«ما الشيء الموجود في السماء وغير موجود في الماء؟»... سؤال ترفيهي تطرحه مذيعة الشارع المصرية، يارا محمد، على المارة، عبر برنامجها «حكاوي الشارع»، بينما يقوم مُقدم برنامج «في الشارع»، أحمد قطب، باستطلاع ساخر حول أمور تخص العلاقات بين الذكور والإناث، أما مذيع الشارع، أحمد رأفت، فيطرح أسئلته على البسطاء، مع منحهم جوائز مالية جبراً للخواطر.
هذه نماذج لبرامج ترفيه مصرية تنطلق عبر منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت تحظى بمشاهدات عالية، تتجاوز ملايين المشاهدات، ويحظى مقدموها بمتابعة من آلاف المستخدمين.
مؤخراً، لم تعد الفضائيات هي المصدر الوحيد للترفيه، إذ أصبحت منصات مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك»، ساحة خصبة للمبدعين وصناع المحتوى المغمورين، الذين تمكنوا من الوصول لجمهور واسع، وتقديم محتوى متنوع يناسب مختلف الأذواق وبإمكانات بسيطة.
@ahmedibrahimkotb0 احنا بنشتري راجل #مذيع_التيك_توك #احمد_قطب #women #drama
ومع حلول شهر رمضان، ازدحمت المنصات ببرامج أخرى من نوعية «المقالب»، وأخرى تختص بـ«المسابقات الترفيهية»، التي تطرح على الجمهور أسئلة متنوعة المضمون وتوزيع جوائز، مع التفاعل المباشر مع المشاهدين، على غرار «تابعونا في لايف عقب الإفطار لتوزيع الجوائز».
ولم يقتصر المحتوى المرئي الترفيهي على الشارع القاهري، بل وصل إلى المحافظات، منها إحدى المسابقات التي تجرى بين أبناء صعيد مصر بعنوان «تحدي البيض»، ويحصل الفائز على «دجاجة» حيّة.
@koki.simpson #everyone #everykiss #everyday #everything #egypt #مصر #الصعيد #تحديات #ضحك #explore #فرخة #مسابقة #بيض #تحدي #رمضان_يجمعنا #رمضان_كريم #ramadan
كذلك تتوسع تلك البرامج لتقدم محتوى ثقافياً وتعليمياً وتسويقياً، في إطار جذاب.
@khaled.za3za3 شروط المسابقة الرمضانية ️ اعمل خير اعمل شير ❤️ اعمل متابعة وجاوب صح تكسب فلوس تكسب الجائزة ، home delivery وهتدخل سحب وهتكسب جايزة الجائزة الأولي ٣٠٠ جنية الجائزة التانية ٢٠٠ جنية #إتعلم_أسهل مع خالد زعزع ️❤️
مع ما تتسم به هذه البرامج والمسابقات من أسلوب عفوي، والتفاعل مع الأحداث، واستخدام المؤثرات البصرية والصوتية البسيطة لجذب الانتباه، تشير الدكتورة سهير عثمان، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، إلى أن «منصات التواصل الاجتماعي باتت منافساً قوياً يجذب ملايين المشاهدين، ولم تعد الفضائيات هي الوجهة الوحيدة للترفيه في مصر»، لافتة إلى أن «هناك أسباباً عديدة أدت إلى هذا التحول، أهمها أن مواقع التواصل الاجتماعي تمتلك قاعدة مستخدمين ضخمة للغاية، مما يسهل الوصول إلى الجمهور بشكل سريع ومباشر، فضلاً عن ميل الجمهور للمحتوى الخفيف».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لا ننسى أيضاً أن الترفيه جزء أصيل من الثقافة المصرية، وهذا ما يفسر الإقبال الكبير على المحتوى الترفيهي على المنصات الاجتماعية، والذي يتسم بتنوع كبير لتلبية جميع الرغبات، إلى جانب ما يتميز به هذا المحتوى من التفاعل المباشر مع صّناعه؛ مما يجذب الجمهور إليه».

بدوره، قال معتز نادي، الصحافي والمدرب المصري المتخصص في الإعلام الرقمي لـ«الشرق الأوسط» إن «خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي تفضل انتشار المحتوى الترفيهي، لضمان قضاء أكبر قدر من الساعات عبر شاشة الهاتف أو الكمبيوتر، ليظل المستخدم في دائرتها التي لا تنتهي من منشورات وصور وفيديو، وتنافس على تقديم المحتوى المرئي بكل أنواعه، وبالتالي تصبح هذه المنصات وجهة مضمونة لمن يريد تسويق بضاعته سواء بمشاهدات أو إعجابات أو متابعين».
ويستطرد: «أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أيضاً ساحة لا غنى عنها في عالم المسابقات، التي نجدها على (تيك توك) بتحدياته، أو بإنتاج برامجي يعتمد على أسئلة مبسطة للرد عليها، بهدف إسعاد أصحاب الإجابة، مع الحديث عن حياتهم والمحطات المثيرة للشجون فتبقى حكاياتهم متداولة عبر المنصات».
@marwa.samy894 مسابقة رمضان السحب يوميا في لايف ١٠:٣٠ مساءا #skincare #fyp #fouryou #Ramadan2025 @Marwa Samy
وعن منافسة تلك البرامج للفضائيات، تعود أستاذة الإعلام للحديث، قائلة: «لا شك أن هذه النوعية من البرامج والمسابقات سحبت البساط من الفضائيات التقليدية، التي باتت تعاني من انخفاض ملحوظ في نسب المشاهدة؛ مما أثَّر سلباً على إيراداتها نتيجة لتراجع الإعلانات، وفي الوقت نفسه اتجه المعلنون بشكل متزايد إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها تجذب جمهوراً أوسع، وهذا التحول أدى إلى تقليل تأثير الفضائيات بشكل كبير».

وأمام ذلك، ترى أن الإعلاميين التقليديين بالتبعية فقدوا جزءاً كبيراً من مصداقيتهم لدى الجمهور، وتوضح قائلة: «الجمهور استوعب أن الإعلاميين المعروفين يقدمون أفكارا نمطية، حتى في برامج الترفيه، إلى جانب المعالجة التقليدية؛ مما كان سبباً رئيساً في اتجاه الجمهور نحو الأشخاص المغمورين ومذيعي الشارع». وتؤكد سهير أن «مذيعي الشارع يتمتعون بقبول كبير لدى الجمهور، وذلك لقدرتهم على الحوار، والتعبير عن المشاعر بشكل طبيعي وصادق، وهو ما نراه في المضامين الإنسانية».
@moze3alshar3 تخيلوا مش بيروح بيته ليه؟ #أحمد_رافت #مذيع_الشارع #جبر_الخواطر
بينما يشير «نادي» إلى أن هذا التحول الرقمي في مصر قد يفتح الباب حول الاتجاه إلى المنصات سواء المدفوعة أو وسائل التواصل الاجتماعي، لإنتاج محتوى يناسب هذا التطور، كما هو الحال في عالم الأفلام والمسلسلات، التي انتقلت من السينما وشاشات قنوات التلفزيون لتصبح موجودة حصرياً على منصات يمكن قياس التفاعل معها.
ويختتم: «برأيي أن هذا التحول في التعاطي مع هذا المشهد الرقمي مقارنة بالوسائل التقليدية هو تعبير عن سمة العصر وأدواته، التي تقتضي وجود مثل هذا المحتوى، لكن بشرط تقديمه بصورة مهنية تنال الاستحسان، ولا تستهدف فقط تصدر (الترند)».


