الحالة «السويفتيّة»... صوتٌ وازن في الانتخابات الأميركية؟

القاعدة الشعبية للمغنية تايلور سويفت قد تلعب دوراً مرجّحاً في المنافسة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترمب
القاعدة الشعبية للمغنية تايلور سويفت قد تلعب دوراً مرجّحاً في المنافسة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترمب
TT

الحالة «السويفتيّة»... صوتٌ وازن في الانتخابات الأميركية؟

القاعدة الشعبية للمغنية تايلور سويفت قد تلعب دوراً مرجّحاً في المنافسة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترمب
القاعدة الشعبية للمغنية تايلور سويفت قد تلعب دوراً مرجّحاً في المنافسة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترمب

رغم أنه جاء متأخراً بعض الشيء، فإنّ إعلان تايلور سويفت دعمها ترشيح كامالا هاريس إلى الرئاسة الأميركية لم يكن مفاجئاً. فالمغنية الأشهر حول العالم، معروفة بمواقفها الداعمة للحزب الديمقراطي منذ عام 2016.

ما إن شاركت سويفت متابعيها على «إنستغرام» المنشور الذي أعلنت من خلاله تبنّيها لهاريس، حتى اشتعل موقع «vote.org» المُخصّص للتسجيل في الانتخابات الأميركية. ففي وقتٍ لم يكن عدد زوّاره يتخطّى الـ30 ألفاً في اليوم الواحد، شهد الموقع دخول 400 ألف شخص خلال 24 ساعة، وذلك عبر الرابط الذي شاركته سويفت بواسطة خاصية «ستوري».

في زمن سطوة وسائل التواصل الاجتماعي، تضاعف الاهتمام بمواقف الفنانين من المرشّحين إلى الرئاسة الأميركية. قد يذهب البعض إلى حدّ الظنّ أنّ آراء المشاهير تلعب دوراً محورياً في هذا الاستحقاق السياسي، في المقابل تشير غالبية الدراسات إلى أن الأمر لا يتعدّى كونه عنصراً حماسياً من شبه المستحيل قياس فاعليته على أرض الواقع.

لكنّ مقاييس تايلور سويفت تختلف عن مقاييس سواها من فنانين، فضخامة شهرتها وشعبيّتها تُميّزها عن زملائها. صحيح أنّ إحصاء شبكة «إيه بي سي» بالتعاون مع «إيبسوس» أظهر أن 6 في المائة فقط قد ينتخبون هاريس انطلاقاً من تأثّرهم بموقف سويفت، إلّا أن «خطر» النجمة الشقراء لا يزال وازناً.

مصدر الإحصاء: شبكة «ABC» الأميركية وشركة «إيبسوس»

تحذّر مديرة التواصل في حملة الحزب الجمهوري في ولاية بنسلفانيا، من أن «سويفت تستطيع، وبواسطة منشور واحد على السوشيال ميديا، أن تحرّك عدداً أكبر من الناخبين ممّا تستطيع أن تفعل حملةٌ رئاسيّة برُمّتها». وفي حديثٍ مع مجلة «فوربس»، نبّهت المستخفّين بتأثير سويفت من أنهم يعرّضون نجاحهم للخطر.

فما الذي يجعل من الحالة «السويفتيّة» صوتاً وازناً في الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

شعبيّتها في الذروة

وُلدت تايلور سويفت في ولاية بنسلفانيا، حيث أمضت سنواتها الأولى قبل الانتقال مراهِقةً إلى تينيسي. وفي الاستحقاق الرئاسي الأميركي الحالي، تُعدّ بنسلفانيا من الولايات المرجِّحة. بالتالي، فإنّ جذور سويفت قد تلعب دوراً حاسماً في هذا الإطار.

تتحدّر عائلة سويفت من بنسلفانيا التي تُعدّ ولاية مرجّحة في الانتخابات الرئاسية (إكس)

أبعد من الجغرافيا والديموغرافيا، فإنّ جماهيريّة سويفت عابرة للولايات، وازدادت بشكلٍ مطّرد منذ عام 2016، أي منذ بدأت تنخرط في السياسة بعد سنواتٍ امتنعت خلالها عن ذلك. بلغت هذه الشعبية ذروتها العام الماضي مع النجاح الخياليّ الذي حققته جولتها الموسيقية «Eras Tour»، التي أحدثت انتعاشاً اقتصادياً هائلاً في المدن حيث حلّت. كما أن سويفت راكمت نسبة مبيعاتٍ للألبومات الموسيقية حطّمت الأرقام القياسية.

نتيجةً لذلك، لا يمكن مقارنة القاعدة الشعبية الحالية لسويفت بما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2020، عندما أعلنت دعمها لجو بايدن ونائبته هاريس. فهي اليوم من بين أكثر الشخصيات تأثيراً حول العالم، ويتركّز الجزء الأكبر من تأثيرها هذا على الناخبين الشباب.

غالبية محبّي سويفت من جيلَي الألفية... «Millenials» و«Gen Z» (أ.ب)

استقطاب صغار السن و«النيام»

تتراوح أعمار الشريحة الكبرى من جمهور سويفت، بين الـ12 والـ35 عاماً. كما في الأغاني كذلك في السياسة، فإنّ مَن يصغون إليها ينتمون إلى الجيل الشاب. ووفق الدراسات فإنّ الناخبين الشباب هم الأكثر تردّداً، وغالباً ما يمتنعون عن التصويت.

تفيد دراسة حديثة أعدّها الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية ريتشارد لونغوريا ونشرَتها صحيفة «الغارديان»، بأنّ 19 في المائة من الشباب يتأثرون بمواقف المشاهير الانتخابية، مقابل 11 في المائة ممّن هم أكبر سناً. هذا يعني أن محبّي سويفت قد يحرّكون صناديق الاقتراع لصالح هاريس.

إضافةً إلى فئة صغار السن، تلعب الفنانة الثلاثينية دوراً أساسياً في إيقاظ الناخبين «النيام»، أي الأشخاص غير المعنيين بالسياسة، إضافةً إلى أولئك المتردّدين. يكفي أن يثق الناخب بشخصِ مَن يشجّعه على الإدلاء بصوته، حتى يتشجّع على ممارسة حقّه في الاقتراع.

سويفت مع إحدى معجباتها خلال جولتها التاريخية «Eras Tour» (إنستغرام)

قضايا تُحاكي الشباب

عام 2020 غنّت تايلور سويفت «Only the Young (وحدَهم الشباب)» منتقدةً ثقافة العنف السائدة في الولايات المتحدة وسياسة دونالد ترمب. توجّهت إلى جمهورها اليافع قائلةً: «لا تقولوا إنكم متعبون من القتال. إنها فقط قصة وقت. وها قد اقترب خط النهاية. فاركضوا، واركضوا، واركضوا».

لكن ليس بالغناء وحده تُحاكي سويفت الجيل الشاب، فهي تتبنّى قضايا تعنيهم وتدافع عنها بشراسة، سواء أكان من خلال مواقفها العلنية أم عبر أعمالها الفنية. فسويفت الليبرالية والقريبة جداً من الخط الديمقراطي، تحمل لواء العدالة الجندريّة، وحقوق المثليين، وضبط التسلّح الفردي. وهي غالباً ما تنتقد العنصريّة، وتفوّق العِرق الأبيض، والعنف البوليسي، وغيرها من القضايا التي تتّهم ترمب بتبنّيها.

«سويفتيّون من أجل كامالا»

خلف تايلور سويفت يقف جيشٌ من المعجبين المعروفين بالـ«Swifties (السويفتيّون)». انبثق من هؤلاء أخيراً حساب دعمٍ لهاريس، يتولّى جمع التبرّعات لحملتها الانتخابية. أطلقوا على أنفسهم «Swifties for Kamala (سويفتيّون من أجل كامالا)»، وهم جمعوا حتى الساعة نحو 200 ألف دولار، ونجحوا في إقناع قرابة 100 ألف شخص في التسجيل للاقتراع.

يشكّل «السويفتيون» عموماً صوتاً وازناً، مع العلم بأنّ مُلهمتَهم تقف على الحياد في حملتهم تلك، وهي لم تتبنّها بشكلٍ علنيّ.

ترمب يكره تايلور

ترفع الحرب المستعرة بين دونالد ترمب وتايلور سويفت على منصات التواصل الاجتماعي، منسوب الإثارة والفضول حول موقف الفنانة من الانتخابات ومرشّحَيها الأساسيَّين. ويبدو أن ترمب جنى على نفسه عندما أعاد نشر صورة مزيّفة لسويفت تدعو فيها الناخبين إلى التصويت له. فانتشار الصورة المركّبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، هو الذي دفع بسويفت إلى إعلان دعمها ترشيح هاريس قبل أيام.

صورة مركّبة بواسطة الذكاء الاصطناعي تدعو فيها سويفت لانتخاب ترمب (تروث)

لكنّ ترمب لم يرتدع، فعاد وكتب بالأحرف الكبيرة على منصة التواصل الاجتماعي «تروث»: «أنا أكره تايلور سويفت»، مثيراً بذلك غضب عشرات الملايين من معجبيها.

ترمب يشعل الحرب الافتراضية مع سويفت (تروث)

على مسافة أقلّ من شهرَين عن الانتخابات الأميركية، من المتوقّع أن تُخرج سويفت من جعبتها مزيداً من المواقف الداعمة لهاريس والمناوئة لترمب. لم تقل محبوبة الجماهير كلمتها الأخيرة.

قد لا تُحدث كلمة سويفت تلك فارقاً كبيراً في النتائج، إلّا أنها ربما تجعل الدفّة تميل لصالح هاريس على غرار ما حصل عام 2008، عندما أفرز دعم الإعلامية أوبرا وينفري لباراك أوباما مليون صوت إضافي للرئيس الأميركي الأسبق.


مقالات ذات صلة

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

منع المدعية ويليس من مقاضاة ترمب في قضية التدخل بنتائج الانتخابات في جورجيا

قضت محكمة استئناف في جورجيا، الخميس، بمنع المدعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، من مقاضاة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والعديد من حلفائه.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا)
المشرق العربي تصاعد الدخان عقب انفجار في قطاع غزة كما شوهد من جنوب إسرائيل (أ.ب)

بلينكن «متفائل» بإمكان التوصل لهدنة في غزة قبل انتهاء ولاية بايدن

أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنّه ما زال «متفائلًا» بإمكان التوصّل خلال ولاية الرئيس جو بايدن إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مؤيدون للرئيس المنتخب دونالد ترمب خلال الانتخابات الأخيرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ترمب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي توقعتا فوز هاريس في الانتخابات

رفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب دعوى قضائية ضد صحيفة في ولاية أيوا وشركة استطلاعات رأي كانت وراء نشر توقع غير صحيح بفوز منافسته الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

جديد قضية شراء الصمت... محامو ترمب يتهمون أعضاء هيئة المحلفين بسوء السلوك

قال محامو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إن إدانته بدفع رشوة لشراء الصمت تخللها سوء سلوك أعضاء هيئة المحلفين، مما يفتح جبهة جديدة في معركتهم لإلغاء الحكم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)
تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)
TT

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)
تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، ممثلة في عدة حفلات لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب، يستضيف مسرح معهد الموسيقى العربية حفلاً جديداً لتقديم أعمال الموسيقار الراحل.

ويأتي هذا الحفل ضمن خطة وزارة الثقافة المصرية لإعادة إحياء التراث الفني، حيث تقيم دار الأوبرا برئاسة الدكتورة لمياء زايد، حفلاً تُحييه الفرقة القومية العربية للموسيقى، بقيادة المايسترو حازم القصبجي لاستعادة تراث عبد الوهاب.

وفق بيان للأوبرا المصرية، يتضمن الحفل مجموعة من أعمال الموسيقار، التي تغنى بها كبار نجوم الطرب في مصر والوطن العربي، ومن بينها «لا مش أنا اللي أبكي»، و«يا خلي القلب»، و«سكن الليل»، و«الحب جميل»، و«تهجرني بحكاية»، و«توبة»، و«هان الود»، و«خايف أقول اللي في قلبي»، و«أيظن»، و«القريب منك»، و«كل ده كان ليه»، يقوم بغنائها آيات فاروق وإبراهيم رمضان ومي حسن ومحمد طارق.

وأوضح البيان أن سلسلة حفلات «وهابيات»، والتي تقام بشكل دوري، في إطار دور الأوبرا، تهدف إلى تنمية الذوق الفني في المجتمع، وتعريف الأجيال الجديدة بتراث الرموز الخالدة وروائع الموسيقار محمد عبد الوهاب.

حفل وهابيات لاستعادة أعمال موسيقار الأجيال (دار الأوبرا المصرية)

ويعدّ عبد الوهاب من أهم الموسيقيين العرب، وقد وُلد في حي باب الشعرية الشعبي بوسط القاهرة عام 1898، والتحق بفرق غنائية وموسيقية ومسرحية في بداية القرن العشرين، وعُرف بقربه من فنان الشعب سيد درويش، وشارك في فرقته المسرحية وعمل في مسرحيتي «الباروكة» و«شهر زاد»، وفق المعلومات الببليوغرافية في متحف محمد عبد الوهاب بمعهد الموسيقى العربية.

وعدّ الناقد الموسيقي المصري أحمد السماحي «إحياء التراث وسلسلة (وهّابيات) من الأدوار المهمة التي تقوم بها وزارة الثقافة ممثلة في دار الأوبرا المصرية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التقليد ليس مصرياً فقط، ولكن عربياً وعالمياً، فكبار الموسيقيين العالميين مثل بيتهوفن وباخ وموتسارت يتم استعادة أعمالهم للأجيال الجديدة»، مضيفاً: «هذا التقليد مهم؛ لأن الأجيال الجديدة لا تعرف رموز الغناء والموسيقى، وأتمنى من الأوبرا أن تعيد أيضاً إحياء تراث كبار المؤلفين الموسيقيين، بداية من ميشيل يوسف وأندريه رايدر وفؤاد الظاهري وميشيل المصري، هؤلاء وغيرهم نحتاج إلى الاستماع لأعمالهم ليتعرف عليهم الأجيال الجديدة».

وعمل عبد الوهاب بالغناء والتمثيل إلى جانب التلحين، وغنى له كبار نجوم الطرب من أجيال مختلفة، ومن بينهم أم كلثوم وليلى مراد وفيروز وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وشادية ووردة، وقدم عدداً من الأفلام ذات الطابع الغنائي مثل «الوردة البيضاء»، و«يحيا الحب»، و«يوم سعيد»، و«رصاصة في القلب».

وتابع الناقد الموسيقي أنه «كما يتم إحياء تراث كبار المطربين والموسيقيين مثل عبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الأطرش ومحمد فوزي وغيرهم، أتمنى أيضاً إحياء تراث كبار المؤلفين والموزعين الموسيقيين؛ لأن ما قدموه يعدّ أحد الروافد التي تغذي الروح والوجدان في ظل الصخب الغنائي الذي نعيشه حالياً».

وحصل عبد الوهاب على العديد من الأوسمة والتكريمات، خصوصاً بعد قيامه بتوزيع النشيد الوطني لمصر، كما لحن النشيد الوطني الليبي في العهد الملكي، وحصل على وسام الاستحقاق من الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، وعلى الجائزة التقديرية في الفنون عام 1971.

يشار إلى أن عبد الوهاب رحل عن عالمنا في 4 مايو (أيار) عام 1991 عن عمر ناهز 93 عاماً، وودعته مصر في جنازة عسكرية؛ تقديراً لقيمته الفنية وإبداعاته التي امتدت على مدى أجيال.