دواء للسكري يُبطئ تطوُّر ألزهايمر

تجربتان مستقلّتان من المرحلة السريرية الثالثة تُجريان لاختبار فعاليته

فقدان حجم الدماغ علامة شائعة للمرض (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
فقدان حجم الدماغ علامة شائعة للمرض (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
TT

دواء للسكري يُبطئ تطوُّر ألزهايمر

فقدان حجم الدماغ علامة شائعة للمرض (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
فقدان حجم الدماغ علامة شائعة للمرض (جامعة إمبريال كوليدج لندن)

أفادت دراسة بريطانية بأنّ دواء يُستخدم لعلاج السكري من النوع الثاني والسمنة، قد يُبطئ تطوُّر مرض ألزهايمر.

وأوضح الباحثون في جامعة «إمبريال كوليدج لندن»، أنّ عقار «ليراغلوتايد» (liraglutide) يمكن أن يقلّل من انكماش الدماغ لدى مرضى ألزهايمر، وفق النتائج التي عُرضت، الخميس، أمام مؤتمر جمعية ألزهايمر الدولية بمدينة فيلادلفيا الأميركية.

ومرض ألزهايمر هو اضطراب تدريجي يصيب الدماغ، ويُعدُّ الشكل الأكثر شيوعاً من أشكال الخرف، إذ يؤدّي إلى فقدان الذاكرة، وتراجُع القدرة على التفكير والاستدلال، وصعوبة في أداء المَهمّات اليومية.

أما فقدان حجم الدماغ، فهو علامة شائعة للمرض؛ ومع تقدُّمه وانتشار التلف، تتأثّر مناطق إضافية ويتقلص الدماغ تدريجياً، وتتفاقم الأعراض لتشمل تغيرات في الشخصية والسلوك، والارتباك، وصعوبة في التواصل.

وينتمي دواء «ليراغلوتايد» إلى فئة محفزات مستقبلات الببتيد الشبيه بالغلوكاغون (GLP-1)، وهو معتمد لعلاج مرض السكري من النوع الثاني والمساعدة في إنقاص الوزن لدى الأشخاص الذين يعانون السمنة، لكن العلماء اكتشفوا تطبيقات جديدة لهذه العقاقير تتجاوز استخدامها الأصلي.

وشملت الدراسة الجديدة 204 مرضى بألزهايمر بمراحله المبكرة في 24 عيادة بجميع أنحاء بريطانيا، إذ أُعطيت نصف المرضى حقنة يومية بجرعة تصل لـ1.8 ملغ من «ليراغلوتايد»، بينما حصل النصف الآخر على حقنة تحتوي على دواء وهمي.

وقبل بدء الدراسة، أُخضع جميع المرضى لتصوير بالرنين المغناطيسي لتقييم بنية الدماغ وحجمه، بالإضافة إلى اختبارات ذاكرة مفصَّلة، وتكرَّرت هذه الفحوص في نهاية الدراسة.

أظهرت النتائج أنّ «ليراغلوتايد» قلَّل انكماش الدماغ بنسبة وصلت إلى 50 في المائة مقارنة بالدواء الوهمي. ولوحِظ الانكماش من خلال تصوير الدماغ للأجزاء الأمامية والصدغية والجدارية والمادة الرمادية الكلية له؛ وهي الأجزاء المسؤولة عن الذاكرة والتعلُّم واللغة واتخاذ القرارات، بوصفها وظائف حيوية تتأثر غالباً بمرض ألزهايمر.

كما وجدوا أنّ الدواء قد يحمي أدمغة المصابين بألزهايمر في مراحله المبكرة، ويقلّل من التدهور الإدراكي بنسبة تصل إلى 18 في المائة بعد عام من العلاج.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة في جامعة «إمبريال كوليدج لندن»، الدكتور بول إيديسون: «نعتقد أن (ليراغلوتايد) يحمي الدماغ ربما عن طريق تقليل الالتهاب وخفض مقاومة الأنسولين والتأثيرات السامة لمؤشّرات ألزهايمر، أو تحسين كيفية تواصل خلايا الدماغ العصبية».

وأضاف عبر موقع الجامعة: «إذا تمكّن العلماء من إثبات فعالية هذا العقار لدى المرضى من خلال تجارب المرحلة السريرية الثالثة، وحصل على موافقة (هيئة الغذاء والدواء الأميركية) لعلاج ألزهايمر، يمكن أن يصبح متاحاً فوراً».

وتُجرى حالياً تجربتان مستقلّتان من المرحلة السريرية الثالثة لاختبار فعالية العقار في علاج ألزهايمر، ومن المتوقَّع صدور النتائج في نهاية عام 2025.


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال