ميرفا القاضي لـ«الشرق الأوسط»: أنا اليوم في مكاني المناسب

تحقّق حلمها بتقمصها شخصية داليدا على المسرح

تقلّد داليدا بحركاتها ونظراتها ووقوفها على المسرح (ميرفا القاضي)
تقلّد داليدا بحركاتها ونظراتها ووقوفها على المسرح (ميرفا القاضي)
TT

ميرفا القاضي لـ«الشرق الأوسط»: أنا اليوم في مكاني المناسب

تقلّد داليدا بحركاتها ونظراتها ووقوفها على المسرح (ميرفا القاضي)
تقلّد داليدا بحركاتها ونظراتها ووقوفها على المسرح (ميرفا القاضي)

اجتهدت الفنانة ميرفا القاضي منذ بداياتها حتى اليوم لتحقق أحلامها الواحد تلو الآخر. متعددة المواهب ورياضية من الدرجة الأولى تركت ميرفا بصمتها على الساحة الفنية. وتحوّلت من فتاة إعلانات إلى مغنية وممثلة.

ستقدّم ميرفا القاضي حفلين غنائيين في 7 و8 يونيو (حزيران) المقبل على مسرح «كازينو لبنان»، يتضمنان تكريماً للمغنية الفرنسية الراحلة داليدا. وتحت عنوان «الموت على خشبة المسرح» (Mourir sur scene) تقف ميرفا منشدة أشهر أغاني الفنانة الراحلة. ويشاركها في هذا العمل الموسيقي الغنائي، فنانون من بينهم ماتيو خضر، ومابيل رحمة، وباسم فغالي. وعلى مدى ساعتين من الوقت ستغني وترقص وتقلّد داليدا كما حلمت دائماً.

في حفل داليدا تحقق ميرفا القاضي واحداً من أحلامها (ميرفا القاضي)

تقول ميرفا القاضي لـ«الشرق الأوسط»: «غصتُ في أدقّ تفاصيل شخصيتها، وراقبت حضورها على المسرح وإطلالاتها الإعلامية. حفظت نظراتها وحركات يديها وسأستحضرها على الخشبة، ولن أكون في هذا الحفل ميرفا القاضي، بل سأذوب في شخصية الفنانة الراحلة حتى آخر لحظة».

تخبر ميرفا القاضي كيف تحقّق حلمها: «تراودني الفكرة منذ أكثر من 10 سنوات، وسعيت لتحقيقها، وطالبني كثيرون بتمثيل شخصيتها. ومع المخرج روي الخوري الذي قدّمت معه استعراضي المسرحي (بورليسك) بدأت القصة. فغالباً ما يتضمن العرض أغاني لداليدا وأمثّل شخصيتها».

كان الخوري يحلم بتقديم عرض «شيكاغو» الموسيقي الاستعراضي، وبمعية القاضي وعدد من الفنانين اللبنانيين، قدمه تحت عنوان «شيكاغو بالعربي»، استطاع ذلك وشاركته حلمه هذا. يومها وقفت ميرفا القاضي على المسرح تغني وتمثل وترقص. ومع باقي فريق العمل جذبوا الصحافة العالمية، وكتبت عنهم الـ«نيويورك تايمز»، واليوم تنتج شركة «بايب لاين» لروي الخوري هذا العمل تكريماً لداليدا.

يرتكز قسم كبير من العمل على التمثيل، وخلاله ستغني القاضي «بارولي» (كلمات) في ثنائية مع ماتيو خضر. وكذلك «الموت على خشبة المسرح»، و«حلوة يا بلدي» وغيرها. حصلت الشركة المنتجة على حقوق تقديم هذا العمل المكلل بأغاني داليدا، تعلق ميرفا القاضي: «يكرّم العمل بأكمله داليدا، وننشد خلاله نحو 14 أغنية لها. فكما ماتيو خضر الذي يؤدي ثلاثة منها، هناك إطلالة لباسم فغالي الفنان المتميز».

تنشد ميرفا القاضي مجموعة من أغنيات داليدا (ميرفا القاضي)

بالنسبة لها، فإنها تجتهد وتعطي أقصى ما عندها من طاقة فنية لإنجاح العمل، «سأكون دقيقة جداً بكل تفصيل يخصّها. ولأنه حلم أحققه فعليّ أن أبذل كل ما بوسعي. المهمة صعبة ولكنني أحب التحدي وأهرب من الأعمال العادية. تلقيت عروضاً كثيرة مؤخراً، ولكنني رفضتها لأتمكن من التركيز على هذا الحلم. في الحفل سيسافر الحضور إلى زمن داليدا، ويعيشون تجربة فريدة من نوعها».

لم يستطع القيمون على الحفل الحصول على أزياء تخصّ داليدا لاستخدامها في العمل، «حصلت الأمور بسرعة كبيرة»، توضح ميرفا وتتابع: «لم نكن نملك الوقت لذلك، وبالكاد لدينا مدة شهر للقيام بالتمرينات. ولكن إذا ما نجح العرض ونقلناه إلى فرنسا فقد تكون الفرصة هناك سانحة للحصول على فساتين لها».

باتت ميرفا اليوم مقتنعة تماماً بأن الإنسان عندما يسعى لا بد أن يحقق مراده. وتضيف: «أشعر بأني أصبحت في مكاني المناسب، حيث الحلم بات حقيقة. وهذا الأمر ليس بالسهل. فالمطلوب مجموعة مواهب في شخص واحد. وقدرة على امتلاك الخشبة طيلة مدة العرض الذي يبلغ نحو ساعتين. كل ما أقدمه في هذا الحفل ينتمي إلى شغفي وحبي للغناء والرقص والتمثيل، في رأيي، تحدي الأعمال الدرامية من قدرات الفنان، وأشعر على المسرح وكأني أحلّق عالياً بمواهبي».

وتتحدث عن معاناة الفنان اللبناني تقول: «كل المشهدية الفنية الجميلة التي نراها هي نتاج مبادرات فردية. وما نقدمه على مسرح (كازينو لبنان) صار نادراً في عالمنا العربي، سيما أنه من العروض المكلفة».

وعمّا إذا كان هذا العمل قد يوصلها إلى العالمية ترد: «لا أحب الاسترسال بالأحلام. آمل أن ينجح هذا الحفل وأجهل الخطوات المستقبلية التي قد يتيحها لنا. فـ(شيكاغو بالعربي) كان مقدراً له جولات فنية عالمية وعربية. ولكن أعداء المهنة كثيرون ويستسهلون تخريب الإبداع». وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «في عرض (شيكاغو بالعربي) استطعنا تزويد الناس بالإيجابية. وآمل أن نقوم بالأمر نفسه في حفل داليدا».


مقالات ذات صلة

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

يوميات الشرق ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق د ملحة عبد الله  (حسابها على فيسبوك)

ملحة عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: أقسو على المرأة لتنفض غبار الاستكانة

لم يتم إطلاق لقب «سيدة المسرح السعودي» على د. ملحة عبد الله من فراغ، فهي أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه في المسرح.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري محمود حميدة (صفحته في «فيسبوك»)

هل يُبرَّر تكريم نجوم السينما في مهرجانات المسرح؟

أثار قرار مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، تكريم الفنان الكبير محمود حميدة سجالاً في الأوساط الفنية وعلى مواقع التواصل... فماذا جرى؟

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض لتألُّق قدرته التعبيرية (الشرق الأوسط)

«الخطايا السبع المميتة» تُجسِّد إنسان الحروب على مسرح بيروتي

في سجن المقارنة والثقة المهزوزة... يطول «الجلوس في الصفر»، ويصبح الوطن البديل عن أوطان لا تُنجب سوى بؤساء.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة المصرية سلوى محمد علي (صفحتها على فيسبوك)

سلوى محمد علي لـ«الشرق الأوسط»: لم أندم على أي دور

عدَّت الممثلة المصرية سلوى محمد علي تكريمها أخيراً في المهرجان القومي للمسرح «انتصاراً لجيلها» ولمسرح التسعينات في مصر.

أحمد عدلي (القاهرة )

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».