جدل حولها... ما هي حصة الألبان المفيدة للإنسان؟

ما مقدار منتجات الألبان التي يجب استهلاكها؟
ما مقدار منتجات الألبان التي يجب استهلاكها؟
TT

جدل حولها... ما هي حصة الألبان المفيدة للإنسان؟

ما مقدار منتجات الألبان التي يجب استهلاكها؟
ما مقدار منتجات الألبان التي يجب استهلاكها؟

لطالما كانت حصص الحليب أو الجبن أو الزبادي عنصراً أساسياً في نصائح التغذية الأميركية، لكن مؤخراً يقول عدد متزايد من الباحثين والأطباء إن الشخص يحتاج إلى كمية أقل من منتجات الألبان مما يعتقد، وربما لا يحتاج البالغون إلى أي منتجات ألبان على الإطلاق.

وتوصي حكومة الولايات المتحدة، البالغين بتناول ثلاث حصص من منتجات الألبان يومياً. وتقوم لجنة من المستشارين العلميين بتحليل الأنظمة الغذائية التي تحتوي على كميات أقل من منتجات الألبان لدراسة ما يحدث لمستويات المغذيات لدى الناس.

هذه هي الخطوة الأولى نحو تغيير التوصية في التحديث القادم لإرشادات النظام الغذائي للبلاد. وتوصي دول أخرى بالفعل بكمية أقل من منتجات الألبان مما توصي به الولايات المتحدة.

ووفق تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، تم ربط الأنظمة الغذائية الغنية بمنتجات الألبان بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان في بعض الدراسات.

ومع ذلك، فإن البحث ليس واضحاً، وفق التقرير.

وتربط بعض الدراسات الأطعمة المصنوعة من منتجات الألبان بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان ومرض السكري من النوع 2. عندما يتعلق الأمر بالحليب، لكن لا يتفق العلماء على ما إذا كان الحليب كامل الدسم أو خالي الدسم أفضل.

ويقول بعض الخبراء إن تناول حصة واحدة يومياً، بكوب واحد من الزبادي أو 1.5 أونصة من الجبن، أمر جيد.

والسبب الرئيسي لتناول منتجات الألبان هو الحصول على الكالسيوم، الذي يساعد في بناء العظام والحفاظ عليها، وهو مهم بشكل خاص للأطفال والنساء فوق سن الخمسين. ولكن يمكن أن يأتي الكالسيوم من مصادر أخرى، مثل حليب الصويا المدعم، والتوفو، والكرنب.

ووفق التقرير، فإن المصادر الأفضل هي الأطعمة التي لا تخضع لمعالجة فائقة أو عالية السكر، كالزبادي العادي، على سبيل المثال.

الآثار الصحية للألبان والأجبان

أحد الأسباب التي تجعلنا لا نملك إجابات قاطعة على منتجات الألبان، أن العديد من الدراسات تعتمد على المراقبة، مما يعني أن العلماء يسألون الناس عما يأكلونه وينظرون إلى صحتهم بمرور الوقت.

تقول ليندسي سميث تيلي، الأستاذة المساعدة في قسم التغذية في كلية جيلينغز للصحة العامة العالمية بجامعة نورث كارولينا لـ«وول ستريت»، إن هذا النهج يجعل من الصعب تمييز آثار نوع واحد من الطعام. بالإضافة إلى ذلك، تمول صناعة الألبان بعض الأبحاث.

ومع ذلك، ظهرت بعض النتائج المفيدة. هناك أدلة على أن اتباع نظام غذائي غني بالألبان قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون.

ووفق كاري دانييل، اختصاصية علم الأوبئة الغذائية في مركز إم دي أندرسون للسرطان للصحيفة، فإن الكالسيوم وفيتامين «D» يبدو أنهما يمنعان نمو الخلايا السرطانية في القولون. وتقول إن بعض الأحماض الدهنية الموجودة في منتجات الألبان قد يكون لها أيضاً تأثير مضاد للالتهابات، مما قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان.

وعلى النقيض من ذلك، يرتبط استهلاك منتجات الألبان أيضاً بارتفاع خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. وتشير دانييل إلى أن منتجات الألبان قد تزيد من مستوى عامل النمو الشبيه بالأنسولين، وهو هرمون قد يغذي نمو سرطان البروستاتا.

الكمية المناسبة من الكالسيوم

وفق جانيت دي جيسوس، مستشارة التغذية البارزة في مكتب الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، وهي الوكالة التي تقود عملية المبادئ التوجيهية الغذائية، إن منتجات الألبان هي المصدر الأساسي للكالسيوم في النظام الغذائي الأميركي. ولا يستوفي معظم الأميركيين توصيات الألبان الحالية، والعديد من الناس يعانون من حساسية اللاكتوز.

وتساءل بعض العلماء عن توصيات الحكومة الحالية بشأن الكالسيوم. ويلاحظ الدكتور والتر سي ويليت، أستاذ علم الأوبئة والتغذية في كلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة، أن العديد من الدراسات لم تظهر وجود صلة بين تناول الكالسيوم المرتفع وانخفاض خطر الإصابة بكسور العظام.

على سبيل المثال، تنصح المملكة المتحدة بأن يتناول البالغون 700 مليغرام من الكالسيوم يومياً. وتوصي الولايات المتحدة بـ1000 مليغرام يومياً للنساء البالغات من العمر 50 عاماً أو أقل، والرجال البالغين من العمر 70 عاماً أو أقل، وأكثر للنساء الأكبر سناً أو الحوامل أو المرضعات.

كيف تدخل الألبان والأجبان إلى نظامك الغذائي؟

بالنسبة لمعظم البالغين الذين يتناولون نظاماً غذائياً صحياً نسبياً، ربما تكون حصة واحدة يومياً من الزبادي أو الحليب أو الجبن هي الأفضل، كما يقول ويليت.

ويضيف: «ستحصل على نحو 350 مليغراماً من الكالسيوم من حصة واحدة من منتجات الألبان و300 مليغرام أخرى أو نحو ذلك من الأطعمة الأخرى التي تتناولها خلال اليوم».

وبالنسبة للأطفال، يقول معظم الباحثين في مجال التغذية إن منتجات الألبان قد تكون أكثر أهمية لأنها تبني العظام.

قليلة الدسم أم كاملة الدسم؟

لقد تصاعد الجدل بين منتجات الألبان قليلة الدسم وكاملة الدسم في السنوات الأخيرة. فيما توصي الإرشادات الغذائية الأميركية وجمعية القلب الأميركية بمنتجات الألبان قليلة الدسم، مثل الحليب قليل الدسم.

ويحتوي الحليب كامل الدسم والزبادي والجبن كامل الدسم على نسبة أعلى من الدهون المشبعة، مما يرفع نسبة الكوليسترول الضار، وهو عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتحتوي منتجات الألبان كاملة الدسم على سعرات حرارية أعلى عموماً أيضاً.

ولكن بعض الدراسات الحديثة التي قارنت استهلاك منتجات الألبان قليلة الدسم وكاملة الدسم لم تجد فرقاً كبيراً في النتائج الصحية. هناك أدلة على أن تأثير الدهون المشبعة على نسبة الكوليسترول في الدم أكثر تعقيداً مما كان مفهوماً سابقاً.

ما مقدار منتجات الألبان التي يجب استهلاكها؟

يقول الدكتور داريوش مظفريان، اختصاصي أمراض القلب وأستاذ التغذية والطب في جامعة تافتس، إن الشخص السليم العادي يجب أن يختار أي مستوى دهون يفضله.

ويلاحظ أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ من ارتفاع نسبة الكوليسترول قد يرغبون في الالتزام بمنتجات الألبان قليلة الدسم.

وعمل مظفريان مستشاراً علمياً لشركة دانون، التي تصنع الزبادي، وقدم للشركة ولإدارة الغذاء والدواء بحثاً يدعم الادعاء الصحي بفوائد الزبادي في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

كما تقول مايا فاديفيلو، الأستاذة المساعدة في قسم التغذية بجامعة رود آيلاند ورئيسة لجنة التغذية ونمط الحياة التابعة لجمعية القلب الأميركية: «إذا كان تناول القليل من الجبن كامل الدسم سيجعلك تأكل سلطة كبيرة أو طبقاً من الفاكهة والخضراوات، فافعل ذلك».

ضع في اعتبارك أيضاً أن العديد من منتجات الألبان الخالية من الدهون ومنخفضة الدسم تحتوي على سكريات مضافة ومواد مالئة وإضافات أخرى، كما تلاحظ دانييل، وتنصح باختيار منتجات الألبان التي تم العبث بها أقل قدر ممكن.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن الزبادي قد يكون الخيار الأكثر صحة من منتجات الألبان، ويحتوي على البروبيوتيك، وهي بكتيريا حية يمكن أن تحسن صحة ميكروبيوم الأمعاء. ويقول مظفريان إن البروبيوتيك تساعد في إنقاص الوزن والتحكم في نسبة السكر في الدم.


مقالات ذات صلة

إيطالية تبلغ 125 عاماً تكشف سرَّ عمرها الطويل

يوميات الشرق العُمر الطويل خلفه أسرار (أ.ف.ب)

إيطالية تبلغ 125 عاماً تكشف سرَّ عمرها الطويل

تنفرد إيما مورانو المولودة في إيطاليا عام 1899 بوصفها آخر إنسان وُلد في القرن الـ19، وببلوغها 125 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
صحتك تم ربط السكريات المضافة خصوصاً المشروبات المحلّاة بالسكر بالسكتة الدماغية (د.ب.أ)

كيف يؤثر السكر الغذائي على صحة الدماغ؟

هل سمعت من قبل أن السكر سامّ وقاتل، ويضرّ بصحتك العامة؟ في الحقيقة، السكر مهم لوظائف الدماغ الصحية، لكن هناك بعض التفاصيل الدقيقة التي يجب أن تعرفها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عامل في أحد المحال التجارية بكوريا الجنوبية يضع أكياس المعكرونة سريعة التحضير على الأرفف (وكالة يونهاب الكورية الجنوبية)

كوريا الجنوبية: ارتفاع الصادرات الغذائية إلى 6.2 مليار دولار في 6 أشهر

أظهرت بيانات في كوريا الجنوبية ارتفاع صادرات البلاد من المواد الغذائية وما يتعلق بها من سلع بنسبة 5.2 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (سيول)
صحتك ما الفرق بين «أرفيد» والنزق بالطعام؟ (رويترز)

اضطراب أكل يتعلّق بتركيبة الطعام أو لونه أو رائحته... ماذا نعرف عن «أرفيد»؟

يرهق بعض الأولاد والديهم عندما يتعلّق الأمر بالطعام، فمنهم من لا يتناول إلا أصنافاً محددة جداً، وأحياناً لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
TT

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

أكد طبيب أميركي أن النظام الغذائي السيئ هو المحرك الرئيسي لـ«مرض الكبد الدهني»، وأن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ورقائق البطاطس والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في تفاقم المشكلة خلال السنوات الأخيرة.

ويعد مرض الكبد الدهني أكثر أمراض الكبد شيوعاً على مستوى العالم. وقديما كان يفترض الكثير من العلماء أنه يرجع في الأساس إلى استهلاك الكحول.

إلا أن الدكتور بين غالاردت، المتخصص في الطب الوظيفي في مدينة فورت كولينز بولاية كولورادو، أكد لموقع «نيوزويك» أن العديد من مرضاه المصابين بمرض الكبد الدهني هم من القصر الذين لا يشربون الكحول على الإطلاق، الأمر الذي دفعه للبحث في النظام الغذائي والصحي لأولئك المرضى جنبا إلى جنب مع النظر في نتاج الدراسات السابقة لمعرفة السبب الرئيسي وراء هذا المرض.

وقامت إحدى هذه الدراسات بتحليل بيانات من أكثر من 4600 مراهق وشاب بالغ تتراوح أعمارهم بين 12 و29 عاماً، تم جمعها بين عامي 2007 و2016. وكشفت نتائجها أن حوالي 18.5 في المائة من هذه المجموعة مصابون بمرض الكبد الدهني وأن العامل المشترك بينهم هو وجود خلل بالتمثيل الغذائي لديهم نتيجة اتباع نظام غذائي غير صحي وارتفاع نسبة السكر في دمائهم.

وقال الدكتور غالاردت: «مرض الكبد الدهني هو مرض مرتبط بخلل في التمثيل الغذائي. وهذا يؤكد على فكرة أنه مرض قائم على سكر الدم».

ولفت إلى أن الأمر الذي زاد من انتشار هذا المرض في السنوات الأخيرة هو سهولة الوصول إلى الأطعمة غير الصحية عالية الدهون والسكر، وخاصة في المناطق ذات الدخل المنخفض.

وأوضح غالاردت، الذي يمارس الطب الوظيفي منذ 25 عاماً: «أصبح الأطفال وصغار السن يصابون بمرض الكبد الدهني بمعدل متزايد بسبب الخيارات الغذائية السيئة. وتؤدي المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ورقائق البطاطس والأطعمة شديدة المعالجة إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم ثم انخفاضها لاحقاً. وهذا يدفع الجسم إلى تخزين الغلوكوز في الكبد وإطلاقه لاحقاً حسب الحاجة».

ويُعرف مرض الكبد الدهني بأنه مرض صامت مع أعراض قليلة أو معدومة، وقد يكون من الصعب اكتشافه.

وقال غالاردت: «الطريقة الصحيحة الوحيدة لتشخيص الإصابة بمرض الكبد الدهني هي الموجات فوق الصوتية».

وتقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية، بدءا من إزالة السموم من المواد الضارة واستقلاب العناصر الغذائية إلى إنتاج الصفراء للهضم.

وقد يؤدي مرض الكبد الدهني إلى خلل في هذه الوظائف وضعف إزالة السموم، الأمر الذي قد يتسبب بمشاكل صحية خطيرة وقد يهدد الحياة.

وأشار غالاردت إلى أن أول شيء يمكن للناس القيام به من أجل منع مرض الكبد الدهني هو الحفاظ على استقرار نسبة السكر في الدم قدر الإمكان.

وأكد إمكانية تحقيق ذلك من خلال الحفاظ على نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والبقاء رطباً عن طريق شرب الكثير من الماء، وتقليل المشروبات السكرية والتأكد من الحصول على قسط كافٍ من النوم.