الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

تفاؤل بتقليل معدل التشخيص الخاطئ وتمكين التدخل المبكّر

يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)
يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)
TT

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)
يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

يمثل الخرف تحدياً كبيراً لجهات الرعاية الصحية حول العالم، وتقدر التكلفة السنوية لرعايته بنحو 820 مليار دولار، بحسب تحليل لدراسة العبء العالمي للمرض لعام 2019. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 50 مليون شخص عالمياً يعانون الخرف، مع توقعات بارتفاع الحالات ثلاث مرات تقريباً على مدى السنوات الخمسين المقبلة.

يعد الاكتشاف المبكر لمرض ألزهايمر الذي يعد السبب الأكثر شيوعاً للخرف، أمراً بالغ الأهمية للعلاج الفعال. وغالباً ما تعتمد طرق التشخيص الحالية على اختبارات غازية ومكلفة، مثل فحوص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والبزل القطني. هذه الأساليب ليست متاحة دائماً في جميع المراكز الطبية؛ مما يؤدي إلى التشخيص الخاطئ وتأخير العلاج.

يتطور ألزهايمر ببطء ويتفاقم تدريجياً على مدار أعوام عدة وفي نهاية المطاف يؤثر على أغلب المناطق بالدماغ (شاترستوك)

تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي

في تطور واعد، ابتكر باحثون من قسم علم النفس بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية الحالية.

بنى فريق البحث النموذج باستخدام بيانات من أكثر من 400 فرد من مجموعة بحثية في الولايات المتحدة. بعدها تحققوا من صحة النموذج باستخدام بيانات المرضى في العالم الحقيقي من 600 مشارك إضافي من المجموعة الأميركية نفسها وبيانات من 900 فرد يحضرون عيادات الذاكرة في بريطانيا وسنغافورة.

أظهرت خوارزمية الذكاء الاصطناعي قدرتها على التمييز بين ضعف الإدراك الخفيف المستقر وتلك التي تتطور إلى مرض ألزهايمر في غضون ثلاث سنوات. ومن المثير للإعجاب أنها حددت بشكل صحيح الأفراد الذين سيصابون بمرض ألزهايمر في 82 في المائة من الحالات وأولئك الذين لن يصابوا به في 81 في المائة من الحالات باستخدام الاختبارات المعرفية وفحص التصوير بالرنين المغناطيسي فقط.

يهدف فريق البحث إلى توسيع نموذجهم ليشمل أشكالاً أخرى من الخرف مثل الخرف الوعائي والجبهي الصدغي (شاترستوك)

تعزيز دقة التشخيص

أثبت نموذج الذكاء الاصطناعي أنه أكثر دقة بثلاث مرات تقريباً في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر من الطرق السريرية القياسية، والتي تعتمد عادةً على علامات مثل ضمور المادة الرمادية أو الدرجات المعرفية. وقد يؤدي هذا التحسن الكبير إلى تقليل معدل التشخيص الخاطئ وتمكين التدخل المبكر؛ مما قد يحسّن نتائج المرضى.

كما استخدم الباحثون النموذج لتصنيف المرضى المصابين بمرض ألزهايمر إلى ثلاث مجموعات بناءً على البيانات من زيارتهم الأولى لعيادة الذاكرة. شملت المجموعات أولئك الذين ستظل أعراضهم مستقرة (نحو 50 في المائة)، وأولئك الذين سيتقدمون ببطء (نحو 35 في المائة)، وأولئك الذين سيتدهورون بسرعة (نحو 15 في المائة). تم التحقق من صحة هذه التوقعات من خلال بيانات المتابعة على مدى ست سنوات. يمكن أن يسهل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة.

الآثار المترتبة على رعاية المرضى

تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية لهذا النموذج الذكي في قدرته على تبسيط مسارات رعاية المرضى. بالنسبة لـ50 في المائة من الأفراد الذين تكون أعراض فقدان الذاكرة لديهم مستقرة وربما بسبب عوامل أخرى مثل القلق أو الاكتئاب، يمكن للنموذج أن يساعد في توجيههم إلى المسارات السريرية المناسبة، وتجنب علاجات الخرف غير الضرورية. لا يعمل هذا التمييز على تحسين رعاية المرضى فحسب، بل يخفف أيضاً من القلق المرتبط بالتشخيصات غير المؤكدة.

وقد سلطت البروفيسورة زوي كورتزي، المؤلفة الرئيسية للدراسة، الضوء على التأثير المحتمل لهذه الأداة قائلة إنه تم ابتكار أداة، على الرغم من استخدامها فقط لبيانات من الاختبارات المعرفية وفحوص التصوير بالرنين المغناطيسي، فإنها أكثر حساسية من الأساليب الحالية في التنبؤ بما إذا كان شخص ما سيتقدم من أعراض خفيفة إلى مرض ألزهايمر. وأضافت كورتزي أن من شأن هذا أن يحسّن بشكل كبير من رفاهية المريض، ويُظهر الأشخاص الذين يحتاجون إلى أقرب رعاية، مع إزالة القلق عن هؤلاء المرضى الذين نتوقع أن يظلوا مستقرين.

ابتكر الباحثون أداة أكثر حساسية من الأساليب الحالية في التنبؤ بما إذا كان شخص ما سيتطور من أعراض خفيفة إلى مرض ألزهايمر (شاترستوك)

الاتجاهات المستقبلية

أكد الدكتور بن أندروود، استشاري الطب النفسي، على أهمية الحد من عدم اليقين التشخيصي. وأضاف: «في العيادة، أرى كيف أن عدم اليقين بشأن ما إذا كانت هذه قد تكون العلامات الأولى للخرف يمكن أن يسبب الكثير من القلق للأشخاص وأسرهم، فضلاً عن كونه محبطاً للأطباء الذين يفضلون كثيراً تقديم إجابات قاطعة».

يهدف فريق البحث الآن إلى توسيع نموذجهم ليشمل أشكالاً أخرى من الخرف، مثل الخرف الوعائي والخرف الجبهي الصدغي، مع دمج أنواع مختلفة من البيانات، بما في ذلك علامات فحص الدم. وأعربت البروفيسورة كورتزي عن تفاؤلها بالمستقبل قائلة إن «رؤيتنا هي توسيع نطاق أداة الذكاء الاصطناعي لدينا لمساعدة الأطباء السريريين في تعيين الشخص المناسب في الوقت المناسب لمسار التشخيص والعلاج المناسب».


مقالات ذات صلة

القهوة من دون إضافات أفضل لصحة القلب

صحتك تناول القهوة من دون إضافات له فوائد صحية (جامعة ساوثهامبتون)

القهوة من دون إضافات أفضل لصحة القلب

كشفت دراسة أميركية عن أن تناول القهوة السوداء من دون إضافات مثل السكر أو الكريمة قد يعود بفوائد صحية ملموسة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك فريق علمي دولي: تجاهل أمراض الفم يقوّض جودة الحياة

فريق علمي دولي: تجاهل أمراض الفم يقوّض جودة الحياة

الالتهابات المزمنة في الفم ترتبط بوضوح بأمراض جهازية كبرى مثل أمراض القلب التاجية، والسكري من النوع الثاني، والسرطان.

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)
صحتك لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

الإصابات تصبح أكثر خطورة بسبب ضعف المناعة وضيق المجاري الهوائية

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك مكان جلوسك في الأماكن العامة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تعرضك للضوضاء وبالتالي على سمعك (رويترز)

لتفادي فقدان السمع... أين يجب الجلوس في الطائرة والأماكن العامة؟

كشف أخصائي سمع أميركي عن أفضل الأماكن للجلوس في الأماكن العامة ووسائل المواصلات للوقاية من فقدان السمع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التطبيق يقدِّم نهجاً شخصياً مصمماً خصيصاً لتحسين جودة الحياة النفسية (جامعة نيو ساوث ويلز)

تطبيق «ذكي» لتحسين الصحة النفسية والرضا عن الحياة

أطلق باحثون في مركز بحوث علوم الأعصاب وجامعة نيو ساوث ويلز، في أستراليا، تطبيقاً جديداً للهواتف الذكية، يهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والرضا عن الحياة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«واتساب» يبدأ عرض الإعلانات لأول مرة في تبويب «التحديثات»

استراتيجية «ميتا» تعتمد على تقديم الإعلانات بشكل غير مزعج من خلال ترويج القنوات وحالات إعلانية واشتراكات مدفوعة للمحتوى الحصري (واتساب)
استراتيجية «ميتا» تعتمد على تقديم الإعلانات بشكل غير مزعج من خلال ترويج القنوات وحالات إعلانية واشتراكات مدفوعة للمحتوى الحصري (واتساب)
TT

«واتساب» يبدأ عرض الإعلانات لأول مرة في تبويب «التحديثات»

استراتيجية «ميتا» تعتمد على تقديم الإعلانات بشكل غير مزعج من خلال ترويج القنوات وحالات إعلانية واشتراكات مدفوعة للمحتوى الحصري (واتساب)
استراتيجية «ميتا» تعتمد على تقديم الإعلانات بشكل غير مزعج من خلال ترويج القنوات وحالات إعلانية واشتراكات مدفوعة للمحتوى الحصري (واتساب)

لأول مرة منذ تأسيسه، بدأ «واتساب» بعرض الإعلانات داخل التطبيق. لكن هذه الإعلانات لن تظهر في الدردشات أو المكالمات، بل ستكون محصورة في تبويب «التحديثات»، وهو القسم الذي يتضمن القصص (الحالة)، والقنوات التي يتابعها المستخدمون. بهذه الخطوة، يتجه و«اتساب» نحو تحقيق دخل من التطبيق، مع التمسك بوعده التاريخي بحماية خصوصية الرسائل الشخصية.

نقطة تحوّل تاريخية

تأسس «واتساب» عام 2009 على يد جان كوم وبراين أكتون، ورفع منذ بدايته شعار «لا للإعلانات». وفي منشور شهير عام 2012 كتب كوم: «عندما تكون الإعلانات جزءاً من الخدمة، فإنك أنت هو المنتج». ورغم استحواذ «فيسبوك» (ميتا حالياً) عليه عام 2014 مقابل 19 مليار دولار، استمر هذا المبدأ لعقد كامل تقريباً. اليوم، ومع تجاوز عدد مستخدمي تبويب «التحديثات» 1.5 مليار مستخدم يومياً، أصبح هذا القسم مكاناً مناسباً لعرض الإعلانات دون التأثير على التجربة الأساسية للتطبيق.

رغم بدء عرض الإعلانات تؤكد «ميتا» أن الرسائل والمكالمات ستبقى مشفرة ولن تُستخدم أي بيانات حساسة في استهداف الإعلانات (واتساب)

كيف ستظهر الإعلانات؟

تعتمد استراتيجية «ميتا» في إدخال الإعلانات إلى «واتساب» على نهج خفيف وغير مزعج، يهدف إلى الحفاظ على تجربة المستخدم قدر الإمكان. وتركّز هذه الاستراتيجية على تبويب «التحديثات» فقط، من خلال ثلاث طرق رئيسة. أولها إتاحة الفرصة لأصحاب القنوات للترويج لقنواتهم داخل التطبيق، مما يسهم في زيادة عدد المتابعين وتعزيز وصول المحتوى. وثانياً تقديم إعلانات على هيئة «حالات» (Status) يمكن للمستخدم التفاعل معها بسهولة، حيث تتيح النقر عليها وبدء محادثة مباشرة مع الجهة المعلنة. أما الطريقة الثالثة، فتتمثل في إدخال اشتراكات مدفوعة لبعض القنوات، تتيح للمستخدمين الوصول إلى محتوى حصري مقابل رسوم رمزية، مع ضمان أن هذه التجربة تتم خارج نطاق المحادثات الخاصة.

وتؤكد الشركة أن هذه الإعلانات لن تظهر في الدردشات أو المكالمات، وجميع البيانات الخاصة ستبقى مشفرة. الإعلانات ستُعرض بناءً على بيانات غير حساسة مثل اللغة، والموقع الجغرافي، ونشاط المستخدم في تبويب التحديثات. أما المعلومات من «فيسبوك» أو «إنستغرام»، فلن تُستخدم إلا إذا ربط المستخدم حسابه طوعاً عبر مركز حسابات «ميتا».

دوافع مالية واضحة

جاء هذا الإعلان بالتزامن مع إعلان «ميتا» أن عدد مستخدمي «واتساب» تجاوز 3 مليارات مستخدم عالمياً أي أكثر من «إنستغرام». وقد أسهمت هذه الأخبار في رفع أسهم الشركة بنسبة 3 في المائة، ما يعكس تفاؤل المستثمرين بأن «واتساب» يمكن أن يصبح مصدراً مهماً للدخل بعد سنوات من العمل دون إعلانات.

الإعلانات تستند إلى بيانات عامة مثل اللغة والموقع ولن يُستخدم أي ربط مع «فيسبوك» أو «إنستغرام» إلا بموافقة المستخدم (أ.ب)

خصوصيتك ما زالت محمية

تحاول «ميتا» طمأنة المستخدمين بأن التجربة الجوهرية للتطبيق ستبقى كما هي. تقول نكيلا سرينيفاسان، رئيسة أعمال المراسلة في «ميتا» إن الشركة تلتزم بالحفاظ على خصوصية المحادثات. وتضيف: «الإعلانات ستُعرض فقط في تبويب التحديثات، ولن تصل إلى الدردشات الخاصة». وتؤكد الشركة أنها لا تستخدم الرسائل أو المكالمات في استهداف الإعلانات، وأنها لن تشارك رقم جوال المستخدم مع المعلنين. كما أن الإعلانات تستند فقط إلى بيانات عامة وغير حساسة.

أدوات جديدة للشركات

إلى جانب الإعلانات، طرحت شركة «واتساب» أدوات تجارية جديدة مثل الاشتراكات المدفوعة للحصول على محتوى حصري والترويج المدفوع للقنوات داخل دليل القنوات في التطبيق. وبحسب «ميتا»، لن تفرض عمولة على الاشتراكات هذا العام، لكن من المتوقع فرض رسوم بنسبة 10 في المائة لاحقاً.

تحديات خصوصية وتنافس متصاعد

رغم أن الخطوة محسوبة، فإن بعض المنظمات المعنية بالخصوصية، مثل NOYB أبدت مخاوف من أن تخرق هذه الخطوة قوانين الخصوصية الأوروبية، خصوصاً إذا تم تبادل البيانات مع تطبيقات «ميتا» الأخرى دون موافقة صريحة. من جهتها، أكدت «ميتا» أن أي مشاركة بيانات إضافية لن تتم إلا بإذن المستخدم. في المقابل، سارعت تطبيقات منافسة مثل «سيغنال» (Signal) و«بلو سكاي» (Bluesky) إلى التأكيد على التزامها الكامل بعدم عرض أي نوع من الإعلانات داخل تطبيقاتها.

ماذا يعني ذلك لمستخدمي «واتساب»؟

حتى الآن، سيكون طرح الإعلانات تدريجياً، حيث ستظهر الإعلانات فقط عند دخول المستخدم لتبويب التحديثات. كما أنها لن تظهر للجميع فوراً، بل سيتم تفعيلها حسب المناطق. إذا كنت لا تستخدم التحديثات، فلن تلاحظ أي تغيير في تجربة التطبيق. يُعد إدخال الإعلانات إلى «واتساب» هو خطوة طال انتظارها. إنها محاولة لتحقيق التوازن بين العوائد التجارية، وضمان تجربة استخدام آمنة وخاصة. ففي حين أن «ميتا» تسعى إلى استثمار جمهور «واتساب» الضخم، يبدو أنها تفعل ذلك بحذر، لتبقى المحادثات الخاصة «خطاً أحمر» لا يُمس. ومع أن الوقت وحده سيحدد ما إذا كان هذا التوازن سيصمد، فإن الاستراتيجية الحالية تحاول تحقيق معادلة «إعلانات من دون اختراق الخصوصية».