هل تزيد الإنفلونزا من خطر الإصابة بالنوبات القلبية؟

أولئك الذين أُصيبوا بالإنفلونزا كانوا أكثر عُرضة للإصابة بنوبة قلبية بستة أضعاف بعد أسبوع من اختبارهم الإيجابي (رويترز)
أولئك الذين أُصيبوا بالإنفلونزا كانوا أكثر عُرضة للإصابة بنوبة قلبية بستة أضعاف بعد أسبوع من اختبارهم الإيجابي (رويترز)
TT

هل تزيد الإنفلونزا من خطر الإصابة بالنوبات القلبية؟

أولئك الذين أُصيبوا بالإنفلونزا كانوا أكثر عُرضة للإصابة بنوبة قلبية بستة أضعاف بعد أسبوع من اختبارهم الإيجابي (رويترز)
أولئك الذين أُصيبوا بالإنفلونزا كانوا أكثر عُرضة للإصابة بنوبة قلبية بستة أضعاف بعد أسبوع من اختبارهم الإيجابي (رويترز)

مع اقتراب موسم الإنفلونزا، قد لا يترك الفيروس الأشخاص عُرضة للإصابة بالالتهاب الرئوي والحمى وآلام الجسم فحسب، بل قد يزيد أيضاً من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، وفقاً لكثير من الدراسات، حسب تقرير لشبكة «فوكس نيوز».

أولئك الذين أُصيبوا بالإنفلونزا كانوا أكثر عُرضة للإصابة بنوبة قلبية بستة أضعاف بعد أسبوع من اختبارهم الإيجابي مقارنةً بالعام السابق أو التالي، وفقاً لمجموعة من الباحثين من هولندا الذين قدموا نتائجهم في الربيع الماضي في المؤتمر الأوروبي لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية (ECCMID) في كوبنهاغن.

وكما ذكرت جمعية القلب الأميركية (AHA) على موقعها على الإنترنت، أظهر أحد التقارير ارتفاعاً حاداً في الوفيات المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية وأوبئة الإنفلونزا التي حدثت في نفس الوقت تقريباً.

مع ذلك، وجدت دراسة أخرى نُشرت عام 2020 أنه من بين أكثر من 80 ألف بالغ أميركي أًدخلوا إلى المستشفى بسبب الإنفلونزا في الفترة من 2010 إلى 2018، أُصيب واحد من كل ثمانية مرضى بمضاعفات مفاجئة وخطيرة في القلب.

قال الدكتور آرون غلات، رئيس قسم الطب والأمراض المعدية في «ماونت سيناي» جنوب ناسو في لونغ آيلاند، نيويورك، لشبكة «فوكس نيوز ديجيتال»: «لقد أظهر الكثير من الدراسات أن هناك ارتفاعاً في معدل الإصابة بأمراض القلب الخطيرة والنوبات القلبية بعد إصابة الشخص بالإنفلونزا».

وأضاف غلات: «على الرغم من أن الآلية ليست واضحة تماماً، فإنها قد تمثل استجابة التهابية ضد فيروس الإنفلونزا، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة -وهو سبب وجيه آخر وراء التوصية بضرورة التطعيم ضد الإنفلونزا للبالغين».

وقال الدكتور فريدريك ديفيس، الرئيس المساعد لطب الطوارئ في مركز «نورثويل هيلث لونغ آيلاند» الطبي في نيو هايد بارك، نيويورك، لشبكة «فوكس نيوز ديجيتال»: «عندما يصاب شخص ما بالإنفلونزا، فإن ذلك يخلق ضغطاً إضافياً على الجسم. في أثناء الإصابة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى ارتفاع معدل ضربات القلب، مما يجعل قلبك يعمل بجهد أكبر».

وتابع ديفيس: «لقد وجد أن هذا الضغط الإضافي يؤدي إلى زيادة في مضاعفات القلب بعد الإصابة بالإنفلونزا، مع زيادة في النوبات القلبية وتفاقم قصور القلب الاحتقاني... يعد ذلك مصدر قلق بشكل خاص لدى الأشخاص الأكبر سناً أو الذين يعانون أمراض القلب الأساسية».

وقال خبراء الصحة إنه عندما يصاب شخص ما بالإنفلونزا، يكون لدى الجسم استجابة التهابية لمحاربة الفيروس.

وأوضح خبراء طبيون من جامعة كاليفورنيا على الموقع الإلكتروني للجامعة أن هذا يمكن أن يؤدي إلى جلطات دموية، وزيادة في ضغط الدم، وفي بعض الأحيان تورم أو تندب في القلب. وهذا يمكن أن يخلق مخاطر إضافية لأولئك الذين لديهم تاريخ من مشكلات القلب والأوعية الدموية.

يقول موقع جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس: «إذا كنت تعاني مرض القلب، فإن الرواسب الدهنية التي تسمى اللويحات تتراكم في الشرايين... يمكن أن يؤدي الضغط الإضافي للفيروس إلى تمزق اللويحة، مما يؤدي إلى نوبة قلبية أو سكتة دماغية».

قال تقرير عام 2021، المنشور في مجلة جمعية القلب الأميركية، أيضاً، إن الحصول على لقاح الإنفلونزا يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بنوع شائع من النوبات القلبية لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق.

وأوضح ديفيس لشبكة «فوكس نيوز ديجيتال» إنه عندما يتعافى الشخص من الإنفلونزا، من المهم أن يكون على دراية ببعض العلامات التي تشير إلى احتمال تأثر القلب. وتابع: «قد يحدث ضيق في التنفس مع الحد الأدنى من المجهود بعد تحسن الأعراض الفيروسية الأخرى».

توصي جمعية القلب الأميركية والكلية الأميركية لأمراض القلب بالحصول على لقاح الإنفلونزا للمساعدة في منع مضاعفات أمراض القلب والأوعية الدموية بسبب الفيروس، خصوصاً في الأشخاص الذين يعانون أمراض الشريان التاجي أو أمراض الأوعية الدموية الأخرى التي تسبب تصلب الشرايين.

توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بتلقي لقاح الإنفلونزا لكل شخص يبلغ من العمر 6 أشهر فما فوق.


مقالات ذات صلة

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية (أ.ب)

ترمب يدرس تعيين مدير مخابرات سابق مبعوثاً خاصاً لأوكرانيا

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سكوت بيسنت مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» يتحدث في مناسبة انتخابية للرئيس ترمب (رويترز)

ترمب يكشف عن مرشحيه لتولي وزارات الخزانة والعمل والإسكان

رشّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب»، لتولي منصب وزير الخزانة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف
TT

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف. مع كل نوبة، قد يبدو الألم لا يُطاق، مُصاحباً بأعراض شديدة كالغثيان والحساسية للضوء والصوت. وعلى الرغم من أن أعراض الصداع النصفي مؤقتة، فإن مدة ألم الصداع يمكن أن تجعل المريض يشعر باليأس وكأن الحياة قد انتهت.

ولكن ومع التطورات الطبية الحديثة، بدأت تظهر خيارات علاجية تُعيد الأمل لملايين المرضى حول العالم تتحكم في الصداع النصفي فور حدوثه ومنعه من التدخل في النشاط اليومي للمريض.

مؤتمر طبي

نظّمت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، يوم الثلاثاء، 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مؤتمراً طبياً بعنوان «نهج جديد في علاج الصداع النصفي» (NEW APPROACH in MIGRAINE TREATMENT). وعُقد المؤتمر بالتعاون مع المركز الطبي الدولي وشركة «Abbvie» الطبية، وقام ملتقى الخبرات بتنظيمه.

غلاف كتيّب المؤتمر

شاركت في المؤتمر نخبة من المتخصصين، إذ قدّم الدكتور سعيد الغامدي، استشاري الأعصاب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، وأستاذ مساعد في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، عرضاً حول خيارات العلاج المستهدف للصداع النصفي من خلال التجارب السريرية.

كما تناولت الدكتورة ميساء خليل، استشارية طب الأسرة ومتخصصة في الرعاية الوقائية وطب نمط الحياة، أهمية دور الرعاية الأولية في التعامل مع الصداع وعبء الصداع النصفي على عامة السكان.

واختتم الجلسات الدكتور وسام يمق، استشاري الأعصاب ومتخصص في علاج الصرع، بتسليط الضوء على الاحتياجات غير الملباة في العلاجات الحادة للصداع النصفي.

اضطراب عصبي شائع

في حديث خاص مع «صحتك»، أوضح الدكتور أشرف أمير، استشاري طب الأسرة، نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، ورئيس المؤتمر، أن الصداع النصفي (الشقيقة) يُعد من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً على مستوى العالم. وأشار إلى أنه اضطراب عصبي معيق يُصيب نحو مليار شخص عالمياً، يتميز بنوبات من الألم الشديد النابض، غالباً في أحد جانبي الرأس، وترافقه أحياناً أعراض مثل الغثيان، التقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء والصوت، مما يؤثر بشكل كبير على حياة المرضى اليومية.

وأكد الدكتور أمير أن الصداع النصفي يؤثر على أكثر من عُشر سكان العالم، مما يجعله إحدى أكثر الحالات انتشاراً، والتي تنعكس سلباً على جودة حياة المصابين، إضافة إلى تأثيره الواضح على الإنتاجية وساعات العمل.

وأضاف أن التطورات الحديثة في مجال الأبحاث الطبية أسهمت في فهم أعمق لآلية حدوث الصداع النصفي، وهو ما فتح الباب أمام تطوير علاجات مبتكرة وفعّالة. كما أشار إلى أن هذا التقدم يمثل تحولاً كبيراً في التعامل مع هذا الاضطراب، الذي كان يُعدُّ في السابق حالة مرضية غامضة يصعب تفسيرها أو السيطرة عليها.

وبائيات الصداع النصفي

يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من الصداع النصفي، أي حوالي 11.6 في المائة من سكان العالم. وتظهر الدراسات أن النساء أكثر عُرضة للإصابة به مقارنةً بالرجال.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ترتفع النسبة إلى 11.9 في المائة. أما في السعودية، فيُقدَّر انتشار الصداع النصفي بـ9.7 في المائة، أي ما يعادل 3.2 مليون شخص، مما يجعله ثاني أكبر سبب للإعاقة بين السكان. وتُشير دراسات محلية، أُجريت في منطقة عسير، إلى أن الصداع النصفي أكثر انتشاراً في المدن (11.3 في المائة) مقارنة بالمناطق الريفية (7.6 في المائة)، وهو ما يعكس ارتباطه بعوامل بيئية وسلوكية متعددة.

عوامل الخطر والأسباب

* الآلية المرضية يُعتقد أن الصداع النصفي ينشأ من تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية والعصبية. وتُشير الدراسات الحديثة إلى أن نوبات الصداع النصفي قد تنشأ من فرط استثارة في قشرة الدماغ، ما يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي الثلاثي. ويمكن لبعض المُحفّزات، مثل التقلبات الهرمونية، الإجهاد، نقص النوم، والعوامل الغذائية، أن تُساهم في بدء نوبات الصداع النصفي لدى بعض الأفراد المُعرضين لذلك.

أما أسباب الصداع النصفي فتتضمن عوامل متعددة تشمل:

* العامل الجيني: تلعب الوراثة دوراً مهماً في زيادة احتمال الإصابة بالصداع النصفي، إذ تشير الأبحاث إلى ارتباط الجينات ببعض البروتينات العصبية مثل «الببتيد» المرتبط بجين «الكالسيتونين» (Calcitonin Gene-Related Peptide, CGRP).

* التغيرات في الدماغ: تساهم بعض الاضطرابات في نظام التفاعل بين الأوعية الدموية والجهاز العصبي المركزي في زيادة احتمال الإصابة.

* العوامل البيئية: يمكن أن تؤدي التغيرات البيئية مثل التوتر، أو النوم غير المنتظم، أو بعض أنواع الأطعمة والمشروبات إلى تحفيز النوبات.

مراحل الصداع النصفي والتشخيص

* مرحلة البادرة (Prodrome): تبدأ بتغيرات مزاجية، شعور بالتعب، أو حتى رغبة ملحة في تناول الطعام.

* مرحلة الهالة (Aura): تشمل اضطرابات بصرية أو حسية تحدث قبل نوبة الصداع، وتظهر لدى بعض المرضى فقط.

* مرحلة الألم: يصاحبها ألم شديد نابض، غالبًا في جهة واحدة من الرأس، وتستمر من 4 إلى 72 ساعة.

* مرحلة ما بعد الألم (Postdrome): تتسم بالإرهاق والارتباك، لكنها تُعد علامة على انتهاء النوبة.

* التشخيص: يعتمد أساساً على التاريخ المرضي والفحص السريري، مع استبعاد الأسباب العضوية الأخرى. وتشمل المعايير التي يعتمد عليها الأطباء في التشخيص حدوث خمس نوبات على الأقل متكررة من الصداع، تدوم بين 4 و72 ساعة، ومصحوبة بعلامتين من العلامات التالية: ألم من جهة واحدة، نبضات شديدة، ألم شديد، وأعراض مصاحبة كالغثيان.

خيارات علاجية تقليدية وحديثة

وتشمل:

* أولاً: مسكنات الألم. تاريخياً، اعتمدت إدارة الصداع النصفي على مزيج من العلاجات الحادة والوقائية، بما في ذلك مسكنات الألم المتوفرة بدون وصفة طبية، ومضادات المهاجمات، والأدوية الوقائية مثل مضادات الاكتئاب، ومضادة للصرع، وحقن البوتكس. وعلى الرغم من أن هذه العلاجات وفرت الراحة لكثير من المرضى، فإنها محدودة في فاعليتها ولا تخلو من الآثار الجانبية.

* ثانياً: خيارات علاجية «دوائية» حديثة. تؤكد الأبحاث العلمية أن تصميم عقار موجه خصيصاً لعلاج مرض معين يُعد الخطوة الأمثل لتحقيق فاعلية أعلى وتقليل الآثار الجانبية. ودفع هذا المبدأ الباحثين إلى الغوص عميقاً في دراسة آليات الصداع النصفي، ما قادهم لاكتشاف دور بروتين محدد يُعرف بـ«CGRP». ويُطلق هذا البروتين أثناء نوبة الصداع النصفي وينخفض مستواه بمجرد انتهاء النوبة.

في إحدى الدراسات، عندما تم حقن الأشخاص ببروتين (CGRP)، أُصيبوا بنوبات تُشبه الصداع النصفي، ما أكد دوره الحاسم في هذه الحالة. وأدى هذا الاكتشاف إلى تحول جذري في علاج الصداع النصفي، إذ تمت الموافقة في عام 2018 من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أول جسم مضاد أحادي النسيلة يستهدف البروتين (CGRP) للوقاية من الصداع النصفي. ويعدُّ هذا العلاج المبتكر خياراً مستهدفاً ودقيقاً، إذ يعمل على تعطيل مسار البروتين العصبي المسؤول عن نوبات الصداع النصفي، مما يمثل نقلة نوعية في تحسين حياة المرضى.

وتشمل هذه الأدوية:

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة للببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP)، تمت الموافقة على أربعةٍ منها من قبل إدارة الغذاء والدواء: «إبتينيزوماب» (eptinezumab)، «إرينوماب» (erenumab)، «فريمانيزوماب» (fremanezumab)، و«جالكانيزوماب» (galcanezumab). وقد تم تصميمها للعثور على بروتينات (CGRP)، وقد أظهرت فاعليتها في تقليل شدة وتكرار النوبات، سواء أُعطيت عن طريق الفم أو الحقن تحت الجلد، مع حد أدنى من الآثار الجانبية مقارنة بالعلاجات الوقائية التقليدية.

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة لمستقبلات الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP). تحتضن هذه الأجسام المستقبلات بشكل أساسي بحيث تكون غير نشطة، هما اثنتان: «أبروجيبانت» (Ubrogepant) و«ريميجيبانت» (rimegepant)، وهما أحدث العقاقير لعلاج الصداع النصفي عند الحاجة والتي لا تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية. تعمل هذه الأدوية عن طريق الفم على حظر مستقبلات (CGRP) على أمل إيقاف نوبة الصداع النصفي المستمرة بالفعل. ومن حسنات هذه الأدوية أن ليس لها خطر الإصابة بالصداع الناجم عن الإفراط في تناول الأدوية مثل بعض علاجات الصداع النصفي الأخرى.

نظم الذكاء الاصطناعي وأدوات الصحة الرقمية تسهم في تحسين دقة التشخيص وإدارة المرض

علاجات بلا أدوية

* ثالثاً: خيارات علاجية «غير دوائية»، وتضم:

- أجهزة التعديل العصبي القابلة للارتداء. تُعد هذه الأجهزة طريقة علاجية مبتكرة لعلاج الصداع النصفي، إذ تستخدم نبضات كهربائية أو مغناطيسية إلى الرأس أو الرقبة أو الذراع لتعديل نشاط المسارات العصبية المحددة المشاركة في آلية حدوث الصداع النصفي، تعمل على إعادة النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الدماغ إلى طبيعته.

وقد أثبتت الدراسات أن استخدام هذه الأجهزة، المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء أظهر نتائج واعدة في إدارة الصداع النصفي الحاد والوقائي، مما يوفر بديلاً خالياً من الأدوية، وهي آمنة وآثارها الجانبية قليلة جداً.

- استخدام الذكاء الاصطناعي. أسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص عن طريق تطوير خوارزميات تستطيع تحليل التاريخ المرضي وبيانات المرضى لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي، مما يساعد في توفير علاجات موجهة وفعالة.

- أدوات الصحة الرقمية. بالإضافة إلى العلاجات الدوائية والقائمة على الأجهزة، أدت الصحة الرقمية إلى تطوير تطبيقات الهواتف المحمولة والتقنيات القابلة للارتداء التي يمكن أن تساعد في إدارة الصداع النصفي. يمكن لهذه الأدوات الرقمية مساعدة المرضى في تتبع أعراضهم، وتحديد المُحفّزات، وتقديم توصيات مخصصة للتعديلات في نمط الحياة وأساليب العلاج.

تعاون عالمي ومحلي

مع التطورات العلمية الحديثة في فهم آلية حدوث الصداع النصفي وتطوير خيارات علاجية مبتكرة، لم يعد الصداع النصفي حُكماً على حياة المرضى بالتوقف.

وتلعب الجمعيات الطبية والهيئات الصحية، مثل الجمعية السعودية للصداع، دوراً محورياً في تحسين حياة المرضى من خلال التوعية، وتوفير خيارات علاجية موجهة.

ويبدأ الحل بالبحث عن العلاج المناسب وعدم تجاهل هذه الحالة العصبية المعقدة. ومع الاستمرار في الابتكار، يمكننا تخفيف العبء وتحقيق جودة حياة أفضل للمرضى.

*استشاري طب المجتمع