تخت روانجي: إدارة ترمب سعت لفرض شروطها ثم لجأت للحرب

قال إن البرنامج النووي غير قابل للتفكيك

تخت روانجي يتحدث عن المفاوضات والحرب مع إسرائيل خلال مؤتمر في طهران الاثنين (إرنا)
تخت روانجي يتحدث عن المفاوضات والحرب مع إسرائيل خلال مؤتمر في طهران الاثنين (إرنا)
TT

تخت روانجي: إدارة ترمب سعت لفرض شروطها ثم لجأت للحرب

تخت روانجي يتحدث عن المفاوضات والحرب مع إسرائيل خلال مؤتمر في طهران الاثنين (إرنا)
تخت روانجي يتحدث عن المفاوضات والحرب مع إسرائيل خلال مؤتمر في طهران الاثنين (إرنا)

قال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، إن الولايات المتحدة لجأت إلى الحرب بعدما أدركت أنها لن تتمكن من تحقيق «مطالبها غير المشروعة»، المتمثلة في تعطيل البرنامج النووي الإيراني بالكامل.

وكانت طهران وواشنطن قد خاضتا خمس جولات من المفاوضات النووية غير المباشرة، انتهت بالحرب الجوية التي استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران)، والتي قصفت خلالها إسرائيل والولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية.

ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن روانجي قوله خلال كلمته في «المؤتمر الدولي الرابع للدراسات الإيرانية المعاصرة» إن واشنطن دخلت المفاوضات بهدف «فرض اتفاق يخدم مصالحها»، معتبراً أن فريق التفاوض الأميركي «اعتمد المراوغة» ورفع سقف المطالب، عبر الدعوة إلى وقف كامل للتخصيب النووي، بالتوازي مع محاولات الإغراء والتهديد.

وأوضح روانجي أن واشنطن حاولت أولاً «استمالة طهران عبر الحوافز»، ثم انتقلت إلى «التهديد والضغوط»، لكنها «عندما يئست من فرض رؤيتها اختارت الخيار العسكري».

نسخة من صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري» تحمل عنوانَي: «وهم ويتكوف الأوروبي» و«التخصيب سيستمر»... مع صورتَي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي... في كشك بمدينة طهران مايو الماضي (إ.ب.أ)

وأضاف أن إيران «مؤمنة دائماً بالدبلوماسية التي لا تُفرض فيها مواقف طرف على الآخر»، مشدداً على أن «أحداً لا يفضل الحرب إذا كانت هناك إمكانية لحل الخلافات عبر الحوار، شرط أن يدرك الطرفان طبيعة الظروف، وألا يتوهم أي منهما القدرة على فرض رؤيته».

خلفيات حرب الـ12 يوماً

وتطرق روانجي إلى خلفيات اندلاع حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، قائلاً: «من غير الممكن تبني سيناريو واحد بشكل قاطع لتفسير سبب الحرب، فذلك لا يصح علمياً ولا تاريخياً». وأوضح أنه عندما وصلت إدارة ترمب إلى الحكم «وجهت رسالة إلى المرشد علي خامنئي تقترح بدء مفاوضات، وتلوح بأن الفشل في التوصل إلى نتيجة يعني الذهاب نحو الحرب». وقال إن إيران قبلت في ردّها خوض مفاوضات غير مباشرة، بينما كانت واشنطن تريد مفاوضات مباشرة، «ولعدم قبولنا بذلك أسباب معروفة».

وأوضح أن إدارة ترمب تصورت أنها قادرة على فرض رؤيتها «من موقع قوة»، وأن الولايات المتحدة شعرت بأن العالم محتاج إلى ترمب، ما جعلها تتعامل مع إيران «دون تكافؤ»، موضحاً أن طهران قبلت مفاوضات غير مباشرة عبر وسيط عُماني، رداً على مبادرة أميركية عبر الإمارات.

وأضاف روانجي أن الولايات المتحدة نقلت رسائلها عبر الإمارات «لكننا - لأسباب خاصة بنا - أجبنا عبر عُمان». وأشار إلى إجراء خمس جولات من المفاوضات «وقبل يومين فقط من الجولة السادسة اندلعت الحرب، ما أثار دهشة المجتمع الدولي، حتى الصحافيين الأميركيين». وقال إن واشنطن «رسمت منذ البداية صورة وردية وأبدت استعداداً للتعاون، لكنها دخلت المفاوضات بلغة مراوغة، معتقدة أنها بهذه الطريقة ستصل إلى أهدافها».

أشخاص يلتقطون بجوالاتهم صوراً لأعمدة الدخان المتصاعدة نتيجة ضربة إسرائيلية في طهران 23 يونيو 2025 (أ.ب)

وأوضح تخت روانجي أن الأميركيين «جربوا شتى الأساليب، فقد طرحوا أولاً فكرة (تصفير التخصيب)، وعندما رفضت إيران انتقلوا إلى قضايا أخرى، وكانوا يضربون على وترين في آن واحد». وأضاف: «عندما أيقنوا أن المفاوضات لن تحقق لهم ما يريدون لجأوا إلى القوة».

ولفت إلى أن بلاده «لم تكن تتوقع نتائج سريعة، وكانت تدرك أن المفاوضات الدولية مليئة بالصعود والهبوط، لكنها آمنت بإمكانية الوصول إلى نتيجة عبر الدبلوماسية».

واعتبر أن «أحد أسباب الحرب أنهم عجزوا عن تحقيق مطالبهم غير المشروعة عبر الترغيب أو التهديد». وتساءل قائلاً: «هل كان هدفهم الحرب منذ البداية؟ وهل كانوا يمهّدون لها مسبقاً ليقولوا لاحقاً: حاولنا ولم ننجح فاضطررنا للحرب؟ وما هو دور الكيان الصهيوني؟ هل كان معارضاً منذ البداية أم أن الأمر كان مخططاً ومنسقاً بينهما؟».

وقال روانجي إن هذه أسئلة لا يمكن الجزم بإجاباتها، لكنه أضاف أن من أهم أسباب الحرب اعتقاد واشنطن بأنها لن تحقق مطالبها عبر الحوار، مشيراً إلى أن الهدف كان «وقف البرنامج النووي الإيراني بالكامل». وأضاف أن الولايات المتحدة حاولت أحياناً «إغراء إيران وحشد الحوافز»، وفي أحيان أخرى «الضغط والتهديد».

وتابع: «لا يمكننا التخلي عن برنامج استثمرنا فيه على هذا المستوى، فقط لأن ترمب أو أي حكومة أخرى تريد ذلك. لا فرق لدينا إذا كان الطرف المقابل من الشرق أو الغرب... لا يمكننا قبول مثل هذا الطلب».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخميس الماضي إنه «تم تعليق المحادثات التي كانت جارية مع الولايات المتحدة، وكذلك مفاوضات نيويورك، ولم تمض قدماً بسبب المطالب الأميركية المبالغ فيها».

في هذا الصدد، أفاد تخت روانجي بأن مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف «كان يسعى في نيويورك إلى مفاوضات ذات نتيجة محددة مسبقاً». وأوضح أن التفاوض المباشر يمكن أن يكون أسرع عادة، لكنه غير مناسب مع واشنطن «التي تريد إملاء شروطها».

«أوروبا أطلقت النار على نفسها»

وقال إن الأوروبيين ارتكبوا «خطأ كبيراً» بإخراج أنفسهم من مسار التفاوض النووي، مضيفاً أن إيران مستمرة في علاقاتها مع دول المنطقة والعالم، رغم تغير علاقاتها مع أوروبا وأميركا بعد الـ«سناب باك».

وأكد أن الملف النووي «مهم وتجب معالجته»، وأن إيران «أهل للدبلوماسية والحوار»، لكن بوجود «معايير واقعية في العملية التفاوضية». وأضاف: «موقفنا ثابت وعقلاني... وعندما جرت مهاجمتنا أثناء التفاوض، فهم العالم أننا لسنا من يبحث عن الحرب».

مجلس الأمن يصوّت ضد قرار قدمته روسيا والصين لتأجيل إعادة فرض العقوبات على إيران لمدة 6 أشهر الجمعة الماضي (رويترز)

وأشار إلى أن تفعيل «سناب باك» خلق حالة غير مسبوقة في مجلس الأمن «بوجود موقفين متناقضين تماماً إزاء قرارات المجلس»، معتبراً ذلك نتيجة «للخطأ الأوروبي». وقال إن إيران بذلت جهداً كبيراً لتجنب الوصول إلى مواجهة الـ«سناب باك»، مضيفاً أنها «تريد حل القضايا بالحوار»، لكن الطرف المقابل يتوهم أنه «بإعادة العقوبات سيحصل على مزيد من الامتيازات». ووصف ذلك بأنه «توهم».

تسارع التقارب الإقليمي بعد الحرب

ورد روانجي على رأي يقول إن إيران تُستبعد من المنطقة، قائلاً: «هذا رأي متشائم. صحيح أن هناك محاولات لإقصاء إيران، لكن إيران أكبر من ذلك».

وأشار إلى أن إيران لديها علاقات واسعة في المنطقة «ولا يعني ذلك تطابقاً كاملاً في المواقف»، لكنه أكد وجود رغبة متبادلة «لتقدم العلاقات عبر سياسة الجوار». وقال إن الهجوم الأخير على إيران، والهجوم الإسرائيلي على قطر، «زادا من رغبة الدول الإقليمية في التعاون»، بسبب «القلق من نيات إسرائيل وعدم الثقة بأميركا».

وأضاف تخت روانجي أن لإيران حدوداً مع 15 دولة «وهذا يمنح إمكانات اقتصادية وسياسية كبيرة يجب استثمارها»، مشيراً إلى تفعيل «الدبلوماسية الإقليمية» في عدد من المحافظات. وأوضح أن العقوبات موجودة «ولا يمكن تجاهلها»، وأن إيران تعمل داخلياً لتحسين الاقتصاد، وخارجياً لإزالة العقوبات. وقال إن التعاون مع دول الجوار «يصعب منعه»، وأن تجارب 10 - 15 سنة أثبتت «إمكانية الالتفاف على العقوبات».

«انعدام الثقة»

في سياق متصل، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، إسماعيل كوثري، إنه «لا يمكننا، حتى للحظة واحدة، الوثوق بكلام ترمب حين يتحدث عن رغبته في التفاوض أو إبرام صفقة مع بلدنا»، حسبما أورد عنه «إيران أوبزرفر» الإخباري، المقرب من الأوساط البرلمانية.

وأضاف كوثري وهو جنرال في «الحرس الثوري» أن «ترمب نفسه يعلم أن الولايات المتحدة كانت هي من سمحت للكيان الصهيوني بمهاجمة إيران في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات جارية».

وفي الشهر الماضي، نسبت «رويترز» إلى مصدر إيراني مطلع أنه «جرى توجيه عدة رسائل إلى واشنطن عبر وسطاء خلال الأسابيع الماضية لاستئناف المحادثات، لكن الأميركيين لم يردوا عليها».

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إن المسؤولين الأميركيين لم يحضروا اجتماعاً اقترحته إيران في نيويورك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وإسرائيل طهران باستخدام برنامجها النووي ستاراً لإخفاء جهود لتطوير القدرة على إنتاج الأسلحة. وتقول طهران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.

وتعد إيران البلد الوحيد غير النووي الذي يخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وهي نسبة قريبة من الحدّ التقني البالغ 90 في المائة اللازم لإنتاج قنبلة نووية، وفق الوكالة الذرية.


مقالات ذات صلة

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية أكرم الدين سريع القائد السابق لشرطة ولايتي بغلان وتخار (إكس)

اغتيال مسؤول أمني أفغاني سابق في العاصمة الإيرانية

قتل أكرم الدين سريع، مسؤول أمني سابق في الحكومة الأفغانية السابقة، في هجوم مسلح وقع في العاصمة الإيرانية طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.


إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

ونقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن المسؤول قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية تتعلق بهذا التهديد، خلال لقاء مرتقب بينهما الاثنين المقبل.

وأشار إلى أن إسرائيل قد تضطر للتحرك إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن التهديد الذي تمثله الصواريخ الباليستية الإيرانية «بالغ الخطورة».

وقال المسؤول إن إطلاق عدد كبير من هذه الصواريخ باتجاه إسرائيل «قد يسبب أضراراً تضاهي تأثير قنبلة نووية صغيرة»، وذلك بعد تقارير أفادت بأن إيران تستعد لإنتاج أعداد كبيرة من الصواريخ، بهدف شن هجمات بمئات الصواريخ في كل مرة لردع إسرائيل في حال تجددت الحرب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أنه سيبحث الأنشطة الإيرانية مع الرئيس الأميركي.

وحذر نتنياهو من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية»، في ظل قلق إسرائيلي من أن التحركات الصاروخية قد تكون جزءاً من جهود لإعادة ترميم الترسانة الباليستية بعد حرب يونيو (حزيران) التي استمرت 12 يوماً.

وجاءت تصريحات نتنياهو بعدما أفادت تقارير داخل إيران باختبارات أو مناورات صاروخية في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب، وذلك بعد أن نشرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تقريراً عن رؤية دخان أبيض نُسب إلى مناورات صاروخية في عدة مناطق. وجاء ذلك في وقت عرضت القناة الأولى تقريراً دعائياً عن هجمات يونيو وتوعّدت إسرائيل بـ«الجحيم الصاروخي».

والاثنين، لمح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، إلى احتمال استهداف إيران مجدداً، قائلاً إن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء».

وقال زامير إن الحملة ضد إيران تقف في صميم «أطول وأعقد حرب» في تاريخ إسرائيل، معتبراً أن طهران موّلت وسلّحت أطرافاً طوقت إسرائيل على جبهات متعددة.

صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز)

وفي المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، الثلاثاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مضيفاً أن جزءاً كبيراً منها «لم يستخدم بعد».

وكان تقرير لموقع «أكسيوس» قد أفاد الأحد الماضي بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب خلال عطلة نهاية الأسبوع أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمّل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة».

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه.

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو، وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.


عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
TT

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي.

وقال عراقجي خلال ملتقى «تبيين السياسة الخارجية للبلاد والأوضاع الإقليمية» في أصفهان إن «المؤامرة الجديدة» لا تقوم على المواجهة العسكرية المباشرة، بل على محاولة خلق بيئة ضاغطة اقتصادياً بهدف إضعاف الداخل، مضيفاً أن هذا الرهان «لن ينجح تماماً كما فشل رهان الاستسلام خلال الحرب الأخيرة».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

ووصف عراقجي الحرب التي استمرت 12 يوماً بأنها «قصة مقاومة بطولية»، وقال إن «صمود إيران أحبط مؤامرة العدو الرامية إلى إرغام البلاد على الاستسلام». وأضاف أن خصوم إيران «اعتقدوا أنهم قادرون خلال أيام قليلة على فرض استسلام غير مشروط، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التراجع أمام صمود المجتمع والقوات المسلحة». وصرح بأن الحرب «وجهت رسالة من دون أي شروط مسبقة مفادها أن الشعب الإيراني لن يخضع للقهر أو الإملاءات».

وانتقد عراقجي المبالغة في تصوير آلية «سناب باك» التي أعادت القوى الغربية بموجبها العقوبات الأممية على إيران في نهاية سبتمبر (أيلول). وقال إن الروايات التي جرى تسويقها للجمهور حول هذه الآلية «كانت أسوأ بكثير من الواقع»، وهدفت إلى شل الاقتصاد الإيراني نفسياً عبر بث الخوف، في حين أن هذه الأدوات «لم تكن تمتلك في الواقع الفاعلية التي جرى الادعاء بها».

ودعا عراقجي إلى مقاربة واقعية، قائلاً: «علينا أن نقر بوجود العقوبات، وأن نقر أيضاً بأنه يمكن العيش معها»، لافتاً إلى أنه يدرك تكلفة العقوبات وتأثيراتها، مشيراً إلى أنها تكشف أيضاً عن فرص لإصلاح الاختلالات الداخلية. وأضاف أن العقوبات تستخدم في كثير من الأحيان كأداة «حرب نفسية»، سواء عبر التهويل بآليات مثل «سناب باك» أو عبر تضخيم آثارها بما يتجاوز الواقع، بهدف شل الاقتصاد معنوياً قبل أن يكون مادياً.

صورة نشرها موقع عراقجي الرسمي من خطابه في ملتقى بمدينة أصفهان الخميس

وأوضح عراقجي أن «لإيران الحق في التذمر من العقوبات فقط بعد استنفاد كامل طاقاتها الداخلية والإقليمية»، مشيراً إلى أن البلاد لم تستخدم بعد كل إمكانات الجوار ولا كل أدوات الدبلوماسية الخارجية. وقال إن تفعيل هذه الأدوات يمكن أن يخفف من الأعباء الاقتصادية حتى في ظل استمرار القيود.

«الدبلوماسية الاقتصادية»

وتوقف عراقجي عند مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، مؤكداً أن مهمة وزارة الخارجية تشمل تسهيل مسارات التصدير والاستيراد وفتح أسواق جديدة. وفي هذا السياق، أشار إلى السجاد الإيراني بصفته مثالاً على التداخل بين الاقتصاد والثقافة، موضحاً أن كل سجادة إيرانية في الخارج تمثل «سفيراً ثقافياً»، وأن تراجع صادرات هذا القطاع يشكل خسارة اقتصادية واجتماعية ينبغي معالجتها عبر إزالة العوائق أمام المنتجين والمصدرين.

وقال إن الحكومة «مدينة للشعب»، وإن واجبها هو الخدمة لا المطالبة، عادّاً أن نجاح الدبلوماسية الاقتصادية سيكون أحد معايير تقييم أداء السياسة الخارجية في المرحلة المقبلة، إلى جانب الحفاظ على نهج الصمود في مواجهة الضغوط.

وفيما يخص دور وزارة الخارجية، حدّد عراقجي مهمتين أساسيتين. الأولى مواصلة السعي إلى رفع العقوبات عبر المسارات الدبلوماسية، مع الحفاظ على المبادئ والمصالح الوطنية. وقال: تشكل تجربة الاتفاق النووي والمفاوضات اللاحقة رصيداً تفاوضياً لا يمكن تجاهله، لكنها لا تعني العودة الآلية إلى المسارات السابقة، بل البناء عليها، مؤكداً أن الوزارة «لن تدّخر جهداً» في استثمار أي فرصة لتخفيف الضغوط الدولية.

وأضاف أن المهمة الثانية تتمثل في دعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، ولا سيما القطاع الخاص. وشدّد على أن السياسة الخارجية لا ينبغي أن تبقى محصورة في التقارير المكتبية، بل أن تتحول إلى عمل ميداني يواكب مشكلات التجار والشركات الإيرانية في الخارج ويسعى إلى حلها. واستشهد بتجربة دعم شركة إيرانية خاصة في مناقصة إقليمية كبيرة انتهت بفوزها في منافسة مع شركات دولية.

ترقب لزيارة نتنياهو

ويأتي ذلك في وقت تصر فيه واشنطن على تنفيذ سياسة «الضغوط القصوى» على الاقتصاد الإيراني، فيما يزداد تركيز إسرائيل على الصواريخ الباليستية بوصفها التهديد الأكثر إلحاحاً، وسط تقديرات إسرائيلية بأن إيران خرجت من حرب يونيو بترسانة أقل مما كانت عليه قبلها، لكنها بدأت خطوات لإعادة البناء.

وقال عراقجي الأسبوع الماضي إن إيران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل وأكثر من السابق»، مشيراً إلى أن الاستعداد يهدف إلى منع الحرب لا السعي إليها. وأضاف أن استهداف إيران خلال مسار اتصالات دبلوماسية كان «تجربة مريرة»، وأن بلاده أوقفت اتصالات كانت قائمة منذ أشهر، مع تأكيدها أنها مستعدة لاتفاق «عادل ومتوازن».

وتترقب الساحة الإقليمية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الاثنين المقبل، وسط تقارير إسرائيلية تفيد بأنه يعتزم طرح ملف الصواريخ الإيرانية على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتعود مؤشرات التصعيد إلى حرب يونيو التي اندلعت في 13 من الشهر نفسه بهجوم إسرائيلي على منشآت وأهداف داخل إيران، وأشعلت مواجهة استمرت 12 يوماً، قبل أن تنضم الولايات المتحدة لاحقاً بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي طهران، سعى مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة إلى تثبيت رواية مفادها أن قدرات البلاد لم تُستنزف خلال الحرب، وأن ما تبقى من أدوات الردع لم يستخدم بعد. وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي الأربعاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لكل سيناريو»، محذراً من رد «قاطع» إذا فُرضت مواجهة، ومضيفاً أن أي تحرك هجومي إيراني سيكون «لمعاقبة المعتدي».

وتزامن ذلك مع تضارب في الرواية الإيرانية حول أنشطة صاروخية داخل البلاد. وفي إسرائيل، قال نتنياهو إن بلاده «على علم» بأن إيران أجرت «تدريبات» في الآونة الأخيرة، وإنها تراقب الوضع وتتخذ الاستعدادات، محذراً من رد قاس على أي عمل ضد إسرائيل، من دون تقديم تفاصيل إضافية، في سياق تحذيرات من سوء تقدير متبادل قد يدفع نحو مواجهة غير مقصودة.