استُلهمت المجموعة الجديدة من تصميم يعود إلى ثمانينات القرن التاسع عشر (تيفاني آند كو)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
«تيفاني آند كو» تُدخل الفضة عالم الترف
استُلهمت المجموعة الجديدة من تصميم يعود إلى ثمانينات القرن التاسع عشر (تيفاني آند كو)
كانت الفضة، ولا تزال، المعدن المفضّل لدى الفنانين، فهي مادة صلبة، وفي الوقت نفسه مرنة تُمكّنهم من صياغة تُحف فنية رائعة. في عالم المجوهرات، هي أيضاً مادة محبَّبة للصاغة؛ لعدة أسباب، نذكر منها أن سعرها أقل بكثير من سعر الذهب أو البلاتين، الأمر الذي يجعلها أداة أولية يطوّعونها لتشكيل نماذج التصميمات المرسومة، قبل أن تُصاغ بالذهب وتُرصَّع بالأحجار الكريمة، بعد الموافقة عليها من قِبل مصممها أو الزبون. أما بالنسبة للعامة فإن أسعارها والابتكارات التي أُدخلت على تصميماتها كانت ولا تزال تخاطب شرائح أكبر. هناك أيضاً من يفضلونها على معادن أخرى، لأسباب تتعدى انخفاض أسعارها إلى ما تفرضه بيئتهم وثقافتهم، لكنها ظلت، في كل الأوقات، خارج ميدان الترف والفخامة إلى الآن.
كل هذا تغيّر في الآونة الأخيرة؛ لسببين، الأول ظهور المغنّية بيونسي بسوارين عريضين من هذا المعدن، في جولتها الغنائية «رينيسونس»، والثاني أن شركة «تيفاني آند كو»، مصمِّمة هذين السوارين، أدخلته عالم المجوهرات الفاخرة وأطلقت مؤخراً مجموعة بعنوان «تيفاني فورج (Tiffany Forge)» تُضاهي بسعرها البالغ أحياناً 3.500 دولار أميركي قطعاً من الذهب. صحيح أن الدار التي تأسست في نيويورك عام 1837 لها ارتباط وثيق بهذا المعدن، واستعملته في عدد من منتجاتها، بما في ذلك الأدوات المنزلية، منذ بدايتها، إلا أنه لم يدخل عالم الترف والفخامة من قبل.
تشير الدار إلى أن علاقتها بالفضة ليست جديدة، مستشهدة على ذلك بأنها عادت في هذه المجموعة إلى قديمها، من سلاسل بحلقات متصلة يعود تصميمها إلى ثمانينات القرن التاسع عشر، استلهمتها وأعادت تشكيلها بفنية معاصرة وحِرفية تطورت مع الزمن لتخاطب جيلاً جديداً يريد التميز بتصميمات مبتكرة ولها قصة. تشمل «تيفاني فورج» قلائد وأساور وخواتم وأقراطاً بتصميمات مشبوكة بسلاسل وبأحجام وأبعاد مختلفة. تشرح الدار أنها كانت حريصة على أن تأتي هذه السلاسل متصلة ومتشابكة ببعض، لكن دون انغلاق على نفسها.
في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…
إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.
برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابةhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5099072-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC-%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AF%D8%B2-%D8%B0%D8%A7-%D9%87%D8%A7%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6-%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D9%86%D8%A7%D9%8B-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D8%A9
برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع الحالية، وإدخال أخرى تقرأ نبض الشارع وثقافة جيل صاعد يُعوِلون عليه ويريدون كسب ولائه بربط علاقة مستدامة معه.
وهذا تحديداً ما تقوم به بيوت أزياء عالمية حوَلت متاجرها إلى فضاءات ممتعة يمكن للزبون أن يقضي فيها يوماً كاملاً ما بين التسوق وتناول الطعام أو فقط الراحة وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء في جو مريح لا يشوبه أي تساؤل.
محلات «هارودز» ذهبت إلى أبعد من ذلك. ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، أطلقت ما أصبح يُعرف بـ«هارودز هايف». برنامج قائم على حوارات ونقاشات مُلهمة يستهدف احتضان المواهب المحلية الصاعدة ودعمها أينما كانت، وذلك بجمعها مع رواد الترف والمختصين في مجالات إبداعية بشباب صاعد متعطش للمعرفة واختراق العالمية.
كانت التجربة الأولى في شنغهاي، ومنها انتقلت إلى بكين ثم دبي وأخيراً وليس آخراً الرياض.
ففي يناير (كانون الثاني) 2024، وتحت عنوان «الغوص في مفهوم الفخامة»، كانت النسخة الأولى.
نجحت «هارودز» في إظهار مدى حماس شباب المنطقة لمعرفة المزيد عن مفهوم الفخامة الحصرية وطرق مزجها بثقافتهم وإرثهم. ما كان لافتاً في التجربة السعودية تحديداً تمسك الشباب بالتقاليد والتراث رغم انفتاحهم على العالم.
وهذا ما ترجمته الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، سيّدة الأعمال والناشطة في الأعمال الخيرية التي شاركت في النسخة الأولى بقولها: «لم أُرِد يوماً أن أغيّر أي شيء في تقاليدنا، لأنّنا نملك الكثير من الفنون والإبداع. نحن نعتبر تقاليدنا من المسلّمات، لكن العالم توّاق لما هو جديد –وينبذ الرتابة– فقد ملّ من العلامات التجارية نفسها والتصاميم ذاتها».
كان توجه «هارودز هايف» إلى الرياض مسألة بديهية، حسب قول سارة مايلر، مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» في لقاء خاص، «لقد جاء تماشياً مع رؤية المملكة 2030 والطفرة التي تشهدها حالياً... أردنا من خلال البرنامج التركيز على القدرات الثقافية والإبداعية التي تكتنزها هذه المنطقة لا سيما أن لدينا فيها زبائن مهمين تربطنا بهم علاقة سنين».
محلات «هارودز» مثل غيرها من العلامات الكبيرة، ليست مُغيَبة عن الواقع. هي الأخرى بدأت تلمس التغييرات التي يمر بها العالم وتؤثر على صناعة الترف بشكل مباشر.
من بين الاستراتيجيات التي اتخذها العديد من صناع الموضة والترف، كان التوجه إلى جيل «زي» الذي لم يعد يقبل بأي شيء ويناقش كل شيء. الترف بالنسبة له لم يعد يقتصر على استهلاك أزياء وإكسسوارات موسمية. بل أصبح يميل إلى أسلوب حياة قائم على معايير أخلاقية تراعي مفهوم الاستدامة من بين معايير أخرى. الموضة ترجمت هذه المطالب في منتجات مصنوعة بحرفية عالية، تبقى معه طويلاً، إضافة إلى تجارب ممتعة.
معانقة الاستدامة
متجر «هارودز» مثل غيره من العلامات الكبيرة، أعاد تشكيل تجربة التسوق بأن جعلها أكثر متعة وتنوعاً، كما تعزز الاستدامة والتواصل الثقافي. وهذا تحديداً ما تستهدفه مبادرة «ذا هايف» وفق قول سارة «فهذا النهج ليس منصة للحوارات فحسب، بل يتيح لنا التواصل مع الجمهور بشكل أفضل لكي نتمكن من فهمه ومن ثم تلبية احتياجاته وتوقعاته. كما يسمح لنا ببناء علاقة مستدامة مبنية على الاحترام وفهم احتياجات السوق المحلي. وليس هناك أفضل من الإبداع بكل فنونه قدرة على فتح حوار إنساني وثقافي».
إطلاق النسخة الثانية
قريباً وفي الـ11 من هذا الشهر، ستنطلق في الدرعية بالرياض الدورة الثانية تحت عنوان «إلهام الإبداع من خلال التجربات». عنوان واضح في نيته التركيز على القصص الشخصية والجماعية الملهمة. كل من تابع النقاشات التي شاركت فيها باقة من المؤثرين والمؤثرات في العام الماضي سيُدرك بأن فكرته وُلدت حينها. فالتمسك السعودي بالهوية والإرث لم يضاهه سوى ميل فطري للسرد القصصي.
أمر أوضحته بسمة بوظو، أحد مؤسّسي الأسبوع السعودي للتصميم والتي شاركت في نسخة 2024 بقولها: «بالنسبة لنا كمبدعين، فإن ولعنا بالفنون والحرف التقليدية ينبع من ولعنا بفنّ رواية القصص، لدرجة أنه يُشكّل محور كل أعمالنا». وتتابع مؤكدة: «حتى توفّر التكنولوجيا الحديثة واكتساحها مجالات كثيرة، يُلهمنا للارتقاء بفنّ رواية القصص».
من هذا المنظور، تعد سارة مايلر أن برنامج هذا العام لن يقل حماسًا وإلهاماً عن سابقه، خصوصاً أن الحلقات النقاشية ستستمد نكهة إنسانية من هذه القصص والتجارب الشخصية، بعناوين متنوعة مثل «إلهام الإبداع» و«الرابط»، و«تنمية المجتمع الإبداعي» و«القصص المهمة» وغيرها.