5 طرق لمساعدة أطفالك على أن يكونوا أكثر نجاحاً من الآخرين

بينها فكرة «يفشل كثير من الآباء في إيصالها»

بعض الاستراتيجيات ثبت أنها أكثر فاعلية من غيرها عندما يتعلق الأمر بتربية أطفال ناجحين (رويترز)
بعض الاستراتيجيات ثبت أنها أكثر فاعلية من غيرها عندما يتعلق الأمر بتربية أطفال ناجحين (رويترز)
TT

5 طرق لمساعدة أطفالك على أن يكونوا أكثر نجاحاً من الآخرين

بعض الاستراتيجيات ثبت أنها أكثر فاعلية من غيرها عندما يتعلق الأمر بتربية أطفال ناجحين (رويترز)
بعض الاستراتيجيات ثبت أنها أكثر فاعلية من غيرها عندما يتعلق الأمر بتربية أطفال ناجحين (رويترز)

يشعر الآباء بالقلق بانتظام بشأن كيفية تعامل أطفالهم مع العالم حين يصبحون بالغين... هل سيكبرون ليكونوا سعداء ومتكيفين بشكل جيد؟ هل سيحصلون على وظيفة محترمة ويعيشون بشكل مريح؟

يختلف كل طفل عن الآخر، ويتطور كل شخص وفقاً لسرعته الخاصة. ولكن ثبت أن بعض الاستراتيجيات أكثر فاعلية من غيرها عندما يتعلق الأمر بتربية أطفال ناجحين.

فيما يلي 5 طرق يمكن للوالدين عبرها مساعدة أطفالهم على تحقيق النجاح في المستقبل؛ وفقاً لعلماء نفس وخبراء في مجال التربية، حسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي»:

إعطاء الأولوية للثقة بالنفس

يمكنك استخدام «الثقة بالنفس» و«احترام الذات» بالتبادل. ولكن عندما يتعلق الأمر بتربية طفل ناجح، فإن أحدهما أكثر أهمية من الآخر، كما قالت عالمة النفس التربوي ميشيل بوربا.

يمثل «احترام الذات» الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا بشكل عام. «الثقة بالنفس» هي انعكاس لمدى ثقتنا بقدراتنا في موقف معين. المفهومان مرتبطان، لكن الأبحاث تظهر أن «الثقة بالنفس» هي مؤشر أفضل للنجاح في المستقبل؛ لأنها تساعد على ترسيخ اعتقادات الأطفال بأن مهاراتهم وجهودهم ستؤدي إلى نتائج قوية، مثل الحصول على درجات جيدة أو أداء جيد في ألعاب القوى.

وكتبت بوربا: «الثقة الحقيقية بالنفس هي نتيجة الأداء الجيد، ومواجهة العقبات، وإيجاد الحلول، والانطلاق من جديد بمفردك».

وأشارت بوربا إلى أنه يمكن للوالدين تعزيز ثقة أطفالهم بأنفسهم بشكل أفضل عبر التراجع والسماح لهم بالنجاح أو الفشل بمفردهم، بدلاً من محاولة إصلاح المشكلات نيابة عنهم.

تعليم ضبط النفس

تظهر الأبحاث أن ضبط النفس يساعد في تحديد النجاح المستقبلي. عندما يتعلم الأطفال تجاهل عوامل التشتيت غير الضرورية والتحكم في عواطفهم وسلوكهم، فإنهم عادةً ما يكبرون ليصبحوا أكثر ذكاءً وأكثر تحفيزاً، وفقاً لدراسة استمرت لعقود من الزمن أجراها باحثون بجامعة أوتاجو في نيوزيلندا.

كتب المؤلف وخبير علم النفس نير إيال في عام 2019: «أن تصبح غير قابل للتشتت؛ فإن هذه أهم مهارة في القرن الحادي والعشرين؛ وهي مهارة يفشل كثير من الآباء في تعليمها أطفالهم».

يوصي إيال بالبدء مبكراً. يمكن للأطفال الصغار أن يبدأوا في فهم قيمة «الوقت»، مما يعني أنه يمكن للوالدين البدء في شرح أهمية تخصيص الوقت للتركيز على الأنشطة التنموية المهمة. يمكن للأطفال أيضاً تعلم ضبط النفس عبر ألعاب مخصصة.

منح الاستقلالية

تعدّ القدرة على التحفيز الذاتي من السمات المهمة التي يمكن أن تساعد الأطفال على النمو ليصبحوا بالغين ناجحين، كما قال عالم نفس الأطفال الدكتور توفاه كلاين.

حدد توقعات لطفلك عندما يتعلق الأمر بالأفعال اليومية، مثل الاستعداد للمدرسة، واختيار أنشطة ما بعد المدرسة، والقيام بالأعمال المنزلية، كما توصي الكاتبة صاحبة المؤلفات الأكثر مبيعاً وخبيرة الأبوة والأمومة إستر وجسيكي.

وكتبت وجسيكي في عام 2022: «كلما زادت ثقتك بأن أطفالك سيفعلون الأشياء بأنفسهم، زاد تمكينهم».

واقترح إيال أيضاً استخدام تكتيكات مثل عقد «اتفاقيات جهد» مع الأطفال، حيث يلتزمون بحدود معينة على عوامل التشتيت المغرية، مثل وضع الحد الأقصى لوقت الشاشة لمدة ساعة واحدة يومياً.

لا تشدد على الكمال

قامت وجسيكي بتربية 3 أطفال ناجحين (طبيب واثنان من المديرين التنفيذيين البارزين)، لكنها لم تطلب منهم الكمال مطلقاً. وأشارت إلى أن ذلك أحدث فرقاً كبيراً.

ونصحت بإعطاء الأطفال مجالاً للفشل، والتعامل مع أخطائهم ونكساتهم بالتعاطف بدلاً من الازدراء، لمساعدتهم في الحفاظ على الثقة خلال تعلمهم ورؤية الفشل على أنه فرصة للتطور.

وكتبت: «الإتقان يعني القيام بشيء ما مرات عدة بقدر ما يلزم لإنجازه بشكل صحيح... لقد كان التعلم والعمل الجاد هو ما أردت المكافأة عليه، وليس القيام بالأمر بشكل صحيح في أول مرة».

وتظهر الأبحاث أن فكرة «الكمال» لا تجعل طفلك أكثر احتمالاً للنجاح في المستقبل، ويمكن أن تساهم في مشكلات الصحة العقلية مثل القلق وتدني احترام الذات.

يمكنك تعليم أطفالك إعادة صياغة طريقة تفكيرهم بشأن ارتكاب الأخطاء عبر مناقشة الأخطاء التي ارتكبتها بشكل علني، وكيف قمت بحل المشكلات وما تعلمته في هذه العملية، كما قال أليسون بتلر، أستاذ علم النفس في جامعة براينت.

الثقافة المالية

ليس من السابق لأوانه مطلقاً تعليم أطفالك عن المال: كيفية كسبه وإنفاقه بحكمة وادخاره خلال التخطيط للمستقبل. معظم الطلاب الأميركيين لا يتعلمون هذه الدروس في المدرسة؛ الأمر الذي قد يكلفهم المال حين يكونون بالغين، وفقاً لمسح أجراه «المجلس الوطني للمعلمين الماليين» عام 2023.

أجرت خبيرة الأبوة والأمومة مارجوت ماكول بيسنو مقابلات مع آباء 70 شخصاً بالغاً من ذوي الإنجازات العالية في كتابها الصادر عام 2022 بعنوان «تربية رائد أعمال: كيف تساعد أطفالك على تحقيق أحلامهم». ووجدت أن تدريس الثقافة المالية كان موضوعاً مشتركاً لهؤلاء الآباء.

وكتبت بيسنو: «على الرغم من أن الآباء الذين تحدثت إليهم لم يدفعوا أطفالهم مطلقاً نحو متابعة وظيفة ذات رواتب عالية؛ فإنهم جميعاً بذلوا جهداً لتعليم أطفالهم عن المال بشكل أو بآخر». وأشارت إلى أنهم يصرون على توفير أموالهم الخاصة لإنفاقها على العناصر التي يريدونها، ولكن لا يحتاجون إليها بالضرورة، مثل زوج جديد من أحذية التزلج.

يمكنك أيضاً محاولة التحدث مع أطفالك عن المال بطرق عملية «واقعية»، مثل مناقشة تكلفة العناصر اليومية، كما تقول أليكسا فون توبيل، المستثمرة والمدربة في جامعة هارفارد ومؤسسة شركة «LearnVest» الاستشارية المالية عبر الإنترنت.

علم أطفالك أن المال ليس أكثر من «أداة لمساعدتك على عيش الحياة التي تريدها»، كما قالت فون توبيل. وتابعت: «ليس المقصود من المال أن نقدسه... وليس المقصود أن نتجاهله أيضاً».


مقالات ذات صلة

مخاوف يمنية من اتساع رقعة «الهزال الشديد» بين الأطفال

المشرق العربي يمنية تحمل طفلتها المريضة بمستشفى «السبعين» في صنعاء (أ.ف.ب)

مخاوف يمنية من اتساع رقعة «الهزال الشديد» بين الأطفال

أبدت مصادر طبية يمنية مخاوفها من تصاعد تفشي «الهزال الشديد» في أوساط الأطفال دون سن الخامسة في المناطق الخاضعة للحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي طفل يجلس ممسكاً بالكعك في مخيم جباليا للنازحين الفلسطينيين شمال غزة (أ.ف.ب)

غزة: تسليم نحو 1.2 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال

أعلن مسؤول في منظمة الصحة العالمية، الجمعة، أن نحو 1.2 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال تم تسليمها لقطاع غزة بالفعل قبل بدء حملة تطعيمات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي والدة الطفل عبد الرحمن أبو الجديان أول شخص يصاب بشلل الأطفال بغزة منذ 25 عاماً تعتني به في خيمتهم بدير البلح وسط القطاع (رويترز) play-circle 01:03

إسرائيل و«حماس» توافقان على هدن مؤقتة خلال حملة تطعيمات بغزة

قالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إن إسرائيل و«حماس» وافقتا على 3 هُدن منفصلة مؤقتة للقتال في أماكن محددة بغزة للسماح بتطعيم 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يدفع عربة عليها طفله في قطاع غزة (أ.ف.ب)

تقارير: «حماس» توافق على هدنة لتنفيذ حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في غزة

وافقت حركة «حماس» على إقامة هدنة إنسانية لمدة 7 أيام في غزة لتنفيذ حملة تطعيم ضد شلل الأطفال، وفقاً لما ذكره موقع «تايمز أوف إسرائيل».

«الشرق الأوسط»
يوميات الشرق طائرة تشهد ترويع البراءة (غيتي)

حبس طفلة في مرحاض طائرة لإسكات بكائها يُفجّر الغضب

أثار حادث حبس امرأتين طفلة كانت تبكي، في مرحاض طائرة، جدلاً على الإنترنت في الصين يتعلّق بكيفية التعامل مع الأطفال في الأماكن العامة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
TT

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

«ماريا»، الذي سبق وتناولناه هنا قبل يومين، ليس سوى أحد الأفلام المعروضة على شاشة الدورة 81 لمهرجان «ڤينيسيا»، (انطلق في 28 من الشهر الماضي وتسدل ستارته في 7 سبتمبر «أيلول» الحالي)، الذي يتناول حياة شخصيات شهيرة. إذ إن هناك أفلاماً عدّة تتحدّث عن شخصيات حقيقية أخرى بينها ثلاثة أفلام غير درامية.

إنها أفلام وثائقية وتسجيلية عن أسماء مشهورة تتباعد في أزمانها وشخصياتها كما في أدوارها في الحياة. هناك «رايفنشتال» عن المخرجة الألمانية ليني رايفنشتال التي عاشت نحو 101 سنة، و«جون ويوكو» عن حياة المغني جون لينون (من فرقة البيتلز) والمرأة التي ارتبط بها، كذلك يطالعنا فيلم المخرج التسجيلي إيرول موريس «منفصلون» الذي يتناول بعض ما تمر به الولايات المتحدة من أزمات بخصوص المهاجرين القادمين من فنزويلا وكولومبيا ودول لاتينية أخرى.

في هذا النطاق، وبالمقارنة، فإن «ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لاراين، يبقى الإنتاج الدرامي الوحيد بين هذه المجموعة متناولاً، كما ذكرنا، الأيام الأخيرة من حياة مغنية الأوبرا.

المخرجة المتّهمة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية والسياسية. حققت ليني في حياتها 8 أفلام، أولها سنة 1932 وآخرها «انطباعات تحت الماء» (Impressions Under Water) سنة 2002. لكن شهرتها تحدّدت بفيلميها «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will) (1935)، و«أولمبيا» الذي أنجزته في جزأين سنة 1938.

السبب في أن هذين الفيلمين لا يزالان الأشهر بين أعمالها يعود إلى أنهما أُنتجا في عصر النهضة النازية بعدما تبوأ أدولف هتلر رئاسة ألمانيا.

دار «انتصار الإرادة» عن الاستعراض الكبير الذي أقيم في عام 1934 في مدينة نورمبيرغ، الذي ألقى فيه هتلر خطبة نارية أمام حشد وصل تعداده إلى 700 ألف شخص. فيها تحدّث عن ألمانيا جديدة مزدهرة وقوية وعن مستقبل كبير ينتظرها.

الفيلم الثاني من جزأين كان عن الأولمبياد الرياضي الذي أقيم صيف 1936، وحضرته أمم كثيرة بعضها من تلك التي تحالفت لاحقاً ضد الاحتلال الألماني لأوروبا.

شغل المخرجة على الفيلمين فعلٌ فني لا يرقى إليه الشك. تصوّر بثراء كل ما يقع أمامها من الجموع إلى المسيرات العسكرية والرياضية، ومنها إلى هتلر وهو يخطب ويراقب سعيداً الاستعدادات العسكرية التي خاضت لاحقاً تلك الحرب الطاحنة التي خرجت ألمانيا منها خاسرة كلّ شيء.

تبعاً لهذين الفيلمين عدّ الإعلام السياسي الغربي المخرجة رايفنشتال ساهمت في الترويج للنازية. تهمة رفضتها رايفنشتال. وأكدت، في مقطع من الفيلم مأخوذ عن مقابلة مسجّلة، أنها لم تنفّذ ما طُلب منها تنفيذه، ولم تنتمِ إلى الحزب النازي (وهذا صحيح) ولم تكن تعلم، شأن ملايين الألمان، بما يدور في المعتقلات.

ليني رايفنشتال خلال تصوير «أولمبياد» (مهرجان ڤينيسيا)

يستعرض الفيلم حياة المخرجة التي دافع عن أعمالها نُقاد السينما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. فيلماها لا يزالان من أفضل ما طُبع على أشرطة في مجال الفيلم الوثائقي إلى اليوم، وذلك عائد إلى اختياراتها من اللقطات والمشاهد وتوثيقها لحدثين مهمّين لا يمكن تصوّر السينما من دون وجودهما بدلالاتهما المختلفة. النتيجة الواضحة إلى اليوم، حتى عبر المقتطفات التي يعرضها الفيلم، تفيد بحرفة متقدّمة وتعامل رائعٍ مع الحدث بأوجهه المتعدّدة.

ينتهج المخرج فايل موقفاً يشيد فيه بالمخرجة ومجمل أفلامها السبعة. لا يفوته الاعتراف بأن رايفنشتال كانت فنانة سينما حقيقية، لكن يوجّه مشاهديه في الوقت نفسه إلى أن هذا الفن لم يكن سوى مظهر دعائي للنازية، وأنها لعبت الدور المباشر في البروباغاندا في الفترة التي سبقت الحرب.

حيال سرد هذا التاريخ يستعين المخرج فايل بمقابلات متعددة أدلت بها (معظمها بعد نهاية الحرب) وواجهت فيها منتقديها كما يعمد المخرج إلى مشاهد من حياتها الخاصة. زواجها. رحلتها إلى السودان خلال اضطرابات عام 2000 حيث تحطمت الطائرة المروحية التي استقلّتها وأصيبت برضوض. رحلتها تلك كانت بصدد التعرّف على البيئة النوبية، وكانت قد حصلت على الجنسية السودانية قبل سنوات (إلى جانب جنسيتها الألمانية وإقامتها البريطانية)، وبذلك كانت أول شخص غربي يُمنح الجنسية السودانية.

لا يأتي الفيلم بجديد فِعليّ لما يسرده ويعرضه. هناك كتب عديدة دارت حولها أهمها، مما قرأ هذا الناقد، «أفلام ليني رايفنشتال» لديفيد هنتون (صدر سنة 2000) و«ليني رايفنشتال: حياة» الذي وضعه يورغن تريمبورن قبل سنة من وفاة المخرجة عام 2003.

هو فيلم كاشف، بيد أنه يتوقف عند كل المحطات التي سبق لمصادر أخرى وفّرتها. محاولة الفيلم لتكون «الكلمة الفصل» ناجحة بوصفها فكرة وأقل من ذلك كحكم لها أو عليها.

جون لينون ويوكو أونو

في الإطار الفني، ولو على مسافة كبيرة في الاهتمام ونوع المعالجة، يأتي (One to One: John & Yoko) «واحد لواحد: جون ويوكو» لكيڤن ماكدونالد، الذي يحيط بحياة الثنائي جون لينون وزوجته يوكو أونو اللذين وقعا في الحب وانتقلا للعيش في حي غرينتش فيلاج في مدينة نيويورك مباشرة بعد انفراط فريق «البيتلز» الذي كان جون لينون أحد أفراده الأربعة.

النقلة إلى ذلك الحي لم تكن اختياراً بلا مرجعية سياسية كون غرينتش فيلاج شهدت حينها حياة ثقافية وفنية وسياسية حافلة تعاملت ضد العنصرية وضد حرب فيتنام، وكانت صوت اليسار الشّعبي الأميركي إلى حين فضيحة «ووترغيت» التي أودت بمنصب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. يكشف فيلم مكدونالد (الذي سبق وأُخرج قبل أعوام قليلة، فيلماً عن المغني الجامايكي بوب مارلي) عن اهتمام لينون وزوجته بتلك القضايا السياسية. جون الذي باع منزله المرفّه في ضواحي لندن واستقر في شقة من غرفتين في ذلك الحي، ويوكو التي لعبت دوراً فنياً وتثقيفياً في حياته.

لا يكتفي الفيلم بالحديث عن الثنائي معيشياً وعاطفياً بل عن المحيط السياسي العام ما يُعيد لمشاهدين من جيل ذلك الحين بعض الأحداث التي وقعت، ويوجه المشاهدين الذين وُلدوا سنوات صوب تقدير الثنائي، كما لم يفعل فيلم ما من قبل. ليس لأن «واحد لواحد: جون ويوكو» فيلم سياسي، بل هو استعراض منفّذ مونتاجياً بقدر كبير من الإجادة لحياة ثنائيّ موسيقيّ مطروحة على الخلفية المجتمعية المذكورة.

إرث ترمب

نيسكون مضى ومعه قناعاته وبعد عقود حلّ دونالد ترمب ليسير على النهج اليميني نفسه.

يرتسم ذلك في «منفصلون» (Separated) للمخرج المتخصص بالأفلام التسجيلية والوثائقية السياسية إيرول موريس. من بين أفضل أعماله «ضباب الحرب» (The Fog of War)، الذي تناول الحرب العراقية وكيف تضافرت جهود الحكومة الأميركية على تأكيد وجود ما لم يكن موجوداً في حيازة العراق، مثل القدرات النّووية والصواريخ التي يمكن لها أن تطير من العراق وتحط في واشنطن دي سي (وكثيرون صدّقوا).

«منفصلون» لديه موضوع مختلف: إنه عن ذلك القرار الذي اتخذه ترمب خلال فترة رئاسته ببناء سياج على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تدفق المهاجرين القادمين من الدول اللاتينية بدافع الفقر وانتشار العنف.

كان يمكن تفهّم هذا القرار لو أنه توقف عند هذا الحد، لكن ترمب تلاه بقرار آخر يقضي بفصل الأطفال عن ذويهم الراغبين في دخول البلاد عبر الحدود. بذلك لدى هؤلاء إمّا العودة من حيث أتوا مع أولادهم، أو العودة من دونهم على أساس وجود هيئات ومؤسسات أميركية ستعني بهم.

مثل هذا الموقف، يؤكد الفيلم، غير الأخلاقي، وكان له معارضون ومؤيدون. بعض المعارضين من أعضاء الكونغرس انقلبوا مؤيدين ما بين مؤتمر صحافي وآخر.

محور الفيلم هو رفض هذا الانفصال على أسس أخلاقية وإنسانية والمتهم الأساسي في فرض العمل به هو ترمب الذي لم يكترث، والكلام للفيلم، لفظاعة الفصل بين الآباء والأمهات وأطفالهم. تطلّب الأمر أن يخسر ترمب الانتخابات من قبل أن يلغي بايدن القرار على أساس تلك المبادئ الإنسانية، لكن بذلك تعاود أزمة المهاجرين حضورها من دون حل معروف.

يستخدم المخرج موريس المقابلات لتأييد وجهة نظره المعارضة وأخرى لرفضها، لكنه ليس فيلماً حيادياً في هذا الشأن. مشكلته التي يحسّ بها المُشاهد هي أن الفيلم يتطرّق لموضوع فات أوانه منذ أكثر من عامين، ما يجعله يدور في رحى أحداث ليست آنية ولا مرّ عليه ما يكفي من الزمن لإعادة اكتشافها ولا هي بعيدة بحيث تُكتشف.