على مدار العامين الماضيين، بنى الجيش الإسرائيلي منشأة تدريب جديدة واسعة على أنقاض قرية الزعرور السورية المهجورة شمال مرتفعات الجولان، حيث كانت بعض القوات تتدرب سابقاً. في وقت سابق من هذا الشهر، افتُتح المجمع - الملَقَّب بـ«لبنان الصغير» - ليكون النظير الشمالي لـ«غزة الصغيرة»، القرية الفلسطينية الوهمية في قاعدة تساليم في النقب، وفقاً لتقرير لموقع «واي نت» الإسرائيلي.
صُمم الموقع الجديد لمحاكاة قرية شيعية في جنوب لبنان، حيث يضم مباني سكنية متعددة الطوابق، ومخابئ محصنة، وأزقة ضيقة، وأنقاضاً، وأنفاقاً تحت الأرض. لكن على عكس تساليم، تتيح هذه المنشأة التدريب بالذخيرة الحية؛ ما يُمكّن الجنود والدبابات ومهندسي القتال من إطلاق ذخيرة حقيقية ومتفجرات.
قال المقدم زوهار، رئيس قسم التدريب في قيادة القوات البرية والضابط المشرف على المشروع، في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» وموقع «واي نت»: «هذا أقرب ما يكون إلى الواقع. لقد تعلمنا من مناورة العام الماضي ضد (حزب الله) - أخطاءنا ونجاحاتنا - وبنينا هذا الموقع ليعكس ذلك. حتى التفاصيل الصغيرة، مثل الشجيرات والصخور والتضاريس المرتفعة، مستوحاة مما واجهه الجنود فعلياً في الميدان».
كانت مدرسة تابعة للمغاوير أول وحدة تتدرب في «لبنان الصغير»، وقد أجرت مؤخراً تدريبات حية هناك لمدة أسبوعين. يُمكن رؤية المنشأة من قلعة بوفورت التاريخية، التي تبعد ثمانية كيلومترات فقط، حيث قُصفت مخابئ وأنفاق «حزب الله» في الأيام الأخيرة.
بخلاف السنوات الماضية، حين كان يُستدعى كبار الضباط الذين قاتلوا في لبنان لمشاركة دروسهم، يمتلك معظم قادة الجيش الإسرائيلي اليوم خبرة عملية مباشرة على الأرض. وأشار زوهار إلى أنهم «يصلون بثقة... هنا، نُكيّف تدريبهم مع الساحة الشمالية».
يُدمج الموقع أيضاً نظاماً رقمياً متطوراً. ثُبّتت عشرات الكاميرات وأجهزة التسجيل في الشوارع والأزقة والمباني؛ ما يُمكّن القادة والجنود من مراجعة اتصالاتهم ومناوراتهم وأخطائهم في جلسات استماع مُفصّلة.
يحل هذا المشروع محل خطة سابقة عُرفت باسم «سنير»، والتي أُجِّلت قبل عقد من الزمن بعد إهدار ملايين الشواقل على التخطيط الأولي؛ ما أدى إلى حرمان الجيش الإسرائيلي من مركز تدريب حضري بالذخيرة الحية لإجراء تدريبات على مستوى الكتائب في سيناريو حرب شمالية، وفقاً للتقرير.
الآن، يمكن لوحدات المشاة والمدرعات والهندسة التدرب معاً في بيئة واقعية. تعمل الجرافات والدبابات ومدافع الهاون والقناصة جنباً إلى جنب مع المشاة في تدريبات الأسلحة المشتركة. أوضح زوهار: «سننثر الأنقاض وننشئ أهدافاً للقناصة، بحيث يتم اختبار كل عنصر من فريق القتال».
يضم المجمع بالفعل عشرات المباني - بعضها منازل منخفضة الارتفاع ذات ساحات مصممة على الطراز اللبناني، وبعضها الآخر مبانٍ من ثلاثة وأربعة طوابق، وحتى مبانٍ شاهقة مصممة لمحاكاة بلدات في عمق جنوب لبنان. قال زوهار: «سيساعدنا هذا على الاستعداد ليس فقط للقرى الصغيرة القريبة من الحدود، بل للمدن الأكبر أيضاً».
يأتي ذلك بينما كلفت الحكومة اللبنانية في مطلع أغسطس (آب) في قرار غير مسبوق، الجيش اللبناني إعداد خطة لتجريد «حزب الله» من سلاحه بحلول نهاية العام الحالي، على وقع ضغوط أميركية، وتخوّف من أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة بعد أشهر على انتهاء مواجهة دامية بينها وبين «حزب الله» استمرت قرابة السنة.
وجدّد «حزب الله» الأربعاء رفضه قرار الحكومة. ودعت كتلته البرلمانية في بيان السلطات إلى أن «تتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد».


