«الأساليب باتت منهجيّة» و«السينما الكوبية ستكون حرّة أو لن تكون!»

مخرجون يصوّرون أفلامهم سراً لتفادي مضايقات الرقابة

تجمهر أمام «سينما تشارلز شابلن» خلال الدورة 43 من مهرجان أميركا اللاتينية السينمائي الدولي في هافانا (أ.ف.ب)
تجمهر أمام «سينما تشارلز شابلن» خلال الدورة 43 من مهرجان أميركا اللاتينية السينمائي الدولي في هافانا (أ.ف.ب)
TT

«الأساليب باتت منهجيّة» و«السينما الكوبية ستكون حرّة أو لن تكون!»

تجمهر أمام «سينما تشارلز شابلن» خلال الدورة 43 من مهرجان أميركا اللاتينية السينمائي الدولي في هافانا (أ.ف.ب)
تجمهر أمام «سينما تشارلز شابلن» خلال الدورة 43 من مهرجان أميركا اللاتينية السينمائي الدولي في هافانا (أ.ف.ب)

وسط مطالبة عدد من المخرجين في كوبا بالحقّ في العمل الفني ضمن أجواء من الحرّية، أتت الرقابة المفروضة على فيلم وثائقي عن العلاقة بين نجم موسيقي شهير وبين العاصمة كوبا، لتثير غضباً كبيراً في الأوساط السينمائية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الممثل الكوبي لويس ألبرتو غارثيا، قوله خلال تلقيه جائزة ضمن مهرجان «خيبارا الدولي للسينما» في شرق كوبا: «السينما الكوبية ستكون حرّة أو لن تكون!»، وسط تصفيق حار من الحضور.

وأهدى الممثل جائزته إلى «جمعية المخرجين الكوبيين» التي تضم نحو 400 من محترفي هذا الفن؛ المحتجّة بشدّة مؤخراً على فرض الرقابة على «هافانا، مدينة فيتو»، وهو فيلم وثائقي يروي العلاقة التي نسجها مغنيّ الروك الأرجنتيني فيتو بايز المشهور في أنحاء أميركا اللاتينية مع العاصمة الكوبية.

وقال المخرج خوان بين فيلار (60 عاماً) للوكالة: «إنها القطرة التي جعلت الكأس تطفح، بعد كميّة من المشكلات وعمليات الرقابة التاريخية في صلب ثقافة الثورة الكوبية».

المغنّي وكاتب الأغنيات الأرجنتيني فيتو بايز خلال مؤتمر صحافي في هافانا (أ.ف.ب)

بدأت المسألة في أبريل (نيسان)، مع حظر وزارة الثقافة بثّ ثلاثة أفلام وثائقيّة، من بينها فيلم خوان بين فيلار، في مركز ثقافي مستقلّ صغير في هافانا. إزاء احتجاجات المخرج، بثّ التلفزيون الكوبي في نهاية المطاف الفيلم، إنما في نسخة غير كاملة ومن دون إذن أيّ من المخرج والمنتج والمغنّي نفسه.

وأوضح المخرج أنّ قرار السلطات يتعلّق بمقطع من الفيلم يشكّك فيه فيتو بايز بالرواية الرسمية لمقتل الثوريّ كاميلو ثيينفويغوس الذي فُقد عام 1959، وبحكم الإعدام الصادر عام 2003 بحقّ ثلاثة شبان خطفوا باخرة ليهاجروا إلى الولايات المتحدة.

وعلى أثر بثّ الفيلم مجتزأً على التلفزيون، وقَّع نحو 600 فنان إعلاناً يندّد بهذا النوع من «الأساليب التي باتت منهجيّة» في السينما الكوبية. كان بين الموقعين المغنّي سيلفيو رودريغيس والمخرج خورخي بيروغوريا والممثل الرئيسي في فيلم «فراولة وشوكولاته» (1993) الذي شكّل محطة مهمّة في السينما الكوبية.

المخرج الكوبي خوان بين فيلار (أ.ف.ب)

من جهته، أوضح المخرج ميغيل كويولا (46 عاماً)، أنّ «عرض (الفيلم) على التلفزيون يشجّع القرصنة، ويقضي على الحياة التي يمكن أن يحظى بها في المهرجانات الدولية»، مشيراً إلى أنه يصوّر أفلامه سراً لتفادي مضايقات الشرطة.

وهو عرض في منزله، طوال عامين، فيلمه «القلب الأزرق» (2021)، الذي شارك في بعض المهرجانات في الخارج، فيما تجاهلته الصالات الكوبية. يعلّق: «كأنّنا ملأنا مرّتين صالة تشابلن»، أكبر قاعة سينما في هافانا.

وعُقد في سينما «تشارلز تشابلن»، في أواخر يونيو (حزيران)، اجتماع غير مسبوق بين أعضاء جمعية المخرجين ومسؤولين حكوميين، من بينهم ممثل قسم العقيدة في الحزب الشيوعي الكوبي. سيطر التوتر على المناقشات حين صوَّر ميغيل كويولا بعض المداخلات، رغم تحذيرات رئيس «المعهد الكوبي للفن والصناعة السينمائية» رامون سامادا.

ويُسمع كويولا وهو يصيح في مقطع مصوّر نُشر على «يوتيوب»: «نحن مخرجون مستقلّون، لكننا على استعداد لأن يتمّ توقيفنا لأن عملنا هو أن نصوّر!».

الممثل الكوبي خورخي بيروغوريا نجم فيلم «فراولة وشوكولاتة» (أ.ف.ب)

وبعد أيام، استُبدِل مدير المعهد، وشكّلت السلطات مجموعة عمل للاستجابة لهواجس محترفي السينما.

وردت جمعيّة المخرجين التي علمت بإنشاء مجموعة العمل هذه عبر التلفزيون، معلنة أنها لم تتلقّ رداً على «مسائل محدّدة ومنهجيّة تتعلّق بالرقابة والإقصاء»، وطالبت باجتماع جديد.

وانضم فيتو بايز نفسه إلى السجال، وقال في مقابلة أجرتها معه المنصة الإعلامية المستقلة «إل توكي»: «إنّني صديق للشعب الكوبي، وأرى موظّفي الوزارة لا يمثّلون هذا الشعب».

بدورها، رأت اختصاصية الأدب والثقافة الكوبيين في جامعة سانت جوزيف في نيويورك ماريا إيسابيل ألونسو، أنّ الجدل القائم «مؤشر إلى مشكلة أكبر، مشكلة منهجية، هي الحق في حرية التعبير الفني للمبدعين، الذي يتعارض مع رؤية أخلاقيّة وعقائديّة تروّج لها السلطات».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، تظاهر نحو 300 فنان للمطالبة بمزيد من حرية التعبير، جرى في أعقابها حوار لم يفضِ إلى نتيجة.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.