تحقيق إسرائيلي: الإفراط في قصف غزة سبَّب «نقصاً جدّياً» في الذخيرة

«حماس» استغلت قسماً من ذخائر أميركية وألمانية وهندية لم تنفجر

صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر منازل دمرت خلال الهجوم الإسرائيلي في بيت حانون شمال قطاع غزة (رويترز)
صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر منازل دمرت خلال الهجوم الإسرائيلي في بيت حانون شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

تحقيق إسرائيلي: الإفراط في قصف غزة سبَّب «نقصاً جدّياً» في الذخيرة

صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر منازل دمرت خلال الهجوم الإسرائيلي في بيت حانون شمال قطاع غزة (رويترز)
صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر منازل دمرت خلال الهجوم الإسرائيلي في بيت حانون شمال قطاع غزة (رويترز)

كشف تحقيق إسرائيلي حول الحرب في قطاع غزة عن أن الإفراط في إلقاء كميات هائلة من القذائف من الجو والبر والبحر على القطاع تسبب في نقص شديد بالذخائر، مما دفع قيادة الجيش للتوجه إلى دول عدة، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا والهند، للحصول على السلاح منها.

غير أن كميات كبيرة من هذه الأسلحة الواردة، نحو ثلثها بحسب التحقيق الذي نشره موقع «ميدا» اليميني مطلع الأسبوع، كانت خارج الصلاحية، و«قسم جدّي منها لم ينفجر»، وتلقفه رجال «حماس» وحولوه إلى عبوات ناسفة استُخدمت ضد القوات الإسرائيلية.

ولأن هجوم «حماس» أخذ إسرائيل على حين غرَّة، كما ذكرت التحقيقات، لم يكن الجيش «مستعداً»، ولم تكن مستودعات الأسلحة ممتلئة بالكامل، وكانت كميات ذخائر المدفعية والقوات الجوية والدبابات محدودة، ولم يكن لدى الجيش الإسرائيلي قدرة حقيقية على شن هجوم واسع النطاق طوال الوقت.

وفي الأسابيع الأولى، شن الجيش الإسرائيلي حملة قصف واسعة النطاق «استنفدت مخزون الذخيرة بشكل كبير». وقال ضباط كبار لموقع «ميدا»: «لقد كشف هذا النقص أيضاً عن خلل في مهنية الجيش. فما حدث في الأيام الأولى هو أنه كانت هناك تجاوزات بدافع ضغوط نفسية. كانوا خائفين بشدة، فكان القصف غير منطقي وغير صحيح وتسبب في إهدار كبير للذخائر. لقد ألحق هذا الضرر بنا طوال الطريق».

فتى فلسطيني يسير بجوار أنقاض منزل في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويتجاهل التقرير الأضرار التي وقعت للفلسطينيين جراء هذا «الخلل»، ويقتصر على النتائج المتعلقة بالجيش الإسرائيلي وإفساد خططه العسكرية.

ويقول: «خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، أصبح النقص واضحاً جداً، واضطر الجيش إلى إعادة تعريف (الخط الأحمر) للذخيرة في الطائرات والدبابات والمدافع».

وقال ضابط أركان في لواء مدرعات في الاحتياط: «لا أتذكر العدد الدقيق، إذا كانت المهمة تحتاج في البداية من 40 إلى 50 قذيفة، فقد خفضوا العدد إلى 28. لكن حتى عند توافر 28 قذيفة، لم يستطع الجيش تنفيذ مهامه، إذ لم تكن الأسلحة المطلوبة لإطلاقها متوافرة».

«إسرائيل أيضاً احتاجت إلى هدنة»

ولا يستبعد التحقيق أن يكون هذا النقص سبباً في موافقة إسرائيل على هدنة وعلى تنفيذ أول صفقة تبادل أسرى في ذلك الوقت.

ويضيف: «نستخلص من هذا أن (حماس) لم تكن هي وحدها التي بحاجة إلى هدنة في نهاية نوفمبر بل أيضاً، وبشكل صادم، الجيش الإسرائيلي الذي استنفد قواه. كان هذا ببساطة أحد أسباب الهدنة... لم نتمكن من مواصلة القتال».

ويقول التحقيق إنه بعد نفاد المخزونات الإسرائيلية، بدأ إدخال الذخيرة إلى إسرائيل من الخارج، «وهنا ظهرت مشكلة في غاية الخطورة: في كثير من الأحيان كانت هذه الذخيرة معطلة وغير صالحة. على سبيل المثال، بعض قذائف الدبابات التي وصلت من الولايات المتحدة لم تكن مناسبة على النحو الأكمل، لم تكن مناسبة للقتال في غزة».

دبابة إسرائيلية وحولها مجموعة من الجنود خلال العمليات في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي)

ويروي جندي في أحد الألوية المدرعة: «وصلت قذائف من الأميركيين كانت إما قديمة ومتفككة بعض الشيء، وإما تعمل حتى مدى 100 متر، وأحياناً أُطلقت من مسافة أقصر في غزة».

ويتابع: «هناك قذائف أُطلقت رغم علمنا أنها ستمر عبر الجدران وتصدر ضوضاء، ولم تنفجر في الواقع بالمكان المطلوب. استخدمنا كل ما لدينا لأنه لم يكن هناك خيار».

ويشهد ضابط أركان في أحد الألوية النظامية على مشاكل في ذخيرة الدبابات التي وصلت من ألمانيا، ويقول: «جزء منها كان في الواقع ذخيرة غير صالحة انفجرت على بُعد 300 متر. وكانت هناك أيضاً مشاكل خطيرة ناجمة عن الذخائر العالقة، أي التي لا تنفجر. كان ما بين 20 و25 في المائة منها يتوقف عن العمل ولا ينفجر عند الإطلاق».

واكتُشفت مشاكل مماثلة في بعض ذخائر المدفعية الواردة من الهند، بحسب الضابط الذي استطرد قائلاً: «كانت لها رائحة كريهة لا تطاق».

أما أسوأ جزء في «ملحمة الذخائر غير الصالحة»، كما يورد التحقيق، فهو وجود قذائف لم تنفجر بتاتاً، وتُقدر نسبتها بين 30 و40 في المائة.

ويقول التحقيق: «نرى القصف على الشاشات، كل شيء جيد وجميل والذخائر تصل إلى الهدف، لكن لا يوجد انفجار». ويعدّ ذلك مصيبة مضاعفة، إذ إن هذه الذخائر غير المنفجرة، كانت تصل إلى أيدي «حماس»، فيجمعها عناصرها ويعيدون استخدامها في صنع العبوات الناسفة وغيرها.

وتشير التحقيقات إلى واحدة «من أصعب الحالات في هذا السياق»، وهي مقتل قائد اللواء 401، العقيد إحسان دقسة، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بانفجار عبوة ناسفة زرعت بالأرض في جباليا شمال قطاع غزة.

ويتابع: «فقد كانت هذه العبوة مصنوعة من قذائف غير منفجرة من سلاح الجو وتم تحويلها إلى عبوة ناسفة قوية. وأُعلن في وسائل الإعلام عن عدة حالات مماثلة».


مقالات ذات صلة

استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد الشعبي

تحليل إخباري دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز) play-circle

استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد الشعبي

حذّرت إسرائيل من أن أحدث هجماتها على غزة «ليس إلا البداية» وقصفت قواتها القطاع بضربات جوية قاتلة وبدأت عمليات برية جديدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تقوم بعملية عسكرية داخل قطاع غزة (رويترز) play-circle 00:31

الجيش الإسرائيلي يوسع عمليته البرية في قطاع غزة إلى رفح

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، توسيع عمليته البرية في غزة لتشمل منطقة رفح في أقصى جنوب القطاع، مؤكداً أن عملياته مستمرة أيضاً في شمال ووسط القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مخيم النصيرات في غزة وسط استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع 20 مارس 2025 (أ.ف.ب)

غزة... من «حرب انتقام» دامت 16 شهراً إلى «حرب تهجير»

هناك فارق كبير بين الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة قبل 16 شهراً، والحرب التي تشنها اليوم.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: متمسكون باتفاق وقف إطلاق النار في غزة

أكد المتحدث باسم حركة «حماس» عبد اللطيف القانوع، اليوم (الخميس)، أن الحركة متمسكة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دبابات إسرائيلية عند الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:29

الجيش الإسرائيلي يبدأ عملية برية في كامل غزة... و«القسام» تستهدف تل أبيب

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الخميس، إن الجيش يشن حالياً هجمات في أنحاء قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تهدد بضم المزيد من أراضي غزة إذا لم تطلق «حماس» الرهائن

صورة ملتقطة 2 فبراير 2025 تظهِر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 2 فبراير 2025 تظهِر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تهدد بضم المزيد من أراضي غزة إذا لم تطلق «حماس» الرهائن

صورة ملتقطة 2 فبراير 2025 تظهِر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 2 فبراير 2025 تظهِر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الجمعة، عن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قوله إنه في حالة استمرار «حماس» في رفضها إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة، فإنها ستخسر المزيد من الأراضي التي ستضمها إسرائيل إلى أراضيها.

وقال كاتس إنه أصدر أوامره للجيش بتوسيع المناطق الأمنية في قطاع غزة وإجلاء السكان من تلك المناطق.

وصرّح كاتس بأن الجيش الإسرائيلي يمارس كل الضغوط المتاحة على حركة «حماس» لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، بما في ذلك إجلاء سكان غزة إلى الجنوب وتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة التوطين.

وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي أن بلاده تساند خطة مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بإطلاق سراح جميع المحتجزين على مرحلتين ويصحب ذلك وقف إطلاق النار «بما لا يعرّض الأهداف الأمنية لإسرائيل للخطر».