ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)
لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)
TT

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)
لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

مع بداية كل صباح، يتناول أغلب الناس كوب القهوة لبداية يومهم؛ بحثاً عن اليقظة والنشاط والإفاقة بين رشفات كوب الكافيين.

وقد تبدو النصائح الصحية المتعلقة بالكافيين مربكة في بعض الأحيان. فقد وجدت دراسة نُشرت في مجلة «الطب» البريطانية، القائمة على الأدلة BMJ، أن النساء الحوامل يجب أن يتوقفن عن تناول الكافيين تماماً للمساعدة في تجنب الإجهاض وانخفاض الوزن عند الولادة وولادة جنين ميت.

وهذا يتناقض مع الإرشادات الحالية في بريطانيا، والتي تنص على أن تناول الكافيين اليومي بما يعادل كوبين من القهوة متوسطة القوة (200 ملجم) آمن للنساء الحوامل، وفقاً لما ذكرته صحيفة «تليغراف» البريطانية.

ومما لا شك فيه أن الكافيين يسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا، ويشرح توماس ساندرز، أستاذ التغذية وعلم الأنظمة الغذائية في «كينجز كوليدج لندن»، هذه العملية، منذ اللحظة التي تمر فيها رشفات القهوة إلى أجسامنا.

8 صباحاً: أول رشفة

إن تأثيرات الكافيين تعتمد بشكل طبيعي على مقدار ما تستهلكه، وطبيعة الشخص في تناول قهوته، إذ ما كانت فى الصباح الباكر، وقاعدةً عامة، يبلغ متوسط ​​عمر الكافيين في الجسم ما بين خمس وست ساعات للبالغين الأصحاء.

ويقول البروفيسور ساندرز: «الشيء المهم الذي يجب التأكيد عليه هو أن هناك الكثير من التباين في الاستجابة الفردية للقهوة؛ قد يكون بعض ذلك وراثياً، وقد تكون هناك أيضاً اختلافات بين الجنسين في الطريقة التي نحلل بها القهوة أيضاً».

8.05: تأثير الكوب الوهمي

لا يوجد شيء أكثر متعة في الحياة من أول رشفة من القهوة، والتي تجعلك تشعر باليقظة مع كل رشفة ثانية. ومع ذلك، من المرجح أن يكون هذا التغيير الفوري في مزاجك مجرد دواء وهمي وليس تغييراً بيولوجياً، خصوصاً إذا كنت معتاداً على استهلاك الكافيين كل صباح.

يقول البروفيسور ساندرز: «للشعور بتأثيرات القهوة، عليك أن تسمح لها بالامتصاص في مجرى الدم. ما تشعر به في هذه المرحلة من المرجح أن يكون تأثيراً نفسياً فقط».

8.20: تعزيز الطاقة

هنا تبدأ الأمور في التحسن. يستغرق امتصاص الكافيين في مجرى الدم نحو 20 دقيقة؛ لذا يجب أن تبدأ في الشعور بالتأثيرات الإيجابية بحلول هذا الوقت.

يقول البروفيسور ساندرز: «أول ما تشعر به هو زيادة معدل ضربات القلب. فسوف يمنحك ذلك دفعة طفيفة، وهذا هو السبب في أن الكثير من الناس يعتمدون على فنجان القهوة في الصباح». وهذا هو السبب أيضاً في أن الأشخاص الذين يعانون أمراض القلب، مثل عدم انتظام ضربات القلب، يُنصَحون بتجنب شرب مشروبات الصباح القوية.

خلال هذه الدقائق العشرين، يتحسن أداؤك العقلي بالفعل؛ ستشعر بمزيد من اليقظة والنشاط والقدرة على معالجة المهام. يتسبب تدفق القهوة إلى مجرى الدم في إطلاق الأدرينالين.

8.30: نداء الطبيعة

الكافيين مدرّ للبول؛ لذا بعد نحو نصف ساعة من تناول فنجان القهوة الصباحي، قد تشعر بالحاجة إلى التبول (يمكن أن يحدث هذا بسرعة تصل إلى خمس دقائق بعد شربه). ومع ذلك، وجدت إحدى الدراسات أن تناول فنجان صغير ليس له علاقة بالجفاف؛ ما يعني أن أولئك الذين يستهلكون القهوة بكميات معتدلة لا يحتاجون إلى التعويض عن ذلك بشرب كمية إضافية من الماء.

9:30 تأثيرها على الأمعاء

إذا كانت القهوة هي الكافيين المفضل لديك، فهذه هي اللحظة التي قد تشعر فيها بتقلصات في منطقة البطن.

تحفز المركبات الموجودة في القهوة الأمعاء؛ مما يؤدي إلى دفع الفضلات للخارج بشكل أسرع من المعتاد. لذا؛ يقول البروفيسور ساندرز، بعد 60 إلى 90 دقيقة من الاستهلاك، قد تشعر «بقليل من التشنج في الأمعاء».

ويوضح ساندرز: «ارتبط شرب القهوة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم».

كما ثبت أن القهوة تقلل من مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن الأشخاص الذين زادوا من تناولهم القهوة على مدى فترة أربع سنوات كان لديهم خطر أقل بنسبة 11 في المائة للإصابة بالمرض من أولئك الذين لم يزيدوا من استهلاكهم للقهوة.

11 صباحاً: الانهيار المروع

في هذا الوقت من اليوم قد تكون قد نجحت في إنجاز اجتماعك الصباحي، وتصفحت بريدك الإلكتروني بسرعة، وتشعر بأنك لا تقهر. هذا حتى تبدأ في الشعور بالتعب المؤلم. هذا، ما يعرف باسم انخفاض الكافيين.

قال البروفيسور ساندرز: «إذا تناولت أول كوب من القهوة في الساعة 8 صباحاً، فمن المحتمل أن يتلاشى تأثيره على جسمك تماماً بحلول الساعة الـ11؛ فأنت في حاجة إلى جرعات منتظمة منه للحفاظ على هذه التأثيرات».

تتضمن علامات انخفاض الكافيين الصداع والتعب المفرط وعدم القدرة على التركيز والانفعال.

12:00 ظهراً: الشغف

بينما يختفي الكافيين من جسمك، فإنه لا يزال في ذهنك.

يقول البروفيسور ساندرز: «عندما تستهلك شيئاً ما لفترة من الوقت، تتكيف المستقبلات في دماغك. وتستغرق هذه المستقبلات بعض الوقت للعودة إلى وضعها الطبيعي بعد إزالة القهوة من النظام، حيث يوجد توقع بأنك ستحصل على جرعة أخرى، وهذا من شأنه أن يوقظك».

هذا التوقع هو ما يدفع الكثير منا إلى تناول كوب بعد الظهر، وبدء حلقة مفرغة حتى وقت متأخر من بعد الظهر.

نظراً لمحتوى الكافيين، فمن المتفق عليه على نطاق واسع بين الخبراء أن تناول القهوة في وقت متأخر من اليوم يمكن أن يعطل النوم. وجدت إحدى الدراسات، التي نُشرت في مجلة «طب النوم السريري»، أن الكافيين الذي يتم تناوله قبل ست ساعات من النوم لا يزال يؤثر على النوم.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القهوة غنية بمضادات الأكسدة (أ.ف.ب)

فوائد تناول البروتين مع القهوة في الصباح

يمكن للقهوة والبروتين تعزيز صحتك بطرق متنوعة، فالقهوة غنية بمضادات الأكسدة ويمكن أن تساعد في مقاومة الإجهاد التأكسدي، الذي يرتبط بالإصابة بالأمراض المزمنة.

الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)
يوميات الشرق لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

وصل هَوَس الكاتب هونوري ده بالزاك بالقهوة حدّ تناول 50 فنجاناً منها يومياً، أما بريتني سبيرز فتشربها بالـ«غالونات». ما سر هذا المشروب الذي أدمنه المشاهير؟

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك توصي الإرشادات الدولية النساء الحوامل بالحد من كمية القهوة التي يقمن بتناولها (أ.ب)

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة في إصابة أطفالهن بفرط الحركة؟

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة -حقّاً- في إصابة الأطفال ببعض الاضطرابات العصبية، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال