المتحف البريطاني في وجه العاصفة للمرة الثانية

إطلاق التحقيق في قضية تحف إثيوبية ظلت مخبأة لمدة 150 عاماً

كهنة في أثيوبيا يحملون فوق رؤوسهم نسخاً طبق الأصل من ألواح الشريعة المقدسة (شاترستوك)
كهنة في أثيوبيا يحملون فوق رؤوسهم نسخاً طبق الأصل من ألواح الشريعة المقدسة (شاترستوك)
TT

المتحف البريطاني في وجه العاصفة للمرة الثانية

كهنة في أثيوبيا يحملون فوق رؤوسهم نسخاً طبق الأصل من ألواح الشريعة المقدسة (شاترستوك)
كهنة في أثيوبيا يحملون فوق رؤوسهم نسخاً طبق الأصل من ألواح الشريعة المقدسة (شاترستوك)

يتم التحقيق حالياً مع المتحف البريطاني من جانب لجنة الرقابة على المعلومات بشأن مزاعم بتكتمه على أمر بعض التحف الحسّاسة في مجموعته، وهي مجموعة من الألواح الإثيوبية المقدسة، التي تم تخبئتها والامتناع عن عرضها في المتحف لمدة تزيد على 150 عاماً، حسب ما ذكرت صحيفة «الغارديان». ولم يتم عرض الأحد عشر لوحاً الخشبية والحجرية، التي يقرّ المتحف بأنه قد تمت سرقتها ونهبها من جانب جنود بريطانيين بعد معركة مجدلة عام 1868، ويتم اعتبارها مقدسةً للغاية إلى درجة أنه يحظر على أمناء المتحف فحصها.

لطالما كانت هناك مطالبات بإعادة القطع إلى إثيوبيا، ففي عام 2019، طلب وزير الثقافة الإثيوبي إعادتها إلى البلاد خلال زيارة له إلى المتحف. وقدم الناشطون في هذه الحملة شكوى إلى مكتب مفوض المعلومات تفيد بأن المتحف لم يفصح عن التفاصيل الأساسية للنقاشات الداخلية الخاصة بالألواح رداً على الطلب الخاص بحرية المعلومات.

وقدمت منظمة «ريترنينغ هيريتدج» (إعادة التراث)، وهي مؤسسة غير ربحية تعمل في مجال الاسترداد الثقافي، الطلب في أغسطس (آب) 2023. وتشير المنظمة إلى قانون المتحف البريطاني لعام 1963 قائلة: «إن القانون واضح للغاية وينص على أن المتحف لا يستطيع إعادة التحف، لكن هناك بعض الاستثناءات والإعفاءات داخل القانون، من بينها استثناء يتيح للأمناء إعادة تحف محددة إذا كانوا يرون (أنه من غير الملائم الاحتفاظ بها)».

نظراً لأن الألواح لن يتم عرضها أو فحصها أبداً، حيث يُعتقد أنها محفوظة داخل غرفة مغلقة لا يمكن أن يدخلها سوى رجال دين إثيوبيين، يمكن تصنيفها ضمن تلك الفئة، حسب ما تعتقد المنظمة. وطلبت المنظمة معلومات من اجتماعات ناقش فيها الأمناء مسألة الألواح، التي تعتقد أنها قد تقدم إضاءات وتبصرات بشأن السبب وراء الاعتقاد في عدم إمكانية إعادتها قانوناً. وقال ماكنوت: «يبدو غريباً ألا يرغب المتحف في توضيح السبب وراء احتفاظهم بأشياء يمكنهم إعادتها»، مشيراً إلى وجود «اهتمام عام أصيل وحقيقي» بفهم السبب الذي يمنع المتحف من إعادتها.

ذكرت كنيسة ويسمنستر، الشهر الماضي، أنها قد وافقت «من حيث المبدأ» على ضرورة إعادة لوح واحد تم الاحتفاظ به داخل مذبح إحدى الكتدرائيات إلى إثيوبيا. كذلك تم إعادة لوح آخر بعدما تم اكتشافه داخل خزانة في كنيسة في إدنبره منذ 23 عاماً. وقال توم شورت من شركة «لي داي» للمحاماة، التي قدمت الشكوى المذكورة نيابة عن منظمة «ريترنينغ هيريتدج»، إنه يعتقد أن المتحف قد اعتمد بشكل خاطئ على استثناءات محددة مسموح بها لقانون حرية المعلومات كتبرير لاحتفاظه بتلك التحف. وقد قدمت شركة المحاماة في السابق رأياً قانونياً يفيد بإمكانية إعادة تلك التحف بشكل قانوني. وقال شورت: «يسعى عملاؤنا وراء الحصول على معلومات من المتحف يرى كثيرون أنه ينبغي أن تكون متاحة في المجال العام بالأساس. وتتعلق باتخاذ قرار من جانب مؤسسة حكومية كبرى بشأن أمر يحظى باهتمام شعبي كبير».

ورفض المتحف البريطاني التعليق على الأمر. وقد ذكر في الماضي أن طموحه طويل المدى يتمثل في إعارة الألواح إلى كنيسة أرثوذكسية إثيوبية في المملكة المتحدة، رغم تشكيك رجال دين في جدوى هذا الأمر بسبب تكلفة التأمين على تحفة فنية لا تُقدر بثمن.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق مدخل جناح نهاد السعيد الجديد الملاصق للمتحف الوطني (جناح نهاد السعيد للثقافة)

جناح جديد لـدعم «المتحف الوطني اللبناني»

أراد القيّمون على جناح «نهاد السعيد للثقافة»، الجناح الجديد للمتحف الوطني اللبناني، أن يكون وجوده دعماً للتراث الذي يتعرّض اليوم للقصف والخراب.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق لوحة تشير لمتحف الفنان نبيل درويش (إدارة المتحف)

أزمة هدم متحف الخزاف المصري نبيل درويش تتجدد

تجددت أزمة متحف الخزاف المصري نبيل درويش (1936 – 2002) الصادر قرار بهدمه؛ لدخوله ضمن أعمال توسعة محور المريوطية بالجيزة (غرب القاهرة).

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق عائشة القذافي ابنة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي تعرض أعمالها الفنية الجديدة المخصصة لأخيها وأبيها القتيلين خلال معرض «ابنة ليبيا» في متحف الشرق بموسكو17 أكتوبر 2024

«ابنة ليبيا»: معرض لعائشة القذافي في موسكو تمجيداً لذكرى والدها

افتتحت عائشة القذافي، ابنة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، معرضاً فنياً في موسكو خصصته لتخليد ذكرى والدها، الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

على مر الزمن كانت حركات الاحتجاج تلجأ إلى وسائل مستفزة وصادمة مثل إيقاف المرور في الطرق السريعة، أو استخدام الصمغ لإلصاق الأيدي بالحواجز وواجهات المحال…

عبير مشخص (لندن)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.