قطار جديد أنيق في لوس أنجليس خالٍ من التلوث

بتصميم سويسري هو الأول من نوعه في أميركا

قطار جديد أنيق في لوس أنجليس خالٍ من التلوث
TT

قطار جديد أنيق في لوس أنجليس خالٍ من التلوث

قطار جديد أنيق في لوس أنجليس خالٍ من التلوث

في يوم بارد، يُخرج قطار جديد سُحُباً تبدو كأنها دخان، تماماً مثل المحرك البخاري التقليدي. لكنَّ القطار -الذي يعمل على خلايا الوقود الهيدروجينية، وليس الفحم- لا يُنتج أي انبعاثات ضارة بالمناخ أو ملوِّثة للهواء... فالعادم الوحيد منه هو بخار الماء.

قطار بيئي

القطار الأزرق الأنيق هو الأول من نوعه في أميركا الشمالية. يُسمى «زيمو» ZEMU، وهو الاسم المختصر لعبارة zero-emissions multiple unit (وحدة متعددة بلا انبعاثات). وسيبدأ قريباً في نقل الركاب بين مدينتين في شرق لوس أنجليس، مما يربط الركاب بقطارات أخرى تسافر إلى وسط المدينة.

يعمل بعض خطوط القطارات الأخرى، للقضاء على الانبعاثات، عن طريق إضافة أسلاك علوية واستخدام قطارات كهربائية، مثل مشروع «كالترين» الجديد في منطقة «باي». لكنَّ قطارات الهيدروجين لا تتطلب أي تغييرات على المسارات.

يقول تيم واتكنز، رئيس الشؤون التشريعية والعامة في إدارة النقل بمقاطعة سان برناردينو، الوكالة المسؤولة عن المشروع: «الحقيقة هي أنه يمكن استخدامها في أي مكان توجد فيه السكك الحديدية حالياً. لا يتطلب استثماراً رأسمالياً جديداً في البنية التحتية».

تَستخدم القطارات، التي صمَّمها مصنع «ستادلر» السويسري، نظاماً هجيناً يعمل ببطارية الهيدروجين. وتنقسم خلايا وقود الهيدروجين إلى جزيئات هيدروجينية، ما يُولِّد الطاقة التي تشحن البطاريات على متن القطار، والتي بدورها تعمل على تشغيل محركات القطار. كما تجري إعادة شحن البطاريات عندما يتوقف القطار.

يقول كادن كيلباك، مدير المشاريع التجارية في شركة «ستادلر» بالولايات المتحدة: «من الرائع لنا أن نتمكن من استعادة هذه الطاقة حتى نتمكن من زيادة كفاءة القطار، وتحسين المدى».

اختبارات ميدانية

يخضع القطار حالياً للاختبار النهائي على المسارات المحلية. ومن شأن شبكة «مترولينك»، وهي شبكة القطارات الإقليمية، تسيير الخدمة المنتظمة بين مدينتي ريدلاندز وسان برناردينو في أوائل عام 2025.

صُمم القطار، الذي يحتوي على ثلاث عربات للركاب، لإعادة التزود بالوقود مرة واحدة في اليوم. وفي البداية، سيَستخدم النظام الهيدروجين العادي، المصنوع من الوقود الأحفوري -لذا، رغم القضاء على التلوث المباشر من القطار، فإنه لا يزال يحتوي على بصمة كربونية.

يقول واتكنز إن الهيدروجين الأخضر، المصنوع باستخدام الطاقة المتجددة، «لديه مشكلة في الموارد هنا في جنوب كاليفورنيا. لكننا سوف ننتقل إلى الهيدروجين الأخضر مع توفر المورد بشكل أكبر».

وحقيقة أن القطار يقضي على التلوث أمر بالغ الأهمية في سان برناردينو. إذ تسهم الطرق السريعة ذات الممرات العشرة، وساحات القطارات الأخرى، وغير ذلك من الصناعات في المنطقة جميعاً، في تدني جودة الهواء.

تقليل التلوث

وقد منحت جمعية الرئة الأميركية هذه المقاطعة درجة «إف» في تقريرها عن حالة الهواء لعام 2024. وهي تحتل المرتبة الأسوأ في البلاد من حيث الضباب الدخاني، مع ما يقرب من 6 أشهر في السنة من أيام الهواء غير الصحي خلال فترة الدراسة من 2020 إلى 2022.

وتمثل حرائق الغابات، مثل حريق «لاين» الحالي، مصدراً آخر متزايداً لتلوث الهواء في المنطقة. لذا يمكن أن يساعد تقليل الانبعاثات في تجنب بعض من أسوأ آثار تغير المناخ، بما في ذلك مزيد من الحرائق.

ومن شأن المشروع، المدعوم بملايين الدولارات من تمويل الدولة، أن يُظهر نظاماً يمكن تكراره في أماكن أخرى. يقول كيلباك إن القطارات الكهربائية ذات الأسلاك العلوية لا تزال منطقية عندما يكون ذلك ممكناً، لأنها فعالة ولا تحتاج إلى إعادة التزود بالوقود. والقطارات نفسها أبسط، لذلك هناك عدد أقل من الأجزاء التي يمكن أن تتعطل. ولكن في المناطق التي يصعب فيها إضافة الأسلاك العلوية -إما لأن المدينة لا تحب مظهرها الخارجي، وإما لأن شركات الشحن التي تتقاسم المسار تقاومها- فإن الهيدروجين هو خيار آخر. ويضيف: «أعتقد أنه سيُمكّن الكثير من الأماكن من إزالة الكربون من دون الحاجة إلى إجراء استثمارات باهظة التكلفة في البنية التحتية».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».



برنامج علاجي مُبتكر لمرض يهدّد مزارع الأسماك المصرية

الثروة السمكية من أبرز مصادر الدخل القومي في مصر (أ ف ب)
الثروة السمكية من أبرز مصادر الدخل القومي في مصر (أ ف ب)
TT

برنامج علاجي مُبتكر لمرض يهدّد مزارع الأسماك المصرية

الثروة السمكية من أبرز مصادر الدخل القومي في مصر (أ ف ب)
الثروة السمكية من أبرز مصادر الدخل القومي في مصر (أ ف ب)

تُعدّ الثروة السمكية في مصر واحدة من مصادر الدخل القومي المهمة، ومصدراً للبروتين الآمن. وتُسهم تربية الأحياء البحرية بشكل كبير في إنتاج الأسماك.

وتُعد أسماك القاروص الأوروبي والبوري الرمادي من الأنواع الرئيسية «المُستزرعة» في مصر، التي تُسهم بنحو 13.4 في المائة من إنتاج القاروص المستزرع عالمياً، وتأتي في المرتبة الثالثة عالمياً بعد تركيا واليونان. في حين تُنتج مصر أكثر من 60 في المائة من إجمالي البوري المُستزرع في أفريقيا، ويُسهم هذا النوع بأكثر من 12 في المائة من الإنتاج السنوي للأسماك في البلاد.

ومع ذلك، تشكّل العدوى الطفيلية والجرثومية؛ مثل: قمل السمك البحري، ومرض «الفيبريوسيس»، تهديدات كبيرة لهذه الأنواع، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النفوق وخسائر اقتصادية كبيرة، خصوصاً في ظروف بيئية غير مثالية.

وتشمل العوامل المؤثرة في مكان انتشار العدوى الطفيلية والجرثومية تقلبات درجة الحرارة وانخفاض المناعة؛ ما يزيد من قابلية الأسماك للإصابة. وتسبّب الطفيليات تآكل الجلد والتقرحات، مما يؤدي إلى التهابات ثانوية قد تهدّد صحة الأسماك.

وتقليدياً، استخدمت الفوسفات العضوي والمضادات الحيوية للسيطرة على العدوى، لكن الحاجة إلى حلول صديقة للبيئة دفعت فريقاً بحثياً مصرياً إلى اختبار استراتيجية علاجية جديدة لمواجهة العدوى.

انتشار العدوى

وكشفت دراسة قادها باحثون بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، عن انتشار العدوى الطفيلية والجرثومية بين أسماك القاروص الأوروبي والبوري الرمادي المستزرعة في منشأة خاصة لتربية الأسماك في منطقة مثلث الديبا غرب بورسعيد على ساحل البحر المتوسط.

ووجدت الدراسة، المنشورة في عدد 5 سبتمبر (أيلول) 2024، من دورية «ساينتفك ريبورتس»، أن الأسماك المصابة بالعدوى ظهرت عليها بقع بنية اللون على الجلد والخياشيم مع إفرازات مخاطية مفرطة، وكانت تعاني من خمول واضح.

كما أظهرت الأسماك أعراضاً خطيرة، شملت نزيفاً خارجياً وتقرحات واستسقاء، إلى جانب تضخم الكبد ووجود نزيف داخلي.

وأظهرت التحليلات الطفيلية وجود قشريات طفيلية بحرية (قمل السمك البحري) في تجاويف الفم والخياشيم، في حين أظهرت التحليلات الجزيئية وجود بكتيريا «فيبريو ألجينوليتيكس» (Vibrio alginolyticus) بصفتها عدوى ثانوية، وهي نوع من البكتيريا البحرية التي تعيش في المياه المالحة وتُعدّ ممرضة للأسماك.

وأكدت الدراسة أن هذا النوع من البكتيريا كان مقاوماً للمضادات الحيوية الشائعة الاستخدام، ما يشكل تحدياً كبيراً لصناعة تربية الأحياء المائية في المنطقة.

مركب طبيعي

وقالت الأستاذة بقسم الطفيليات بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، الباحثة المشاركة في الدراسة، الدكتورة مروة عطية، إن الدراسة استهدفت تحديد العوامل المسببة للإصابات والعدوى باستخدام تحليلات مورفولوجية وجزيئية، وتقييم فاعلية برنامج يعتمد على مركب طبيعي، ومركب «بيراكسيد الهيدروجين» الكيميائي الذي يُستخدم بشكل شائع بوصفه مطهراً للجروح ويمتاز بقدرته على القضاء على الجراثيم والبكتيريا، بصفتها بدائل مستدامة للتحكم في العدوى.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»، أن الفريق نجح في تنفيذ برنامج علاجي متكامل شمل حمامات غمر باستخدام «بيراكسيد الهيدروجين» وتطبيق مركب طبيعي مستخلص من زيوت النباتات، بالإضافة إلى استخدام مكملات «البروبيوتيك»، وأن هذه الاستراتيجية أثبتت فاعليتها في السيطرة على العدوى الطفيلية والبكتيرية، ما أدى إلى تقليل معدل النفوق إلى مستويات ضئيلة واستعادة صحة الأسماك.

ويوضح الباحث الرئيسي للدراسة من قسم طب ورعاية الأحياء المائية بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، الدكتور محمد عبد السلام، أن الخطة العلاجية تضمّنت حمامات غمر باستخدام «بيراكسيد الهيدروجين» للقضاء على قمل السمك البحري، وتطبيقاً مستخلصاً من زيوت النباتات للسيطرة على العدوى البكتيرية، بالإضافة إلى مكملات «البروبيوتيك»، لاستعادة صحة الأسماك.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الخطة العلاجية المتكاملة نجحت في القضاء على الإصابة بقمل البحر، والسيطرة على العدوى البكتيرية الثانوية، وخفض معدلات النفوق بين الأسماك بشكل كبير، ما يوفّر طريقة مستدامة وفعّالة لمكافحة هذه الأمراض المدمرة، ويقلل من الاعتماد على المضادات الحيوية ويعالج قضية مقاومة مضادات الميكروبات المتزايدة.