اكتشاف بقايا نبيذ فرعونية في جرار مغلقة جنوب مصر

عمرها نحو 5 آلاف عام

موقع الحفائر بأم القعاب في سوهاج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
موقع الحفائر بأم القعاب في سوهاج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

اكتشاف بقايا نبيذ فرعونية في جرار مغلقة جنوب مصر

موقع الحفائر بأم القعاب في سوهاج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
موقع الحفائر بأم القعاب في سوهاج (وزارة السياحة والآثار المصرية)

نجحت البعثة الأثرية المصرية الألمانية النمساوية العاملة في مقبرة الملكة «مريت نيث» من الأسرة الأولى في منطقة أم القعاب بأبيدوس في سوهاج (جنوب مصر) في الكشف عن مئات من الجرار المغلقة التي لم تفتح من قبل، وفي داخلها بقايا من نبيذ، بالإضافة إلى العثور على مجموعة أخرى من الأثاث الجنائزي.

وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن «الجرار المكتشفة كبيرة الحجم، وفي حالة جيدة من الحفظ، وإن بقايا النبيذ الموجودة داخلها عمرها نحو 5 آلاف عام».

وأوضح الدكتور ديترش راو، مدير المعهد الألماني في القاهرة، أن «أعمال الحفائر في المقبرة نجحت كذلك في إزاحة الستار عن معلومات تاريخية جديدة عن حياة الملكة وفترة حكمها، وأن دراسة نقوش أحد الألواح التي عثر عليها داخل المقبرة أشارت إلى أن الملكة كانت تحظى بمكانة كبيرة، إذ كانت مسؤولة عن مكاتب الحكومة المركزية».

جانب من جرار النبيذ المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ولفت إلى أن «البعثة مستمرة في عملها في محاولة للكشف عن مزيد من أسرار تاريخ هذه الملكة وهويتها».

ووفق الدكتورة كريستيانا كوهلر، رئيسة البعثة الأثرية، فإن «الدراسات التي أُجريت على المقبرة أشارت إلى أن مقبرة الملكة مريت نيث بُنيت من الطوب النيء والطين وألواح الخشب، وأن الملكة ربما تكون المرأة الوحيدة من الأسرة الأولى التي يُكشف عن مقبرة ملكية لها في أبيدوس حتى الآن».

جانب من عمل البعثة الألمانية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوجد بجوار مقبرة الملكة مجموعة مقابر للحاشية والخدم الخاص بها، تضم 41 مقبرة، ما يشير إلى أن «هذه المقابر بُنيت خلال مراحل زمنية مختلفة»، حسب كوهلر.

ووصف الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار سابقاً، اكتشاف أبيدوس بأنه «اكتشاف حقيقي يقدم معلومات جديدة»، مؤكداً أنه «أحد أهم الاكتشافات الأثرية في تاريخ المعهد الألماني بمصر».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن «الوسط الأثري في مصر ينتظر استكمال الحفائر في تلك المنطقة لرؤية اكتشافات أخرى، تسلط الضوء على تلك الحقبة التاريخية المهمة من تاريخ مصر».

وتعد أم القعاب أو أم الجعاب تسمية حديثة لجبانة مصرية قديمة، كانت تسمى «بيقر»، كانت موجودة شرق مقابر الملوك في أبيدوس بمحافظة سوهاج، وعثر بها على 650 مقبرة لقدماء المصريين.

وتمتلئ المنطقة بشظايا قدور خزفية للقرابين مصنوعة في أزمنة مبكرة، وكانت المنطقة موقعاً للتقديس والعبادة في مصر القديمة، وبحلول عهد المملكة الوسطى، حُفِرت واحدة من المقابر الملكية وأعيد بناؤها لكهنة أوزوريس.

وتعود المقابر إلى عصر ما قبل الأسرات وعهدي الأسرة الأولى والثانية (نحو 3000 - 2700 قبل الميلاد)، وتنتمي جبانة أم القعاب إلى جبانة ديدو وفيلة ومنديس (مقابر أوزوريس).

وأول من قام بالحفائر بها إميل أميلينو عام 1890، ثم الآثارى البريطاني فلندرز بتري بين عامي 1899 و1901، فالمعهد الأثري الألماني منذ عام 1970، وفق الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة المصري.

ويضيف ريحان لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة الأثرية كانت منطقة تخزين للجعة، وقد كشف بها قبل ذلك عن مقبرة الملك العقرب الأول، وتتكون من 12 حجرة، تشمل 9 مخازن، عثر بها على قوارير نبيذ تتسع لـ4000 لتر من النبيذ. وكانت على القوارير كتابات مزرعة الملك العقرب، ما يدل على وجود مزرعة تعتمد عليها صناعة النبيذ، كما اكتشف العالم البريطاني فلندرز بتري مقبرة من حجرتين منفصلتين؛ حجرة التابوت والحجرة الصغيرة مكان التخزين.

قطعة مكتشفة بالموقع (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وحسب ريحان، فإن «الملكة مريت نيث قد تكون أول ملكة تحكم في تاريخ العالم، إذ حكمت مصر وهي من الأسرة الأولى، واختلفت الآراء فيما إذا كانت هي التي قد حكمت البلاد، أو أنها كانت زوجة الملك جت وحسب، كما يعدّها علماء الآثار مفتاحاً لحكم ملوك مصر القديمة في عصر الأسرات».


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق لعبة صغيرة تمثل حيواناً تعود لعصر «الفايكنغ» (صفحة بعثة التنقيب الأثرية عبر فيسبوك)

لعبة أطفال من عصر «الفايكنغ» تحير علماء الآثار

عثر علماء آثار على لعبة نادرة تعود إلى عصر الفايكنغ خلال حفريات أثرية في آيسلندا. ولا يزال الحيوان الذي تمثله اللعبة موضع نقاش.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رأس مومياء من العصر المتأخر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تسترد 3 قطع أثرية من هولندا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الثلاثاء، عن استرداد ثلاث قطع أثرية من هولندا، ترجع للعصر المتأخر، كانت قد خرجت من البلاد بطريقة «غير شرعية».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق المعارض الأثرية المصرية في الخارج وسيلة للترويج السياحي (وزارة السياحة والآثار)

مصر والبحرين لتنفيذ برامج تسويق سياحي مشترك في شرق آسيا

 تتجه مصر والبحرين لتنفيذ برامج مشتركة للتسويق السياحي في شرق آسيا، بالإضافة إلى التعاون في مجالي السياحة والآثار، والعمل على إقامة معارض أثرية مؤقتة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق السفينة الحربية «إتش إم إس فيكتوري» (أ.ف.ب)

الحشرات تهدد سفينة النصر البريطاني في ترافالغار

نجت السفينة الحربية «إتش إم إس فيكتوري» HMS Victory من قذائف نابليون، ومن قنبلة خلال الحرب العالمية الثانية، وتواجه خطرا فتاكا جديدا يهدد هيكلها… وهو الحشرات!

«الشرق الأوسط» (بورتسموث )

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)

طوّر باحثون من الصين والمملكة المتحدة جهازاً جديداً، للكشف عن مستويات التوتر في الدم من المنزل، وأوضح الباحثون، أن الجهاز يمكن أن يسهم في تحسين دقة وسهولة قياس مستويات التوتر، ما يجعل من الممكن مراقبة الصحة النفسية والتعامل مع التوتر بشكل أفضل، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Talent».

ويشكّل التوتر جزءاً من حياتنا اليومية، بدءاً من متطلّبات العمل المستمرة، وصولاً إلى ضغوط الحياة اليومية، مثل توصيل الأطفال إلى المدرسة، ويمكن لتجاهُل مستويات التوتر المرتفعة أن يؤدي لمشاكل صحية ونفسية خطيرة، مثل الاكتئاب ومرض ألزهايمر، ولرصد هذه الحالة ابتكر فريق البحث الجهاز الذي يمكنه قياس مستويات هرمون الكورتيزول، وهو مؤشر حيوي للتوتر في الدم بدقة.

ويُعَد الكورتيزول من أهم الهرمونات التي تعكس مستويات التوتر، ومن ثم فإن قياسه بدقة يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في تشخيص التوتر. ويستخدم الجهاز الجديد جزيئات نانوية من أكسيد الإيريديوم، وهي جزيئات صغيرة جداً تعمل على تحسين فاعلية الجهاز، وهذه الجزيئات تغطي الأقطاب الكهربائية في الجهاز.

وأكسيد الإيريديوم مركب كيميائي يستخدم في الإلكترونيات والمحفزات الكيميائية بفضل استقراره وحساسيته العالية، ويُعدّ مثالياً لتحسين أداء أجهزة قياس الكورتيزول بفضل فاعليته في ظروف متنوعة.

ويقيس الجهاز مستويات الكورتيزول من خلال وضع عينة من الدم على الجهاز، حيث يتفاعل الكورتيزول مع الأقطاب الكهربائية المُعدّلة بالجزيئات النانوية من أكسيد الإيريديوم.

ويولد التفاعل بين الكورتيزول والجزيئات النانوية إشارات كهربائية، وهذه الإشارات تُترجَم إلى قراءة لمستويات الكورتيزول في العينة، كما يقيس الجهاز التغيرات في الإشارات الكهربائية بدقة لتحديد كمية الكورتيزول.

ووجد الباحثون أن الجهاز قادر على قياس مستويات الكورتيزول بدقة حتى عندما تكون الكميات منخفضة جداً، ما يجعله مناسباً لاستخدامه في المنزل، ويتفوق الجهاز الجديد على الأجهزة المماثلة الحالية التي غالباً ما تكون أقل حساسية ولا يمكنها قياس الكورتيزول بكفاءة في التركيزات المنخفضة.

كما يستطيع الجهاز تمييز الكورتيزول عن هرمونات مشابهة مثل التستوستيرون والبروجيستيرون، بفضل التحسينات في الأقطاب الكهربائية، بينما تواجه الأجهزة الحالية صعوبة في هذا التمييز، ما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة شيان جياوتونغ - ليفربول في الصين، الدكتور تشيوشن دونغ: «هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها أكسيد الإيريديوم بهذه الطريقة، حيث أنتجنا جهازاً بسيطاً وقليل التكلفة لقياس الكورتيزول».

وأضاف عبر موقع «يوريك أليرت» أن الجهاز يمكنه الكشف عن جزيئات الكورتيزول بتركيز أقل بمقدار 3000 مرة من النطاق الطبيعي في الدم.

وأشار الباحثون إلى أن هذا التقدم في التكنولوجيا يعزّز الآمال في إمكانية إجراء اختبارات التوتر في المنزل بطريقة دقيقة وسهلة، ما قد يُحدِث ثورة في كيفية إدارة مستويات التوتر بشكل يومي.