إعادة البناء وتجاوز الفساد... تحديان أمام «مجلس الإنماء والإعمار» في لبنان

الحصول على قرض من البنك الدولي يرتبط بإنجاز التعيينات في إدارته

لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 1 أبريل الجاري (أ.ف.ب)
لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 1 أبريل الجاري (أ.ف.ب)
TT
20

إعادة البناء وتجاوز الفساد... تحديان أمام «مجلس الإنماء والإعمار» في لبنان

لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 1 أبريل الجاري (أ.ف.ب)
لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 1 أبريل الجاري (أ.ف.ب)

يندرج إتمام التعيينات في «مجلس الإنماء والإعمار»، (مؤسسة حكومية لبنانية)، ضمن الشروط التي يضعها البنك الدولي لدفع قرض بقيمة 250 مليون دولار مخصص لإعادة الإعمار في لبنان، وهي مهمة يُفترض أن يتولاها المجلس في المرحلة المقبلة. وإضافةً إلى تحدي إعادة الإعمار، يواجه المجلس تحدياً آخر لا يقل صعوبة، وهو التصدي لمزاعم الهدر والفساد التي أُطلقت ضده على مدى السنوات الماضية.

وتحاول الحكومة اللبنانية إنجاز التعيينات المرتبطة بالمجلس في أسرع وقت ممكن، علماً أنها أعلنت ملء 5 مراكز تشمل: الرئيس، ونائب الرئيس، وأعضاء آخرين، على أن يتم تعيين مجلس الإدارة قبل 20 أبريل (نيسان) الجاري، موعد الاجتماعات المقررة مع صندوق النقد الدولي في واشنطن.

وتقول مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن ممثلي البنك الدولي تمنوا على المعنيين في لبنان أن يذهب وفدهم إلى اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد بعد إنجاز التعيينات في حاكمية مصرف لبنان وفي مجلس الإنماء والإعمار، إضافةً إلى إقرار قوانين مرتبطة بالمصارف ورفع السرية المصرفية.

وفي حين تلفت المصادر إلى أن ممثلي البنك الدولي وصندوق النقد لا ثقة لهم بإدارة مجلس الإنماء والإعمار الحالية، تؤكد أن العمل جارٍ لإنجاز التعيينات الجديدة، علماً أن الرئيس يكون عادةً من الطائفة السُّنية فيما يكون نائب الرئيس مارونياً.

وتشير المصادر إلى أنه من الطبيعي أن تخضع إدارة مشاريع إعادة الإعمار وتنفيذها في المرحلة المقبلة لرقابة مانحي القروض، لافتةً إلى أن مفوض الحكومة في المجلس سيكون له دور رقابي بالدرجة الأولى.

كان البنك الدولي قد قدّر احتياجات إعادة الإعمار والتعافي في لبنان، بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بنحو 11 مليار دولار، منها مليار دولار مخصصة لقطاعات البنية التحتية، المتضررة بشدة.

لبنانيون يتفقدون الدمار الناتج عن الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية في الأول من أبريل الجاري (د.ب.أ)
لبنانيون يتفقدون الدمار الناتج عن الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية في الأول من أبريل الجاري (د.ب.أ)

ومجلس الإنماء والإعمار الذي يُعوَّل عليه اليوم في إعادة إعمار ما خلَّفته الحرب الإسرائيلية، كان قد تأسس نهاية عام 1976 بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان وإلغاء وزارة التخطيط، وحُددت مهامه بثلاثة أمور رئيسية هي: وضع خطة وتحديد جدول زمني لإعادة الإعمار والتنمية، وضمان تمويل المشاريع المقدمة، والإشراف على تنفيذها واستغلالها عن طريق الإسهام في عملية إعادة تأهيل المؤسسات العامة لتمكينها من تحمل مسؤولية تنفيذ مشاريع تحت إشراف مجلس الوزراء.

وطوال السنوات الماضية، لم يكن المجلس على قدر المهمات الموكلة إليه، حسبما يقول منتقدون لأدائه. ويشير هؤلاء إلى أن اسمه ارتبط في الفترة الأخيرة بمشاريع هدر وفساد وتقاسم حصص. وتشير معلومات إلى أن المجلس أشرف على مئات المشاريع التي تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار في السنوات العشرين الماضية، منها الطرق السريعة والجسور وإدارة النفايات. وواجه المجلس دعاوى قانونية عام 2019 على خلفية مزاعم بهدر المال.

ونتيجة عدم فاعلية هذا المجلس في السنوات الأخيرة، إضافةً إلى غياب القروض التي يعتمد عليها لتنفيذ المشاريع، ارتفعت أصوات مطالبة بإلغائه. وهذا الأمر يتحدث عنه محمد شمس الدين، الباحث في «الدولية للمعلومات»، (شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات مستقلّة)، معتبراً أن اختيار المجلس لتولي إعادة الإعمار اليوم يأتي ضمن التوجّه العام للمرحلة الحالية في لبنان، مشيراً إلى أن هذا التوجه أدى إلى حصر الأمن بيد الجيش اللبناني، وحصر الشؤون المالية والنقد بالمصرف المركزي، وإعادة الإعمار بيد «مجلس الإنماء والإعمار»، بدل «توزيع المهام على الوزارات».

ويقول شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»: «أُعطيَ المجلس صلاحيات واسعة تفوق صلاحيات الوزارات، والمشكلة كانت أنه أدار الملفات بطريقة فاشلة إنْ لناحية تلزيم المشاريع بتكاليف خيالية أو تعيين الاستشاريين وغيرها، إضافةً إلى أن الموظفين العاملين فيه كانوا يتقاضون رواتب تفوق بأضعاف موظفي القطاع العام».


مقالات ذات صلة

لبنان: التوافق البلدي يتقدم طرابلسياً وتعدد الرؤوس يعرقله بيروتياً

المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيف - أ.ف.ب)

لبنان: التوافق البلدي يتقدم طرابلسياً وتعدد الرؤوس يعرقله بيروتياً

دعوة النواب لعقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الحالي، يفتح الباب أمام الرهان على تعديل قانون البلديات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (رويترز) play-circle

تصعيد «حزب الله» لا يعيق مسار حصر السلاح: الحوار هو الحل

لا تنظر رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة إلى مواقف مسؤولي «حزب الله» التصعيدية على أنها عائق أمام الجهود المبذولة لتطبيق خطاب القسم والبيان الوزاري.

كارولين عاكوم
تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة مجلس الوزراء (الرئاسة اللبنانية)

تحليل إخباري استراتيجية الأمن الوطني: سياسة لبنان الدفاعية تنطلق من حصر السلاح بيد الدولة

ينكب رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، على وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رجل يرتدي سترة يظهر عليها شعار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) (إ.ب.أ)

«الأونروا» توزع طروداً غذائية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم السبت، توزيع طرود غذائية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السيارة التي استهدفها القصف الإسرائيلي في الغازية جنوب لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)

«حزب الله» يعاند... وإسرائيل تلاحق قادته «التقنيين»

لا يزال «حزب الله» اللبناني «يعاند» في مقاربته لموضوع سحب سلاحه، في وقت تلاحق فيه إسرائيل قادته «التقنيين»، وكان آخرهم الجمعة في عملية اغتيال استهدفت أحد قادته.

كارولين عاكوم (بيروت)

«القسام» تقول إنها أوقعت قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح في كمين بغزة

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT
20

«القسام» تقول إنها أوقعت قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح في كمين بغزة

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم السبت، أنها أوقعت قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح في كمين بحي التفاح شرق مدينة غزة.

وأضافت أن مقاتلي «القسام» استهدفوا دبابة إسرائيلية وجرافة عسكرية بقذيفتين صاروخيتين؛ ما أسفر عن اشتعال النيران فيهما في جبل الصوراني شرق حي التفاح.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده خلال المعارك الدائرة في قطاع غزة، وهو أول قتيل يتكبده منذ استئناف الهجمات وانهيار وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» في 18 مارس (آذار).

وذكر الجيش أن الرقيب أول غالب سليمان النصاصرة (35 عاماً) قُتل «خلال الاشتباكات في شمال قطاع غزة»، مضيفاً أن ثلاثة جنود آخرين أُصيبوا في المواجهات نفسها، بينهم امرأتان.

وقُتل 412 جندياً إسرائيلياً في حرب غزة منذ الهجوم البري الذي شنه الجيش في القطاع الفلسطيني يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأشعل فتيل الحرب في غزة هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على إسرائيل في السابع من ذلك الشهر.