دواء تجريبي ينجح لأول مرة في شفاء ورم نادر بالمخ

وُصف عشوائياً في تجربة طبية فريدة

دواء تجريبي ينجح لأول مرة في  شفاء ورم نادر بالمخ
TT

دواء تجريبي ينجح لأول مرة في شفاء ورم نادر بالمخ

دواء تجريبي ينجح لأول مرة في  شفاء ورم نادر بالمخ

أصبح الطفل البلجيكي لوكاس جميلجانوفا (Lucas Jemeljanova)، صاحب الثلاثة عشر عاماً، أول مريض في العالم يُشفى من نوع نادر ومميت من سرطانات المخ بعد أن استجاب للعلاج بدواء تجريبي. كان الفتى قد شُخص بورم في خلايا المخ يسمى «diffuse intrinsic pontine glioma»، أو اختصاراً (DIPG)، وهو في السادسة من عمره، ولم يكن من المتوقع أن يعيش أكثر من عام واحد.

وتمنح هذه النتيجة الأمل في شفاء كثير من الأورام النادرة، وقد جاءت تزامناً مع اليوم العالمي لسرطان الأطفال في 15 فبراير (شباط) من كل عام.

ورم في جذع المخ

الورم الذي أُصيب به الطفل يصيب كل عام نحو 300 طفل في الولايات المتحدة جميعهم يُتوفون قبل مرور 5 أعوام، على أكثر تقدير، على تاريخ إصابتهم (أقل من سنة في المتوسط) لأن الورم يحدث في منطقة من جذع المخ (pons) تتحكم في كثير من الوظائف الحيوية في الجسم مثل التنفس وضغط الدم ومعدل ضربات القلب. وهو يمثل 10 في المائة من جميع أورام الجهاز العصبي المركزي في الأطفال، وفي الأغلب يحدث بين عمر الخامسة والتاسعة، لكن يمكن حدوثه في أي عمر في مرحلة الطفولة، ويحدث بنفس النسبة في الأولاد والبنات ولا يظهر في البالغين.

الأعراض والتشخيص

* الأعراض: تتطور الأعراض بسرعة كبيرة قبل التشخيص مما يعكس النمو السريع لهذه الأورام، وأغلب الأطفال يواجهون مشكلات في التحكم في عضلات العين وتعبيرات الوجه والكلام والمضغ والبلع وضعف في الذراعين والساقين وعدم القدرة على المشي والاتزان. وفي الأغلب تتفاقم الأعراض ويحدث خلل في معظم أجهزة الجسم مثل التنفس وضربات القلب وينتهي بالوفاة.

* التشخيص: ويكون عن طريق الأشعة المتقدمة، ويمكن في بعض الأحيان أخذ عينة من الورم وفحصها، وفي الغالب يكون العلاج بالإشعاع وبعلاج تجريبي كيميائي. لكن حتى الآن لم تسجَّل حالات شفاء من المرض باستثناء الحالة الحالية.

وصفٌ عشوائي لعقار مضاد للسرطان

وقال الباحثون في «مركز غوستاف روسي لأبحاث السرطان Gustave Roussy cancer center» في باريس، إن الطفل استجاب بشكل جيد جداً لعقار مضاد للأورام السرطانية، مثل أورام البنكرياس والكلى والثدي، ويُستخدم في الأطفال بشكل خاص لأورام الجهاز العصبي «إيفيروليموس Everolimus»، ووُصف له بشكل عشوائي.

ويمنع الدواء تكوين بروتين معين ضروري لانقسام وتكاثر ونمو الخلايا السرطانية وتكوين أوعية دموية، مما يؤدي إلى إيقاف أو إبطاء نموها إلى جانب تقليل تدفق الدم إليها.

آلية اختفاء الورم لا تزال غامضة

وللتأكد من التحسن عمل الأطباء سلسلة من فحوصات أشعة الرنين المغناطيسي، ولاحظوا اختفاء الورم تماماً، وأيضاً تحسن الحالة الإكلينكية واختفاء الأعراض وعدم تطور المرض بالشكل السريع الذي عادةً ما يؤدي إلى الوفاة في غضون شهور قليلة. وعلى الرغم من كل هذا التحسن لم يقوموا بوقف نظام العلاج إلا بعد عام ونصف لضمان الشفاء الكامل وعدم عودة الأعراض مرة أخرى، والآن لم يعد الطفل يتناول أي علاج خاص بالورم.

وأوضح الأطباء أن حالات 7 أطفال آخرين تحسنت بعد الدواء في التجارب ولم يعانوا مضاعفات، لكنّ الطفل البلجيكي هو الوحيد الذي اختفى الورم من جسمه. وقالوا إنه من الوارد أن تكون قد حدثت طفرة جينية جعلت خلايا الطفل أكثر استجابة للدواء، وهم يعكفون الآن على محاولة فهم الآلية التي حدثت بها الطفرة ليروا إذا كان من الممكن تكرارها مع بقية المرضى أو المرضى المصابين بأورام أخرى لا تستجيب للعلاجات التقليدية.

دراسة تشوهات الأورام الجينية

يدرس الباحثون التشوهات الجينية لأورام المرضى، بالإضافة إلى تكوين ما يشبه الأورام الاصطناعية في المختبرات العلمية، وهي عبارة عن خلايا تُخلَّق في المعمل، وتبعاً لنجاح حالة لوكاس تمكن إعادة إنتاج الاختلافات الجينية التي وجدوها في الخلايا الخاصة به، لمعرفة إذا كان من الممكن بعد ذلك قتل الورم نفسه بنفس الفاعلية، كما حدث في التجربة الحالية، وفي حالة نجاح ذلك تصبح الخطوة التالية هي التوصل إلى دواء يعطي هذا التأثير.

في النهاية أكد العلماء أن الأمر لا يزال في طور التجارب وأن ظهور علاج نهائي لهذا النوع من الأورام النادرة ربما يستغرق عقداً من الزمان، ولكن نجاح تجربة العلاج الحالية يمنح آمالاً عريضة لآلاف المرضى الذين يعانون أوراماً مختلفة.


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
TT

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

وبحسب موقع «ساينس آليرت» العلمي، فإن الفقدان التدريجي لأنسجة المخ هو جزء طبيعي من الشيخوخة، ولكن الدراسة الجديدة التي تعدّ واحدة من أطول دراسات مسح المخ التي أجريت على الإطلاق، كشفت أن الاتصالات العصبية لدى بعض الأشخاص تتدهور بشكل أسرع من غيرهم بمجرد بلوغهم منتصف العمر، وأن هذا الأمر قد يرجع لإصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني.

واستمرت الدراسة عقوداً من الزمان وبدأت في عام 1995، وشملت 185 مشاركاً، لديهم تاريخ عائلي من الخرف، حيث قام العلماء بمسح أدمغة المشاركين بانتظام.

وفي نهاية التجربة، أصيب 60 مشاركاً بضعف إدراكي خفيف (MCI)، بينما أصيب 8 بالخرف.

وتم مسح دماغ كل شخص نحو 5 مرات على فترات متباعدة، وبناءً على هذه الصور، يبدو أنه من الطبيعي مع تقدمك في السن أن تفقد تدريجياً المادة الرمادية القشرية، التي تحتوي على الخلايا العصبية، بالإضافة إلى المادة البيضاء، التي تنقل الرسائل بين الخلايا العصبية.

ومع ذلك، فإن الأمر غير المعتاد هو التدهور السريع للمادة البيضاء، بدءاً من منتصف العمر. وكان المشاركون الذين عانوا من أكبر انخفاض في أحجام المادة البيضاء، من عام إلى عام، أكثر عرضة للإصابة بأعراض ضعف الإدراك الخفيف.

وبالمقارنة مع أولئك الذين لا يعانون من مرض أيضي، فإن المصابين بداء السكري من النوع الثاني يفقدون أجزاء من المادة البيضاء أكثر بكثير بمرور الوقت، بحسب الدراسة.

وقال فريق الدراسة إن نتائجهم تشير إلى أن «السيطرة على مرض السكري قد تساعد في تقليل خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة».

وكشفت دراسة نشرت قبل أيام أن أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري، وهو ما يعادل ضعف ما توقعته تقييمات سابقة.

كما أظهرت أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم على 30 عاماً لا يتلقون العلاج.