استراتيجيات وطنية للتصدي للأمراض المستجدة والمتجددة

مؤتمر في تبوك يناقش سبل تعزيز قوة الرعاية الأولية في مواجهتها

الفيروسات الناشئة المسجدة تهدد البشرية
الفيروسات الناشئة المسجدة تهدد البشرية
TT

استراتيجيات وطنية للتصدي للأمراض المستجدة والمتجددة

الفيروسات الناشئة المسجدة تهدد البشرية
الفيروسات الناشئة المسجدة تهدد البشرية

تُعدّ الأمراض المُعدية أحد أبرز التحديات الصحية المستمرة عالمياً، في ظل التطور المتسارع لمسبباتها وتحوّرها، والحاجة المتزايدة لتحديث البروتوكولات وتعزيز الجاهزية الصحية. وفي هذا السياق، يبرز الدور المحوري للرعاية الصحية الأولية كخط الدفاع الأول والأكثر تأثيراً في حماية صحة المجتمع. وانطلاقاً من هذا المفهوم، يأتي مؤتمر تبوك للأمراض المُعدية في الرعاية الأولية، المزمع عقده خلال يومي 8 و9 ديسمبر (كانون الأول) 2025، برعاية كريمة من الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة تبوك، ليشكل منصة علمية متخصصة تسلط الضوء على أحدث الاستراتيجيات في الوقاية والتشخيص والعلاج.

رؤية ورسالة

في تصريح خاص لملحق «صحتك»، أوضح رئيس المؤتمر الدكتور أشرف أمير – استشاري طب الأسرة – أن هذا الحدث يُعدّ الأول من نوعه على مستوى المنطقة، ويهدف إلى تطوير قدرات ممارسي الرعاية الصحية الأولية في مواجهة الأمراض المُعدية، وتعزيز مهاراتهم في التشخيص المبكر، والعلاج الفعّال، والوقاية المستدامة.

وأشار إلى أن المؤتمر يُعقد تحت مظلة الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، وبالتعاون مع وزارة الصحة – فرع منطقة تبوك، وتنظيم ملتقى الخبرات لتنظيم المعارض والمؤتمرات الطبية، وبرعاية كريمة من أمير المنطقة، تأكيداً على دعم القيادة لبرامج التعليم الطبي المستمر وتمكين الكوادر الصحية.

ويأتي هذا المؤتمر في وقت تشهد فيه المملكة تحولاً محورياً في نظامها الصحي، جعل من الرعاية الأولية حجر الزاوية في حماية صحة المجتمع، والارتقاء بجودة الحياة. ويؤكد المؤتمر هذا الدور من خلال التركيز على الوقاية، ورفع جاهزية القطاع الصحي، والاستجابة الفعّالة للتفشيات الوبائية المحتملة.

شعار مؤتمر تبوك

الأمراض المُعدية المستجدة والمتجددة

يشير المؤتمر إلى أن الأمراض الناشئة والمُعاودة الظهور (Emerging and Re-emerging Infectious Diseases) تشكل تهديداً متنامياً للرعاية الأولية، في ظل سرعة انتقال مسببات العدوى عبر الحدود. ويتناول هذا المحور:

- الاتجاهات العالمية في انتقال العدوى، ومراقبة الأمراض، وأهمية التطعيم الواسع، والدروس المستفادة من جائحة «كوفيد - 19».

- عودة بعض الأمراض المنسية بسبب انخفاض معدلات التطعيم مثل الحصبة، والنكاف، والسعال الديكي، وشلل الأطفال، مما يؤكد أهمية التحصين الوطني والرقابة الوبائية.

> التطعيمات والتحديثات الوقائية. تمثل حصن المجتمع الأول، إذ تحتل التطعيمات موقعاً محورياً في منظومة الوقاية الصحية، وتشكل حجر الأساس في حماية المجتمع من الأمراض المعدية وتقليل عبء الإصابة والمضاعفات، لا سيما بين الفئات عالية الخطورة. يتناول المؤتمر هذا المحور كما يلي:

- لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): وجهود المملكة في الوقاية من سرطان عنق الرحم.

- تحديثات لقاحات الحمل والرضاعة وكبار السن: وضرورة حماية هذه الفئات الحساسة، وتقليل خطر الإصابة بالمضاعفات الشديدة.

- «كوفيد - 19» والمناعة الهجينة، وأهمية اللقاحات المحدثة واستمرار المراقبة الوبائية.

- لقاح الفيروس التنفسي المخلوي (RSV) والإنفلونزا الموسمية: برامج الشتاء الوقائية والتركيز على فئات الأطفال، وكبار السن، والمرضى المثبطين مناعياً.

- لقاح الهربس النطاقي للوقاية من آلام الحزام الناري لدى كبار السن.

- لقاح المكورات السحائية الغازية (Invasive Meningococcal Disease) ودليل الرعاية الأولية للوقاية المبكرة من المرض.

> الأمراض المُعدية المزمنة والفئات الخاصة. يركز المؤتمر على إدارة الأمراض المُعدية التي تتطلب متابعة طويلة الأمد، بالإضافة إلى تقديم الرعاية للفئات السكانية ذات الاحتياجات الخاصة، ويعالج محورين مهمين:

> أولاً: العدوى المزمنة، وتشمل:

- التهاب الكبد الفيروسي (بي B وسي C)، تقديم الإرشادات حول دور الرعاية الأولية في الكشف المبكر والعلاج، والحد من الانتشار.

- البروسيلا (الحمى المالطية)، التشخيص الحديث، والعلاجات الفعالة، خاصة في المناطق ذات الانتشار المرتفع.

- السل (Tuberculosis)، التركيز على الفحص المبكر، تتبع المخالطين، والمعالجة وفق أحدث البروتوكولات.

> ثانياً: العدوى في الفئات الخاصة، وتشمل: فئة كبار السن (Geriatric infections)، استراتيجيات وقائية وعلاجية خاصة لضعف جهاز المناعة لديهم. وكذلك فئة الأمراض المُعدية في بيئة العمل (Occupational Health)، الصحة المهنية وسبل الوقاية من العدوى المرتبطة بها.

المضادات الحيوية وطب السفر

> مقاومة المضادات الحيوية - خطر قادم. تؤكد الدراسات أن مقاومة المضادات الحيوية أصبحت تهديداً وجودياً للصحة العالمية. ويرجع السبب الرئيس في تفاقمها إلى سوء استخدام المضادات الحيوية في الممارسات الطبية اليومية، سواء بالإفراط في وصفها، أو اختيار النوع غير المناسب، أو عدم التزام المرضى بإكمال الجرعات المقررة. ويبرز هنا الدور المحوري للرعاية الصحية الأولية في مواجهة هذا الخطر من خلال تطبيق برامج الترشيد في استخدام المضادات الحيوية (Antibiotic Stewardship) من خلال:

- وصف المضاد المناسب للحالة.

- الحد من الأخطاء الشائعة في الوصف التي تساهم في تسريع انتشار المقاومة الميكروبية.

- إطلاق حملات توعوية على مستوى المجتمع.

- تعزيز مكافحة العدوى وبروتوكولات السلامة في المنشآت الصحية.

> طب السفر: تحديات متنامية مع حركة البشر. مع ازدياد حركة السفر والتنقّل عالمياً، تبرز أهمية طب السفر والأمراض المنقولة بالنواقل بوصفهما محورين رئيسين لحماية المسافرين والحد من انتقال مسببات العدوى بين الدول. يتم تناول المخاطر الصحية المرتبطة بالسفر، وسبل تعزيز جاهزية الرعاية الأولية في تقديم المشورة المناسبة قبل الرحلة وبعدها. من أبرز الأمراض الشائعة المرتبطة بالسفر: الملاريا، وحمى الضنك، والعدوى الفيروسية المرتبطة بالمناخ... إضافة إلى تقييم مخاطر السفر، واللقاحات المطلوبة، ووسائل الوقاية من لسعات الحشرات، ودور الرعاية الأولية في الاستشارات الوقائية قبل وبعد السفر.

الذكاء الاصطناعي والطب الرقمي

في خطوة تُجسّد رؤية مستقبلية للرعاية الصحية، يخصّص المؤتمر محوراً مهماً لمناقشة دمج التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في التعامل مع الأمراض المُعدية، بوصفهما ركيزة جديدة تُعيد تشكيل طرق التشخيص والوقاية والمتابعة. ويتناول:

> التشخيص والمتابعة الرقمية: يستعرض المؤتمر مستقبل المتابعة السريرية للأمراض المُعدية عبر الأدوات الرقمية، بما في ذلك التطبيقات الصحية والمنصات الافتراضية، ودورها في تسهيل الوصول للعلاج، ومراقبة الحالات، وتعزيز سرعة الاستجابة الصحية.

> الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر ومراقبة التفشيات. ويتم تناول الإمكانات الواسعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في:

- التنبؤ بتفشّي الأمراض.

- تحليل البيانات الوبائية الضخمة.

- تسريع التشخيص واتخاذ القرار السريري. وهو ما يُعد نقلة نوعية في الجاهزية الوبائية والاستجابة السريعة للعدوى.

> مواجهة التضليل الصحي حول اللقاحات: وهناك جانب مهم يتعلق بـالتضليل الصحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة المعلومات المغلوطة حول اللقاحات، واستعراض الآليات التي يمكن للرعاية الأولية من خلالها بناء الثقة، ودعم الرسائل العلمية الصحيحة، وتثقيف المجتمع بمخاطر المعلومات غير الدقيقة.

> التغلب على التردد في التطعيم: تطرّقت الجلسات الختامية لمفهوم التردد تجاه اللقاحات وكيفية معالجة مخاوف المرضى وتعزيز القبول المجتمعي. وتم التأكيد على دور الرعاية الأولية في إزالة الحواجز السلوكية والنفسية، وتقديم المشورة المبنية على الأدلة لضمان وصول اللقاحات إلى المستحقين وتحقيق تغطية تطعيمية شاملة.

> الطب الرقمي لتحسين جودة الرعاية وتقليل عبء المنشآت الصحية: يتناول المؤتمر تطبيقات الطب الرقمي في إدارة الأمراض المُعدية، بدءاً من الاستشارات الافتراضية، مروراً بالمتابعة المنزلية للحالات، ووصولاً إلى استخدام الأدوات الذكية لتحسين جودة الرعاية وتقليل العبء على المرافق الصحية.

ومن الواضح أن مؤتمر تبوك للأمراض المُعدية يلتزم بترسيخ مكانة الرعاية الأولية كقاعدة انطلاق لمكافحة العدوى والوقاية منها، من خلال برنامج علمي شامل ومفصل يتناول التحديات الراهنة والمستقبلية، بدءاً من معركة مقاومة المضادات الحيوية، مروراً بأهمية التطعيمات للفئات الخاصة والمجتمع ككل، وصولاً إلى دمج التقنيات المتقدمة كالذكاء الاصطناعي.

إن هذا الحراك العلمي المتجدد يسهم في تطوير البروتوكولات الوطنية، وتوحيد المفاهيم، وبناء وعي صحي مستدام بين أفراد المجتمع، وهو خطوة استراتيجية مهمة نحو تحسين التشخيص والعلاج، وتوحيد المعايير الوطنية، وأتمتة المتابعة عبر المنصات الرقمية. وفي نهاية المطاف، يعكس المؤتمر التزام المملكة بالارتقاء بالخدمات الصحية وتحقيق رؤية مجتمع أكثر صحة وأماناً منسجم مع مستهدفات «رؤية 2030» في تعزيز صحة المجتمع.

تعزيز قدرات مقدمي الرعاية الصحية الأولية

أوضح الدكتور غرم الله الغامدي، مدير عام فرع وزارة الصحة بمنطقة تبوك رئيس اللجنة الإشرافية العليا للمؤتمر، أن استضافة منطقة تبوك لهذا الحدث العلمي هي مدعاة للفخر؛ لما تتميز به من أهمية استراتيجية، وإرثٍ حضاري عريق، ودورٍ متنامٍ في الارتقاء بجودة الرعاية الصحية. كما أن هذا المؤتمر يجسّد التزامنا المشترك بتعزيز قدرات مقدمي الرعاية الصحية الأولية، من خلال أحدث المستجدات العلمية المبنية على الأدلة في مجال الأمراض المعدية.وتوجه بالشكر والتقدير للمتحدثين الكرام وللشركاء واللجان المنظمة، على ما قدّموه من جهودٍ بنّاءة أسهمت في إقامة هذا الحدث الذي يعدّ تجربة علمية ثرية وناجحة.

المنظور العلمي للمؤتمر ودوره في بناء وعي صحي شامل

وأوضحت الدكتورة مرام المحمدي، المشرفة العامة على فرع الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع بمنطقة تبوك، رئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر، أن مؤتمر تبوك للأمراض المعدية يمثل منصة علمية متجددة تُجسّد روح التكامل بين الخبرات الوطنية والدولية، وتسهم في رسم خريطة طريق واضحة لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية. وأضافت أن المؤتمر يناقش في محاوره المختلفة طيفاً واسعاً من الموضوعات الحيوية، بدءاً من الأمراض الناشئة والمستجدة، مروراً بأحدث التطورات في اللقاحات والعلاجات المضادة للميكروبات، حيث إن كل لقاح هو قصة نجاح جديدة، وكل جرعة حماية تمتد أثرها إلى المجتمع بأسره. وأشارت إلى أن الوقاية تبدأ من الرعاية الأولية، وأن المؤتمر يركز على كيفية تحويل هذا المفهوم إلى واقع مستدام يعزز سلامة المجتمع.وتابعت الدكتورة المحمدي أن المؤتمر يستعرض تجارب محلية ودولية ملهمة في مكافحة الأوبئة، ويحتفي بجهود الممارسين الصحيين الذين كان لهم دور محوري في التصدي للأمراض المعدية، مؤكدة أن مكافحة العدوى ليست مسؤولية فردية، بل واجبٌ مجتمعيٌّ مشتركٌ من الجميع. كما شددت على أهمية تطبيق أفضل ممارسات مكافحة العدوى داخل المرافق الصحية، من نظافة اليدين، إلى تعزيز سلامة المرضى، ورفع وعي الممارسين.كما تناولت الدكتورة المحمدي أهمية التحول الرقمي في مراقبة الأمراض، موضحة أن التقنيات الحديثة، من الذكاء الاصطناعي إلى تحليل البيانات الضخمة، أصبحت تتقدم بخطوة على العدوى، وتوفر أدوات دقيقة للرصد المبكر والاستجابة الذكية. وأكّدت كذلك على دور طب السفر في الحدّ من انتقال الأمراض عبر المسافرين، وأهمية الوعي الصحي قبل السفر والالتزام بالتطعيمات الموصى بها حسب الوجهة.أما فيما يتعلق بالتطعيمات، فقد شددت على أنها تمثل استثماراً في المستقبل، وليست مجرد إجراء روتيني، داعية إلى تعزيز ثقة المجتمع باللقاحات وفهم السلوكيات التي تؤثر في معدلات التطعيم، لضمان حماية المجتمع واستدامة الصحة العامة.واختتمت الدكتورة مرام المحمدي تصريحها بقولها إن هذا المؤتمر، المنعقد في تبوك الحالمة، يجسد التزاماً راسخاً بنشر المعرفة وتعزيز الوقاية، ويسهم في بناء مجتمع أكثر وعياً وقدرة على مواجهة التحديات الصحية، اليوم وفي المستقبل.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الفواكه والخضراوات تساعد على انتظام عملية الهضم خلال الشتاء (جامعة ماريلاند)

أطعمة ضرورية في الشتاء لتعزيز المناعة وصحة الأمعاء

غالباً ما يرتبط فصل الشتاء بالأطعمة المريحة والعادات الهادئة، وأحياناً ببعض السلوكيات غير الصحية. ومع ذلك، يُعد هذا الموسم فرصة مثالية لإعادة التركيز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)

هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتبادر إلى ذهنك أن حمامات الساونا والغطس في الماء البارد أشبه بعلاج سحري، يُعزز المناعة، ويحرق الدهون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أحماض أوميغا 3 الموجودة في  السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)

دور السردين في المحافظة على مستويات السكر في الدم

تعرف الفوائد الصحية للسردين والأسماك الدهنية على نطاق واسع، فمحتواها العالي من الدهون غير المشبعة يُساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
TT

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)

يعاني العديد من الأشخاص حول العالم يومياً من النوبات القلبية، وقد تكون أسباب ذلك متوقعة، مثل ارتفاع ضغط الدم المتكرر وأمراض القلب والكولسترول، وحتى نمط الحياة المليء بالتوتر والقلق وعادات مثل التدخين والأنماط الغذائية السيئة.

ولكن تبرز أيضاً أسباب غير متوقعة للنوبات القلبية، أبرزها، حسب موقع «ويب ميد»:

1- قلة النوم

ستشعر بالضيق والتعب إذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم بانتظام، ولكن ذلك قد يزيد أيضاً من خطر إصابتك بنوبة قلبية. في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون عادةً أقل من 6 ساعات في الليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف مقارنةً بمن ينامون من 6 إلى 8 ساعات. لا يعرف الأطباء السبب الدقيق لذلك، لكنهم يعلمون أن قلة النوم قد ترفع ضغط الدم وتؤدي إلى التهابات، وكلاهما ضار بصحة القلب.

2- الصداع النصفي

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم مقارنةً بمن لا يعانون منه. ويبدو أن الصداع النصفي المصحوب بهالة - أي رؤى أو أصوات أو أحاسيس غريبة تبدأ قبل بدء الصداع - يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاكل القلب.

3- الطقس البارد

يُشكّل البرد صدمةً للجسم. فالتواجد في الخارج خلال أشهر الشتاء قد يُؤدي إلى تضييق الشرايين، مما يُصعّب وصول الدم إلى القلب. إضافةً إلى ذلك، يضطر القلب إلى بذل جهد أكبر للحفاظ على دفء الجسم. إذا كنت قلقاً بشأن ذلك، فتوخَّ الحذر في درجات الحرارة المنخفضة، وقلّل من النشاط البدني الشاق، مثل جرف الثلج.

4- تلوث الهواء

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية مع ارتفاع مستويات تلوث الهواء. فالأشخاص الذين يتنفسون هواءً ملوثاً بانتظام أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب. وقد يكون الجلوس في زحام المرور خطيراً بشكل خاص؛ لأنه قد يجمع بين عوادم السيارات والغضب أو الإحباط.

5- وجبة دسمة وكبيرة

فكّر ملياً قبل تناول المزيد، فقد لا يقتصر ضررها على زيادة محيط خصرك فقط. فتناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة يرفع مستويات هرمون النورأدرينالين، وهو هرمون التوتر، في الجسم. وهذا بدوره قد يرفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وقد يُسبب نوبات قلبية لدى البعض. كما أن الوجبات الدسمة جداً قد تُسبب ارتفاعاً مفاجئاً في نسبة نوع معين من الدهون في الدم، مما قد يُلحق ضرراً مؤقتاً ببعض الأوعية الدموية.

6- المشاعر القوية: سلبية كانت أم إيجابية

يُعرف الغضب والحزن والتوتر بأنها عوامل مُحفزة لمشاكل القلب، ولكن قد تؤدي الأحداث السعيدة أحياناً إلى نوبة قلبية أيضاً. ويمكن أن تُحفزها المشاعر المصاحبة لحفلة عيد ميلاد مفاجئة، أو حفل زفاف، أو ولادة حفيد.

7- الإجهاد المفاجئ أو الشديد

يُساعد الحفاظ على لياقتك البدنية على حماية قلبك على المدى الطويل، ولكن الإفراط في ذلك قد يكون خطيراً. نحو 6 في المائة من النوبات القلبية تحدث نتيجة الإجهاد البدني الشديد. ورغم أنك ربما سمعت أن الرياضة وسيلة جيدة لتخفيف التوتر، فمن المهم جداً عدم الإفراط فيها عند الشعور بالغضب أو الانزعاج.

8- الزكام أو الإنفلونزا

عندما يقاوم جهازك المناعي جرثومة، قد يُسبب ذلك التهاباً يُلحق الضرر بالقلب والشرايين. في إحدى الدراسات، كان الأشخاص المصابون بعدوى الجهاز التنفسي أكثر عرضةً للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف. لكن مستوى الخطر لديهم عاد إلى طبيعته بعد شفائهم من العدوى ببضعة أسابيع. كما ترتفع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية خلال فترات تفشي الإنفلونزا، وهذا سبب وجيه آخر لتلقي لقاح الإنفلونزا.

9- الربو

تزداد احتمالية إصابتك بنوبة قلبية بنسبة 70 في المائة تقريباً إذا كنت تعاني من هذا المرض الرئوي. حتى مع استخدامك لجهاز الاستنشاق للسيطرة عليه، يبقى خطر إصابتك أعلى من المعتاد. بسبب الربو، قد تميل أيضاً إلى تجاهل ضيق الصدر، الذي قد يكون علامة مبكرة على نوبة قلبية. لا يعرف الأطباء ما إذا كانت مشاكل التنفس تُسبب النوبات القلبية أم أنها ببساطة ناتجة عن سبب مشترك: الالتهاب.

10- النهوض من السرير صباحاً

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية في الصباح؛ إذ يُفرز الدماغ كمية كبيرة من الهرمونات في الجسم لتنشيطه، مما يُشكل ضغطاً إضافياً على القلب. كما قد يُعاني الشخص من الجفاف بعد نوم طويل، مما يزيد من جهد القلب.

11- الكوارث

أظهرت الدراسات أن معدلات الإصابة بالنوبات القلبية ترتفع بعد الكوارث الكبرى كالزلازل والهجمات الإرهابية، ليس فقط مباشرةً بعدها، بل حتى بعد مرور بضع سنوات. قد لا يكون بالإمكان تجنب هذه المواقف، ولكن يمكن اتخاذ خطوات لإدارة التوتر بعد وقوعها، كالحرص على الحصول على قسط كافٍ من الراحة وممارسة الرياضة.

12- الرياضات الجماهيرية

قد تؤدي ممارسة الرياضة، وكذلك مشاهدتها، إلى الإصابة بنوبة قلبية. ففي عام 2006، ارتفعت حالات النوبات القلبية في ألمانيا بشكل ملحوظ خلال مباريات المنتخب الوطني في كأس العالم لكرة القدم. وبعد مباراة السوبر بول عام 1980، زادت حالات النوبات القلبية المميتة في لوس أنجلوس عقب خسارة فريق رامز.

13- الكحول

الإفراط في شرب الكحول قد يؤدي إلى رفع ضغط الدم، ويزيد من أنواع معينة من الكولسترول الضار، ويؤدي إلى زيادة الوزن، وكلها عوامل تضر بالقلب. كما أن هناك عواقب قصيرة المدى؛ فقد أظهرت إحدى الدراسات أن ليلة واحدة من الإفراط في الشرب قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية خلال الأسبوع التالي.

14- القهوة

للقهوة فوائدها ومضارها. يرفع الكافيين ضغط الدم لفترة وجيزة، مما قد يُسبب نوبة صرع، خاصةً إذا لم تكن تشربها بانتظام أو كنت مُعرضاً لخطر الإصابة بها لأسباب أخرى. عموماً، لا يبدو أن شرب كوب أو كوبين يومياً ضار.


هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
TT

هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)

عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتبادر إلى ذهنك أن حمامات الساونا والغطس في الماء البارد أشبه بعلاج سحري، يُعزز المناعة، ويحرق الدهون، ويُعالج كل شيء من آلام المفاصل إلى تقلبات المزاج.

لكن الحقيقة، كما يقول الخبراء، أكثر تعقيداً.

أفادت الدكتورة هيذر ماسي، الأستاذة المشاركة في علم البيئة القاسية وعلم وظائف الأعضاء بجامعة بورتسموث البريطانية: «هناك الكثير ممن يُؤمنون بفاعلية التعرض للحرارة والبرودة، لكننا لا نملك حتى الآن أدلة كافية تُؤكد فوائدها بشكل قاطع».

وتُوضح أن أجسامنا «مذهلة» في الحفاظ على استقرار درجة حرارتها الداخلية، التي تتراوح عادةً بين 36.5 و37 درجة مئوية.

وفي حياتنا اليومية، نادراً ما نُعرّض هذا النظام للخطر؛ إذ نقضي فترات طويلة في أماكن مُدفأة أو مُكيّفة.

وتُضيف أن تسخين الجسم أو تبريده يُسبب ضغطاً طفيفاً، قد يُحفز استجابات تكيفية أو وقائية، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

العلم وراء الساونا

تكمن جاذبية الساونا في هذه الفكرة، حيث نادراً ما تخلو منها الصالات الرياضية والمنتجعات الصحية هذه الأيام.

بالنسبة للبعض، تُعدّ الساونا مكافأة بعد التمرين، بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي للبعض الآخر، ويُقسم الكثيرون بفوائدها، مُقتنعين بأنّ 15 دقيقة من الحرارة الشديدة تُحدث فرقاً كبيراً في صحة الجسم والعقل.

ولا شكّ في أنّها تُشعِر بالراحة.

قالت الدكتورة ماسي: «عندما تجلس في الساونا وتتعرّق، قد تشعر بمزيد من الاسترخاء والحرية، وتزداد مرونتك، وقد تخفّ آلامك قليلاً... إذن، هناك بالتأكيد بعض الفوائد لاستخدام الساونا، لكن السؤال هو: هل هذه فائدة صحية طويلة الأمد أم أنها فائدة نفسية في المقام الأول؟».

أوضحت ماسي أن دراسة حديثة أجريت على أشخاص خضعوا لجلسات متكررة في أحواض المياه الساخنة، وأظهرت النتائج تغيرات في مستويات الأنسولين وضغط الدم.

وأضافت: «بدأنا بدراسة ما إذا كان تسخين الجسم قد يُفيد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة».

مع ذلك، تحثّ على توخي الحذر عند إطلاق ادعاءات صحية جريئة؛ إذ لا تزال الأدلة العلمية الموثوقة محدودة.

شرحت: «لم نُجرِ تجربة سريرية حقيقية للساونا. أعتقد أننا سنكتشف فوائد في المستقبل، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد».

وأكدت أنه من المعقول حالياً الاستمتاع بهذه العادة لما تُضفيه من شعور، دون افتراض أنها طريق مختصر ومضمون لتحسين الصحة.

وإذا قررت تجربة الساونا أو أحواض المياه الساخنة، تنصح الدكتورة ماسي بالحذر، والبدء تدريجياً، واستشارة طبيبك أولاً إذا كنت تعاني من أي أمراض مزمنة أو كنتِ حاملاً.

ماذا عن السباحة في الماء البارد؟

يُفضّل البعض تجربة عكس ذلك تماماً.

تزداد شعبية مجموعات السباحة في الماء البارد، حيث باتت السباحة في الصباح الباكر مشهداً مألوفاً على الشواطئ والبحيرات والأنهار.

تمارس الدكتورة ماسي، التي سبحت في القناة الإنجليزية وشاركت في بطولة العالم للسباحة في الجليد، السباحة في الماء البارد مرة واحدة أسبوعياً، لكنها لا تمكث فيه سوى بضع دقائق.

تجد الأمر «مؤلماً» في البداية، لكن تلك الصدمة الأولية هي ما يسعى إليه الناس.

تشرح قائلة: «عند الغطس لأول مرة، ينتابك شعورٌ بالاختناق اللاإرادي وتسارع في التنفس». يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وتزداد هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين.

وتضيف: «تصل هذه الاستجابة إلى ذروتها بعد نحو 30 ثانية، ثم تتلاشى بسرعة كبيرة».

يُقلل التعرض المتكرر من استجابة الصدمة، وبعد عدة مرات، يمكن تقليلها بنسبة 50 في المائة تقريباً.


الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
TT

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع. وبينما تُعتبر العلاجات النفسية وتغييرات نمط الحياة، وأحياناً الأدوية، عناصر أساسية في إدارة القلق، فإن صحة الأمعاء تُعدُّ جانباً غالباً ما يُغفل عنه.

وتزداد الأدلة التي تُشير إلى أن توازن البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى في الأمعاء -المعروفة باسم الميكروبيوم المعوي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية، ولا سيما حالات القلق والاكتئاب، وفقاً لموقع «هيلث لاين».

وعلى سبيل المثال، أظهرت البحوث أن الأفراد الذين يعانون من القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات، واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء.

وعندما يختل توازن الأمعاء، قد يُساهم ذلك في حدوث التهاب، ويُعطِّل إنتاج النواقل العصبية المنظمة للمزاج، مثل السيروتونين. لذا، فإن دعم صحة الأمعاء قد يُساعد في تخفيف أعراض القلق وتحسين الصحة النفسية العامة.

وفيما يلي بعض الطرق المُستندة إلى الأدلة لتحسين صحة الأمعاء، والتي قد تُساعد أيضاً في دعم التوازن العاطفي:

اختر الأطعمة الكاملة المفيدة للأمعاء

يلعب النظام الغذائي دوراً رئيسياً في صحة ميكروبيوم الأمعاء. فالأطعمة المُصنَّعة بكثرة، والسكريات المُضافة، والدهون المُشبعة، تُغذي البكتيريا الضارة، وتُعزز الالتهابات، وهما عاملان قد يُؤثران سلباً على الصحة النفسية.

فحاول استبدال الأطعمة الكاملة بالأطعمة فائقة المعالجة، والغنية بالسكريات والدهون.

وتشمل هذه الأطعمة:

الأطعمة الغنية بالألياف: البروكلي، والكرنب، والشوفان، والبازلاء، والأفوكادو، والكمثرى، والموز، والتوت، فهي غنية بالألياف التي تُساعد على الهضم الصحي.

الأطعمة الغنية بأحماض «أوميغا 3» الدهنية: سمك السلمون، والماكريل، والجوز، وبذور الشيا، وبذور الكتان، فهي غنية بأحماض «أوميغا 3» التي قد تُساعد على تقليل الالتهابات وتحسين الهضم.

تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبيوتيك

يعتمد توازن ميكروبيوم الأمعاء على كلٍّ من البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) والبريبيوتيك (الألياف التي تغذيها). ويمكن أن يساعد تناول مزيج من كليهما في دعم التنوع الميكروبي، المرتبط بصحة عقلية وهضمية أفضل.

من طرق إدخال البروبيوتيك والبريبيوتيك في نظامك الغذائي ما يلي:

أطعمة غنية بالبروبيوتيك: مخلل الملفوف، والكفير، والكيمتشي، والكومبوتشا، وخل التفاح، والكفاس، والزبادي عالي الجودة.

أطعمة غنية بالبريبيوتيك: الجيكاما، والهليون، وجذر الهندباء البرية، وأوراق الهندباء، والبصل، والثوم، والكراث.

مارِس عادات هضم صحية

لا يقتصر دعم الهضم على ما تأكله فحسب؛ بل تلعب العادات اليومية دوراً أساسياً في صحة الأمعاء والصحة النفسية.

حافظ على رطوبة جسمك: يساعد الماء على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، ويدعم امتصاص العناصر الغذائية.

تناول الطعام بوعي: تناول الطعام ببطء وفي جو هادئ يُحسِّن الهضم ويُخفف التوتر.

مارس الرياضة بانتظام: النشاط البدني يدعم انتظام حركة الأمعاء ووظائفها.

احصل على قسط كافٍ من النوم: قلة النوم تُخلُّ بتوازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، وتزيد من القلق. احرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.