إيران تتوعد بردّ «مدمر» على أي تهديد ينفذه ترمب

عراقجي: واشنطن لا تملك الحق في إملاء سياستنا الخارجية

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)
TT
20

إيران تتوعد بردّ «مدمر» على أي تهديد ينفذه ترمب

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)

حذَّر «الحرس الثوري» الإيراني من «رد مدمر»، في حال تنفيذ أي تهديد ضد البلاد، نافياً أن تكون إيران هي من يتخذ القرارات نيابة عن الجماعات الحليفة. في الوقت نفسه، رفض وزير الخارجية عباس عراقجي «الإملاءات» الأميركية بشأن «سياسة طهران الخارجية»، بعدما وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنذاراً لإيران بضرورة التوقف عن دعم الحوثيين في اليمن.

وقال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، في تصريحات، اليوم الأحد، إن إيران لن تكون أبداً البادئة في أي حرب، لكنه شدَّد على أنه «إذا هددها أحد، فإن إيران ستردُّ بردود حاسمة ومصيرية وقاطعة».

وأمر ترمب بشنّ ضربات عسكرية كبيرة النطاق على جماعة الحوثي في اليمن، وخاطب إيران محذراً من أي تهديد للولايات المتحدة، قائلاً إن «أميركا ستُحمّلكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لُطفاء في هذا الشأن».

تأتي الضربات الأميركية ضد جماعة الحوثيين، التي تُعدّ إيران الداعم الرئيسي لها، وسط أجواء من الترقب في طهران، بعد أن وجّه ترمب رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث وضع أمامه خيارين للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني: إما عبر الخيار العسكري، أو من خلال إبرام اتفاق يمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.

وفي منشور على منصة «إكس»، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغست: «على إيران أن تفهم أن الهجمات الحوثية ضد السفن والطائرات الأميركية لن تمر دون رد».

أما وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، فقد أكد، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن هذه العملية تهدف إلى ردع الحوثيين، المدعومين من إيران، مشدداً على أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع استمرار الهجمات على الجيش الأميركي والسفن التجارية بالبحر الأحمر.

وفي وقت لاحق، قال قال مستشار الأمن القومي مايكل والتز في تصريح لشبكة فوكس نيوز «لقد حذرنا إيران من أن الكيل قد طفح».

وقال والتز في مقابلة أخرى مع شبكة «إيه بي سي»: «لا يمكن لإيران حيازة سلاح نووي. جميع الخيارات مطروحة على الطاولة لضمان عدم حيازتها سلاحا من هذا النوع».

«لا تعمل في الخفاء»

وندّدت طهران، على لسان المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية إسماعيل بقائي، بالهجوم الأميركي «بشدّة»، قائلة إنه «انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للقانون الدولي».

أما إعلام جهاز «الحرس الثوري» فقد نقل عن قائده حسين سلامي قوله: «إذا هددتم إيران، فستتلقون ردود فعل حاسمة وقاطعة... أيّ تهديد يتحول إلى فعل سيُقابَل بردّ فعل مدمر».

وأضاف سلامي: «الجمهورية الإسلامية لا تتخذ القرارات نيابة عن أي حركة من حركات جبهة المقاومة، بما في ذلك الحوثيون في اليمن». وقال إن بلاده «لا تعمل في الخفاء...نحن نظام معترَف به، لسنا ممن ينكرون أفعالهم، إذا هاجمْنا أحداً أو دعّمنا جهة ما، فنحن نعلن ذلك بوضوح وصراحة»، وفق ما أوردت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتان لـ«الحرس الثوري».

وأشار إلى هجومين شنتهما إيران مباشرة على إسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، ردّت عليهما إسرائيل بضربات نادرة، دون أن تؤدي إلى حرب.

في هذا الصدد، قال سلامي: «كما فعلنا في عملية (الوعد الصادق)، كل خطوة نتخذها نتحمل مسؤوليتها علناً. لا حاجة لأن ننكر أعمالنا، أو نتهرب من مسؤوليتها، فهذه ليست طريقتنا».

واستطرد سلامي: «مرةً أخرى، ينسب الرئيس الأميركي عمليات أنصار الله في اليمن إلى إيران، ويطالبنا بوقف دعمهم. لكننا نؤكد أن اليمنيين أحرار ومستقلون في سياساتهم وقراراتهم». وأضاف أن جماعة الحوثي «تتخذ قراراتها الاستراتيجية والعملياتية بنفسها، ولا تتدخل إيران في صياغة سياساتها الوطنية أو العملياتية. هذا هو الواقع، وما يقال خلاف ذلك محضُ افتراء».

وحذر «أعداء» بلاده من أن «أي تهديد يتحول إلى فعلٍ سيواجه ردّاً صارماً ومدمراً». وأضاف: الشعب الإيراني ليس مُحباً للحرب أو ضعيفاً، لكنه مستعد دائماً للدفاع بحزم عن نفسه، ولن يخضع للترهيب، لن نتردد في الرد بحزم على أي تهديد». وتابع أن «إيران لم تبدأ أي حرب، لكنها جاهزة لأي مواجهة... لقد أثبت الشعب الإيراني، خلال خمسين عاماً من المقاومة، أنه قادر على التصدي لتحالف الشياطين العالمي».

وأشار إلى تحذير ترمب ضِمناً دون أن يذكر اسمه، منتقداً السياسات الأميركية. وقال: «العدو لا يتوقف عن التهديد، لكنه لا يتعلم من أخطائه. كلما واجه هزيمة على يد الشعب الإيراني، عاد ليكرر الاستراتيجيات الفاشلة نفسها».

وقال سلامي إن إيران «ستظل متمسكة بمبادئها، ولن ترضخ للضغوط الخارجية».

كان سلامي يتحدث، صباح الأحد، في مراسم تنصيب القائد الجديد لمنطقة غرب البلاد، في أرومية، وقال إن «إيران تتمتع بأقصى درجات الأمن، رغم التهديدات...تحقيق الأمن في عالم مليء بالاضطرابات ومع وجود أعداء، مثل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائهما، يُعد (معجزة) تتطلب تضحيات جسيمة». وقال إن ضمان الأمن في بيئة خطرة كهذه لا يأتي بسهولة».

وقال، في جزء من تصريحاته: «انظروا إلى الفوضى والاضطرابات التي تعاني منها دول المنطقة. لم يواجه أي بلد حجم التهديدات التي واجهتها إيران، ومع ذلك لم يكن هناك بلد أكثر أماناً منها». ولفت إلى أن بلاده «تجاوزت الأزمات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والمعلوماتية والاجتماعية، من خلال الوحدة وتحت قيادة ولي الفقيه».

ازدياد التهديدات العسكرية

ومنذ عودة ترمب إلى السلطة، تصاعدت التهديدات بين إسرائيل وإيران التي تتأهب لصدّ هجوم إسرائيلي محتمَل ضد منشآتها النووية. وأعلنت طهران عزمها الرد على أي عدوان عسكري، لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين يرون أن إيران ستواجه تحديات كبيرة في هذا السياق.

وكانت إسرائيل قد استهدفت، العام الماضي، منشآت عسكرية إيرانية، بما في ذلك مصانع لإنتاج الصواريخ، وأنظمة الدفاع الجوي؛ رداً على هجمات إيرانية باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيّرة. وأشار محللون ومسؤولون أميركيون إلى أن هذه الضربات أضعفت القدرات العسكرية التقليدية لطهران، وهو ما تنفيه إيران بشدة.

وهدّدت إسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، إذا لم تفلح الدبلوماسية في احتواء الطموحات النووية لطهران. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الشهر الماضي، بعد اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إسرائيل والولايات المتحدة عازمتان على إحباط طموحات إيران النووية ونفوذها في الشرق الأوسط.

جاء ذلك بعدما أصدر الرئيس الأميركي مذكرة تأمر باستئناف استراتيجية «الضغوط القصوى»، التي تبنّاها، خلال ولايته الرئاسية الأولى، لعزل إيران عن الاقتصاد العالمي، ووقف صادراتها النفطية بالكامل، لكن ترمب أبدى انفتاحاً بشأن التوصل إلى اتفاق مع طهران.

وحذّر خامنئي، الأربعاء الماضي، من عواقب أي ضربة عسكرية تستهدف إيران، وقال: «إيران لا تسعى إلى الحرب، لكن إذا ارتكب الأميركيون أو حلفاؤهم أي خطأ، فسيكون ردّنا حاسماً وقاطعاً، وستكون أميركا هي الخاسر الأكبر».

وقال خامنئي: «أميركا تهدد باستخدام القوة العسكرية. وفي رأيي، هذا التهديد غير حكيم؛ لأن الحرب ليست هجوماً من طرف واحد. إيران قادرة على الرد، وبالتأكيد ستُوجه الضربة».

وقبل ذلك بأيام، قال خامنئي، لدى استقباله كبار المسؤولين، إن إيران لن تقبل «إملاءات» واشنطن، لافتاً إلى أن العقوبات لن تدفع بلاده إلى تقديم تنازلات استراتيجية.

وتابع: «إصرار بعض الحكومات المستبدّة على التفاوض ليس لحل المشكلات، بل لفرض مطالب جديدة. لا يتعلق الأمر بالمسألة النووية فحسب، بل بقدراتنا الدفاعية ونفوذنا الإقليمي، مع من نتواصل أو لا نتواصل، وحتى مدى صواريخنا».

وفي تكرار لتصريحات خامنئي، قال وزير الخارجية عباس عراقجي، اليوم، إن الولايات المتحدة «ليس لها الحق في إملاء» سياسة إيران الخارجية. وكتب عراقجي، على منصة «إكس»: «الحكومة الأميركية ليس لديها سلطة ولا حق في إملاء سياسة إيران الخارجية»، داعياً إلى «وقف قتل الشعب اليمني».

ورأى الوزير الإيراني أن الوقت الذي كانت فيه واشنطن قادرة على إملاء السياسة الخارجية لطهران، انتهى في عام 1979، في إشارة إلى الثورة التي أطاحت بنظام الشاه، والتي أدت إلى صعود نظام الحكم الثيوقراطي.

مذكرة ترمب

وشددت مذكرة ترمب على أن إيران «عدائية ضد الولايات المتحدة وحلفائها منذ 1979»، وأكد عزمه التصدي لسلوك إيران الإقليمي، خصوصاً دعم الوكالاء». وأكد ترمب، في مذكرته، أن إيران «تُعدّ الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب على مستوى العالم»، قائلاً إن إيران «ساعدت في دعم كثير من الجماعات الإرهابية، مثل (حزب الله) و(حماس) والحوثيين و(طالبان) و(القاعدة)، وشبكات إرهابية أخرى»، بالإضافة إلى التذكير بتصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية.

كما تشير المذكرة إلى أن الحكومة الإيرانية، بما في ذلك «الحرس الثوري»، تستخدم وكلاء ووسائل إلكترونية لاستهداف المواطنين الأميركيين في الداخل والخارج، من خلال الهجمات والاختطاف والقتل.

وقال ترمب إن إيران «تتحمل المسؤولية» عن الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وكذلك «الهجمات الحوثية ضد البحرية الأميركية وحلفائها».

وصنّف ترمب، في ولايته الأولى، قوات «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب في أبريل 2019، ثم أصدر تعليمات بتوجيه ضربة عسكرية قضت على مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، الذي تعهّد حينذاك بأن تشن قواته والجماعات المرتبطة بها حرباً «غير متكافئة» ضد الولايات المتحدة، دون أن تؤدي إلى حرب مباشرة.


مقالات ذات صلة

مع بدء انتخاباتها الاثنين... ترمب يقول إن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

مع بدء انتخاباتها الاثنين... ترمب يقول إن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين»

علق الرئيس دونالد ترمب أمس (الاثنين)، على يوم الانتخابات في كندا، بتجديد الإعلان عن تطلعه لجعل البلاد تتخلى عن استقلالها وتنضم إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي بمطار ليزبرغ التنفيذي يتجه إلى نادي ترمب الوطني للغولف في فرجينيا (أ.ب)

استطلاع: مخاطر الركود العالمي ترتفع بسبب رسوم ترمب

أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» أن غالبية الاقتصاديين يعتقدون أن مخاطر انزلاق الاقتصاد العالمي إلى ركود هذا العام مرتفعة

«الشرق الأوسط» (بنغالورو )
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز) play-circle 00:15

روسيا: لا مفاوضات من دون الاعتراف بضمّ أراضٍ أوكرانية

أعلنت روسيا، الاثنين، استعدادها لبدء محادثات سلام مع أوكرانيا من دون أي شروط مسبقة، بعدما شكك الرئيس الأميركي في استعداد نظيره الروسي لوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد منظر عام لمحطة «هيكينان» للطاقة الحرارية التابعة لشركة «جيرا» وسط اليابان (رويترز)

«جيرا كو» اليابانية تدرس المشاركة في مشروع لتصدير الغاز بألاسكا

تدرس شركة «جيرا كو» اليابانية المشاركة في مشروع مقترح لتصدير الغاز الطبيعي المسال في ولاية ألاسكا الأميركية، في إطار جهود اليابان للوصول لاتفاق تجاري مع أميركا.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش جنازة البابا فرنسيس في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان (إ.ب.أ) play-circle 00:20

ترمب يعتقد أن زيلينسكي مستعد للتخلي عن شبه جزيرة القرم

تدخل المفاوضات بشأن أوكرانيا أسبوعاً مفصلياً، اليوم، كما توقَّعت الولايات المتحدة التي تضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتخلي عن شبه جزيرة القرم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ممثل فلسطين أمام «العدل الدولية»: إسرائيل تستخدم منع المساعدات «سلاح حرب»

ممثل فلسطين أمام «العدل الدولية»: إسرائيل تستخدم منع المساعدات «سلاح حرب»
0 seconds of 32 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:32
00:32
 
TT
20

ممثل فلسطين أمام «العدل الدولية»: إسرائيل تستخدم منع المساعدات «سلاح حرب»

المسؤول الفلسطيني عمار حجازي (يمين) خلال حضوره جلسة استماع في محكمة العدل الدولية في لاهاي (إ.ب.أ)
المسؤول الفلسطيني عمار حجازي (يمين) خلال حضوره جلسة استماع في محكمة العدل الدولية في لاهاي (إ.ب.أ)

قال مسؤول فلسطيني رفيع لمحكمة العدل الدولية، الاثنين، إن إسرائيل تستخدم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة «سلاح حرب».

وأوضح عمار حجازي، للقضاة مع بدء أسبوع من جلسات المحكمة بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية: «نحن أمام عملية تجويع. تُستخدم المساعدات الإنسانية سلاح حرب»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال حجازي: «أُجبرت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في غزة على إغلاق أبوابها. تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة».

المسؤول الفلسطيني عمار حجازي (يمين) خلال حضوره جلسة استماع في محكمة العدل الدولية في لاهاي (إ.ب.أ)
المسؤول الفلسطيني عمار حجازي (يمين) خلال حضوره جلسة استماع في محكمة العدل الدولية في لاهاي (إ.ب.أ)

وأضاف: «منشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة».

«اضطهاد ممنهج»

ورأى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الاثنين، أن جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين ما هي إلا جزء من «اضطهاد ممنهج» ضد بلاده، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال ساعر، في تصريح صحافي: «هذه القضية هي جزء من اضطهاد ممنهج لإسرائيل ولتجريدها من الشرعية وتقويضها. ليست إسرائيل هي التي يجب أن تكون في المحكمة، بل الأمم المتحدة و(أونروا)»، مشيراً إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

ولا تشارك إسرائيل في الجلسات، لكن حليفتها الولايات المتحدة ستشارك الأربعاء.

وافتتحت محكمة العدل الدولية، الاثنين، أسبوعاً من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوماً على فرضها حصاراً شاملاً على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.

هيئة محكمة العدل الدولية في أول جلسة من جلسات المحكمة بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية والتي من المقرر أن تستمر أسبوعاً (إ.ب.أ)
هيئة محكمة العدل الدولية في أول جلسة من جلسات المحكمة بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية والتي من المقرر أن تستمر أسبوعاً (إ.ب.أ)

وسيبدأ ممثلو الأمم المتحدة ماراثون يستمر خمسة أيام في محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي (هولندا)، في الساعة العاشرة صباحاً (08:00 بتوقيت غرينتش) أمام هيئة مؤلفة من 15 قاضياً. وستكون دولة فلسطين أول من سيدلي بمرافعته خلال معظم اليوم.

وهذا الأسبوع، ستقدم 38 دولة أخرى مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبيرة قراراً قدمته النرويج يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري.

ويدعو القرار محكمة العدل الدولية إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله فيما يتصل بوجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة «لضمان تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية وتسهيلها لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق».

وتتحكم إسرائيل بكل تدفقات المساعدات الدولية التي تُعدُّ حيوية بالنسبة لـ2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة، وقد قطعت إسرائيل هذه المساعدات في 2 مارس (آذار) قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهراً من القتال المتواصل.

نازحون فلسطينيون في طابور للحصول على حصة من الطعام من مطبخ خيري بجباليا شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون في طابور للحصول على حصة من الطعام من مطبخ خيري بجباليا شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

وندَّد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، الجمعة، بـ«مجاعة من صنع الإنسان وذات دوافع سياسية».

ووفقاً للأمم المتحدة، نزح نحو 500 ألف فلسطيني منذ نهاية وقف إطلاق النار الذي دام شهرين.

واستأنفت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية في 18 مارس؛ ما أدى إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه «ربما يكون أسوأ» أزمة إنسانية في القطاع منذ بداية الحرب التي اندلعت بسبب هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

إحباط

وقد تسبب ذلك الهجوم في مقتل 1218 شخصاً في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق إحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

ومنذ ذلك الحين، أسفرت العمليات الانتقامية العسكرية الإسرائيلية عن مقتل ما لا يقل عن 52243 شخصاً في غزة، معظمهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعدُّها الأمم المتحدة موثوقاً بها. وقُتل ما لا يقل عن 2111 فلسطينياً منذ 18 مارس.

ويكرر المسؤولون الإسرائيليون أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار «حماس» على إطلاق سراح الرهائن الـ58 الذين ما زالوا محتجزين في غزة، بمن فيهم الـ34 الذين أعلن الجيش مقتلهم.

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانوناً، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل.

في يناير (كانون الثاني) 2024، دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى منع أي عمل محتمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وفي مارس 2024، وبناءً على طلب جنوب أفريقيا التي تتهم الدولة العبرية بالإبادة الجماعية؛ دعت المحكمة إلى اتخاذ تدابير إسرائيلية جديدة للتعامل مع «المجاعة» المنتشرة في القطاع الفلسطيني.

وقال هاريس هوريماجيتش، طالب الدكتوراه في معهد الدراسات العليا في جنيف (سويسرا) إن «الأطراف المنخرطين في النزاع لم يُظهروا التزاماً كبيراً باحترام القانون الدولي».

وأضاف أن «طلب الرأي الاستشاري يعكس الإحباط الواسع النطاق من عدم وجود حوار هادف لمعالجة الوضع الكارثي في غزة».

وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت في يوليو (تموز) الماضي رأياً استشارياً عدَّت فيه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية «غير قانوني» وطالبت بإنهائه في أقرب وقت ممكن.