فرشاة الأسنان تقلل من معدلات الالتهاب الرئوي المكتسب

أداة بسيطة أنقذت حياة الآلاف من مرضى المستشفيات

فرشاة الأسنان تقلل من معدلات الالتهاب الرئوي المكتسب
TT

فرشاة الأسنان تقلل من معدلات الالتهاب الرئوي المكتسب

فرشاة الأسنان تقلل من معدلات الالتهاب الرئوي المكتسب

اكتشف الباحثون أداة غير مكلفة أنقذت العديد من الأرواح في المستشفيات - وهي فرشاة الأسنان بشعيرات في إحدى نهاياتها.

الالتهاب الرئوي وتنظيف الأسنان

عمل باحثون من مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد بالتعاون مع زملاء من معهد هارفارد بيلغريم للرعاية الصحية في ولاية ماساتشوستس الأميركية، على فحص ما إذا كان تنظيف الأسنان اليومي بين المرضى باستعمال فرشاة الأسنان مرتين في اليوم ولمدة دقيقتين كل مرة في المستشفى مرتبطاً بانخفاض معدلات الالتهاب الرئوي المكتسب (التهاب ذات الرئة) في المستشفى.

والمعروف أن التهاب ذات الرئة هو من أهم أسباب الوفيات في المستشفيات وخاصة في وحدات العناية المركزة.

مراجعة تجارب سريرية

جمع الفريق نتائج 15 تجربة سريرية عشوائية شملت أكثر من 2700 مريض ووجد أن معدلات الالتهاب الرئوي المكتسب في المستشفى كانت أقل بين المرضى الذين قاموا بتنظيف أسنانهم يومياً، مقارنة بأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. وكانت النتائج ملفتة بشكل خاص بين المرضى الذين يخضعون للتنفس الاصطناعي. ونُشرت نتائج تلك الدراسة في مجلة JAMA Internal Medicine الجمعية الأميركية للطب في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

السومريون والفراعنة وفرشاة الأسنان

ولنتعرف على تاريخ هذه الأداة التي أنقذت الآلاف الأرواح، فقد ذكرت كتب التاريخ أن أول من اكتشف فرشاة الأسنان كان السومريون، حيث وجد الباحثون قطعة من ساق الشجر تعود لعام 3500 قبل الميلاد حيث كان السومريون يعضون على نهاية الساق لتصبح مكتسية بألياف مشابهة لفرشاة الأسنان. وبعدهم جاء الفراعنة في 3 آلاف قبل الميلاد وتلاهم الصينيون في 1600 قبل الميلاد ليصنعوا ما يشبه الفرشاة من شعر الخنزير.

أول الفرشاة الصناعية

لكن أول محاوله مشابهة للفرشاة الحديثة تم تصنيعها في عام 1770 من قبل السجين البريطاني ويليام أديس، الذي أخذ عظمة من الوجبات وعمل فيها ثقوب ثم لصق فيها بعض الشعيرات من النايلون لتصبح أول فرشاة أسنان. ولكن عام 1938 هو العام الذي بدأت شركة «دي بونت» الفرنسية بإنتاج الفرشاة الحديثة كما نعرفها. وتطورت صناعة فرشاة الأسنان لنصل إلى الفرشاة الكهربائية التي أثبت العلماء أنها تقوم بتنظيف أفضل للفم مقارنة بالفرشاة العادية خصوصاً لكبار السن وممن يعانون من مشكلات في المفاصل.

انخفاض معدلات الوفيات في المستشفيات

وقال مؤلف الدراسة المذكورة البروفسور مايكل كلومباس، طبيب الأمراض المعدية في بريغهام، وأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد وأستاذ طب السكان في معهد هارفارد بيلغريم للرعاية الصحية: «الإشارة التي نراها هنا نحو انخفاض معدل الوفيات واضحة - إنها تشير إلى أن تنظيف الأسنان بانتظام في المستشفى قد ينقذ الأرواح». وأشار إلى أنه من النادر في عالم الطب الوقائي في المستشفيات العثور على شيء يكون فعالاً ورخيصاً في الوقت نفسه. وبدلاً من توظيف جهاز جديد أو دواء، تشير دراستنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تنظيف الأسنان يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً.

أجرى الفريق مراجعة منهجية وتحليل تلوي لتحديد العلاقة بين تنظيف الأسنان اليومي والالتهاب الرئوي. باستخدام مجموعة متنوعة من قواعد البيانات، جمع الباحثون وحللوا تجارب سريرية عشوائية من جميع أنحاء العالم قارنوا فيها تأثير العناية الفموية المنتظمة مع تنظيف الأسنان مقابل العناية الفموية دون تنظيف الأسنان على حدوث الالتهاب الرئوي المكتسب في المستشفى ونتائج أخرى.

إزالة الجراثيم

وجد التحليل أن تنظيف الأسنان اليومي كان مرتبطاً بانخفاض كبير في خطر الالتهاب الرئوي المكتسب في المستشفى والوفيات في وحدة العناية المركزة. بالإضافة إلى ذلك، حدد الباحثون أن تنظيف الأسنان للمرضى في وحدة العناية المركزة كان مرتبطاً بأيام أقل من التنفس الاصطناعي وأقل مدة إقامة في العناية المركزة، وذلك أن بعض الجراثيم التي تتجمع ما بين الأسنان قد يدفعها التنفس الاصطناعي نحو الرئتين لتزيد معدلات الإصابة بالتهاب ذات الرئة.

استكشفت معظم الأبحاث في مراجعة الفريق دور تنظيف الأسنان في البالغين في وحدة العناية المركزة. وكانت دراستان فقط من بين 15 دراسة شملها تحليل المؤلفين، قيّمت تأثير تنظيف الأسنان على المرضى غير الخاضعين للتنفس الاصطناعي. ويأمل الفريق أن يمتد تأثير الحماية لتنظيف الأسنان إلى المرضى غير الخاضعين للعناية المركزة، لكنه أشار إلى الحاجة لمزيد من البحث.

وقال كلومباس: «تؤكد نتائج دراستنا على أهمية تنفيذ روتين صحي فموي يشمل تنظيف الأسنان للمرضى في المستشفى». وأعرب عن أمله أن تساهم الدراسة في تحفيز السياسات والبرامج لضمان تنظيف المرضى في المستشفى أسنانهم بانتظام. وإذا لم يتمكن المريض من أداء هذه المهمة بنفسه، نوصي بمساعدة أحد أعضاء فريق رعاية المريض له.


مقالات ذات صلة

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«فوبيا الطعام»... أكثر رعباً مما تتخيل

يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)
يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)
TT

«فوبيا الطعام»... أكثر رعباً مما تتخيل

يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)
يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)

تشعر كلير دي بالرعب من البرتقال، لا تستطيع لمسه، أو الاقتراب منه. تقول كلير البالغة من العمر 39 عاماً، وأم لطفلين: «ليست فقط الرائحة؛ بل الأمر كله: اللب والقشرة والفصوص. أبتعد عن البرتقال ومكوناته بأي ثمن».

تستطيع كلير الاستمتاع بالليمون، إلا أنها لا تستطيع تقشير البرتقال لأطفالها الذين تتراوح سنهم بين عامين وخمسة أعوام. وزملاؤها في العمل بشركة تكنولوجيا في لندن يعرفون أنهم لا يستطيعون الجلوس على مكاتبهم وتقشير البرتقال أمامها.

يقول موقع «إندبندنت» إن كلير لم تحب البرتقال أبداً؛ لكنها تعتقد أن خوفها المرضي (الفوبيا) منه، تعود لتجربة معينة في طفولتها؛ حيث عُرضت عليها قطعة برتقال في كيس بلاستيكي شفاف، بعد مباراة كرة الشبكة في صغرها، ما جعلها تشعر بالغثيان. وتضيف: «أعلم أنه غير منطقي؛ لكن ليست لدي نية للتخلص من فوبيا البرتقال. لكن الأمر صعب؛ خصوصاً في عيد الميلاد؛ حيث تكون فاكهة البرتقال في كل مكان».

فوبيا الطعام شائعة في جميع مجالات الحياة، فالممثلة آنا ماكسويل مارتن التي شاركت في مسلسل «Line of Duty» لا تستطيع تحمل وجود سندويتشات، أو مايونيز بجوارها.

وتعاني عارضة الأزياء كيندال جينر من فوبيا الثقوب الصغيرة، المعروفة باسم «تريبو فوبيا» مثل خلايا النحل. بينما يكره الممثل إيدي ريدماين البيض، ولا يستطيع حمله.

يقول المتخصص في الفوبيا، كريستوفر بول جونز، مؤلف كتاب «واجه مخاوفك: 7 خطوات للتغلب على الفوبيا والقلق»، إن فوبيا الطعام، المعروفة أيضاً باسم «سيبوفوبيا»، هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة، موضحاً: «وقد تحدث نتيجة مشاهدة نوع الطعام أو شم رائحته، أو حتى مجرد التفكير فيه».

ويرى جونز أن فوبيا الطعام غالباً ما تنبع من تجارب سلبية مبكرة تُعرف باسم «التكيف البافلوفي». ويمكن أن تشمل هذه التجارب السلبية: الاختناق، وردود الفعل التحسسية، أو الصدمة العاطفية المتعلقة بالطعام، مثل التعرض للإجبار في الصغر على الأكل، ثم الشعور بالمرض.

ويضيف جونز: «إذا تُركت هذه المخاوف دون علاج، يمكن أن تزيد مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى نظام غذائي مقيد بشدة يمكن أن يؤثر على صحة الشخص» المصاب بالفوبيا.

ويدَّعي جونز أنه من خلال كسر الاتصال الشعوري الذي يحفز الخوف، يمكنه حل معظم الفوبيات في جلسة واحدة إلى 4 جلسات. وأن نهجه متعدد الأبعاد يركز أكثر على التعامل مع جذور المشكلة مقارنة بالتنويم الإيحائي التقليدي.

وفقاً لخبير فوبيا الطعام فيليكس إكونوماكيس الذي يدير عيادة خاصة في لندن، فإن معظم الأشخاص الذين يعانون من فوبيا طعام شديدة سيأكلون عنصرين غذائيين فقط، مثل الدجاج والبطاطس المقلية. ومع ذلك، فقد عالج رجلاً لم يأكل سوى الخبز طوال حياته.

ويقول إكونوماكيس: «إذا اعتقد الدماغ أن الطعام يمثل خطراً، فإنه سيتجنبه؛ لكن الدماغ في الوقت نفسه يعرف أنه يحتاج إلى الطعام للبقاء على قيد الحياة، لذا سيختار ما يعده أكثر الأطعمة أماناً».

وأشار إلى أن فوبيا الطعام يمكن تشخيصها –على سبيل الخطأ- أنها فقدان الشهية العصبي، بينما هي في الواقع «عدم ثقة بالطعام. ويعاني المصابون من شعور بالخوف المرضي تجاه بعض الأطعمة؛ حيث ستبدأ أجسامهم بالرعشة، كما لو أنك وضعت عنكبوتاً» في يده.

مثلت كعكات الأرز مع الزبدة ومعجون المارميت الجزء الأكبر من نظام مارك (اسم مستعار) الغذائي لفترة طويلة. تقول والدته إنها وضعت الفيتامينات سراً تحت معجون المارميت في محاولة يائسة للحفاظ على صحته، عندما كان طفلاً. عند سن 16 عاماً، أضاف قطع الدجاج المقلي (الناغتس) والبطاطس المقلية إلى نظامه الغذائي.

ويقول مارك: «كنت أشعر بالقلق الشديد إذا كان عليَّ الذهاب إلى حفلة لأنني أشعر بالخجل؛ إذ كنت آكل فقط كعكات الأرز، 12 قطعة على الأقل يومياً».

وتابع: «لم يتم تشخيصي مطلقاً باضطراب. كنت أشعر بأنني مختلف ومعزول وخائف، ولدي قلق اجتماعي وقليل من الاكتئاب».

ويشير موقع «إندبندنت» إلى أن مارك لا يزال انتقائي للغاية بشأن الطعام؛ لكن منذ التحاقه بالجامعة دفع نفسه لتجربة العصائر؛ حيث من الأسهل تجربة المشروبات عن الأطعمة الصلبة. ويؤكد: «لا تزال كعكات الأرز طعامي الآمن. فكرة تجربة أطعمة مختلفة مخيفة جداً».

تُرجع والدة مارك فوبيا الطعام لديه، إما إلى صدمة عندما اختنق بالطعام وهو طفل، وإما لغضب عاملة الحضانة منه عندما اتسخ بالطعام.

وتقول المعالجة النفسية كيري جونز، إن فوبيا الطعام أقل شيوعاً بعض الشيء مقارنة بأنواع أخرى من اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية والشره المرضي أو اضطراب الشراهة عند تناول الطعام؛ لكنها لا تزال تؤثر على عدد كبير من الأشخاص.

وتميل هيئة الخدمات الصحية البريطانية إلى تقديم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج القائم على الأسرة لعلاج فوبيا الطعام. وتشمل التقنيات الأخرى المستخدمة «سلسلة الطعام»؛ حيث يتم إنشاء «سلاسل» بين الأطعمة التي يتناولها المصابون بفوبيا الطعام بالفعل والأطعمة الجديدة التي تشبهها في الطعم أو اللون أو القوام.