«كايروكي» في «مهرجانات بيبلوس»... وجمهورها متعة للمشاهدين

الشباب يقولون: «نحب الفرقة لأنها تدافع عن قضية»

حفل شبابي بامتياز (الجهة المنظمة)
حفل شبابي بامتياز (الجهة المنظمة)
TT

«كايروكي» في «مهرجانات بيبلوس»... وجمهورها متعة للمشاهدين

حفل شبابي بامتياز (الجهة المنظمة)
حفل شبابي بامتياز (الجهة المنظمة)

واحدة من أكثر الحفلات شعبيةً بالنسبة للشباب خلال الصيف الحالي في لبنان، هي التي جمعتهم بفرقتهم المصرية الأثيرة «كايروكي»، مساء الجمعة، فقد نفدت البطاقات باكراً، رغم الظروف الاستثنائية للبلاد، لا، بل قد تكون الأوضاع المتأزمة في المنطقة، من أسباب التوهج المتصاعد، لهذه المجموعة الشبابية الفنية، التي تجوب البلدان العربية محمولةً بزخم كلمات أغنياتها الاحتجاجية، ذات النكهة اليومية البسيطة.

الجمهور يتفاعل مع بساطة الكلمات والقضايا (الجهة المنظمة)

هي الحفلة الأولى للفرقة في لبنان، وسبقها تجوال حافل لـ«كايروكي» من لندن إلى الإسكندرية وتونس وعمّان، وفي سبتمبر (أيلول) المقبل تبدأ جولة جديدة في مدن أميركية وكندية. من بلد إلى آخر تَلقى الفرقة، التي تأسست عام 2003، إقبالاً، ما يجعلها ظاهرة تستحق التمعّن.

بدأ حفل الفرقة في مدينة جبيل، على مسرح «مهرجانات بيبلوس» قبل انطلاقة الغناء، بصراخ الشبّان الذين ملأوا المدرجات، وهتافاتهم الحماسية، وهم يترقبون ظهور نجمهم المغني أمير عيد، ورفاقه الأربعة من العازفين شريف هواري، وآدم الألفي، وتامر هاشم، وشريف مصطفى.

البداية مع أغنية «روبرتو»، التي تعدِّد أسماء شخصيات شهيرة بشيء من الطرافة، وهي من الأغنيات الأخيرة التي اعتُبرت مع ألبومها أقل احتجاجية مما سبقها، لكن الحفل سار كما تمنّاه الجمهور الذي بقي وقوفاً من الأغنية الأولى حتى الأخيرة، مضيئاً الهواتف، مواصلاً الغناء والرقص دون كلَل.

بدأ الحفل بصراخ الشبّان الذين ملأوا المدرجات وهم يترقبون ظهور نجمهم المغني أمير عيد (الجهة المنظمة)

فما يحبه الشباب تحديداً هو هذا الكلام البسيط، الذي يبثّ من خلاله أمير همومه اليومية، وشجونه بوصفه مواطناً في عالم ضبابي الملامح، لذلك ليس صدفة أن تكون أغنية «يا أبيض يا أسود، قصة حياتي وكل حكاياتي، مع إن عادي، أعيشها في النُّص رمادي» واحدة من المفضلات التي كان ينتظرها الحضور.

لفحة وجودية في الأغنيات تفتن اليانعين، الباحثين عن خلاصهم، وسط تعقيدات عالم يزداد صعوبة، لذلك ردّدوا من القلب مع مغنّيهم: «مهما كان ليلك طويل، كل حاجة بتعدي، مهما كان حملك ثقيل، كل حاجة بتعدي».

الغناء باللهجة المصرية، ولو شابَته كلمات غير مفهومة للجميع، يبقى سلِساً أليفاً ومحبَّباً للشباب اللبناني.

لم يتدخل أمير كثيراً لمخاطبة الحاضرين، باستثناء الترحيب بالحضور الذين قال لهم: «إننا نتشرف بوجودكم معنا، في هذه الحفلة الأولى في لبنان». وفي مداخلة قصيرة ثانية شرح أنه سبق له وصوّر في لبنان، لا بل ووقع في حبّ فتاة عام 2007 عندما نزل في مطار بيروت.

الحاضرون كانوا ينتظرون أغنية «تلك القضية»، التي سجلَتها الفرقة إثر اندلاع الحرب على غزة، ونالت شهرة واسعة، وجعلت «كايروكي» موضع اهتمام أكبر من الشباب. هتف الحاضرون بقوة مع أمير وهو يغني «كيف تكون ملاكاً أبيض؟ يبقى ضميرك نص ضمير، تنصف حركات الحرية، وتنسف حركات التحرير، وتوزع عطفك وحنانك، ع المقتول حسب الجنسية». وكانت اللحظة التي ظهرت فيها كلمة «كفاح» باللون الأحمر بوسع خلفية المسرح، هي من بين الأقوى في الحفل، التي أُعيد نشر صورها على وسائل التواصل، كذلك عندما ظهر تمثال الحرية بلونه الأخضر بوسع الشاشة.

المغني أمير عيد (الجهة المنظمة)

الكلمة التي تردّدت على ألسن الشباب الذين سألناهم عن سبب إعجابهم بالفرقة، وحضورهم للحفل، هي أنها تحمل «قضية». ويقول وليد مصطفى، الذي كان حاضراً: «إن الموسيقى جميلة، والكلمات فيها طرافة، وتدافع عن قضية»، بينما عبّر جورج ناصيف عن متعته وهو يستمع لكايروكي، وأنهم بالنسبة له فرقة مشابهة لـ«مشروع ليلى» اللبنانية، التي أنهت عملها حالياً، وكانت تغني بعبارات بسيطة؛ لتعبّر عن متاعب الشباب في حياتهم اليومية، مستخدِمة بعض السخرية والمواربة، وأحياناً المباشرة الفظّة. وقالت ندى ستّار إنها تسمع «كايروكي» باستمرار؛ لأنهم يعبّرون عن حزنها، ورغبتها في الاعتراض على أشياء كثيرة، بكلمات لطيفة.

ورغم أن «كايروكي» لا تشبه أعمالُها ما كنا نسمعه في الستينات والسبعينات من أغنيات ثورية مباشرة، إلا أن الجيل الجديد يعبّر عن عطش حقيقي لأغنيات تتحدث عن متاعبه اليومية، وأحاسيسه الإنسانية تجاه المقهورين والمعذّبين.

وكان النبض حامياً مع أغنية «كوستاريكا»، حين قال أمير: «مبحبش أصحى بدري وأسيب أحلامي على السرير، وأطلع على الشغل وأجري، مبحبش المدير، العمر بسرعة بيجري ومفيش وقت للتفكير».

فرقة الروك المصرية التي باتت من بين الأكثر شهرةً، ليس أسلوبها الغربي بكلمات عربية هو الذي يخطف القلوب، وإنما أيضاً مزجها بأسلوبها الخاص في بعض أغنياتها بين الإيقاعات الغربية، والألحان الشعبية الرائجة أو الكلاسيكية القديمة، والمواويل، مثل أغنية «بصّيت لنفسي ولقيتني محتاج إعادة نظر، دوّرت في ذاتي وقلّبت شريط حياتي، عشان أشوف إيه حصل»، لتصبح لازمة «يا ليل يا عين» جزءاً من هذا السرد التأملي في الذات، أو إدخال كلمات من أغنية للراحلة أم كلثوم في «كان لك معايا»، لنشعر أن المقطع الذي نعرفه جيداً للسيدة «سنين ومرّت زي الثواني في حبك إنت»، كأنه صدى لكلمات الأغنية الجديدة التي نسمعها، أو يتردّد في خلفيتها.

أدّت الفرقة، أجمل أغنياتها وأكثرها شعبية في جبيل. اكتفى الشباب بالغناء معها، والاحتفاء والابتهاج، دون التعبير عن مخاوف أو آلام وأحزان، أو حمل شعارات أو أعلام، لكن كان يكفي أن تتابع معنى الجُمل التي تثير حماستهم، وتطلق ألسنتهم بالصراخ، لتعرف لماذا باتت هذه الفرقة التي تغني بالعربية لسان حالهم مع اختلاف اللهجات.


مقالات ذات صلة

9 أفلام عربية للمشاركة في «لوكارنو السينمائي»

يوميات الشرق لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)

9 أفلام عربية للمشاركة في «لوكارنو السينمائي»

تشهد الدورة الـ78 لـ«مهرجان لوكارنو السينمائي» بسويسرا، حضوراً عربياً لافتاً؛ حيث تشارك أفلام عربية في عدد من أقسام المهرجان الذي يضم 11 قسماً.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانات الثلاث في «ديوانية حب» (خاص - الشرق الأوسط)

«ديوانية حب» افتتحت «مهرجانات بيت الدين» بثلاث قامات نسائية

ليلة عامرة أحيتها الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة إلى جانب الفنانتين المصرية ريهام عبد الحكيم، والسورية لبانة القنطار. ثلاثة أصوات نسائية عربية، لكل منها ألقها…

سوسن الأبطح (الرياض)
يوميات الشرق يُستعاد صوت فريدي ميركوري فتُضاء الذاكرة (الشرق الأوسط)

«غود سايف ذا كوين» تُحيي روح فريدي ميركوري في لبنان وتستحضر جنون الروك

ما تقدَّم كان طَقْساً روحياً تدفَّقت فيه المشاعر مع كلّ نغمة وكلّ ضربة إيقاع، واستيقظت فيه الروح، وانتفضت القلوب، وتوحَّد الجمهور في حالة جماعية من النشوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفائزون في مهرجان عمّان السينمائي الدولي الذي اختتم فعالياته أمس (إدارة المهرجان)

مهرجان عمّان السينمائي يختتم دورته السادسة بتوزيع الجوائز على مستحقّيها

«الذراري الحمر» و«إلى عالم مجهول» في طليعة الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان عمّان السينمائي الدولي. ماذا عن باقي الأفلام الفائزة؟

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تنتشر فعاليات مهرجان «أيام بيروت الفنية» في مختلف المناطق اللبنانية (الشرق الأوسط)

«أيام بيروت الفنية»... إبداع يعمّ الشوارع وصالات العرض

مهرجان «أيام بيروت الفنية» يحوّل العاصمة إلى نبض فني حي عبر أكثر من 130 فعالية تُعبّر عن روح المدينة وهويتها رغم التحديات.

فيفيان حداد (بيروت)

«الشرق للأخبار» تطلق نسخة متجددة من «دائرة الشرق»

يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)
يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)
TT

«الشرق للأخبار» تطلق نسخة متجددة من «دائرة الشرق»

يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)
يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)

أطلقت «الشرق للأخبار» نسخة جديدة من برنامجها اليومي «دائرة الشرق»، الذي يعود بحلّة متجددة وتحليل أعمق لمجريات المشهد السياسي الإقليمي والدولي.

ويُقدم البرنامج حوارات مُعمقة مع نخبة من الصحافيين والمحللين والخبراء من منصات المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، في إطار يعكس تكاملاً تحريرياً يُعزز المحتوى التحليلي على الشاشة.

وتخوض المذيعة ميراشا غازي، مقدمة البرنامج، في كل حلقة نقاشاً مع ضيوفها للغوص في خلفيات الأحداث وسياقاتها المتشابكة.

ويعتمد البرنامج على أبرز المحررين في منصات المجموعة، بما فيها «الشرق الأوسط»، و«إندبندنت عربية»، و«المجلة»، و«عرب نيوز»، لتقديم رؤى موثوقة مبنية على خبرات ميدانية متراكمة.

وقال الدكتور نبيل الخطيب، مدير عام قناة «الشرق للأخبار»، إن البرنامج «يُجسِّد مهمتنا التحريرية في تقديم محتوى موثوق وتحليل عميق»، مضيفاً: «في زمن الضجيج السياسي، يحتاج الجمهور إلى أصوات متزنة ونقاشات واعية، وهذا بالضبط ما يقدمه (دائرة الشرق)».

ورحب غسان شربل، رئيس تحرير «الشرق الأوسط» بفكرة البرنامج، مشيراً إلى أن الصحيفة «تقدم محتوى تحليلياً عالي المستوى يساهم في فهم أعمق للتطورات بالمنطقة والعالم، من خلال نخبة من الصحافيين والمحللين في مؤسستنا».

وأوضح عضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية»، أن «الفكرة تنبع من رؤية تكاملية داخل المجموعة»، مبدياً سعادته بأن «نكون جزءاً من هذا المشروع الواعد الذي يُعزز العمل الجماعي والإنتاج المشترك».

ورأى إبراهيم حميدي، رئيس تحرير «المجلة»، أن «هذا التعاون يُعزز التكامل بين منصات (SRMG)، وسنقدم من خلاله تحليلات معمقة يشارك فيها أبرز خبرائنا من المنطقة والعالم».

وأبدى فيصل عباس، رئيس تحرير «عرب نيوز»، سعادته بالمشاركة في البرنامج «لإضافة البعد الدولي الذي يُميز تغطياتنا من طوكيو إلى تورونتو، في إطار تعاون وثيق ومستمر مع (الشرق)».

وتبث شاشة «الشرق للأخبار» البرنامج من الأحد إلى الخميس، عند الساعة 10 مساءً بتوقيت السعودية، كما تتوفر حلقاته عبر خدمة «الفيديو عند الطلب» على منصة «الشرق NOW».