كيف يسبب التوتر الإصابة بسرطان الأمعاء؟

الضغوط موجودة في كل مكان طوال الوقت (رويترز)
الضغوط موجودة في كل مكان طوال الوقت (رويترز)
TT

كيف يسبب التوتر الإصابة بسرطان الأمعاء؟

الضغوط موجودة في كل مكان طوال الوقت (رويترز)
الضغوط موجودة في كل مكان طوال الوقت (رويترز)

تحيط ضغوط الحياة بالبشر مثل الضباب الكثيف.

ويبدو أن الضغوط موجودة في كل مكان، طوال الوقت، على عكس الضغوط النادرة واللحظية التي كانت تلاحق أسلافنا.

وصمم التطور استجابة البشر للضغوط لتستمر لبضع دقائق في أثناء الركض من نمر مثلاً. وسواء كان ذلك للأفضل أو الأسوأ، فإن هذا النوع من الضغوط يختفي بسرعة.

وبحسب تقرير لـ«سايكولوجي توداي»، فإن الضغوط المستمرة مرض حديث أجسادنا غير مستعدة له. ويمكن أن تؤدي إلى القلق والعصاب والاكتئاب.

والضغوط من الممكن أن تأتي في شكل رئيس سيئ، أو سياسيين ثرثارين، أو تغير مناخي وجودي. وهذه ليست سوى الضغوط الخارجية.

أيضاً هناك الضغوط الداخلية، بما في ذلك القلق، وسوء الصحة، والعادات السيئة. فمجموع الضغوط التي يتعرض لها البشر مرهق، ولكن هناك نتيجة أكثر قتامة: يمكن أن تسهم الضغوط في الإصابة بالسرطان.

وجدت دراسة جديدة أجرتها الدكتورة تشينغ لي وزملاؤها من جامعة سيتشوان أن الفئران المجهدة لديها كميات أقل من بكتيريا اللاكتوباسيلوس. ومن المعروف أن اللاكتوباسيلوس تعمل على تعزيز الخلايا المناعية التي تستهدف الأورام. ونتيجة لفقدانها، تتطور أورام القولون بشكل أسرع. وبهذه الطريقة، وجدت الدكتورة لي أن الإجهاد يمكن أن يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان القولون.

وهذا يتفق مع دراسة سابقة هذا العام من ياتريك شاه في جامعة ميشيغان، التي وجدت أيضاً أن الإجهاد يقلل من اللاكتوباسيلوس، ويعزز نمو ورم القولون. في كلتا الدراستين، أدى إضافة اللاكتوباسيلوس بوصفه مكملاً إلى إبطاء تقدم الأورام.

وأُجريت كلتا الدراستين على الفئران؛ وهناك حاجة إلى كثير من العمل قبل أن تتوفر العلاجات البشرية. ولكن هناك بعض التقنيات المعروفة لتحسين ميكروبيوم الأمعاء، ولا يمكنك أن تخطئ باتباع هذه المبادئ التوجيهية الثلاثة الرئيسية.

النظام الغذائي

لا يمكننا تغيير الضغوط الخارجية، ولكنْ لدينا قدر مدهش من السيطرة على اضطراباتنا الداخلية. النظام الغذائي هو طريق سهل لمرونة الإجهاد. عندما تغذي الميكروبات المفيدة في جسمك، فإنها تنتج مواد تسمى «الأحماض الدهنية ذات السلسلة الصغيرة»، التي تغذي الخلايا المبطنة للأمعاء وتعالجها.

وهذا يساعد أمعاءك على محاربة الميكروبات الضارة، وتقليل الالتهاب. كما أنها تغذي أنواع «Lactobacillus»، التي تشجع جهاز المناعة لديك على وقف نمو الأورام.

وبحسب لي، فإن «استعادة البكتيريا المفيدة في الأمعاء، مثل (Lactobacillus)، يمكن أن تعزز دفاعات الجسم الطبيعية ضد سرطان القولون والمستقيم».

ما نوع الطعام الذي تريده الميكروبات المفيدة في جسمك؟

الألياف. هي أحد مكونات النباتات التي تمنحها الصلابة. عادة ما يتم تصنيع الألياف من سلاسل طويلة من جزيئات السكر، ويمكنك العثور عليها في الخضراوات مثل البصل والفاصوليا والخرشوف.

البوليفينول هو أيضاً مفتاح لصحة أمعائك، ويمكنك العثور عليه في الأطعمة مثل المكسرات والعنب الأحمر والشوكولاته. تناول أيضاً الفواكه التي تحتوي على الألياف والبوليفينول مثل الفراولة والتوت الأزرق والتوت.

التمارين الرياضية

تزيد التمارين الرياضية من إنتاج الإندورفين، وتجعلك تشعر بتحسن. يعد هذا التعديل في الموقف ترياقاً جيداً للتوتر. لا يلزم أن يكون شاقاً أيضاً. يمكن أن تمارس السباحة أو لعب التنس أو المشي لمسافات طويلة لتهدئة عقلك. تساعد التمارين الرياضية أيضاً على موازنة ميكروبات الأمعاء، والحفاظ على بطانة الأمعاء قوية ضد مسببات الأمراض الالتهابية.

إذا كان تمرينك الوحيد اليوم هو رفع جهاز التحكم عن بُعد، فابدأ ببطء. فأنت تخاطر بالإصابة إذا تسرّعت، وقد يؤدي وقت التعافي إلى تدمير برنامج تمرين جيد.

افعل شيئاً تستمتع به. إذا كنت محظوظاً، فستفعل ذلك لبقية حياتك. الرقص أو الرياضة أو البستنة هي تمارين رائعة يمكن أن تضيف بعض الفرح.

السلوك

كان هانز سيلي معروفاً بأنه والد أبحاث الإجهاد، حيث افترض أن «الإجهاد ليس هو الذي يقتلنا؛ بل رد فعلنا تجاهه». وهذا يعني أن سلوكنا مهم عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الإجهاد.

لا ينبغي أن يفاجئنا ذلك: إن محور الأمعاء والدماغ طريق ذو اتجاهين، ويمكن للدماغ أن يؤثر في ميكروبات الأمعاء لدينا بطرق عدة. وقد أظهرت الدراسات أن العلاج السلوكي المعرفي والتأمل يمكن أن يحسّنا من ميكروبيوم الأمعاء.

قد يبدو هذا سخيفاً تقريباً، ولكن حاول الابتسام. سيبتسم أصدقاؤك وزملاؤك في المقابل.

حاول أن تظل هادئاً. الانفعال العصبي ليس إطاراً مفيداً لحل المشكلات. كل هذه المبادئ التوجيهية، إذا تم اتباعها معاً، تتراكم. مع اتباع نظام غذائي جيد وممارسة الرياضة بشكل متكرر، يصبح من الأسهل بكثير التحكم في مشاعرك، وتحويل التوتر إلى تحدٍ يمكنك التغلب عليه.

وقالت لي: «عندما يتم تشخيص الأشخاص بمرض خبيث مثل سرطان القولون والمستقيم، فمن الطبيعي أن يشعروا بالقلق والانزعاج. ومع ذلك، فإن هذه المشاعر ليست مفيدة لحالاتهم. تشير نتائجنا إلى أنه يجب على المرضى محاولة تعديل عقلياتهم قدر الإمكان لتجنب تفاقم المرض».

إذا حافظت على أمعائك في حالة جيدة، فإن احتمالات إصابتك بسرطان القولون تقل. وهذه مكافأة جيدة جداً لممارسة قليل من التمارين الرياضية، واتباع نظام غذائي أفضل، وبعض الابتسامات الإضافية.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السجائر الإلكترونية تُضعف تدفق الدم

السجائر الإلكترونية هي أجهزة تنتج رذاذاً يُستنشق إلى الرئتين (رويترز)
السجائر الإلكترونية هي أجهزة تنتج رذاذاً يُستنشق إلى الرئتين (رويترز)
TT

السجائر الإلكترونية تُضعف تدفق الدم

السجائر الإلكترونية هي أجهزة تنتج رذاذاً يُستنشق إلى الرئتين (رويترز)
السجائر الإلكترونية هي أجهزة تنتج رذاذاً يُستنشق إلى الرئتين (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن وجود تأثيرات فورية لاستخدام السجائر الإلكترونية على وظائف الأوعية الدموية، حتى في حالة عدم احتوائها على النيكوتين.

وأوضح الباحثون في جامعة أركنسو للعلوم الطبية أن هذه النتائج تُبرز المخاطر الصحية المحتملة لاستخدام السجائر الإلكترونية على المدى القصير، ما يُثير القلق بشأن التأثيرات طويلة المدى لاستخدامها المستمر، ومن المقرر عرض النتائج، في الاجتماع السنوي لجمعية طب الأشعة في أميركا الشمالية (RSNA) الأسبوع المقبل.

والسجائر الإلكترونية، أو ما يُعرف بـ«الفايب»، هي أجهزة تعمل بالبطارية تُسخّن سائلاً يحتوي عادة على نكهات ومواد كيميائية، مع أو بلا نيكوتين، لإنتاج رذاذٍ يُستنشق إلى الرئتين.

وعلى الرغم من أن هذه الأجهزة تُسوّق بوصفها بديلاً أقل ضرراً للتدخين التقليدي، نظراً لاحتوائها على مواد سامة أقل وغياب عملية الاحتراق، فإن الأدلة العلمية تُشير إلى مخاطر صحية متزايدة، إذ يؤثر التدخين الإلكتروني سلباً على وظائف الأوعية الدموية والرّئة، ويزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي. كما أن انتشارها بين الشباب، بسبب النكهات الجذابة، يُثير القلق بشأن تأثيراتها على الأجيال القادمة.

وشملت الدراسة 31 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 21 و49 عاماً من مدخني السجائر التقليدية والإلكترونية.

وأُجريت فحوص بالرنين المغناطيسي لكلّ مشارك قبل وبعد استخدام السجائر التقليدية أو الإلكترونية، سواء التي تحتوي على النيكوتين أو الخالية منه. كما قُورنت النتائج ببيانات 10 أشخاص غير مدخنين تتراوح أعمارهم بين 21 و33 عاماً. وجرى قياس سرعة تدفق الدم في الشريان الفخذي، بالإضافة لقياس تشبع الأكسجين في الأوردة، وهو مقياس لكمية الأكسجين في الدم الذي يعود إلى القلب بعد تغذية أنسجة الجسم. كما تم قياس استجابة الأوعية الدموية في الدماغ.

وأظهرت النتائج انخفاضاً كبيراً في سرعة تدفق الدم في الشريان الفخذي بعد استخدام السجائر الإلكترونية أو التقليدية، مع تأثير أكبر للسجائر الإلكترونية المحتوية على النيكوتين. كما تراجع تشبع الأكسجين في الدم لدى مستخدمي السجائر الإلكترونية؛ مما يشير إلى انخفاض فوري في قدرة الرئتين على امتصاص الأكسجين.

وقالت الدكتورة ماريان نبوت، الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة أركنسو للعلوم الطبية: «تُبرز هذه الدراسة التأثيرات الحادة التي يمكن أن يسبّبها التدخين التقليدي والإلكتروني على الأوعية الدموية في الجسم».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «إذا كان للاستهلاك الفوري للسجائر الإلكترونية تأثيرات واضحة على الأوعية، فمن المحتمل أن يتسبّب الاستخدام المزمن في أمراض وعائية خطيرة». وأشارت إلى أن «الرسالة الأهم للجمهور هي أن التدخين الإلكتروني ليس خالياً من الأضرار، والامتناع عنه يظلّ دائماً هو الخيار الأفضل».