في كلمة ألقتها بمناسبة الذكرى الأربعين لجلوسها على العرش، عام 1992، استخدمت ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث مصطلحاً لاتينياً لم يَرُق للكثيرين لوصف ذلك العام، إذ اعترفت أمام كبار الشخصيات المجتمعين والأمة المراقبة، بأن عائلتها مرّت بـ«Annus horribilis» أي «عام مروع».
فعام الملكة المروع شهد حالتي طلاق في العائلة المالكة، فانفصل ابنها الثاني أندرو عن زوجته سارة، كما طلقت ابنتها آن زوجها مارك فيليبس، وأصبحت الخلافات بين ابنها تشارلز وزوجته ديانا قضية رأى عام ونُشر كتابان عن حياة الأميرة ديانا، التي كانت لا تزال على قيد الحياة آنذاك، بجانب اندلاع حريق مروع في قلعة ويندسور.
ومذاك الحين، رسخت عبارة «Annus horribilis» في الذاكرة بوصفها اعترافاً بأنه حتى الملوك الملتزمين والذين نادراً ما يخونون مشاعرهم، تؤلمهم الآثار التراكمية عند مواجهة سلسلة من الضربات.
ووفق تحليل لصحيفة «الغارديان»، فقد تم بالتأكيد تصنيف الأشهر الـ12 الماضية على أنها من بين أكثر الأشهر المؤلمة للعائلة المالكة في الذاكرة الحية، وتعكس صدى عام 1992 بالنسبة للملكة. إنها «Annus horribilis» الملك تشارلز.
وأثارت الأسابيع الأخيرة ضجة حول التلاعب بصورة الأميرة كيت مع أطفالها، الأمر الذي أشعل وسائل التواصل الاجتماعي بنظريات مؤامرة غريبة بعد أسابيع من التكهنات حول صحة الأميرة المحبوبة.
تم الإعلان عن دخول كيت إلى المستشفى في يناير (كانون الثاني)، في اليوم نفسه الذي تم فيه تشخيص إصابة الملك تشارلز الثالث بسرطان غير محدد.
أدى الافتقار إلى التفاصيل حول حالة أي منهما، وصمت العائلة المالكة خلال الأسابيع والأشهر التالية، إلى تغذية الشعور لدى الجمهور بأنه لم يتم إخباره بالقصة بأكملها.
ليأتي بيان أمس ويكشف المستور عن حالة كيت الصحية وإصابتها بالسرطان وتلقيها العلاج.
«الغارديان» لاحظت أن تشخيص كيت ميدلتون والملك تشارلز جاء بعد أقل من عام من الاحتفال الفخم الذي أقيم في كنيسة وستمنستر، الذي تم فيه تتويج تشارلز الثالث، عن عمر يناهز 74 عاماً، من قبل رئيس أساقفة كانتربري، الذي ربما كانت العائلة تأمل أن يكون بداية عهد جديد: عصر الاستقرار.
قبل بضعة أشهر، قاد الملك تشارلز المشيعين في جنازة والدته، بعد أن اصطف مئات الآلاف من الجماهير طوال الليل وحول المبنى لتكريم نعشها، وسط موجة من الحزن.
وبحسب الصحيفة، كانت التوترات والمتاعب العائلية واضحة حتى وقت الجنازة، إذ لم يرتَدِ الأمير أندرو الزي العسكري أثناء سيره خلف نعش والدته، بعد أن تم تجريده من واجباته الملكية عقب مزاعم الاعتداء الجنسي المقدمة في قضية أمام محكمة أميركية، وهو ما ينفيه الأمير دائماً.
كذلك، عاد الأمير هاري لحضور جنازة جدته الحبيبة لكن وجوده لم يؤدِ إلا إلى التأكيد على وضعه «شبه المنفصل»، على حد وصف «الغارديان».
وفي يناير، نشر الأمير هاري مذكرات «فاضحة»، على حد تعبير الصحيفة، بعنوان «سبير»، التي أثارت الكثير من الجدل حيث تحدّث فيها عن تفاصيل انهيار علاقته بوالده، وبشقيقه ويليام.
أيضاً، واصل هاري رفع سلسلة من القضايا العلنية ضد الصحافة البريطانية، التي تعمل على تذكير الجمهور بوضعه المشحون. كما أنه كان يحارب الحكومة البريطانية في المحكمة بشأن ما إذا كان ينبغي لدافعي الضرائب أن يدفعوا فاتورة أمنه الشخصي عندما يزور بريطانيا.
على الجهة الثانية، لا يزال شقيق الملك تشارلز، الأمير أندرو، «مصدراً مستمراً للإذلال» بحسب «الغارديان»، مع دراما قادمة على «نتفليكس» من المقرر أن تعيد صياغة المقابلة المدمرة مع إميلي ميتليس، التي تم استجوابه فيها حول صداقته مع مرتكب الجرائم الجنسية المدان الراحل جيفري إبستين.
وأوضحت «الغارديان»، أنه لم يكن لدى تشارلز الوقت الكافي لترسيخ نفسه كملك حاكم، وهو المنصب الذي انتظر حياته لشغله، قبل أن يجبره تشخيص حالته على تقليص واجباته العامة.