دشنت السعودية استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري، لمساعدة الأُسر في التغلّب على التحديات المعاصرة، وزيادة التماسك الأسري، وسلّمت في حفل أقيم (الأحد) بمدينة الرياض أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري ومساعدتها في أداء دورها الحيوي.
وقال المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية في السعودية، إن الاستراتيجية تأتي انطلاقاً من أهمية الإرشاد الأسري كوسيلة فعالة لمساعدة الأسرة في التغلب على التحديات، وتحقيق توازن أفضل في الحياة. وتابع خلال انطلاق أعمال «منتدى الأسرة 2024»، أن الاستراتيجية حدّدت رؤيتها بأنها إرشاد أسري رائد عالمياً لمجتمع حيوي، ونصّت رسالتها على تطوير وإدارة خدمات الإرشاد بمهنية وابتكار عبر أفضل الكفاءات والممارسات العالمية لأسرة مستقرة ومجتمع متماسك ومزدهر، مشيراً إلى أن إعداد الاستراتيجية تطلب جهوداً حثيثة من فرق العمل، استغرقت أكثر من 1200 ساعة عمل عُقدت عبر 12 ورشة عمل بمشاركة ما يزيد عن 13 جهة من مختلف القطاعات ذات العلاقة.
وتتضمن استراتيجية الإرشاد الأسري أكثر من 12 مبادرة تغطي جميع المتطلبات الأسرية والمجتمعية، وتركز على تمكين وتحسين أداء العاملين في مجال الإرشاد الأسري، وتأهيلهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وتعزيز فهم المجتمع لدور الإرشاد الأسري، وأثره الإيجابي في تحسين العلاقات الأسرية وحل النزاعات ودعم الاستقرار. كما شهد الحفل تسليم أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري لعدد من الممارسين، وستعمل الوزارة على إصدار التراخيص لـ500 ممارسٍ خلال عام 2024، والوصول بأعداد ممارسي الإرشاد الأسري إلى 4000 ممارس في نهاية عام 2030.
وكشف الراجحي، أن 31 في المائة من سكان السعودية يقضون 8 ساعات أسبوعياً في ألعاب الفيديو، مشيراً إلى أن هذا المؤشر يُظهر حجم مشكلة الانعزال داخل الأسرة، والتحديات التي يمكن أن تنتج عن هذا الواقع. وأوضح أن الأسرة في السعودية تواجه مجموعة من التحديات والقضايا المؤثرة على تماسكها، في عالم تعصف به رياح التغيير، لافتاً إلى أن الجهات الحكومية في السعودية مدّت يد العون والرعاية لمساعدة الأسر، وأولت اهتمامها الشديد لحماية كيانها، وقدمت الدعم الكبير لمساندتها للقيام بأدوارها في المجتمع ورعاية أبنائها وتربيتهم على الالتزام بالقيم السامية والتمسك بالمبادئ الراسخة.
وعلى صعيد الإرشاد الأسري، قال الراجحي: «نحن مقصرون في هذا الملف، والتربية هي التحدي الأكبر الذي تواجهه الأسر في وجه متغيرات كثيرة، مثل الغزو الفكري غير الطبيعي، وتحدي المحافظة على الأخلاق والمبادئ والدين والترابط، والتحديات الناشئة عن مواقع التواصل على الإنترنت». وأردف: «لا تخلو أسرة من تحديات ومشاق، تأخذ صوراً مختلفة بين أسرة وأخرى، وهي بين إمكانية احتواء هذه التحديات والعجز عن تجاوزها. وفي رأيي، إن هناك خلافات وتحديات كثيرة كان يمكن حلّها لو تيسّر أن يتدخل مختص في الإرشاد الأسري». وكشف الراجحي أن وزارة الموارد البشرية، لديها 98 مركزاً متخصصاً في الإرشاد الأسري، وأن ما لا يزيد عن 14 في المائة فقط يستفيد من هذه الخدمات في السعودية، وأرجع ذلك إلى مستوى الوعي بقيمة الإرشاد الأسري، وأكد الراجحي أن الوزارة تستهدف الوصول إلى 197 مركزاً للإرشاد الأسري عام 2027.
مركز وطني لتطوير المناهج السعودية
من جانبه، قال يوسف البنيان، وزير التعليم، إن السعودية أطلقت مركزاً وطنياً لتطوير المناهج، يعمل بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة، وذلك بهدف تطوير مناهج مدرسية بتركيبة تكاملية، لا يقتصر المحتوى فيها على البُعد المعرفي فقط، بل يستوعب بالإضافة إليه، البُعدين المهاري والقيمي، بما يعزّز بقاء مكون الأسرة واستقرارها في المجتمع السعودي. وأضاف خلال مشاركته في «منتدى الأسرة 2024»، أن الأسر هي المكون الرئيسي للمجتمع ولاستقراره، وأن تجويد التعليم ومخرجاته يرتكز أساساً على التكامل بين الأسرة والمدرسة، مشيراً إلى أن هدف الوصول إلى مواطن صالح يتطلب عملاً تكاملياً بين القطاعات الحكومية والأهلية كافة. وتابع: «لدينا تحدي الانضباط المدرسي، وهذا يتطلب زيادة جاذبية المدرسة، ورفع رفاهية الطالب فيها، ومقاومة بيئات التنمر، وهو جزء من مهام الإرشاد الأسري».
حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين
من جهته، قال عبد اللطيف العبداللطيف، الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم الإعلام في السعودية، إن قطاع الإعلام يشهد تغيراً متسارعاً، أصبح خلاله المحتوى يصل إلى أبعد ممّا كان يصل إليه سابقاً، وإن التصنيف السعودي للإنتاج المرئي والألعاب الإلكترونية، يُخضع جميع أفلام السينما والألعاب الإلكترونية له قبل عرضها أو تداولها داخل المملكة، وإن التصنيف يعمل بوصفه عاملاً مساعداً للأسر في اختيار ما يتلاءم مع المستوى العمري لأبنائها، وحمايتهم من المحتوى الذي قد يكون له أثر سلبي على سلوكهم ومعتقداتهم.
وكشف العبداللطيف أن الهيئة خلال عام واحد تُصنّف نحو 700 لعبة إلكترونية وأكثر من 600 فيلم سينمائي، بالإضافة إلى حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وضبط جودة محتوى الإعلانات لتتواءم مع الأخلاق والقيم الاجتماعية في السعودية، وقد ضُبط خلال العام الماضي أكثر من 22 ألف مخالفة محتوى، ومصادرة أكثر من 4 آلاف لعبة مخالفة، مؤكداً أن الرقابة الأبوية هي خط الدفاع الأول لحماية الأسر والأبناء من آثار بعض الطروحات الإعلامية.