تحذيرات من الإفراط في وصف المضادات الحيوية

تسببت في زيادة الوفيات بين الأطفال

تحذيرات من الإفراط في وصف المضادات الحيوية
TT

تحذيرات من الإفراط في وصف المضادات الحيوية

تحذيرات من الإفراط في وصف المضادات الحيوية

على الرغم من التحذيرات المتكررة لمنظمة الصحة العالمية (WHO) من خطورة الإفراط في وصف المضادات الحيوية، فإن نِسب استخدامها في الأطفال لا تزال كبيرة بالشكل الذي يهدد بفقدان فاعليتها تماماً في المستقبل القريب؛ نظراً لأن البكتيريا تكتسب مقاومة لمفعولها.

وحسب أحدث دراسة نُشرت في مجلة «بلوس الطبية» PLOS Medicine في منتصف شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي؛ فقد تسبب ذلك بالفعل في حدوث عدد كبير من الوفيات بين الأطفال، خاصة في الدول التي تعاني ضعف المنظومة الصحية.

مضادات غير ملائمة

استهدفت الدراسة الطولية رصد نسبة المضادات الحيوية التي تم وصفها بشكل غير ملائم للأطفال في العيادات الخارجية في ثلاثة بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وهى مدغشقر والسنغال وكمبوديا؛ لمعرفة خطورة وصف العلاج بشكل عشوائي. وبالإضافة إلى ذلك، قام الباحثون بحصر لأعراض الأمراض المختلفة للأطفال والتشخيصات التي استلزمت وصف العلاج لهم ومدى تحسن الحالة في كل استشارة طبية.

فحص الباحثون بيانات من دراسة سابقة طويلة الأمد سُميت «بيردي» BIRDY تناولت صحة الأمهات والأطفال في البلدان الثلاثة، وشملت كل المجتمعات في هذه الدول، سواء المناطق الحضرية أو الريفية. وهذه الدراسة كانت لرصد العدوى البكتيرية المختلفة المقاومة للمضادات الحيوية antibiotic-resistant bacterial infections في الأطفال في الفئة العمرية دون العامين. وقاموا بحصر الأطفال الذين كانت لديهم استشارة واحدة على الأقل في العيادة الخارجية أثناء فترة المتابعة والتي تراوحت بين 6 أشهر وحتى عامين، وقاموا أيضاً برصد الطريقة التي تلقوا بها المضادات الحيوية عن طريق الحقن العضلي أو الوريدي أو عن طريق الفم.

سجّل الباحثون الخصائص الصحية الرئيسية للمشاركين في الدراسة من كل دولة، بما في ذلك عدد الاستشارات والتشخيصات المرضية والوصفات الطبية غير الملائمة بشكل عام ووصفات المضادات الحيوية بشكل خاص. وبعد ذلك قاموا بتصنيف جميع التشخيصات التي أجراها الأطباء في كل زيارة للعيادة باستخدام مقاييس عالمية تعتمد بشكل أساسي على إرشادات الإدارة المتكاملة لأمراض الطفولة (IMCI) لمنظمة الصحة العالمية لتحديد جميع تشخيصات الأمراض المعدية التي تحتاج إلى المضادات الحيوية كخط علاج أول تبعاً لجرعات معينة ولفترات محددة.

وجد الباحثون أن المضادات الحيوية تم وصفها بشكل مبالَغ فيه حتى في الأمور الطبية التي لا تتطلب مضاداً حيوياً من الأساس، مثل نزلات البرد أو الارتفاع الطفيف في درجة الحرارة فيروسي المنشأ، كما وجدوا أنه في بعض الأحيان تم وصف أكثر من نوع من عائلات المضادات الحيوية للمرض نفسه، وقاموا بتقييم عوامل الخطر لوصف المضادات الحيوية غير المناسبة لكل طفل مع الوضع في الاعتبار تاريخ الإصابة بالمرض ودرجة الشدة وعمر الطفل.

وصفات غير ضرورية

تبين أن هناك نسبة تقترب من ربع الأطفال المترددين على العيادات الخارجية لم تكن شكواهم الطبية تتطلب علاجاً بالمضادات الحيوية مطلقاً، ومع ذلك تم وصفه لهم وبجانب ذلك كانت هناك نسبة بلغت 75 في المائة من الأطفال الذين تم وصف المضادات الحيوية لهم بالفعل تلقوا نوعاً غير مناسب لحالتهم الطبية وأكثر من 65 في المائة منهم كانت المضادات غير ضرورية تبعاً لحالتهم (يمكن أن تكون المضادات خطاً علاجياً ثانياً أو ثالثاً في بعض الحالات تبعاً لشدتها وتصنيفها الطبي، وبذلك يكون البدء في استخدامها كخط علاجي أول غير مناسب)؛ ولذلك لم تفد المرضى. وفى المقابل، ساهمت في ظهور مقاومة للمضادات الحيوية التي تم تناولها من دون داعٍ ما يعد ضرراً كبيراً.

أوضحت الدراسة أن وصف المضادات غير المناسبة أمر متكرر، ولكن كان هناك اختلاف واضح في نسبة كتابة هذه الوصفات الطبية في كل بلد عن الأخرى. وعلى سبيل المثال، في السنغال كانت نسبة الحالات التي لا تتطلب علاجاً بالمضادات ومع ذلك تم وصف الدواء لها هي 16 في المائة فقط، بينما كانت في كمبوديا أعلى كثيراً 57 في المائة. وذكر الباحثون أن نسبة من الأطفال بلغت 36 في المائة تلقوا المضادات الحيوية حتى عندما كانت تحاليل البراز الخاصة بهم خالية من مسببات الأمراض البكتيرية؛ ما يعني وصف الأطباء الأدوية بشكل غير مناسب للأطفال المصابين بالتهاب المعدة والأمعاء في 24.6 في المائة و51.2 في المائة و61.6 في المائة من الحالات في مدغشقر والسنغال وكمبوديا على التوالي.

أشارت الدراسة إلى وجود نسبة من المترددين على عيادة الأمراض الصدرية بلغت ربع المرضى تقريباً تم وصف مضادات حيوية غير ملائمة لحالتهم في عدوى الجزء الأسفل من الجهاز التنفسي، خاصة التهاب الشعب الهوائية وأيضاً تكرر الأمر نفسه في عدوى التهاب البلعوم في الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي. وكان أكثر المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال في مدغشقر وكمبوديا هو أموكسيسيلين amoxicillin، وتم وصفه في 24 في المائة و35 في المائة من الحالات، وبالنسبة للسنغال كان أكثر مضاد حيوي تم وصفه هو السيفيكسيم cefixime بنسبة بلغت 34.4 في المائة من جميع حالات الأطفال.

أكد الباحثون أن العلاج بالمضادات الحيوية أمر ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه ويساهم في إنقاذ حياة المرضى حينما يتم استخدامه في العدوى المناسبة. أما الإفراط في استخدامه فيجعل البكتيريا تحصّن نفسها ضد التركيبة الدوائية للعلاج ومع الوقت يفقد تأثيره تماماً، خاصة وأن هناك أنواعاً كثيرة من العدوى لا تكون بكتيرية المنشأ، وبالتالي لا داعي لاستخدام المضاد نهائياً. وكل عائلة من المضادات الحيوية تقاوم نوعية ميكروبات معينة، بمعنى أن المفهوم الشائع لتناول أي مضاد حيوي لالتهاب معين مفهوم خاطئ.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

لاصقة جلدية تساعد على علاج السكري

يوميات الشرق اللاصقة توفر نهجاً أكثر دقة في تنظيم السكر (المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا)

لاصقة جلدية تساعد على علاج السكري

طوّر باحثون في المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا لاصقة تُوضع على الجلد للمساعدة في تنظيم نسبة السكر بالدم وزيادة إفراز الإنسولين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك زيادة دهون البطن في منتصف العمر تؤثر بشكل كبير على الوظيفة الإدراكية (أ.ب)

كيف تؤثر دهون البطن على صحة الدماغ؟

هناك أدلة متزايدة على أن زيادة دهون البطن، في منتصف العمر، تؤثر بشكل كبير على الوظيفة الإدراكية واحتمال الإصابة بأمراض التنكس العصبي على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تُطهى البطاطس المقلية في زيوت نباتية «مسببة للالتهابات» (رويترز)

من أجل صحة قلبك... تخلص من 3 أطعمة في نظامك الغذائي

ينصح أطباء القلب بالتخلص من بعض الأطعمة التي تضر بصحة قلبك بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك التأمل يؤثر على مناطق رئيسية بالدماغ مسؤولة عن التنظيم العاطفي والذاكرة (أ.ف.ب)

حيلة تُمكنك من تغيير الموجات الدماغية المرتبطة بالاكتئاب والقلق

أكدت دراسة جديدة أن هناك حيلة مميزة يمكن أن تساعد في تغيير الموجات الدماغية المرتبطة بالاكتئاب والقلق؛ وهي التأمل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يعاني كثير من الأطفال حول العالم حساسية الطعام (أ.ب)

8 علامات قد تشير إلى إصابة طفلك بحساسية الطعام

يعاني كثير من الأطفال حول العالم من حساسية الطعام، إلا أن بعضهم قد لا يكتشف ذلك قبل تعرضه لأزمة مفاجئة نتيجة لهذا الأمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

8 علامات قد تشير إلى إصابة طفلك بحساسية الطعام

يعاني كثير من الأطفال حول العالم حساسية الطعام (أ.ب)
يعاني كثير من الأطفال حول العالم حساسية الطعام (أ.ب)
TT

8 علامات قد تشير إلى إصابة طفلك بحساسية الطعام

يعاني كثير من الأطفال حول العالم حساسية الطعام (أ.ب)
يعاني كثير من الأطفال حول العالم حساسية الطعام (أ.ب)

يعاني كثير من الأطفال حول العالم من حساسية الطعام، إلا أن بعضهم قد لا يكتشف ذلك قبل تعرضه لأزمة مفاجئة نتيجة لهذا الأمر، في الوقت الذي يجهل فيه كثير من الآباء والأمهات أعراض هذه الحساسية.

وتشمل أكثر أنواع حساسية الطعام شيوعاً لدى الأطفال، حساسية: الحليب، والبيض، والفول السوداني، والمكسرات (مثل اللوز والكاجو) والسمسم، وفول الصويا، والقمح، والأسماك، والمحار.

وقد تحدثت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إلى هيلين برو، أستاذة حساسية الأطفال والمستشارة الطبية لمؤسسة «ناتاشا» لأبحاث الحساسية، عن أبرز العلامات والأعراض التي قد تشير إلى إصابة طفلك بحساسية الطعام، وهي:

1- التورم

تقول برو إن التورم والانتفاخ حول الشفاه أو الوجه أو العينين، قد يشير إلى حدوث رد فعل تحسسي تجاه طعام ما.

2- الطفح الجلدي

إذا كان الطفل يعاني حساسية تجاه طعام ما، فقد تظهر بقع حمراء وحاكَّة على جلده، بعد تناول هذا الطعام بفترة وجيزة، وفقاً لبرو.

3- العطاس أو احتقان الأنف

أشارت برو إلى أن أعراض التهاب الأنف التحسسي، مثل سيلان الأنف والعطاس، قد تكون أيضاً من العلامات التي لا ينتبه لها كثيرون لحساسية الطعام.

4- حكة في الفم أو الحلق

قد يعاني الأطفال المصابون بحساسية الطعام تهيجاً خفيفاً في الفم أو الحلق بعد تناول هذه الأطعمة مباشرة.

5- مشاكل في المعدة

تقول برو إن حساسية الطعام أيضاً قد تسبب مشاكل في المعدة، مثل: التقلصات، أو الغثيان، أو القيء، أو الإسهال.

6- مشاكل في التنفس

قد يشير السعال أو الصفير أو صعوبة التنفس إلى حدوث رد فعل خطير، تجاه تناول طفلك طعاماً بعينه، كما تقول برو.

7- الدوخة أو الإغماء

في الحالات الشديدة من حساسية الطعام، قد يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى الضعف أو الانهيار والإغماء، حسب برو.

8- العلامات المتأخرة

تقول برو: «هناك نوعان من حساسية الطعام: الفورية (التي يسببها جسم مضاد IgE) والتي تسبب الأعراض الموصوفة أعلاه، والمتأخرة.

وأضافت: «في حساسية الطعام المتأخرة، قد تظهر علامات أكثر تأخراً واستمراراً، مثل الإكزيما والقيء وآلام المعدة».