مرض ألزهايمر... إنجازات وتحديات عالمية

رؤى وطرق علاجية مبتكرة في يومه العالمي

مرض ألزهايمر... إنجازات وتحديات عالمية
TT

مرض ألزهايمر... إنجازات وتحديات عالمية

مرض ألزهايمر... إنجازات وتحديات عالمية

«الحادي والعشرون» من شهر سبتمبر (أيلول)، يوم غدٍ (السبت)، هو اليوم العالمي لمرض ألزهايمر، الذي يتم الاحتفال به سنوياً، والذي يعد بمثابة منصة عالمية مهمة لرفع مستوى الوعي وتعزيز البحث والدعوة لتحسين الرعاية والدعم للمتضررين من هذا المرض وأشكال الخرف الأخرى.

مع استمرار تقدم سكان العالم في السن، أصبح العبء الناجم عن مرض ألزهايمر وما يرتبط به من أمراض الخرف مصدر قلق كبير وعاجل للصحة العامة؛ الأمر الذي يستلزم استجابة منسقة ومتعددة الأوجه من الوسط العلمي، وصناع السياسات، بل من المجتمع ككل.

إنه جهد عالمي لجذب الانتباه إلى هذا المرض والأفراد المتأثرين به، ومن المهم التفكير في التقدم الذي تم تحقيقه، والقضايا التي لم يتم حلها، والإجراءات اللازمة لمكافحة هذا المرض المنهك.

شعار هذا العام 2024، هو «اعرف الخرف، تعرف على مرض ألزهايمر» (Know Dementia, Know Alzheimer's)، إنه يدعو إلى أهمية رفع مستوى الوعي وبناء الفهم الصحيح لهذه الحالات المنهكة، والعمل على مكافحة الوصمة، ودعم المتضررين، والدعوة إلى البحث لإيجاد علاج - كل ذلك من خلال الاستمرار في تثقيف أنفسنا حول الخرف ومرض ألزهايمر. وهذا يشجع الجميع على معرفة المزيد عن أعراض هذا المرض وأسبابه وعلاجاته من أجل العيش بمزيد من الرحمة والمعرفة.

ألزهايمر وباء عالمي

مرض ألزهايمر هو مرض عصبي تنكسي يتميز بالتدهور التدريجي للوظائف المعرفية، مثل الذاكرة واللغة والتفكير والسلوك والقدرات على حل المشكلات. وهو السبب الأكثر شيوعاً للخرف (dementia)، حيث يمثل 60 - 80 في المائة من الحالات. والغالبية العظمى من المصابين بمرض ألزهايمر هم من كبار السن، على الرغم من أنه يصيب أيضاً الأشخاص الأصغر سناً الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.

من المهم أن نعرف أن الخرف يشير إلى التدهور العقلي العام الذي يتعارض مع الوظائف اليومية، ومرض ألزهايمر هو شكل من أشكال الخرف الذي يتعلق بفقدان الذاكرة.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، من المتوقع أن يصل عدد الأشخاص الذين يعانون الخرف في جميع أنحاء العالم إلى 139 مليون شخص بحلول عام 2050، ارتفاعاً من ما يقدر بنحو 55 مليون شخص في عام 2019. وترجع هذه الزيادة المذهلة إلى شيخوخة سكان العالم، فضلاً عن ارتفاع معدل انتشار عوامل الخطر، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.

إن التأثيرين الاجتماعي والاقتصادي لمرض ألزهايمر عميقان بالقدر نفسه؛ فرعاية الأفراد المصابين بالخرف تضع عبئاً كبيراً على الأسر وأنظمة الرعاية الصحية واقتصادات الدول، حيث من المتوقع أن تصل التكلفة العالمية للخرف إلى تريليونَي دولار سنوياً بحلول عام 2030. كما أن الخسائر العاطفية والنفسية التي يتحملها مقدمو الرعاية والأحباء هائلة أيضاً؛ مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى الدعم والموارد الشاملة.

أعراض ومراحل مرض ألزهايمر

- المرحلة ما قبل السريرية (Preclinical Stage): لا توجد أعراض ملحوظة، لكن يمكن اكتشاف التغيرات الدماغية باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة.

- ضعف إدراكي معتدل (Mild cognitive impairment): انخفاض طفيف، لكنه ملحوظ وقابل للقياس في القدرات المعرفية، بما في ذلك مهارات الذاكرة والتفكير.

- مرض ألزهايمر الخفيف (Mild Alzheimer's): فقدان الذاكرة، الارتباك، صعوبة اللغة، تغيرات المزاج والشخصية، وصعوبة القيام بالأنشطة اليومية.

- مرض ألزهايمر المتواضع (Modest Alzheimer's): المزيد من فقدان الذاكرة، والارتباك، ومشكلة في التعرف على العائلة والأصدقاء، وصعوبة في اللغة ومعالجة الأفكار، ومشاكل متعلقة بالسلوك.

- مرض ألزهايمر الشديد (Severe Alzheimer's): عدم القدرة على التحدث بشكل معقول، والحاجة إلى رعاية بدوام كامل، وفقدان القدرات البدنية، وأخيراً فقدان الوعي.

حقائق وأعباء ألزهايمر

* حقائق مذهلة:

- في الولايات المتحدة، يصاب شخص ما بمرض ألزهايمر كل 65 ثانية، أي ما يزيد قليلاً على دقيقة.

- أرقام مخيفة. تشير التوقعات إلى أن أكثر من 14 مليون شخص قد يصابون بمرض ألزهايمر في الولايات المتحدة بحلول عام 2050.

- الوقت الثمين، يتم إنفاق أكثر من 18 مليار ساعة من العمل غير مدفوع الأجر على تقديم الرعاية لمرضى الخرف كل عام.

- حاصد الأرواح، يصنّف مرض ألزهايمر باعتباره السبب الرئيسي السادس للوفاة في الولايات المتحدة.

- الخسارة المبكرة، يعاني أكثر من 200 ألف أميركي تقل أعمارهم عن 65 عاماً مرض ألزهايمر المبكر.

* العبء العالمي لمرض ألزهايمر. تفيد تقارير منظمة الصحة العالمية بأن الخرف هو إحدى الأزمات الصحية العالمية المتزايدة، ويؤثر على أكثر من 55 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد ثلاث مرات بحلول عام 2050 مع تزايد أعمار سكان العالم.

يمتد تأثير مرض ألزهايمر إلى ما هو أبعد من الشخص المصاب. فمقدمو الرعاية - وهم عادة أفراد الأسرة المباشرون - يواجهون أعباء عاطفية وجسدية ومالية ثقيلة. يُظهر الكثير من مقدمي الرعاية أيضاً مستويات عالية من التوتر والاكتئاب والعزلة؛ مما يؤكد مرة أخرى الحاجة الملحة إلى تزويدهم بأنظمة دعم وموارد أفضل.

تطورات حديثة في أبحاث ألزهايمر

في السنوات الأخيرة، أحرز المجتمع العلمي تقدماً كبيراً في كشف الفيزيولوجيا المرضية المعقدة لمرض ألزهايمر؛ مما أدى إلى تقدم هائل في هذا المجال. وقد اكتسب الباحثون رؤى أعمق حول الآليات الأساسية، مثل دور تراكم بروتين أميلويد - بيتا (amyloid - beta) وبروتين تاو (tau protein) في الدماغ، والالتهاب العصبي، والعوامل الوراثية. وقد مهدت هذه النتائج الطريق لتطوير تدخلات علاجية جديدة، بما في ذلك العلاجات المناعية، والأدوية ذات الجزيئات الصغيرة، والأساليب القائمة على نمط الحياة.

ومع ذلك، فإن السعي لإيجاد علاج لمرض ألزهايمر لا يزال يشكل تحدياً كبيراً. وعلى الرغم من التجارب السريرية الكثيرة، فإن تطوير علاجات فعالة لتعديل المرض كان بطيئاً، مع وجود عدد قليل فقط من الأدوية المعتمدة التي توفر تخفيفاً متواضعاً للأعراض. إن عدم تجانس مرض ألزهايمر، وتعقيد عملية المرض، والقيود المفروضة على أدوات التشخيص الحالية، كلها عوامل ساهمت في الصعوبات التي تعترض ترجمة الاكتشافات العلمية إلى فوائد سريرية ملموسة.

تطورات حديثة في طرق علاج ألزهايمر

على الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها العلماء في محاولة علاج ألزهايمر، فإن هناك تطورات حديثة في هذا المجال. يمكن تقسيم هذه التطورات إلى ثلاثة محاور رئيسية:

* أولاً: العلاجات الدوائية المستهدفة (Targeted Pharmacotherapies:):

- أدوية موجهة ضد «بيتا أميلويد»: في السنوات الأخيرة، تم تطوير عدد من الأدوية التي تستهدف لويحات البيتا أميلويد في الدماغ. وهذه الأدوية تهدف إلى منع تكوين أو تحطيم هذه اللويحات، وبالتالي تقليل الأضرار التي تسببها في الدماغ.

من هذه الأدوية، أدوكانوماب (Aducanumab) الذي حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) في عام 2021، وهو يعدّ من أبرز العلاجات التي تركز على البيتا أميلويد. يعمل هذا الدواء عن طريق إزالة اللويحات الأميلويدية من الدماغ؛ مما يساعد على إبطاء تقدم المرض في مراحله المبكرة.

- أدوية موجهة ضد بروتين «تاو»: تعدّ من المستجدات الواعدة في علاج ألزهايمر، حيث «تاو» يُعدّ أحد البروتينات الرئيسية التي تساهم في تدهور الخلايا العصبية في الدماغ. وتسعى التجارب الحديثة إلى تطوير أدوية تمنع تشابك بروتين تاو داخل الخلايا العصبية، وبالتالي تحسين الوظائف الإدراكية. وأحد العلاجات الواعدة في هذا المجال هو تاوديكو (TAU - A)، وهو دواء قيد التجارب السريرية. يسعى هذا الدواء إلى منع تراكم بروتين «تاو» وبالتالي تأخير تدهور الوظائف العقلية.

- تطورات العلاجات الجينية والخلوية: العلاج الجيني هو أحد المجالات التي تلقى اهتماماً كبيراً في الأبحاث المتعلقة بألزهايمر. يهدف العلاج الجيني إلى تعديل أو استبدال الجينات المرتبطة بتطور المرض، أو تحفيز الخلايا العصبية على إنتاج بروتينات صحية تعزز من وظائف الدماغ. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الأبحاث في مجال الخلايا الجذعية إلى استخدام هذه الخلايا لتعويض الخلايا العصبية التالفة أو الميتة. وفي التجارب الحديثة، نجح العلماء في استخدام خلايا جذعية لإعادة نمو الخلايا العصبية التالفة في أدمغة الفئران؛ مما يشير إلى أن هذه التقنية قد تكون فعالة للبشر في المستقبل.

* ثانياً: التدخلات القائمة على نمط الحياة:

- الاحتياطي المعرفي (cognitive reserve)، لقد اكتسب هذا المفهوم جاذبية؛ ما يشير إلى أن الانخراط في أنشطة محفزة عقلياً وممارسة الرياضة البدنية والتفاعل الاجتماعي طوال الحياة قد يساعد في بناء القدرة على الصمود ضد بداية مرض ألزهايمر وتطوره.

- التعديلات الغذائية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط وحمية مايند (MIND diet) التي تعمل على تأخير التنكس العصبي، قد أظهرت نتائج واعدة في الحد من خطر التدهور المعرفي والخرف.

- تحسين النوم وإدارة الإجهاد وعوامل نمط الحياة الأخرى، يجري حالياً استكشاف قدرتها على التخفيف من مخاطر مرض ألزهايمر وتحسين إدارة المرض.

ألزهايمر السبب الأكثر شيوعاً للخرف... حيث يمثل 60 - 80 % من حالات الخرف

أساليب مبتكرة للرعاية

* ثالثاً: أساليب مبتكرة في الرعاية الشاملة: استجابة للتحديات التي تواجه الباحثين في رحلة اكتشاف علاجات فعالة، استكشفت مجتمعات البحث والرعاية الصحية أساليب مبتكرة لمعالجة مرض ألزهايمر. أحد السبل الواعدة هو تنفيذ تدخلات شخصية ومتعددة الوسائط تجمع بين العلاجات الدوائية ونمط الحياة والعلاجات المعرفية. ومن خلال استهداف جوانب مختلفة من عملية المرض، أظهرت نماذج الرعاية المتكاملة هذه إمكانية إبطاء التدهور المعرفي وتحسين نوعية الحياة للمرضى.

من نماذج الرعاية المتكاملة ما يلي:

- تتعاون فرق الرعاية متعددة التخصصات، بما في ذلك أطباء الأعصاب والأطباء النفسيون للمسنين والممرضات والاختصاصيون الاجتماعيون والمعالجون المهنيون؛ لتوفير رعاية شاملة تتمحور حول المريض، للأفراد المصابين بمرض ألزهايمر وعائلاتهم.

- يتم دمج الحلول المدعومة بالتكنولوجيا، مثل رصد المؤشرات الحيوية الرقمية، والمراقبة عن بعد، وخدمات الرعاية الصحية عن بعد، في نماذج الرعاية لتعزيز الكشف المبكر، والتدخلات الشخصية، والدعم المستمر.

- يعد تعليم مقدمي الرعاية، والخدمات المؤقتة، ومجموعات الدعم أيضاً مكونات حاسمة في مناهج الرعاية الشاملة، مع الاعتراف بالعبء الكبير الواقع على عاتق الأسر ومقدمي الرعاية.

- توفر هذه الأساليب المبتكرة، جنباً إلى جنب مع التقدم المستمر في فهمنا لمرض ألزهايمر، الأمل في استراتيجيات إدارة أكثر فاعلية وتحسين نوعية الحياة للمتضررين من هذه الحالة المدمرة.

وأخيراً، يُعد اليوم العالمي لمرض ألزهايمر بمثابة تذكير قوي بالعبء العالمي الهائل لمرض ألزهايمر والحاجة الملحة إلى تسريع الأبحاث وتحسين الرعاية ودعم المتضررين من هذه الحالة المدمرة. ومن خلال التقدم العلمي المستمر، والجهود التعاونية، والنهج الشامل الذي يركز على المريض، يمكن للمجتمع العالمي أن يعمل من أجل مستقبل يتم فيه الوقاية من مرض ألزهايمر، وإدارته بشكل فعال، والتغلب عليه في نهاية المطاف. ومن خلال احتضان روح اليوم العالمي لمرض ألزهايمر، يمكننا إلهام الأمل، ودفع عجلة الابتكار، وإحداث تغيير ملموس في حياة الملايين المتضررين من هذا المرض الخبيث.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)
ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)
ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

مع دخول موسم الشتاء، يقل ضوء النهار، ويلاحظ البعض سرعة الشعور بالتعب والإرهاق... ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

وسواء أكان الأمر متعلقاً بصعوبة مغادرة السرير عندما تكون السماء مظلمة، أم بالإرهاق في العمل، أم بإغراء القيلولة بعد الاستمتاع بوجبة شهية، فإن أجمل وقت في العام يمكن أن يكون أيضاً الأشد إرهاقاً.

وتنصح إيمي جودسون، اختصاصية التغذية المسجلة ومستشارة التغذية الرياضية ومؤلفة كتاب «دليل التغذية الرياضية»، بضرورة وجود استراتيجيات تجمع بين الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية والتخطيط المتوازن للوجبات وبعض عادات نمط الحياة؛ لتثبيت مستويات الطاقة والتغلب على التعب.

1- اشحن طاقتك بوجبات غنية بالبروتين

وتوصي جودسون بالبدء بقوة بوجبة غنية بالبروتين: «ابدأ يومك بوجبة إفطار متوازنة تتضمن البروتين للمساعدة في كسر صيام الليل وتغذية عضلاتك».

وتستطرد الخبيرة: «يجمع خيار مثل الشوفان اللذيذ بالنقانق واللحم البقري بين قوة البروتين عالي الجودة والشوفان الغني بالألياف. تساعد هذه الوصفة على استقرار نسبة السكر في الدم وتوفر طاقة ثابتة طوال الصباح».

ويوصي الخبراء بتناول وجبة الإفطار في غضون ساعة من الاستيقاظ من النوم لتنشيط عملية التمثيل الغذائي.

وأشارت الأبحاث التي أجريت عام 2019 إلى أنه من المفيد تناول وجبتين أو 3 وجبات يومياً - خصوصاً الإفطار - وتجنب تناول الوجبات الخفيفة في وقت متأخر من الليل، وكذلك من المفيد الصيام لما بين 12 و16 ساعة.

ووفق صحيفة «نيويورك بوست»، فقد يؤدي اتباع هذا الجدول الزمني إلى تقليل الكولسترول والالتهابات والجوع مما يحسن الإيقاع اليومي، وهو الساعة البيولوجية التي تعمل على مدار 24 ساعة والتي تتحكم في نمط نومك، وإطلاق الهرمونات، والشهية، والهضم، ودرجة حرارة الجسم.

2- استقرار نسبة السكر في الدم

تقول جودسون إن الوجبات الخفيفة التي تجمع البروتينات، مثل لحم البقر الخالي من الدهون ومنتجات الألبان والبيض، مع الكربوهيدرات الغنية بالألياف، يمكن أن تساعد في منع انخفاض الطاقة والرغبة الشديدة في تناول الطعام، عبر تثبيت نسبة السكر في الدم طوال اليوم.

وتفسر: «الوجبات الخفيفة المتوازنة، مثل الزبادي مع التوت والغرانولا، والجبن مع البسكويت المصنوع من الحبوب الكاملة، ولحم البقر المجفف والفواكه، تحافظ على مستويات الطاقة ثابتة طوال اليوم».

ويعدّ تثبيت نسبة السكر في الدم أمراً ضرورياً للحفاظ على الطاقة؛ حيث يعمل الدماغ على الغلوكوز. فعندما نشعر بالجوع، ينخفض ​​مستوى السكر في الدم، وتنخفض طاقتنا العقلية معه. عندما يحدث هذا الانخفاض، يتعثر التحكم في الانفعالات والعواطف واتخاذ القرار.

ويمكن أن يؤدي انخفاض نسبة السكر في الدم إلى إطلاق هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول والأدرينالين، والتي، بعد أن يهدأ شعور «القتال أو الهروب»، يمكن أن تترك الجسم منهكاً.

3- ممارسة الرياضة لمقاومة التعب

إذا كنت تريد أن تشعر بالنشاط، فإن جودسون تنصح بأنه «يجب عليك أن تمشي خطواتك وأن تتدفق دماؤك».

وتزيد: «يمكن أن تعمل ممارسة الرياضة - حتى المشي السريع - على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل. حاول ممارسة نحو 150 دقيقة من الحركة متوسطة الشدة أسبوعياً؛ لمقاومة التعب وتحسين القدرة على التحمل».

4- أعطِ النوم الأولوية للبقاء مرناً

ووفقاً للصحيفة، ففي أحدث الاستطلاعات، يقول 6 من كل 10 أميركيين إن نمط نومهم يختلف خلال فصل الشتاء عن المواسم الأخرى.

كما وجدت دراسة أجريت عام 2023 أن نهاية التوقيت الصيفي لها تأثير خطر على النوم؛ إذ قال 48 في المائة من المشاركين بالاستطلاع إنهم يشعرون بالتعب في وقت مبكر، بينما يؤجل 41 في المائة وقت نومهم عندما يحل الظلام مبكراً.

كما أفاد نحو 4 من كل 5 من المشاركين (78 في المائة) بأنهم يستطيعون تمييز متى يختل إيقاعهم اليومي. وقال ربع الأشخاص إنه من الصعب للغاية الاستيقاظ خلال فصل الشتاء مقارنة بأي وقت آخر من العام. بالإضافة إلى ذلك، يجعل الشتاء الناس يشعرون بالتعب بشكل خاص (21 في المائة من المشاركين)، أو الحزن (20 في المائة)، وفقاً للاستطلاع.

وفي هذا الصدد، تقول جودسون إن البقاء نشطاً في أثناء النهار، والحفاظ على روتين مناسب للاسترخاء في المساء، هما استراتيجية رابحة للراحة المناسبة، كما أن استهداف ما بين 7 و9 ساعات من النوم في الليلة أمر بالغ الأهمية لاستعادة الطاقة. وأوضحت أن «الراحة الجيدة تسمح للجسم بالتعافي، وتحافظ على مرونتك في مواجهة التعب الموسمي».

5- ضرورة شرب المياه

قالت جودسون للصحيفة إن شرب المياه هو الحل الأمثل للطاقة؛ لأنه يسهل نقل وامتصاص العناصر الغذائية الحيوية. وأضافت أن «البقاء رطباً يدعم نقل العناصر الغذائية، ويساعد في الحفاظ على مستويات الطاقة. حاول استهلاك ما بين 8 و10 أكواب من الماء يومياً؛ للمساعدة في إبعاد التعب، خصوصاً في أشهر الشتاء» التي لا يشعر فيها الشخص بالعطش كثيراً.