شمال شرقي سوريا... حقول القمح تبشّر بمحصول وفير

«الإدارة الذاتية» حددت سعره بـ43 سنتاً أميركياً... وامتنعت عن شراء الشعير

مزارع سوري في حقل للقمح بعفرين الأربعاء الماضي (غيتي)
مزارع سوري في حقل للقمح بعفرين الأربعاء الماضي (غيتي)
TT

شمال شرقي سوريا... حقول القمح تبشّر بمحصول وفير

مزارع سوري في حقل للقمح بعفرين الأربعاء الماضي (غيتي)
مزارع سوري في حقل للقمح بعفرين الأربعاء الماضي (غيتي)

في بلدة الدرباسية التابعة لمحافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا) وعلى مد البصر، تنتشر حقول القمح، القاسي والطري منها، إلى جانب حقول الشعير التي تبشّر بموسم وفير هذا العام بعد موجة جفاف ضربت المنطقة لسنوات. فهذه المنطقة السورية تشتهر بزراعة أجود أنواع القمح والشعير عالي الجودة، وقد بدأت بالفعل مرحلة حصاد مادة الشعير ليصار، خلال أيام، جني حقول القمح.

يقول المزارع دارا سليمان، المتحدر من قرية سلام عليك، الواقعة بالجهة الشرقية من الدرباسية: «غالبية المزارعين والفلاحين استدانوا ثمن البذور وتكاليف الإنتاج، آملين أن يكون هذا الموسم أفضل من الأعوام السابقة». ويمتلك هذا المزارع نحو 80 هكتاراً زرعها بالقمح المروي على الآبار الجوفية، وذكر أنهم يبيعون إنتاجهم الزراعي لسلطات «الإدارة الذاتية» التي تقدّم أسعاراً تنافس أسعار الحكومة السورية. ويضيف بقلق: «تسعيرة حكومة دمشق كانت صادمة، لا تغطي جزءاً من تكاليف الإنتاج، أما تسعيرة الإدارة فأفضل منها».

حقول قمح في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

ويشاطر دارا في محنته آلاف المزارعين من أبناء المنطقة الذين يعتمدون على حقول القمح بوصفه جزءاً رئيسياً من مداخيلهم الاقتصادية، إلى جانب زراعة الشعير والذرة الصفراء. وتبلغ المساحات المزروعة في ريف هذه البلدة نحو 280 ألف دونم مروية، في وقت تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بعلاً 110 آلاف دونم، بحسب هيئة الزراعة التابعة لـ«الإدارة الذاتية».

في المقابل، يقول المزارع أشرف عبدي، المتحدر من قرية كربشك (غرب الدرباسية) إن تسعيرة القمح التي حددتها حكومة دمشق لهذا العام (2800 ليرة سورية، أي ما يعادل 30 سنتاً أميركياً) لن تغطي التكاليف والمصاريف الإنتاجية الأولية، فالدونم الواحد المروي من الأرض يكلّف أكثر من 150 دولاراً أميركياً. وأثناء حديثه، كان عبدي يقف بجانب حقله المزروع بالقمح، والمغطى بسنابل صفراء ذهبية تبشّر بمحصول وفير. لكن علامات الحيرة والاستفهام ارتسمت على وجهه، مشيراً إلى أن سعر الكيلوغرام إذا بيع اليوم بأقل من نصف دولار أميركي (يعادل 4200 ليرة سورية) «فلن يسد مجهود ورمق المزارع الذي ينتظر الموسم لعام كامل... حتى تسعيرة الإدارة (الذاتية) غير منصفة. أفضّل تخزينه (المحصول) على بيعه بالخسارة».

وتسيطر «الإدارة الذاتية» وقواتها العسكرية على محافظة الحسكة وريفها، ومدينة الرقة، وبلدة الطبقة، وريف دير الزور الشرقي، إلى جانب مدينتي عين العرب ومنبج بريف محافظة حلب الشرقي. وتشكل هذه المناطق خزان القمح على المستوى السوري وسلّة البلاد الغذائية. وتبلغ نسبة المساحات المزروعة هذا العام من مادتي القمح والشعير نحو مليون و900 ألف هكتار، منها 300.000 ألف هكتار قمح مروية على الآبار الجوفية.

جانب من حصاد القمح شمال شرقي سوريا قبل أيام (غيتي)

وتولي «الإدارة الذاتية» أهمية لمحصول القمح الاستراتيجي، وقد حددت سعر شراء الكيلوغرام من القمح لهذا الموسم بـ(43 سنتاً أميركياً). وتتوقع سلطات «الإدارة»، وكذلك بعض الخبراء المحليين، أن يكون إنتاج هذا الموسم أكثر من مليون طن. وتمنع «الإدارة الذاتية» المزارعين والتجار من بيع محصول القمح للحكومة السورية، كون الإدارة تخصص كميات محروقات كافية للزراعة بأسعار تنافسية، كما أنها توزّع البذار المعقّم بسعر أقل من أسعار الحكومة. وتخلت «الإدارة» هذا الموسم عن شراء مادة الشعير.

بدورها؛ حددت الحكومة السورية سعر شراء مادة القمح للموسم الحالي عند 2800 ليرة سورية (نحو 30 سنتاً أميركياً) للكيلوغرام الواحدة، بينما حددت تسعيرة مادة الشعير عند 2200 ليرة سورية (25 سنتاً). وهذه الأسعار، مقارنة مع تكاليف الإنتاج ومصاريف الشحن والزراعة، تبدو «صادمة»، كما يقول فلاحون ومزارعون.

ويرى الخبير الزراعي أكرم حسو، أن تسعيرة الحكومة السورية لهذا العام غير منصفة كلياً، ومتدنية مقارنةً مع العام الماضي، حيث اشترت دمشق الكيلوغرام من القمح بألفي ليرة، وكان تصريف الليرة أمام الدولار يومذاك نحو (3700 ليرة)، أي أنها اشترت كيلو القمح بـ(52 سنتاً أميركياً) في حين نافستها «الإدارة الذاتية» واشترت الكيلوغرام بـ(55 سنتاً أميركياً). ويضيف أن تسعيرة دمشق هذا العام «صدمت الجميع».

القمح محصول استراتيجي لـ «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي سوريا (غيتي)

ويشير المزارع دارا إلى أن الارتفاع الباهظ في تكلفة أعطال محرّكات المشروعات الجوفية يُثقل جيوبهم، كما أن تكاليف حراثة الأرض ازدادت أسعارها لتصل إلى أرقام قياسية (تكلفة الدونم 150 دولاراً، مثلاً)، إضافةً إلى ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية (الدونم يحتاج إلى 5 دولارات). ويقول: «كلها تحديات وصعوبات تواجه المزارع، وقد أثّرت في الموسم لهذا العام، فضلاً عن ارتفاع أسعار المحروقات غير المدعومة».

من جهته، يوضح المزارع أشرف أن الأسمدة التي تدخل بوصفها عنصراً رئيسياً في زراعة الحبوب، ارتفعت أسعارها لتتجاوز 750 دولاراً للطن، «خصوصاً مع شح الأمطار الموسمية، وتعرض المنطقة لسنوات من الجفاف، علماً بأن التربة استُنزفت بسبب زراعتها سنوياً».

ويتعرض سكان شمال شرقي البلاد، مثل حال باقي السوريين، إلى موجة قاسية من ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة، بعدما انخفضت الليرة السورية بشكل حاد أمام العملات الأجنبية. وشمل ارتفاع الأسعار مادة السكر والمواد الغذائية ومشتقات الوقود والكهرباء وأسطوانة الغاز. وتباع ربطة الخبز السياحي من الأفران الخاصة بـ2500 ليرة سورية، في حين يباع رغيف الخبز الحجري (في شرق البلاد) بألف ليرة سورية. ويخشى المزارعون والفلاحون من أبناء المنطقة مزيداً من التدهور في سعر ليرتهم؛ ما يعني خسارة فادحة في موسم القمح الذي كلّفهم كثيراً من الأموال والمجهود... «لقد دفعنا دم قلبنا عليه (الموسم)»، كما قال المزارعان دارا وأشرف في ختام حديثهما لـ«الشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

الجوع في العالم... تحدٍّ أخلاقي يتطلب حلاً مستداماً

خاص يحمل الأطفال الفلسطينيون الأواني في طابور لتلقي الطعام من مطبخ خيري في رفح (رويترز)

الجوع في العالم... تحدٍّ أخلاقي يتطلب حلاً مستداماً

يمثل الجوع وانعدام الأمن الغذائي تحديات أخلاقية وإنسانية تؤثر على الملايين حول العالم، ما يفرض مسؤولية أخلاقية تجاه المتضررين.

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي في جباليا بشمال غزة (رويترز)

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

حذرت وكالات الأغذية، التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم مستويات الجوع، خلال الأشهر السبعة المقبلة، في أجزاء كثيرة من العالم، وأكثرها إثارة للقلق غزة والسودان.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد أطفال فلسطينيون يتلقون طعاماً مطبوخاً بواسطة مطبخ خيري وسط نقص الغذاء في رفح (رويترز)

«الفاو»: تفاقم الجوع في 16 منطقة ساخنة بسبب الصراعات وظاهرة النينا

حذَّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من أن انعدام الأمن الغذائي الحاد من المتوقع أن يتفاقم في 16 نقطة جوع ساخنة.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد أحد فروع «لولو ماركت» (إكس)

مجموعة «اللولو» لجمع 1.43 مليار دولار من أكبر طرح أولي بالإمارات العام الحالي

تسعى مجموعة «اللولو» للبيع بالتجزئة إلى جمع ما يصل إلى 1.43 مليار دولار في طرح عام أولي من المتوقع أن يكون الأكبر في الإمارات هذا العام.

«الشرق الأوسط» (دبي)
شؤون إقليمية وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والأوكراني أندريه سيبيها خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين (الخارجية التركية)

تركيا وأوكرانيا تؤكدان أهمية مواصلة جهود إنهاء الحرب مع روسيا

أكدت تركيا وأوكرانيا أهمية مواصلة الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية على أساس القانون الدولي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.