم توضيحي لجهاز كمبيوتر يعتمد على جزيئات ثنائية الأبعاد (جامعة ولاية بنسلفانيا)
رسم توضيحي لجهاز كمبيوتر يعتمد على جزيئات ثنائية الأبعاد (جامعة ولاية بنسلفانيا)
TT

تطوير أول حاسوب إلكتروني خالٍ من السيليكون

رسم توضيحي لجهاز كمبيوتر يعتمد على جزيئات ثنائية الأبعاد (جامعة ولاية بنسلفانيا)
رسم توضيحي لجهاز كمبيوتر يعتمد على جزيئات ثنائية الأبعاد (جامعة ولاية بنسلفانيا)

طوَّر باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، حاسوباً إلكترونياً خالياً من السيليكون، الذي يعدّ عنصراً رئيسياً في أشباه الموصلات، ومكوناً مهماً في الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والمركبات الكهربائية وغيرها.

ففي سابقة عالمية، استخدم الباحثون مواد ثنائية الأبعاد بسُمك ذرة واحدة فقط، لتطوير حاسوب قادر على إجراء عمليات بسيطة، إذ تحتفظ هذه المواد بخصائصها على مستوى هذا النطاق المحدود، على عكس ذرات السيليكون.

وأكد الباحثون أن هذا التطوير، الذي نُشر، الأربعاء، في دورية «نيتشر»، يُمثّل قفزة نوعية نحو الوصول إلى إلكترونيات أرق وأسرع وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة.

وكان الباحثون قد ابتكروا حاسوباً من أشباه الموصلات المعدنية الأكسيدية التكميلية (CMOS)، وهي تقنية تستخدم في إنتاج الدوائر المتكاملة (ICs)، وتُشكّل جوهر كل جهاز إلكتروني حديث تقريباً، دون الاعتماد على السيليكون.

واستخدم باحثو الدراسة مادتين مختلفتين ثنائيتي الأبعاد، بدلاً من السيليكون، لتطوير نوعين من الترانزستورات اللازمين للتحكم في تدفق التيار الكهربائي في أجهزة كمبيوتر «CMOS».

وكما صرح سابتارشي داس، أستاذ علوم الهندسة والميكانيكا بجامعة ولاية بنسلفانيا، الذي قاد البحث: «قاد السيليكون تطورات ملحوظة في مجال الإلكترونيات لعقود من خلال تمكين التصغير المستمر لترانزستورات (FETs)».

وأوضح في بيان، الأربعاء: «تتحكم ترانزستورات (FETs) في تدفق التيار باستخدام مجال كهربائي، ومع ذلك، مع انكماش أجهزة السيليكون، يبدأ أداؤها في التدهور. في المقابل، تُحافظ المواد ثنائية الأبعاد على خصائصها الإلكترونية الاستثنائية عند مستوى السُمك الذري، ما يوفر مساراً واعداً للمُضي قدماً في مجال الإلكترونيات الحديثة».

وأضاف داس أن تقنية «CMOS» تتطلب عمل أشباه موصلات تهدف إلى تحقيق أداء عالٍ مع استهلاك منخفض للطاقة، وهو تحدٍّ رئيسي أعاق الجهود المبذولة لتجاوز السيليكون.

وعلى الرغم من أن دراسات سابقة أظهرت دوائر صغيرة مبنية على مواد ثنائية الأبعاد، فإن التوسع من أجل إنتاج حواسيب معقدة وفعّالة ظلّ بعيد المنال.

وقال داس: «أظهرنا، ولأول مرة، حاسوباً (CMOS) مبنياً بالكامل من مواد ثنائية الأبعاد مشيدة على مساحات كبيرة».

واستخدم الفريق البحثي إحدى طرق الترسيب الكيميائي لتصنيع أكثر من 1000 ترانزستور من كل نوع. ومن خلال الضبط الدقيق لخطوات تصنيع الجهاز وما بعد المعالجة، تمكنوا من ضبط جهد البداية للترانزستورات، ما أتاح بناء دوائر منطقية «CMOS» تعمل بكامل طاقتها.

وقال الباحث الرئيسي، سوبير غوش، وهو طالب دكتوراه في علوم الهندسة والميكانيكا يعمل تحت إشراف داس: «يعمل حاسوبنا بجهد منخفض مع استهلاك ضئيل للطاقة، ويمكنه إجراء عمليات منطقية بسيطة بترددات تصل إلى 25 كيلوهرتز».

وأضاف: «لقد طورنا أيضاً نموذجاً حسابياً مُعايراً باستخدام بيانات تجريبية، مع مراعاة الاختلافات بين الأجهزة، لتوقع أداء حاسوب (CMOS) الخاص بنا، ومقارنته بأحدث تقنيات السيليكون».

وتابع: «على الرغم من أنه لا يزال هناك مجال لمزيد من التحسين، فإن هذا العمل يُمثل إنجازاً مهماً في تسخير المواد ثنائية الأبعاد لتطوير مجال الإلكترونيات»، الأمر الذي عدّه قفزة للأمام مقارنةً بمسار السيليكون.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز (أ.ب)

«ملك الخوارزميات»... روبوت «فنانة» ترسم صورة زيتية لتشارلز

تُقدم لوحةٌ جديدة بعنوان «ملك الخوارزميات» لمحةً عن كيفية رسم أفراد العائلة المالكة بعد أن رسمتها «فنانة روبوت» تُدعى إيه آي- دا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب الذكاء الاصطناعي يقلب المقاييس

هل بات الكاتب مجرد «مفبرك بيانات»؟

كتب بعشرات الآلاف، باتت في متناول القراء، هي كلياً من إنتاج الذكاء الاصطناعي. عدد كبير آخر هجين، كتب بتعاون بشري وآلي، وما تبقى لا يزال بشرياً.

سوسن الأبطح (بيروت)
تكنولوجيا يمكن للمساعدين الصوتيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي فهم أوامر السائق والركاب والاستجابة لها (رويترز)

هل دخل الذكاء الاصطناعي عالم السيارات الحديثة؟ وكيف يعمل في ذلك؟

في عصرٍ يُفضّل فيه الناس الأدوات الإلكترونية الذكية يبدو التحوّل نحو المركبات الذكية أمراً حتمياً وبفضل الذكاء الاصطناعي شهدت صناعة السيارات تحوّلاً جذرياً.

«الشرق الأوسط» ( بيروت)
تكنولوجيا يقول الخبراء إنه في المستقبل القريب سيصبح الذكاء الاصطناعي قوة تحويلية تُعيد تشكيل استراتيجيات الأعمال (رويترز)

كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في إدارة الأعمال؟

يشهد عالم الأعمال ثورة تكنولوجية عالمية جديدة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

إبراهيم محمود (القاهرة)

اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا

فريق من علماء الآثار يبحرون في بحيرة أوهريد بقرية لين الألبانية (رويترز)
فريق من علماء الآثار يبحرون في بحيرة أوهريد بقرية لين الألبانية (رويترز)
TT

اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا

فريق من علماء الآثار يبحرون في بحيرة أوهريد بقرية لين الألبانية (رويترز)
فريق من علماء الآثار يبحرون في بحيرة أوهريد بقرية لين الألبانية (رويترز)

أعلن علماء آثار أنهم اكتشفوا أقدم مستوطنة بشرية بُنيت على بحيرة أوروبية خلال عملهم على شواطئ بحيرة أوهريد في ألبانيا، حيث عثروا على دليل يشير إلى وجود مجتمع منظم للصيد والزراعة عاش قبل 8 آلاف عام.

ويقضي الفريق، المؤلف من علماء سويسريين وألبان، ساعات كل يوم على عمق 3 أمتار تقريباً تحت الماء، في محاولة حثيثة لانتشال أعمدة خشبية كانت تدعم المنازل.

ويجمعون أيضاً عظام حيوانات أليفة وبرية، وقطعاً نحاسية، وخزفاً يتميز بنقوش دقيقة.

وقال ألبرت هافنر، من جامعة برن، إن العلماء عثروا على مستوطنة مماثلة في منطقة جبال الألب وحوض البحر المتوسط، ولكن المجتمعات السكنية في قرية لين أقدم بنحو 500 عام، فتاريخها يعود إلى ما بين 6 آلاف و8 آلاف عام.

وأوضح هافنر: «نظراً لوجودها تحت الماء، فإن المواد العضوية محفوظة جيداً، وهذا يتيح لنا معرفة ما كان يأكله ويزرعه هؤلاء الأشخاص».

لطقة جوية تُظهر علماء آثار في بحيرة أوهريد في قرية لين بألبانيا (رويترز)

وتشير دراسات متعددة إلى أن بحيرة أوهريد، المشتركة بين مقدونيا الشمالية وألبانيا، هي أقدم بحيرة في أوروبا، إذ يبلغ عمرها أكثر من مليون عام.

وُيعتَقد أن مساحتها تقارب 6 هكتارات، ولكن حتى الآن، تسنى التنقيب عن نحو 1 في المائة فقط منها بعد العمل لـ6 سنوات.

وقال هافنر: «كانوا يمارسون الصيد وجمع الأشياء، لكن الزراعة كانت مصدر الغذاء الأساسي».

وأفاد عالم الآثار الألباني، أدريان أناستاسي، بأن الأمر قد يستغرق عقوداً لاستكشاف المنطقة بأكملها.

وأضاف: «من خلال طريقة معيشتهم وتناولهم الطعام والصيد، وصيد الأسماك، والطريقة التي استخدموا بها الهندسة المعمارية لبناء مستوطناتهم، يمكننا القول إنهم كانوا أذكياء للغاية آنذاك».