اتجهت أنظار طهران شرقاً، قبل أن يحل السبت المقبل حاملاً جولة فنية ثالثة من مفاوضات معقدة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عُمانية. وحمل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، رسالة إلى صناع القرار في الصين، على أمل أن يجد صدىً داعماً في «قاعة الشعب الكبرى».
وشرح عراقجي سير المفاوضات الإيرانية - الأميركية، وموقف طهران تجاه التطورات الإقليمية والدولية، خلال مشاورات أجراها، الأربعاء، مع كل من وزير الخارجية وانغ يي، ودينغ شيويه شيانغ، عضو المكتب السياسي لـ«اللجنة المركزية» في «الحزب الشيوعي الصيني» النائب الأول لرئيس الوزراء.
وأكد وانغ يي لنظيره الإيراني دعم الصين لبلاده في إجراء محادثات نووية مع الولايات المتحدة، مشدداً على التزام الصين الثابت بالحلين السياسي والدبلوماسي، ورفضها استخدام القوة أو العقوبات الأحادية غير الشرعية.
وقالت وزارة الخارجية الصينية -في بيان- إن وانغ يي أشار إلى استعداد بكين لتعزيز التنسيق والتعاون مع طهران في الشؤون الدولية والإقليمية. ورحَّب بتعهد إيران «عدم السعي لتطوير أسلحة نووية»، وأكد «دعم الصين لحق طهران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية».
ودعا إلى مواصلة الحوار مع جميع الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، للحفاظ على الحقوق المشروعة عبر التفاوض، وهو ما مِن شأنه دعم نظام عدم الانتشار النووي، وتعزيز استقرار المنطقة.
وتبادل الوزيران وجهات النظر بشأن أبرز القضايا الإقليمية، من بينها النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، والأوضاع في سوريا واليمن، والتوترات في البحر الأحمر.
«التوجه نحو آسيا»
وفي وقت سابق، قال عراقجي إن طهران «رغم التجارب المريرة السابقة، تواصل المسار الدبلوماسي بحسن نية وجدية». وأفاد بأن المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة تُجرى على المسار الصحيح، لكنه شدد على أنه «من المبكر إصدار حكم نهائي بشأنها... نحن متفائلون بحذر».
وتأتي زيارة عراقجي في سياق جولة دبلوماسية تتعلق بالمحادثات التي من المقرر أن تتعمق لتشمل الخبراء، السبت المقبل. وفي مستهل الزيارة، قال عراقجي لمراسل التلفزيون الرسمي الذي يرافقه: «نعتزم في هذه الزيارة إطلاع أصدقائنا في الصين على تفاصيل المفاوضات بشكل شامل».
واستعرض الجانبان تاريخ العلاقات الودية بين البلدين، وتناولا سبل تسريع تنفيذ «برنامج التعاون الشامل» بين إيران والصين لمدة 25 عاماً.
وشدد عراقجي على مكانة الصين بوصفها «شريكاً استراتيجياً وموثوقاً»، مشيراً إلى أهمية تعزيز التعاون على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف؛ بما في ذلك ضمن «منظمة شنغهاي للتعاون» و«مجموعة بريكس».
كما سلط عراقجي الضوء على استراتيجية «التوجه نحو آسيا» التي يطالب المرشد الإيراني علي خامنئي باعتمادها منذ سنوات، بهدف تقليص تأثير العقوبات الغربية على إيران، وتعزيز موقعها عبر توثيق العلاقات بالصين وروسيا، اللتين تمتلكان «حق النقض (الفيتو)» في «مجلس الأمن الدولي».
ونوه عراقجي بأن تعزيز التفاعل بين الدول ذات الرؤى المشتركة، مثل إيران والصين، «أمر أساسي لمواجهة سياسات الهيمنة والأحادية»، وجدد تأكيد عزم إيران الراسخ على توسيع علاقاتها الشاملة بالصين في المجالات كافة.
تعزيز الثقة
بدورها، نقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن شيانغ قوله إن «العلاقات بين الصين وإيران تاريخية وودية، وقد حقق التعاون في مختلف المجالات نتائج مثمرة». وأكد عزم القيادة الصينية على تعزيز التعاون في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك. كما أكد دعم الصين جهود إيران في رفع العقوبات واستمرار المفاوضات النووية.
وقال شيانغ: «نحن على استعداد للعمل مع الجانب الإيراني لتنفيذ التوافقات المهمة التي توصل إليها الزعيمان، وتعميق التبادلات على المستوى الرفيع، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتوسيع التعاون العملي، وتعزيز التنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية؛ من أجل الدفع بالشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران نحو الاستقرار والازدهار، وتحقيق مزيد من مصالح الشعبين».
وعدّ التعاون بين الصين وإيران «نموذجاً قيماً للتعاون بين دول الجنوب».
ولدى وصوله إلى بكين، قال عراقجي للتلفزيون الرسمي إنه ينقل رسالة من الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان. وكان عراقجي قد نقل رسالة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل قيادة الوفد الإيراني المفاوض في الجولة الثانية من المحادثات مع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في روما.
وقال عراقجي: «من الضروري أن نُطلع أصدقاءنا في الصين على مجريات الأمور بشكل كامل، وأن نتشاور معهم. لقد فعلتُ ذلك الأسبوع الماضي في روسيا، واليوم، في الصين، سأنقل رسالة الرئيس».
وأضاف: «لطالما أدّت الصين دوراً بنّاءً في القضايا النووية الإيرانية، ونثق بأنها ستواصل هذا النهج»، مشيراً إلى استمرار التعاون والتنسيق بين البلدين في القضايا النووية، خصوصاً في ظل عضوية الصين في «مجلس الأمن» و«مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
ووصف عراقجي موقف الصين من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بأنه إيجابي، وقال: «نحرص على التشاور معها بشأن سبل دعمها العملية التفاوضية مع الولايات المتحدة للتوصل إلى نتائج إيجابية».