عقاقير فقدان الوزن الجديدة... وعود ومحاذير

تحاكي إفراز هرمون هضمي طبيعي استجابة لتناول الطعام

عقاقير فقدان الوزن الجديدة... وعود ومحاذير
TT

عقاقير فقدان الوزن الجديدة... وعود ومحاذير

عقاقير فقدان الوزن الجديدة... وعود ومحاذير

نجح بعض الأشخاص الذين يكافحون من أجل فقدان الوزن، في نيل المساعدة من العديد من أدوية إنقاص الوزن المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، مثل «البوبروبيون bupropion»، و«النالتريكسون naltrexone» (كونتراف Contrave)، و«فينترمين phentermine» (أديبكس- بي Adipex-P)، و«فينترمين phentermine»، و«توبيراميت topiramate» (كسيميا Qsymia)، و«أورليستات orlistat» (زينيكال Xenical ، ألي Alli).

في المتوسط، يمكن لهذه الأدوية أن تساعد الأشخاص على فقدان ما بين 5 في المائة إلى 7 في المائة من وزن الجسم، عند الاستعانة بها مع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية.

اليوم، اكتسبت فئة جديدة من الأدوية المستخدمة لعلاج مرض السكري من النوع (2) الاهتمام، بفضل نتائجها الباهرة في فقدان الوزن - في كثير من الحالات، 10 في المائة إلى 20 في المائة من وزن الجسم. ويطلق عليها اسم «ناهضات مستقبل الببتيد الشبيهة بالغلوكاغون -1» glucagon-like peptide-1 (GLP-1) receptor agonists.

قصة عقارَين

حصل اثنان من عقاقير «ناهضات مستقبل الببتيد الشبيهة بالغلوكاغون -1» على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ودخلا في تركيبات مصممة خصيصاً لفقدان الوزن لدى الأشخاص الذين لا يعانون من مرض السكري، وهما: «ليراغلوتايد liraglutide» (ساكسندا Saxenda)، و«سيماغلوتيد semaglutide» (ويغوفي Wegovy).

وتجدر الإشارة إلى أنه على مدار سنوات، جرت الاستعانة بنسخ من عقاقير تحوي جرعات أقل من ذات هذه المكونات الفاعلة، والتي تعرف على الترتيب باسم «فيكتوزا Victoza» و«أوزيمبيك Ozempic»، وذلك لمعاونة الأشخاص الذين يعانون من السكري للسيطرة على مستويات السكر في الدم.

عن هذا، قال الدكتور إنريكي كاباليرو، اختصاصي الغدد الصماء بمستشفى «بريغهام آند ويمينز»، التابع لجامعة هارفارد: «يمكن أن تؤدي هذه العقاقير إلى فقدان كبير في الوزن، لدى تناولها بالتزامن مع إقرار تغييرات صحية في أسلوب الحياة من جانب أشخاص يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، سواء كانوا مرضى السكري من النوع الثاني أو لا، إلا أن الشكوك ما تزال تحيط بمسألة ما إذا كان من الآمن استخدام العقاقير من قبل جميع الأفراد الراغبين في فقدان من 10 إلى 20 رطلاً (4.5 إلى 9 كلغم) من وزنهم».

عمل العقاقير الجديدة

تعمل «ناهضات مستقبل الببتيد الشبيهة بالغلوكاغون- 1» على محاكاة هرمون «ببتيد» شبيه بـ«الغلوكاغون- 1» الذي يجري إطلاقه بصورة طبيعية عبر الجهاز الهضمي، استجابة لتناول الطعام.

في هذا الصدد، قال الدكتور كاباليرو: «تحفز العقاقير الجسم على إنتاج المزيد من الإنسولين بعد تناول الطعام، الأمر الذي يحد من ارتفاع مستويات السكر في الدم بعد تناول الوجبات، وهو أمر شديد الأهمية للأفراد الذين يعانون من السكري من النوع الثاني».

إلى جانب ذلك، تسهم هذه العقاقير في تنظيم الشهية، من خلال إرسال إشارات إلى المخ لإخباره بأن الجسم يشعر بالشبع، الأمر الذي يحول دون الإفراط في تناول الطعام.

ومن المهم هنا أن نتذكر أن هذه العقاقير جرت الموافقة عليها فقط للأفراد الذين تنطبق عليهم معايير بعينها. وعلى وجه التحديد، فإن عقارَي «ويغوفي» و«ساكسندا» مخصصان للبالغين الذين جرى تشخيص إصابتهم بالسمنة - بمعنى أن مؤشر كتلة الجسم لديهم يبلغ 30 أو أعلى - أو أولئك الذين يبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم 27 بجانب حالة صحية واحدة على الأقل ترتبط بالوزن، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو ارتفاع الكوليسترول أو السكري من النوع الثاني. أما النسختان الأخريان من هذه العقاقير - «فيكتوزا» و«أوزيمبيك» - فموجهتان للأشخاص الذين يعانون من السكري من النوع الثاني.

ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع بعض الأطباء من وصف هذه الأدوية «من دون تصريح» لفقدان الوزن، بمعنى أنها تستخدم لغرض مختلف عما هو مقصود صراحة. عن ذلك، أوضح الدكتور كاباليرو أنه «لا توجد أدلة كافية لمعرفة ما إذا كانت هذه الأدوية مفيدة أم خطيرة فيما يخص الأشخاص الذين لا تنطبق عليهم معايير إدارة الغذاء والدواء».

وتبقى المشكلة الكبرى أن الكثير من الناس يعدون الأدوية الجديدة بمثابة حل سريع. وشرح الدكتور كاباليرو: «من المهم أن نتذكر أن جميع أدوية إنقاص الوزن موصى بها كوسيلة مساعدة في إطار استراتيجية شاملة تتمحور حول خطة تناول وجبات صحية وممارسة نشاط بدني منتظم. في الغالب يستعيد الأشخاص الذين يتوقفون عن تناول هذه الأدوية، الوزن ما لم يقرروا تغييراً فاعلاً ومستمراً في العادات الغذائية والنشاط البدني».

تعرف على الجوانب السلبية

عندما تناقش مع طبيبك ما إذا كانت «ناهضات مستقبل الببتيد الشبيهة بالغلوكاجون– 1» جديرة بالاستكشاف، من المهم إدراك سلبياتها المحتملة؛ فقد تصاب بآثار جانبية مختلفة على الجهاز الهضمي، بما في ذلك الغازات أو الانتفاخ أو عسر الهضم أو الغثيان أو حركات الأمعاء غير المنتظمة، إلا أن مثل هذه المشكلات عادة ما يجري حلها في غضون أسابيع قليلة، تبعاً لما أفاده الدكتور كاباليرو. وأضاف: «عادةً ما يجري إعطاء أقل جرعات ممكنة من هذه الأدوية في البداية، ثم تجري زيادتها تدريجياً حتى تقل فرصة ظهور الآثار الجانبية لدى الأشخاص».

ثمة جانب سلبي آخر يرتبط بالتكلفة؛ فالأدوية هذه باهظة الثمن – نحو ما بين 1000 و1500 دولار شهرياً. وينبغي الانتباه إلى أنه حتى لو كنت مؤهلاً لاستخدامها، فإن الأدوية لا يغطيها برنامج «ميديكير» الأميركي لعلاج السمنة، رغم أن «فيكتوزا» و«أوزيمبيك» يغطيهما برنامج «ميديكير»، وكذلك غالبية شركات التأمين الخاصة بعلاج السكري من النوع الثاني.

وأخيراً، ينبغي الانتباه إلى أن العقاقير يجري تناولها عن طريق الحقن في الذراع أو المعدة أو الفخذ باستخدام جهاز يشبه شكل القلم مزود بإبرة صغيرة لا يتجاوز عرضها عرض شعرتين من رأس الإنسان (يجري الحصول على «سيماغلوتايد» بصورة أسبوعية، في حين يجري الحصول على حقن «ليراغلوتايد» يومياً).

علاوة على ذلك، فإن «سيماغلوتايد» الذي يجري وصفه لمرضى السكري، متاح الآن في صورة قرص يومي يدعى «ريبلسوس Rybelsus». جدير بالذكر أنه ينبغي الانتظار ما بين 30 دقيقة إلى ساعة بعد تناوله قبل الإقدام على تناول الطعام والشراب.

تسهم هذه العقاقير في تنظيم الشهية بإرسال إشارات إلى المخ لإخباره بأن الجسم يشعر بالشبع

أدوية جديدة واعدة

ربما تتاح أنواع أخرى من «ناهضات مستقبل الببتيد الشبيهة بالغلوكاغون -1» قريباً. وخلصت تجربة أُجريت قريباً، بتمويل من مؤسسة «إلي ليلي»، التي تنتج «تيرزيباتايد tirzepatide» (ماونجارو Mounjaro)، إلى أن نحو نصف المشاركين ممن يعانون من السمنة والسكري من النوع الثاني، فقدوا قرابة 15 في المائة من وزن الجسم مع تناولهم هذا العقار.

أيضاً، توحي أبحاث أولية بأن «ريتاتروتيد retatrutide»، ناهض لمستقبلات الهرمونات الثلاثية (يعمل على مستقبلات «ببتيد» شبيه بـ«الغلوكاغون- 1»، وعديد من «الببتيد» المعدي المثبط و«سي جي سي آر»)، ربما يؤدي إلى فقدان في الوزن بما يصل إلى 25 في المائة لدى الأشخاص الذين يعانون من السكري. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء على «تيرزيباتايد» لعلاج السكري من النوع الثاني، في مايو (أيار) 2022، وتعكف في الوقت الراهن على مراجعة ما إذا كانت تنبغي الموافقة عليه لعلاج السمنة.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»... خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تأثير الصدمات النفسية على الأطفال «أبدي»

صدمات الطفولة تؤلم مدى العُمر (جامعة كاليفورنيا)
صدمات الطفولة تؤلم مدى العُمر (جامعة كاليفورنيا)
TT

تأثير الصدمات النفسية على الأطفال «أبدي»

صدمات الطفولة تؤلم مدى العُمر (جامعة كاليفورنيا)
صدمات الطفولة تؤلم مدى العُمر (جامعة كاليفورنيا)

كشفت دراسة أميركية أنَّ التعرُّض للصدمات النفسية في مراحل مبكرة من الحياة قد تكون لها آثار طويلة الأمد على الصحة العقلية والجسدية تمتدّ لمدى الحياة.

وأوضح الباحثون في جامعتَي «كاليفورنيا» و«ميشيغان» أنّ التجارب الصادمة تفاقم احتمالية المعاناة من الألم الجسدي والاكتئاب والشعور بالوحدة في السنوات الأخيرة من الحياة، ما يؤثّر سلباً في جودة الحياة خلال تلك المرحلة، ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية الجمعية الأميركية لطبّ الشيخوخة.

والصدمات النفسية هي تجارب مؤلمة أو مروّعة يتعرّض لها الأفراد، وتؤثر سلباً في صحّتهم النفسية والعاطفية. ويمكن أن تشمل مجموعة واسعة من المواقف، مثل الإيذاء الجسدي أو النفسي، وفقدان أحد الأبوين، والتعرّض لحادث خطير، أو حتى الظروف المعيشية القاسية.

وتؤدّي هذه التجارب إلى ردود فعل نفسية متعدّدة، مثل القلق، والاكتئاب، والاضطرابات السلوكية، وتؤثر في قدرة الشخص على التكيّف والتعامل مع الضغوط اليومية، مما قد ينعكس سلباً على نوعية حياته بشكل عام.

واستندت النتائج إلى دراسة متابعة أجريت على نحو 6500 أميركي تجاوزوا سنّ الخمسين، وتوفوا بين عامي 2006 و2020.

وطُلب من المشاركين الإجابة على استبيان يتناول تجاربهم مع 11 نوعاً من الصدمات، بالإضافة إلى رفاهيتهم النفسية والاجتماعية. وكشفت المقابلات النهائية مع أفراد أسرهم أو من يتولّون شؤونهم القانونية عن معلومات حول الأعراض التي عانوها في السنة الأخيرة من حياتهم.

وأوضحت النتائج أنّ الصدمات التي يتعرّض لها الإنسان في الطفولة، خصوصاً الإيذاء الجسدي من الوالدين، ترتبط بشكل كبير بزيادة الألم والأعراض النفسية، مثل الاكتئاب والوحدة في المراحل الأخيرة من العُمر.

كما وجدوا أنّ المشاركين الذين لم يتعرّضوا لصدمات كانوا أقل عرضة للألم أو الوحدة في نهاية حياتهم، إذ كانت نسبة تعرّضهم للألم الشديد أو المتوسط 46 في المائة، والشعور بالوحدة 12 في المائة، مقارنةً بـ60 في المائة و22 في المائة على التوالي لدى مَن تعرّضوا لـ5 أحداث صادمة أو أكثر.

وأشاروا إلى أنّ هذه النتائج تؤكد أهمية النظر إلى حاجات المرضى في نهاية حياتهم من خلال «عدسة الصدمات النفسية»، إذ إنّ الأحداث الصادمة في الطفولة قد تكون لها تأثيرات تمتدّ عبر مراحل الحياة، وتؤدّي إلى العزلة الاجتماعية والعاطفية، والعادات الصحّية السيئة، وزيادة التعرّض لصدمات لاحقة.