تقنية جديدة ترصد نشاط المخ في الرضع

تكشف عن حدة السمع والبصر والإدراك المعرفي

صورة لإحدى الأمهات وطفلها ممن تم إجراء التجربة عليهم ويظهر فيها الجهاز على رأس الطفل ويتيح له حرية الحركة ما يسمح برصد النشاط العصبي (كلية بيركبيك)
صورة لإحدى الأمهات وطفلها ممن تم إجراء التجربة عليهم ويظهر فيها الجهاز على رأس الطفل ويتيح له حرية الحركة ما يسمح برصد النشاط العصبي (كلية بيركبيك)
TT

تقنية جديدة ترصد نشاط المخ في الرضع

صورة لإحدى الأمهات وطفلها ممن تم إجراء التجربة عليهم ويظهر فيها الجهاز على رأس الطفل ويتيح له حرية الحركة ما يسمح برصد النشاط العصبي (كلية بيركبيك)
صورة لإحدى الأمهات وطفلها ممن تم إجراء التجربة عليهم ويظهر فيها الجهاز على رأس الطفل ويتيح له حرية الحركة ما يسمح برصد النشاط العصبي (كلية بيركبيك)

كشفت أحدث دراسة لباحثين من كلية بيركبيك Birkbeck - جامعة لندن بالمملكة المتحدة، عن توصل العلماء إلى تقنية جديدة تستخدم موجات ضوئية غير ضارة لرصد الوظائف العصبية المختلفة في مخ الرضّع، مثل السمع والرؤية والإدراك المعرفي.

تقنية رصد النشاط العصبي

وتُعدّ هذه التقنية الوسيلة الأحدث والأكثر اكتمالاً حتى الآن في تشخيص هذه الوظائف الحيوية باستخدام جهاز لتصوير المخ يتم ارتداؤه wearable brain imaging device فوق الرأس بدلاً من أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي التقليدية.

وأوضحت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة «علم الأعصاب» Imaging Neuroscience في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، أن التقنية الجديدة أظهرت وجود نشاط عصبي في القشرة المخية الأمامية prefrontal cortex (وهي المنطقة المسؤولة عن العواطف في المخ)، كنوع من الاستجابة للمحفزات الاجتماعية في وقت مبكر جداً من الحياة يصل إلى خمسة أشهر فقط من العمر.

التقنية الجديدة يمكن أن تشكل بديلاً عن المسح بجهاز الرنين المغناطيسي

مسح كل نشاط المخ

وهذا الاكتشاف تم بفضل الطريقة الجديدة؛ لأنها تسمح برصد النشاط العصبي عبر السطح الخارجي للمخ بالكامل، وهو الأمر الذي يُعدّ خطوة شديدة الأهمية في معرفة وظائف المخ لأن الأجهزة السابقة لم تكن تغطي جميع مناطق المخ وكانت ترصد مناطق معينة فقط في المرة الواحدة.

وقال الباحثون إن هذه التقنية يمكن أن تساعد في رسم ما يشبه خريطة للتوصيلات العصبية بين مناطق المخ المختلفة وترصد النمو العصبي الطبيعي، وتكون قادرة على معرفة النشاط غير الطبيعي في فترة مهمة جداً من نمو الطفل العصبي والإدراكي.

تشخيص الاضطرابات مبكراً

وهذا ما يمكن أن يساهم مبكراً في تشخيص الاضطرابات العصبية منذ البداية، مثل التوحد وفرط النشاط ونقص الانتباه والأمراض العصبية الأخرى التي تتعلق بصعوبة تعلم القراءة والكلام، وبذلك يمكن التدخل مبكراً لعلاج هذه الأمراض أو التقليل من حدتها حتى قبل ظهور أعراضها على الطفل.

وأوضح الباحثون أن رصد المناطق المسؤولة عن معالجة الحواس المختلفة في المخ مثل الرؤية والصوت والتفاعلات العاطفية توفر فهماً أفضل للطريقة العصبية التي يتم بها التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل؛ وذلك لأن هذه التقنية تتيح رؤية ما يحدث في مخ الطفل أثناء لعبه وتعلمه وتفاعله مع الآخرين بطريقة طبيعية للغاية. وذلك لأن أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفية تستلزم ذهاب الطفل إلى مركز الأشعة، وبالتالي لا يمكنها رصد تصرفاته أثناء التفاعلات المختلفة واللعب والنوم وغيرها من الوظائف الأخرى، خصوصاً في الأشهر الأولى من الحياة بخلاف الجهاز الجديد الذي يتم ارتداؤه على الرأس فقط.

اختبارات التفاعل الاجتماعي

اختبر العلماء الجهاز الجديد على ستة عشر طفلاً تتراوح أعمارهم بين خمسة وسبعة أشهر، وجميعهم ارتدوا الجهاز على رأسهم بصحبة والديهم، حيث تم عرض مقاطع فيديو تمثل موقفاً اجتماعياً معيناً يظهر فيه ممثلون يغنون أغاني محببة للأطفال، وأيضاً تم عرض مقاطع فيديو غير اجتماعية ولا تحمل أي بعد إنساني مثل كرة تتدحرج على منحدر من دون وجود أشخاص.

ولاحظ الباحثون وجود اختلافات كبيرة في نشاط المخ في الاستجابة لكل فيديو حسب طبيعته، وتبين أن النشاط العصبي في خلايا المخ كان أكثر وضوحاً عند عرض الفيديو الاجتماعي مقارنة بالفيديو العادي الذي يخلو من أي مشاعر إنسانية أو أفعال اجتماعية؛ ما يثبت أن الطفل يبدأ في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين في عمر مبكر جداً، وهو ما يمكن استخدامه بعد ذلك في تعليم الأطفال المهارات البسيطة واللغة في مرحلة ما قبل الدراسة.

وأكدت الدراسة أن الجهاز الجديد يمكن استغلاله في السنوات المقبلة في دراسة مخ الأطفال في كل مراحل حياتهم بما فيها المراهقة ويمكن أن يساهم بشكل فعال في علاج الكثير من المشكلات النفسية والعصبية.


مقالات ذات صلة

صحتك الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

انعدام التوافر العاطفي وتجاهل المشاعر في مرحلة الطفولة يتسببان في معاناة ومشكلات صحية عضوية خطيرة لاحقاً في البلوغ.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

يقلل خطر نقص الأكسجين لدى الأطفال

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

إعطاء أقل جرعة كافية لتسكين الألم لأقصر وقت ممكن لتجنب الإدمان

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
العالم العربي بدء الجولة الثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

بدء جولة ثانية من التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدأت جولة ثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال رسمياً اليوم الاثنين في وسط قطاع غزة فيما يواصل الجيش الإسرائيلي ضرباته وعملياته.

«الشرق الأوسط» (دير البلح)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال