الجلطات الدموية بالأوردة العميقة: هل أنت في خطر؟

تسبب الانصمام الرئوي عند انفصالها وانتقالها من الساقين

الاوردة العميقة الطبيعية (الى اليسار) والاوردة المصابة بالجلطات
الاوردة العميقة الطبيعية (الى اليسار) والاوردة المصابة بالجلطات
TT

الجلطات الدموية بالأوردة العميقة: هل أنت في خطر؟

الاوردة العميقة الطبيعية (الى اليسار) والاوردة المصابة بالجلطات
الاوردة العميقة الطبيعية (الى اليسار) والاوردة المصابة بالجلطات

إذا جرحت أو خدشت جلدك، تسارع جلطات الدم إلى الظهور لإنقاذ الموقف ووقف النزيف. في المقابل، تمثل الجلطات التي توقف تدفق الدم داخل جسمك قصة مختلفة. فإذا سدت الجلطة الشريان الذي يغذي القلب أو الدماغ، فقد تسفر عن نوبة قلبية أو سكتة دماغية.

التجلط الوريدي العميق

ويمكن أن تتشكل الجلطات كذلك داخل الأوردة، ما يؤدي إلى مشكلة أقل شيوعاً يطلق عليها الجلطات الدموية الوريدية. في الغالب، تتكون الجلطات الوريدية عميقاً داخل الساق، في حالة تعرف باسم التجلط الوريدي العميق deep-vein thrombosis (DVT).

ويظهر تهديد أخطر بكثير إذا انفصلت الجلطة، وانتقلت إلى إحدى الرئتين، ما يسبب الانصمام الرئوي pulmonary embolism (PE).

وتشير التقديرات إلى أن نحو 600 ألف شخص داخل الولايات المتحدة يعانون الجلطات الدموية الوريدية، بينما يعاني نحو 400 ألف من الانصمام الرئوي. ومع ذلك، فإن الكثيرين غير مدركين بالأعراض، أو الطبيعة الخطيرة المحتملة للجلطات الوريدية.

ويشير مصطلح التجلط الوريدي العميق إلى جلطة خطيرة تتكون داخل الجسم، عادة بالساق.

المعرَّضون للخطر

ويقول د. بهنود بيكديلي، طبيب القلب في مستشفى بريغهام آند ويمين التابع لجامعة هارفارد: «بالإضافة إلى التعرف على إشارات وأعراض الإصابة بالتجلط الوريدي العميق، من المهم معرفة أن هناك حالات ومواقف معينة تعرض الأشخاص لخطر أكبر». يمكن لأي شخص أن يصاب بجلطة وريدية، لكن الخطر يتفاقم مع التقدم في العمر.

وفيما يلي بعض العوامل الأخرى التي تجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالتجلط الوريدي العميق:

- انحسار تدفق الدم: عادةً ما يكون السبب الأساسي عدم النشاط بسبب فترات الراحة الطويلة في الفراش، أو السفر لفترة طويلة (5 ساعات أو أكثر)، أو الإصابة بالشلل، أو السكتة الدماغية.

- العلاج في المستشفيات: الاحتجاز في المستشفى لأي سبب من الأسباب، يزيد من مخاطر الإصابة.

- الخضوع لجراحة كبرى حديثة: تظل مخاطر الإصابة بالجلطات مرتفعة بعد 30 يوماً على الأقل من إجراء عملية جراحية، مثل استبدال المفاصل أو جراحة بالقلب أو استئصال الرحم.

- التعرض لصدمة أو إصابة كبيرة: قد يكون هذا حادث سيارة خطيراً، أو كسراً في العظام، أو إصابة شديدة في العضلات.

- الحالات الطبية المزمنة: تشمل السمنة، والدوالي الوريدية، وفشل القلب، والسرطان، وأمراض الرئة، وأمراض الكلى، ومرض التهاب الأمعاء.

- زيادة هرمون الإستروجين: يزيد الحمل أو استخدام حبوب منع الحمل أو العلاج الهرموني (خصوصاً العلاج بالإستروجين) من المخاطر.

- اضطراب التخثر: يعاني ما بين 5 في المائة و8 في المائة من الأشخاص أحد الاضطرابات الوراثية الكثيرة التي تزيد مخاطرة تعرضهم للإصابة بالجلطات.

عن ذلك، قال د. بيكديلي إن عدوى فيروس كورونا (خصوصاً التي تتطلب دخول المستشفى) تجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالجلطات الدموية الوريدية. في حين أن بعض المخاطر يأتي من طريح الفراش، لأن «كوفيد-19» على وجه الخصوص يميل إلى تعزيز الالتهاب، ما يشجع على تكوين الجلطات.

أعراض الجلطات الدموية الوريدية

• التجلط الوريدي العميق: عادة ما تتكون هذه الجلطات في أسفل الساق أو الفخذ أو الحوض، وفي بعض الأحيان بالذراع. قد تصبح المنطقة المتضررة:

- لينة أو مؤلمة، دون سبب معروف، ويتفاقم الأمر مع مرور الوقت.

- منتفخة وحمراء أو متغيرة اللون، ودافئة عند اللمس.

حال استمرار هذه الأعراض لأكثر من بضع ساعات، عليك الاتصال بطبيبك للحصول على المشورة. ولا تفرك أو تضغط على المنطقة المصابة.

• الانصمام الرئوي: قد تتضمن الأعراض:

ـ صعوبة التنفس التي تحدث فجأة، دون تفسير واضح.

ـ ضربات قلب سريعة أو غير منتظمة.

- سعال الدم.

- الشعور بألم أو انزعاج في الصدر، وعادة ما يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال.

ـ انخفاضاً شديداً في ضغط الدم.

ـ الشعور بالدوار أو الإغماء.

إذا شعرت بهذه الأعراض، خصوصاً إذا تفاقمت بسرعة في غضون ساعات أو استمرت لبعض الوقت، فعليك الاتصال بالطوارئ على الفور.

تشخيص وعلاج الجلطات

قد تتضمن الاختبارات تحليل «دي ـ ديمر» (D-dimer)، لرصد جزء من البروتين الذي يتشكل بوصفه منتجاً ثانوياً عند تفكك الجلطة. وفي الغالب تأتي المستويات مرتفعة لدى الأشخاص المصابين بالتجلط الوريدي العميق أو الانصمام الرئوي. أما الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من «دي ـ دايمر»، وليست لديهم ظروف مواتية، فقد لا يحتاجون إلى إجراء مزيد من الاختبارات.

يمكن أن تؤكد اختبارات التصوير، مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية للأوردة، الإصابة بالتجلط الوريدي العميق، بينما يحتاج الشخص المصاب بالانصمام الرئوي إلى إجراء تصوير مقطعي مُحَوسب أو أي مسح متخصص آخر.

وعادة ما يتضمن العلاج تناول أدوية مضادة للتخثر مثل أبيكسابان apixaban (إليكويس Eliquis) وريفاروكسابان rivaroxaban (زاريلتو Xarelto). وقد يحتاج الأشخاص شديدو المرض إلى أدوية لمنع الجلطات في شكل حقن، مثل الهيبارين.

من جهته، قال د. بيكديلي إن الأشخاص عادةً ما يستمرون في تناول الأدوية عن طريق الفم لعدة أشهر، وفي بعض الأحيان لفترة أطول، خصوصاً إذا كانوا يعانون حالات صحية مزمنة تسهم في زيادة المخاطر التي يواجهونها. وإذا كانت هذه الحال لديك، فهو ينصح بالبحث عن طبيب يمكنه أن يقدم لك نصيحة محددة حول منع الجلطات المستقبلية عبر التمارين الرياضية أو السفر أو أي عمليات جراحية مستقبلية.

وإذا كان يتعين عليك الجلوس لفترات طويلة، فقد تساعدك النصائح الآتية في الوقاية من الإصابة بالتجلط الوريدي العميق:

- تجول كل ساعة أو ساعتين.

- قم بثني ومد كاحليك وركبتيك من حين لآخر.

ـ تجنب وضع ساق فوق الأخرى.

- غير وضعية جسدك باستمرار أثناء الجلوس.

- حافظ على رطوبة جسمك بتناول كثير من الماء.

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك هل سبق لك أن سمعت عن حصوات اللوزتين؟

هل سبق لك أن سمعت عن حصوات اللوزتين؟

سألني أحد الأصدقاء حديثاً، عن حصوات اللوزتين؛ إذ إنه يعاني التهاب الحلق مرات عدة في السنة، ويخفف عن حالته فوراً بالغرغرة.

د. روبرت شميرلنغ (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك هل يوجد رابط بين الصداع النصفي وأمراض القلب والأوعية الدموية؟

هل يوجد رابط بين الصداع النصفي وأمراض القلب والأوعية الدموية؟

ما القاسم المشترك بين أمراض القلب والأوعية الدموية والصداع النصفي؟

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك نصائح سفر لمن يواجهون مخاطر تتعلق بصحة القلب

نصائح سفر لمن يواجهون مخاطر تتعلق بصحة القلب

استشارة الطبيب قبل حجز رحلة طيران

جولي كورليس (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف
TT

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف. مع كل نوبة، قد يبدو الألم لا يُطاق، مُصاحباً بأعراض شديدة كالغثيان والحساسية للضوء والصوت. وعلى الرغم من أن أعراض الصداع النصفي مؤقتة، فإن مدة ألم الصداع يمكن أن تجعل المريض يشعر باليأس وكأن الحياة قد انتهت.

ولكن ومع التطورات الطبية الحديثة، بدأت تظهر خيارات علاجية تُعيد الأمل لملايين المرضى حول العالم تتحكم في الصداع النصفي فور حدوثه ومنعه من التدخل في النشاط اليومي للمريض.

مؤتمر طبي

نظّمت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، يوم الثلاثاء، 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مؤتمراً طبياً بعنوان «نهج جديد في علاج الصداع النصفي» (NEW APPROACH in MIGRAINE TREATMENT). وعُقد المؤتمر بالتعاون مع المركز الطبي الدولي وشركة «Abbvie» الطبية، وقام ملتقى الخبرات بتنظيمه.

غلاف كتيّب المؤتمر

شاركت في المؤتمر نخبة من المتخصصين، إذ قدّم الدكتور سعيد الغامدي، استشاري الأعصاب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، وأستاذ مساعد في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، عرضاً حول خيارات العلاج المستهدف للصداع النصفي من خلال التجارب السريرية.

كما تناولت الدكتورة ميساء خليل، استشارية طب الأسرة ومتخصصة في الرعاية الوقائية وطب نمط الحياة، أهمية دور الرعاية الأولية في التعامل مع الصداع وعبء الصداع النصفي على عامة السكان.

واختتم الجلسات الدكتور وسام يمق، استشاري الأعصاب ومتخصص في علاج الصرع، بتسليط الضوء على الاحتياجات غير الملباة في العلاجات الحادة للصداع النصفي.

اضطراب عصبي شائع

في حديث خاص مع «صحتك»، أوضح الدكتور أشرف أمير، استشاري طب الأسرة، نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، ورئيس المؤتمر، أن الصداع النصفي (الشقيقة) يُعد من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً على مستوى العالم. وأشار إلى أنه اضطراب عصبي معيق يُصيب نحو مليار شخص عالمياً، يتميز بنوبات من الألم الشديد النابض، غالباً في أحد جانبي الرأس، وترافقه أحياناً أعراض مثل الغثيان، التقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء والصوت، مما يؤثر بشكل كبير على حياة المرضى اليومية.

وأكد الدكتور أمير أن الصداع النصفي يؤثر على أكثر من عُشر سكان العالم، مما يجعله إحدى أكثر الحالات انتشاراً، والتي تنعكس سلباً على جودة حياة المصابين، إضافة إلى تأثيره الواضح على الإنتاجية وساعات العمل.

وأضاف أن التطورات الحديثة في مجال الأبحاث الطبية أسهمت في فهم أعمق لآلية حدوث الصداع النصفي، وهو ما فتح الباب أمام تطوير علاجات مبتكرة وفعّالة. كما أشار إلى أن هذا التقدم يمثل تحولاً كبيراً في التعامل مع هذا الاضطراب، الذي كان يُعدُّ في السابق حالة مرضية غامضة يصعب تفسيرها أو السيطرة عليها.

وبائيات الصداع النصفي

يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من الصداع النصفي، أي حوالي 11.6 في المائة من سكان العالم. وتظهر الدراسات أن النساء أكثر عُرضة للإصابة به مقارنةً بالرجال.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ترتفع النسبة إلى 11.9 في المائة. أما في السعودية، فيُقدَّر انتشار الصداع النصفي بـ9.7 في المائة، أي ما يعادل 3.2 مليون شخص، مما يجعله ثاني أكبر سبب للإعاقة بين السكان. وتُشير دراسات محلية، أُجريت في منطقة عسير، إلى أن الصداع النصفي أكثر انتشاراً في المدن (11.3 في المائة) مقارنة بالمناطق الريفية (7.6 في المائة)، وهو ما يعكس ارتباطه بعوامل بيئية وسلوكية متعددة.

عوامل الخطر والأسباب

* الآلية المرضية يُعتقد أن الصداع النصفي ينشأ من تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية والعصبية. وتُشير الدراسات الحديثة إلى أن نوبات الصداع النصفي قد تنشأ من فرط استثارة في قشرة الدماغ، ما يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي الثلاثي. ويمكن لبعض المُحفّزات، مثل التقلبات الهرمونية، الإجهاد، نقص النوم، والعوامل الغذائية، أن تُساهم في بدء نوبات الصداع النصفي لدى بعض الأفراد المُعرضين لذلك.

أما أسباب الصداع النصفي فتتضمن عوامل متعددة تشمل:

* العامل الجيني: تلعب الوراثة دوراً مهماً في زيادة احتمال الإصابة بالصداع النصفي، إذ تشير الأبحاث إلى ارتباط الجينات ببعض البروتينات العصبية مثل «الببتيد» المرتبط بجين «الكالسيتونين» (Calcitonin Gene-Related Peptide, CGRP).

* التغيرات في الدماغ: تساهم بعض الاضطرابات في نظام التفاعل بين الأوعية الدموية والجهاز العصبي المركزي في زيادة احتمال الإصابة.

* العوامل البيئية: يمكن أن تؤدي التغيرات البيئية مثل التوتر، أو النوم غير المنتظم، أو بعض أنواع الأطعمة والمشروبات إلى تحفيز النوبات.

مراحل الصداع النصفي والتشخيص

* مرحلة البادرة (Prodrome): تبدأ بتغيرات مزاجية، شعور بالتعب، أو حتى رغبة ملحة في تناول الطعام.

* مرحلة الهالة (Aura): تشمل اضطرابات بصرية أو حسية تحدث قبل نوبة الصداع، وتظهر لدى بعض المرضى فقط.

* مرحلة الألم: يصاحبها ألم شديد نابض، غالبًا في جهة واحدة من الرأس، وتستمر من 4 إلى 72 ساعة.

* مرحلة ما بعد الألم (Postdrome): تتسم بالإرهاق والارتباك، لكنها تُعد علامة على انتهاء النوبة.

* التشخيص: يعتمد أساساً على التاريخ المرضي والفحص السريري، مع استبعاد الأسباب العضوية الأخرى. وتشمل المعايير التي يعتمد عليها الأطباء في التشخيص حدوث خمس نوبات على الأقل متكررة من الصداع، تدوم بين 4 و72 ساعة، ومصحوبة بعلامتين من العلامات التالية: ألم من جهة واحدة، نبضات شديدة، ألم شديد، وأعراض مصاحبة كالغثيان.

خيارات علاجية تقليدية وحديثة

وتشمل:

* أولاً: مسكنات الألم. تاريخياً، اعتمدت إدارة الصداع النصفي على مزيج من العلاجات الحادة والوقائية، بما في ذلك مسكنات الألم المتوفرة بدون وصفة طبية، ومضادات المهاجمات، والأدوية الوقائية مثل مضادات الاكتئاب، ومضادة للصرع، وحقن البوتكس. وعلى الرغم من أن هذه العلاجات وفرت الراحة لكثير من المرضى، فإنها محدودة في فاعليتها ولا تخلو من الآثار الجانبية.

* ثانياً: خيارات علاجية «دوائية» حديثة. تؤكد الأبحاث العلمية أن تصميم عقار موجه خصيصاً لعلاج مرض معين يُعد الخطوة الأمثل لتحقيق فاعلية أعلى وتقليل الآثار الجانبية. ودفع هذا المبدأ الباحثين إلى الغوص عميقاً في دراسة آليات الصداع النصفي، ما قادهم لاكتشاف دور بروتين محدد يُعرف بـ«CGRP». ويُطلق هذا البروتين أثناء نوبة الصداع النصفي وينخفض مستواه بمجرد انتهاء النوبة.

في إحدى الدراسات، عندما تم حقن الأشخاص ببروتين (CGRP)، أُصيبوا بنوبات تُشبه الصداع النصفي، ما أكد دوره الحاسم في هذه الحالة. وأدى هذا الاكتشاف إلى تحول جذري في علاج الصداع النصفي، إذ تمت الموافقة في عام 2018 من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أول جسم مضاد أحادي النسيلة يستهدف البروتين (CGRP) للوقاية من الصداع النصفي. ويعدُّ هذا العلاج المبتكر خياراً مستهدفاً ودقيقاً، إذ يعمل على تعطيل مسار البروتين العصبي المسؤول عن نوبات الصداع النصفي، مما يمثل نقلة نوعية في تحسين حياة المرضى.

وتشمل هذه الأدوية:

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة للببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP)، تمت الموافقة على أربعةٍ منها من قبل إدارة الغذاء والدواء: «إبتينيزوماب» (eptinezumab)، «إرينوماب» (erenumab)، «فريمانيزوماب» (fremanezumab)، و«جالكانيزوماب» (galcanezumab). وقد تم تصميمها للعثور على بروتينات (CGRP)، وقد أظهرت فاعليتها في تقليل شدة وتكرار النوبات، سواء أُعطيت عن طريق الفم أو الحقن تحت الجلد، مع حد أدنى من الآثار الجانبية مقارنة بالعلاجات الوقائية التقليدية.

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة لمستقبلات الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP). تحتضن هذه الأجسام المستقبلات بشكل أساسي بحيث تكون غير نشطة، هما اثنتان: «أبروجيبانت» (Ubrogepant) و«ريميجيبانت» (rimegepant)، وهما أحدث العقاقير لعلاج الصداع النصفي عند الحاجة والتي لا تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية. تعمل هذه الأدوية عن طريق الفم على حظر مستقبلات (CGRP) على أمل إيقاف نوبة الصداع النصفي المستمرة بالفعل. ومن حسنات هذه الأدوية أن ليس لها خطر الإصابة بالصداع الناجم عن الإفراط في تناول الأدوية مثل بعض علاجات الصداع النصفي الأخرى.

نظم الذكاء الاصطناعي وأدوات الصحة الرقمية تسهم في تحسين دقة التشخيص وإدارة المرض

علاجات بلا أدوية

* ثالثاً: خيارات علاجية «غير دوائية»، وتضم:

- أجهزة التعديل العصبي القابلة للارتداء. تُعد هذه الأجهزة طريقة علاجية مبتكرة لعلاج الصداع النصفي، إذ تستخدم نبضات كهربائية أو مغناطيسية إلى الرأس أو الرقبة أو الذراع لتعديل نشاط المسارات العصبية المحددة المشاركة في آلية حدوث الصداع النصفي، تعمل على إعادة النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الدماغ إلى طبيعته.

وقد أثبتت الدراسات أن استخدام هذه الأجهزة، المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء أظهر نتائج واعدة في إدارة الصداع النصفي الحاد والوقائي، مما يوفر بديلاً خالياً من الأدوية، وهي آمنة وآثارها الجانبية قليلة جداً.

- استخدام الذكاء الاصطناعي. أسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص عن طريق تطوير خوارزميات تستطيع تحليل التاريخ المرضي وبيانات المرضى لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي، مما يساعد في توفير علاجات موجهة وفعالة.

- أدوات الصحة الرقمية. بالإضافة إلى العلاجات الدوائية والقائمة على الأجهزة، أدت الصحة الرقمية إلى تطوير تطبيقات الهواتف المحمولة والتقنيات القابلة للارتداء التي يمكن أن تساعد في إدارة الصداع النصفي. يمكن لهذه الأدوات الرقمية مساعدة المرضى في تتبع أعراضهم، وتحديد المُحفّزات، وتقديم توصيات مخصصة للتعديلات في نمط الحياة وأساليب العلاج.

تعاون عالمي ومحلي

مع التطورات العلمية الحديثة في فهم آلية حدوث الصداع النصفي وتطوير خيارات علاجية مبتكرة، لم يعد الصداع النصفي حُكماً على حياة المرضى بالتوقف.

وتلعب الجمعيات الطبية والهيئات الصحية، مثل الجمعية السعودية للصداع، دوراً محورياً في تحسين حياة المرضى من خلال التوعية، وتوفير خيارات علاجية موجهة.

ويبدأ الحل بالبحث عن العلاج المناسب وعدم تجاهل هذه الحالة العصبية المعقدة. ومع الاستمرار في الابتكار، يمكننا تخفيف العبء وتحقيق جودة حياة أفضل للمرضى.

*استشاري طب المجتمع