هو حلم راوده منذ الصغر، ولكنه لم يجد الطريق لتحقيقه إلا بعدما عاش أزمات لبنان المتلاحقة. المهندس هشام الحسامي استطاع في ظرف أشهر قليلة أن يبتكر أول سيارة كهربائية في لبنان، خطط لها، رسم الفكرة في ذهنه وقولبها سيارة أطلق عليها اسم «ليرة».
لماذا هذا الاسم؟ يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لأني رغبت في إعادة عملتنا الوطنية إلى سابق عهدها. وأتمنى أن تكون هذه السيارة باب أمل يسهم في ذلك. ومن يرِد أن يشتريها أو يقتنيها سيدفع ثمنها بالليرة اللبنانية».
بحسب الحسامي، فإن سعر هذه السيارة يتراوح بين 4 و15 ألف دولار عند البيع. ويرتبط ذلك بقوة محركها الذي يمكن أن يتم تطويره. فـ«ليرة» هي بمثابة المنتج النموذج فقط للدلالة على قدرة اللبناني على الابتكار. ومع الوقت يمكن تحسينها وإضافة تقنيات جديدة عليها لتواكب أفخم السيارات الإلكترونية في العالم.
وبالفعل، أدرج المهندس اللبناني في هذه السيارة خدمات كثيرة نراها لأول مرة في سيارة إلكترونية. فهي تعمل بالكامل على الطاقة الشمسية، وتشحن نفسها تلقائياً ما دام أنها تسير على الطريق والطقس مشمس. وهي مزودة كذلك ببطاريات تسمح بإعادة شحنها من أي محطة كهربائية أو أي مصدر كهرباء، وهذا ما يميّزها. كما أنها مزودة بكاميرتين، واحدة منها تُسجل مسار الرحلة كاملاً، بالإضافة إلى شاشة تعمل على اللّمس ونظام ملاحة «GPS» و«Sensors». وهي صديقة للبيئة، ولا تسبب تلوثاً.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون لها موديلات عدة ويمكن صنعها على شكل (فان) أو (بيك أب). كما يمكن استخدامها مولداً كهربائياً ومد وصلة كهربائية منها إلى المكان المراد إضاءته».
يصف الحسامي ما حققه حتى اليوم بأنه بمثابة المرحلة الأولى من ابتكاره. «إنها اليوم السيارة النموذج والتي يمكننا تطويرها إلى أبعد حدود في مرحلة ثانية. وأعني هنا عندما يصبح لدينا في لبنان مصنع سيارات. وأدعو أي مستثمر أو ممول أُعجب بهذه الفكرة ويرغب في الإسهام برفع اسم لبنان عالياً، أن يساندني كي ننشئ هذا المصنع».
يعمل هشام الحسامي في مجال الماكينات الصناعية منذ نحو 20 عاماً. أما فكرة صناعته سيارة كهربائية، فولِدت من قلب أوجاع اللبناني. «إن الأزمة الاقتصادية التي نمرّ بها أوحت لي بهذه الفكرة. ورحت أخطط لكيفية الخروج من أزمة انقطاع التيار وغلاء البنزين. فولدت فكرتي التي استغرقت نحو 4 أشهر لتنفيذها على الأرض. سهرت الليالي وجاهدت وكابدت وموّلت المشروع بأكمله من جيبي الخاص وجاءت النتيجة رائعة».
ماذا كان رد فعله عندما قادها لأول مرة؟ يرد: «كنت في منطقة جدرا عندما أدرت محركها لأول مرة، قدتها لأمتار قليلة ورحت أصرخ فرحاً كوني نجحت في تحقيق حلمي ولو بعد حين. ولن أنسى هنا زوجتي التي كانت داعمي الأول وشجعتني على السير قدماً في هذا الابتكار».
تصل سرعة «ليرة» القصوى إلى 100 كلم بالساعة؛ لذلك فهي مزودة فقط بأحزمة أمان من دون «Air Bags». وسوف يتراوح سعرها ما بين 4 و15 ألف دولار أميركي. فسعر المبيع النهائي يرتبط بالمواصفات التي يطلبها الشاري، وحجم البطارية وقدرتها، بالإضافة إلى زيادات أخرى محتملة.
وضع هشام لابتكاره الجديد علامة تجارية تتمثل بأرزة لبنان. وهو فخور بها - وبرأيه - توازي بأهميتها ومعناها أشهر ماركات السيارات. «مع الأرزة اللبنانية ستزداد خصوصية هذا الابتكار. وستشير إلى قدرات اللبناني التي لا حدود لها في هذا المجال. ولو أننا نملك الإمكانات المادية اللازمة لكان في استطاعتنا أن ندهش العالم».
وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عن شركة السيارات العالمية التي يحلم بالتعاون معها من أجل الترويج لابتكاره يرد بسرعة: «بكل تواضع، لست في حاجة إلى أي شركة عالمية كي أسوّق ابتكاري هذا. فهي صناعة لبنانة بامتياز بمجهود فردي وخاص. وفي بلدان أخرى يرصدون فريق عمل كاملاً لتنفيذ ابتكار مماثل».
ماذا يرغب أن يقول هشام الحسامي للعالم من خلال «ليرة»؟ يقول: «أردت رفع الصوت عالياً بأننا شعب مبتكر، وبأن لبنان يستطيع أن يكون في المقدمة دائماً. فهذه هي صورة لبنان الجميلة التي نريدها أن تنتشر حول العالم».