استشارات: الاستمتاع بالألعاب الأفعوانية

استشارات: الاستمتاع بالألعاب الأفعوانية
TT
20

استشارات: الاستمتاع بالألعاب الأفعوانية

استشارات: الاستمتاع بالألعاب الأفعوانية

* ما الذي يحدث للجسم أثناء الألعاب الأفعوانية؟ وهل هناك محاذير صحية للاستمتاع بها؟

- هذا ملخص أسئلتك. وبداية، فإن ألعاب الأفعوانيات Roller Coasters تظل بالأساس من ألعاب المغامرات والمرح، التي يعشقها الكثيرون ويستمتعون بها، والتي أيضاً قد يتحاشاها آخرون، لأسباب عدة.

وتتحرك الأفعوانيات عادة بسرعات فائقة، ولكن منضبطة جداً، مع التواءات وانعطافات وحلقات دائرية مفاجئة، كما أنها غالباً ما تتوقف وتبدأ فجأة. وعلى سبيل المثال، قد ينطلق بعضها من سرعة صفر إلى 128 ميلاً في الساعة في غضون 3.5 ثانية فقط. وبعضها قد تصل سرعته إلى نحو 150 ميلاً في الساعة. وبمرافقة التطورات في قدرات الحركة المثيرة فيها، فإن ذلك يرافقه تطورات متقدمة جداً في جوانب السلامة.

ولذا، فإنه وبفضل لوائح السلامة وتطورها، تحافظ ألعاب الأفعوانيات على سجل سلامة جيد، على الرغم من دفعها جسم الإنسان إلى أقصى درجات الإثارة الجسدية والنفسية. ووفقاً للإحصاءات الأميركية والأوروبية، فإن احتمالية وفاة شخص ما بسبب صاعقة برق، بالرغم أن هذا نادر، هي أعلى بكثير من احتمالية الوفاة في حادث أفعوانية.

وفي الغالب، يُمكن للأشخاص «الأصحاء» أن يتوقعوا السلامة على متن الأفعوانية المُصممة جيداً. ويغادر هؤلاء «الأصحاء» الأفعوانيات سالمين ومستمتعين بلحظات لا تُنسى من الإثارة. بل قد يجد البعض فيها راحةً وتخفيفاً وتصريفاً للتوترات النفسية المتراكمة من قبلُ.

ولكن عليهم تذكر أن أحزمة أمان الأفعوانية صُممت لتثبيت الركاب في أماكنهم ومنعهم من السقوط. ولذا، قد يظل الرأس والرقبة قادرين على الحركة بحرية نسبية عند عدم اتباع خطوات السلامة من قبل الراكب، لأن الانطلاقات السريعة والتوقفات المفاجئة قد تتسبب في حركة مفرطة في الرقبة (فرط التمدد) ومفاصل الرقبة (فرط الانثناء). ولذا عند عدم اتخاذ الراكب احتياطات السلامة، قد تُسبب هذه الحركات الارتعاشية لبعض الراكبين إصابات في الرأس أو الرقبة. كما قد يشعر البعض بغثيان خفيف أو يُصابون بـ«الرؤية الضوئية» Photopsia - المصطلح الطبي لرؤية النجوم.

ومن المفيد توضيح تأثيرات السرعة والقوى التي تجعل الأفعوانيات ممتعة للغاية للكثيرين، وتجعلها أيضاً غير ملائمة لبعض المرضى. إذ إن السقوط السريع، يُعرّض الجسم لحالة من التسارع في قوى الجاذبية لفترة وجيزة من الزمن. وللتوضيح، فبينما يتعرّض الإنسان الذي يتجول على سطح الأرض لجاذبية «طبيعية» (أي 1 جي)، فإنه في الأفعوانيات (باختلاف درجات كثافة انحدار سرعة السقوط وسرعة الحركة) قد تتجاوز قوى التسارع بمقدار أعلى لفترة وجيزة. وعندما يتعرض شخص لتسارع 2 جي، يزداد وزنه إلى ضعف وزنه العادي. وعندما يتعرض شخص لتسارع 3 جي، يقل سريان الدم في الدماغ، ويؤدي إلى اختلال النظر.

وزيادة هذه القوى قد تُسبب للبعض ضغطاً على الجهازين العضلي الهيكلي والقلب والأوعية الدموية لدى الراكبين، ما يعني أنه يجب أن تتحمل العضلات والأربطة والأوتار والمفاصل والأقراص فيما بين فقرات العمود الفقري والجهاز القلبي الوعائي في جميع أنحاء الجسم، أكثر من الوزن الذي تتحمله في حالة الراحة. ويستطيع الراكبون «الأصحاء» على الأرجح تحمل هذه القوى دون أي مشاكل. ومع ذلك، قد لا يتمكن أولئك الذين يعانون من حالات مرضية سابقة من تحمل هذا الضغط الإضافي الوجيز.

ولذا قد يكون ركوب الأفعوانية غير ملائم بشكل خاص لمنْ يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب. وعادة توجد لافتات عند مداخل الأفعوانيات وغيرها من ألعاب المغامرات تُحذر بعض المرضى من ركوبها. ويرجع سبب تحذير الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب من ركوب الأفعوانيات، لتأثيرها على الجهاز القلبي الوعائي، حيث يسبب اندفاع إفراز الأدرينالين (بسبب تعرض الجسم للالتواءات والانعطافات المفاجئة والسريعة في الأفعوانيات) إلى ارتفاع سريع ومفاجئ في معدل ضربات القلب وضغط الدم. والأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض شرايين القلب، أو أمراض صمامات القلب، أو اضطراب نظم القلب (الرجفان الأذيني) ربما يكونون عُرضة لمخاطر صحية محتملة متعددة.

وأفادت جمعية القلب الأميركية عند حديثها عن ممارسة ألعاب الإثارة من قبل الذين يعانون من مشاكل في القلب بأن «ثمة القليل جداً من الأبحاث العلمية حول استكشاف هذا السؤال». وأضافت: «تتجاوز بعض الأفعوانيات سرعة 100 ميل في الساعة. ويمكن لسائق سيارة سباق أن يضاعف هذه السرعة في ثوانٍ. وكلا النشاطين مُثير، ولكن هل يُمكنهما أيضاً أن يُؤذيا القلب؟ على الأرجح لا».

وأشارت إلى ما عرضه الدكتور فرنك فارلي، عالم النفس في جامعة «تيمبل» في فيلادلفيا، في تعليقه على إحدى دراسات الاستطلاع التي أجراها مجموعة من الباحثين من جامعة «ييل»، (عُرضت في مؤتمر الجلسات العلمية لجمعية القلب الأميركية لعام 2018)، وذلك بقوله: «شاركت المجموعة في أكثر من 8000 نشاط للبحث عن الإثارة. وشملت التجديف، والقفز بالحبال، والهبوط بالحبال، والطيران الشراعي، والقفز بالمظلات. وبينما عانى نحو ثلثهم من أعراض طفيفة، بما في ذلك الدوخة والغثيان وخفقان الصدر، عانى تسعة منهم فقط من ردود فعل حادة، مثل الإغماء أو السكتة القلبية، في غضون ساعة من الحدث». وقال: «ما تُظهره الدراسة هو أن خطر المشاركة منخفض جداً - منخفض بشكل غير عادي - لكل رحلة».

وتشير بعض مصادر طب القلب إلى أن ركوب الأفعوانية بالعموم لن يؤثر على عمل جهاز نظم القلب (المزروع بثبات تحت الجلد). ولكنها تنصح باستشارة الطبيب المعالج والمتابع لحالة المريض، للتأكد من عدم وجود مشاكل قلبية أخرى تمنع هذا الركوب. وتُذكّر بأن الأفعوانية قد تحتوي على قضبان تثبيت الكتف، التي قد تستقر بشكل غير مريح على الجهاز المزروع تحت الجلد في مقدمة أعلى الصدر. ولكن يمكن استخدام حشوات إضافية، أو قميص إضافي، أو منشفة، لحماية الأجهزة في هذه الحالات من الاحتكاك الجسدي العنيف بموقع زرع الأجهزة.

ولذا يجدر بمرضى ارتفاع ضغط الدم ومرضى القلب بالعموم، استشارة طبيب القلب الذي يتابع حالتهم الصحية، قبل ممارسة هذه الألعاب. وخاصة الذين لديهم ارتفاع غير منضبط في ضغط الدم، أو سبق إجراء عمليات في القلب لديهم، أو زراعة صمامات (معدنية أو حيوانية)، أو زراعة أجهزة لعلاج اضطرابات نبض القلب، أو ضعف شديد في قوة القلب، أو أمراض شرايين القلب غير المستقرة، وغيرها من حالات أمراض القلب.

ويجدر التذكير بأن الشخص نفسه، الذي يتابع ويستشير طبيبه بانتظام في العيادة، هو وحده منْ يعلم حقيقة حالته الصحية الجسدية، وأي قيود صحية قد تكون لديه لسلامة ركوبه الألعاب الأفعوانية. وتحديداً الذين يعانون من مشاكل صحية أخرى غير قلبية، مثل الحالات المرضية في العظام أو المفاصل أو فقرات العمود الفقري، أو فقر الدم الشديد، أو النساء الحوامل، أو من خضعوا لجراحة حديثة، أو أصيبوا بحالة مرضية حادة حديثاً، أو من يستخدمون جبائر أو دعامات أو أجهزة تقييدية، أو من يعانون من إعاقات صحية معينة. ولذا يمكن دائماً استشارة الطبيب المعالج حول هذا الأمر أو أي أنشطة رياضية أخرى يود ممارستها.

كما أنه وعند ركوب الأفعوانيات بأمان، يجب أن يكون الراكب قادراً على الحفاظ على وضعية الركوب الصحيحة، وتلبية متطلبات اللعبة، واستخدام أنظمة الحماية بشكل مناسب، بما في ذلك قضبان اللفة، وأحزمة الكتف، وأحزمة الأمان.


مقالات ذات صلة

«فوائد مبالغ فيها»... مُكمِّل غذائي شائع للرياضيين قد يكون بلا قيمة

صحتك كثير من الرياضيين يتناولون مكملات الكرياتين بزعم أنها تزيد كتلة العضلات (رويترز)

«فوائد مبالغ فيها»... مُكمِّل غذائي شائع للرياضيين قد يكون بلا قيمة

كشفت دراسة جديدة أن مكملاً غذائياً شائعاً في الصالات الرياضية لبناء العضلات قد لا يكون ذا قيمة فعلية.

«الشرق الأوسط» (كانبرا)
علوم في كل مرة تمضغ فيها علكة… تملأ فمك بالبلاستيك

في كل مرة تمضغ فيها علكة… تملأ فمك بالبلاستيك

رصدت في المياه المعبأة والتربة وحتى الهواء

كريستن توسين (واشنطن)
صحتك الدماغ البشريّ قد «يلتهم نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة (رويترز)

دراسة: المخ قد «يأكل نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة

كشفت دراسة جديدة عن أن الدماغ البشري عندما يُحرم من الطاقة في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة، مثل سباقات الماراثون، فإنه قد يبدأ في «التهام» أنسجته الدهنية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
علوم العلاجات غير الجراحية ليست فعَّالة جداً لآلام أسفل الظهر

العلاجات غير الجراحية ليست فعَّالة جداً لآلام أسفل الظهر

حبوب أسيتامينوفين، الوخز بالإبر، التدليك، مرخّيات العضلات (Muscle relaxants)، الكانابينويدات (Cannabinoids)، الأفيونيات (Opioids)، هذه قائمة العلاجات المتاحة…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك البعض يتناول الطعام سعياً لملء الفراغ وإيجاد بعض الإلهاء (أرشيفية-رويترز)

خبراء يحذرون من تناول الطعام بسرعة... ويقدمون نصائح

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن خبراء التغذية ينصحون بالتمهل أثناء تناول الطعام للحصول على فوائده كاملة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

دراسة: المخ قد «يأكل نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة

الدماغ البشريّ قد «يلتهم نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة (رويترز)
الدماغ البشريّ قد «يلتهم نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة (رويترز)
TT
20

دراسة: المخ قد «يأكل نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة

الدماغ البشريّ قد «يلتهم نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة (رويترز)
الدماغ البشريّ قد «يلتهم نفسه» في أثناء ممارسة تمارين التحمل الشاقة (رويترز)

كشفت دراسة جديدة عن أن الدماغ البشري عندما يُحرم من الطاقة في أثناء ممارسة تمارين التحمّل الشاقة، مثل سباقات الماراثون، فإنه قد يبدأ في «التهام» أنسجته الدهنية لاستخدامها بصفتها وقوداً.

وحسب موقع «ساينس آليرت» العلمي، فقد أُجريت الدراسة على أدمغة 10 من عدّائي الماراثون (8 رجال وامرأتان)، تم إجراء فحوصات الرنين المغناطيسي لأدمغتهم قبل وبعد مشاركتهم في سباق لمسافة 42 كيلومتراً.

ولاحظ فريق الدراسة الإسباني تغيّرات واضحة في مستويات الميالين في الدماغ، وهو غلاف دهني يتشكّل حول الألياف العصبية بالمخ.

فبعد 24 إلى 48 ساعة من الماراثون، أظهر العداؤون علامات على فقدان كمية كبيرة من الميالين في مناطق الدماغ المرتبطة بالوظيفة الحركية والتنسيق، بالإضافة إلى التكامل الحسي والعاطفي.

لكن، بعد أسبوعين من الحدث، بدأت مؤشرات الميالين بالعودة إلى وضعها الطبيعي، وبعد شهرين من الجري، استقرت المؤشرات لدى المشاركين الستة الذين واصلوا الخضوع للفحوصات.

اعتقد بعض علماء الأعصاب قديما أن الدماغ يتجنب حرق الدهون للحصول على الطاقة (رويترز)
اعتقد بعض علماء الأعصاب قديما أن الدماغ يتجنب حرق الدهون للحصول على الطاقة (رويترز)

وكتب الباحثون في دراستهم: «تشير فحوصات أدمغة المشاركين إلى أنه خلال سباق الماراثون، عندما ينخفض ​​مستوى الغلوكوز في الدماغ بشكل خطير، فقد تبدأ بعض الخلايا العصبية التهام الميالين لاستخدامه وقوداً».

وأضافوا: «هذا يعني أن الخلايا العصبية قادرة على إعادة استخدام هذه الأغلفة الدهنية للتكيف مع التغيرات عند الضرورة القصوى».

ولفتوا إلى أن نتائجهم «قد تفتح آفاقاً جديدة للنظر إلى الميالين بصفته مخزن طاقة جاهزاً للاستخدام عند نقص العناصر الغذائية الشائعة في الدماغ».

وفي الماضي، اعتقد بعض علماء الأعصاب أن الدماغ يتجنّب إلى حد كبير حرق الدهون للحصول على الطاقة، حتى عندما يكون في حاجة شديدة إلى الحصول على العناصر الغذائية. لكن النتائج الجيدة أثبتت عدم صحة ذلك.

وعلى الرغم من أن حجم العينة في الدراسة الجديدة صغير، فإن النتائج تتفق مع دراسات حديثة أُجريت على الفئران، ووجدت أن الميالين يمكن استخدامه بصفته مخزوناً دهنياً عند ندرة الغلوكوز في دماغ الثدييات.

والميالين ضروري لوظائف الجهاز العصبي، ويرتبط فقدانه بشكل كبير بأمراض عصبية مختلفة، بما في ذلك التصلب اللويحي.