ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)
لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)
TT

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)
لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

تشير أرقام شركة «ستاتيستا» العالمية للإحصاءات، إلى أن مليارَين ومائتَين وخمسين مليون فنجان من القهوة يجري استهلاكها يومياً حول العالم.

مهما تضاربت الآراء العلمية واختلفت النظريات حول مساوئها ومنافعها، تبقى القهوة المشروب الذي يجمع البشر على اختلاف انتماءاتهم؛ من الأكثر فقراً إلى الأكثر ثراءً، صغاراً وكباراً، علماء وشعراء. فحتّى محمود درويش ونزار قباني نظما شعراً في حُب القهوة، واستَلهما من لهيب فنجانها والرائحة الطالعة منه.

يُستهلك ملياران و250 مليون فنجان قهوة حول العالم يومياً (رويترز)

فن تلحين القهوة

لكن ليس درويش وقبّاني وحدهما من بين المشاهير مَن غرقا في عشق القهوة؛ إذ إن حكاية الحب هذه تمتدّ إلى عقودٍ وقرون. فعبقري الموسيقى الكلاسيكية يوهان سيباستيان باخ (1685– 1750) على سبيل المثال؛ بلغ هوسُه بالقهوة حدّ أنه ألّف مقطوعة كاملة على شرفها بعنوان «The Coffee Cantata»، وهي تسرد في إطار كوميدي ساخر حكاية فتاة تحاول التخلّص من إدمانها على القهوة. واللافت أن العرض الأول للعمل الموسيقي جرى في مقهى باخ المفضّل في مدينة لايبزيغ الألمانية.

كان باخ يتناول 30 فنجاناً من القهوة يومياً، إلا أن هذا العدد الكبير لم يتمكّن من تحطيم أرقامٍ قياسية أخرى سُجّلت بأسماء عباقرة آخرين. فقد عُرف عن الكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير (1694– 1778) استهلاكُه 40 فنجاناً من القهوة في اليوم الواحد. كان يمزجها مع مسحوق الشوكولا، ويردّد أنّ مشروبه المفضّل هو مُلهم أفكاره التي خلّدها التاريخ.

رسم متداول على وسائل التواصل الاجتماعي للمفكّر الفرنسي فولتير حاملاً فنجان قهوة

بالزاك والقهوة القاتلة

يبقى الرقم القياسي لتناول القهوة عبر التاريخ مسجّلاً باسم الكاتب الفرنسي هونوري ده بالزاك (1799 – 1850)، والذي كان يحتسي 50 فنجاناً منها يومياً. كتب عنها قائلاً: «ما إن تقع القهوة في المعدة حتى يتحرّك كل شيء. تهتزّ الأفكار كما لو أنها أقوى كتيبة في أكبر جيش على أرض المعركة».

لجأ بالزاك إلى القهوة ليتحمّل نظام العمل الصارم الذي كان يفرضه على نفسه، وليبقى يقظاً خلال ساعات الكتابة الطويلة ليل نهار. لكنّ هذا الإدمان دفع ثمنه الكاتب في عمر الـ51. فوفق الأطباء الذين واكبوا معاناة ما قبل وفاته، تعرّض جسده لتغيّرات تدريجية وعميقة بالتزامن مع استهلاكه المتزايد للقهوة، ما أدّى إلى إصابته بقصورٍ في القلب والكِلى سببه الكميات الكبيرة من مادة الكافيين.

رسمٌ يجسِّد هونوري ده بالزاك بين مؤلفاته وفنجان قهوته (فيسبوك)

60 حبة بنّ

من بين عباقرة الفن كذلك، كان يحرص المؤلف الموسيقي لودفيغ فان بيتهوفن (1770– 1827) على تحضير قهوته بنفسه. اعتاد أن يطحن كل صباح 60 حبة من البنّ في طقسٍ يومي رافقه حتى أيامه الأخيرة. لم تنقص الحبّات ولم تزِد واحدة، ولم يتبدّل حب بيتهوفن للقهوة.

شكَّلت القهوة طقساً يومياً خاصاً بالنسبة إلى بيتهوفن (الموقع الرسمي للمؤلف الموسيقي)

نابوليون... قهوة حتى الموت

من الفنانين إلى السياسيين الذين لم ينجوا هم كذلك من سحر القهوة. فمثلهم مثل الموسيقيين والكتّاب، لجأوا إليها في معاركهم ومفاوضاتهم، لِما تمنحه من تركيزٍ وانتباه، ولِما تحفّزه من أفكار.

أحبّ الإمبراطور الفرنسي نابوليون بونابارت (1769– 1821) القهوة؛ لأنها تعطيه الفرح، وفق ما كرّر دائماً. كان يتناولها في كل الأوقات، لا سيما خلال المعارك، بما أنها كانت ترفع من معنوياته وتضاعف تركيزه وتبثّ الطاقة في جسده.

حتى على سرير الموت، بقيت علاقة نابوليون بالقهوة وثيقة، وكان يطلبها عشرين مرة في اليوم، ولا يوافق الطبيب سوى على إعطائه القليل منها. وعندما توفّي بسبب سرطان المعدة، أظهر التشريح آثار بن في أمعائه.

لوحة تجسّد نابوليون بونابارت خارجاً من قبره (رويترز)

فنجان أم حوض استحمام؟

كان الرئيس الأميركي الـ26 ثيودور روزفلت (1858– 1919) طفلاً عندما بدأ يشرب القهوة، لأسبابٍ صحية. فقد كان يعاني من الربو، واعتبر والداه أنها قد تقوّي قلبه في مواجهة المرض المزمن. مع مرور السنوات، تضاعف حب روزفلت للقهوة، فتحوّلت من علاجٍ إلى أسلوب حياة. أورثَ أولاده عادة شرب القهوة منذ الصغر، وقد افتتحوا لاحقاً سلسلة مقاهٍ تأثّراً بشغف والدهم. ولطالما تذكّر ابنُه «الفنجان العملاق» الذي كان يشرب الرئيس قهوته منه، مشبّها إياه بحوض الاستحمام.

الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت مع زوجته وأولاده الستة (موقع البيت الأبيض)

إدمان لطيف

تضفي القهوة عنصراً إنسانياً إلى مَن يحتسيها، لذلك غالباً ما يتعمّد نجوم هوليوود أن يظهروا في الصور وهم خارجون من أحد المقاهي، أو سائرين في الشارع حاملين كوباً منها. يفعلون كما يفعل عامّة الناس، ما يقرّبهم من الجمهور. ثم إن إدمان القهوة لطيف ولا يُنظر إليه بشكلٍ سلبيّ، كما يُنظر إلى موادّ أخرى قد يدمنها المشاهير.

لذلك، فإنّ أرشيف الممثلين والمغنّين مليء بالصور التي يرافقهم فيها كوب القهوة أو فنجانها؛ من بن أفليك، إلى براد بيت، وجنيفر لوبيز، وكثيرين غيرهم.

غالباً ما يظهر نجوم هوليوود في الصور وفي يدهم كوب من القهوة

بريتني و«غالونات» القهوة

وفق موقع «TMZ» الأميركي المتخصص في أخبار المشاهير، فإن بريتني سبيرز لا تكتفي بأكوابٍ من القهوة ومشروبات الطاقة التي تحتوي مادة الكافيين؛ بل هي تتناولها بالـ«غالونات». يحدث أن تبقى المغنية الأميركية مستيقظة خلال 3 أيام متتالية، لفرط استهلاكها للكافيين. تحب بريتني سبيرز القهوة إلى درجة أنها أضافت رائحتها إلى مجموعة العطور الخاصة بها.

تشرب المغنية الأميركية بريتني سبيرز القهوة بالـ«غالونات» (إكس)

صوفيا والقهوة الكولومبية

مثل بريتني سبيرز، جمع المخرج السينمائي ديفيد لينش ما بين شغفه بالقهوة والعمل، فقد أطلق علامته التجارية الخاصة بالقهوة. ولينش الذي عُرف عنه تناولُه 20 كوباً من القهوة في اليوم الواحد، بدأ استهلاكها في سن الثالثة.

طفلة كذلك، بدأت الممثلة صوفيا فيرغارا في تناول القهوة، فقد نشأت وسط عائلة كولومبية، وكان بديهياً جداً أن تنتقل من شرب الحليب مباشرة إلى شرب القهوة. فمنذ السابعة من عمرها أحبّت صوفيا فيرغارا القهوة سوداء حادّة وخالية من السكّر. تشرب أكواباً عدة منها خلال النهار، ولا تتوقف إلا قبل ساعاتٍ من النوم تفادياً للأرق.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القهوة غنية بمضادات الأكسدة (أ.ف.ب)

فوائد تناول البروتين مع القهوة في الصباح

يمكن للقهوة والبروتين تعزيز صحتك بطرق متنوعة، فالقهوة غنية بمضادات الأكسدة ويمكن أن تساعد في مقاومة الإجهاد التأكسدي، الذي يرتبط بالإصابة بالأمراض المزمنة.

صحتك لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

يرصد التقرير كيف يؤثر الكافيين علينا ويسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)
صحتك توصي الإرشادات الدولية النساء الحوامل بالحد من كمية القهوة التي يقمن بتناولها (أ.ب)

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة في إصابة أطفالهن بفرط الحركة؟

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة -حقّاً- في إصابة الأطفال ببعض الاضطرابات العصبية، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».