اجتماع للشراكة الأوروبية - الإسرائيلية على خلفية حرب غزة

آلباريس لـ«الشرق الأوسط»: سنشدد على «حل الدولتين» مخرجاً وحيداً من الأزمة

مصافحة بين مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ببروكسل الاثنين (أ.ب)
مصافحة بين مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ببروكسل الاثنين (أ.ب)
TT
20

اجتماع للشراكة الأوروبية - الإسرائيلية على خلفية حرب غزة

مصافحة بين مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ببروكسل الاثنين (أ.ب)
مصافحة بين مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ببروكسل الاثنين (أ.ب)

بينما كان القادة الأوروبيون يتوافدون إلى كييف، صباح الاثنين، للإعراب عن دعمهم للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لاندلاع الحرب على حدوده مع روسيا، كانت بروكسل تستضيف اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، للمرة الأولى منذ بداية الأعمال الحربية في قطاع غزة.

ورغم أن المفوضية الأوروبية كانت أعلنت مؤخراً أنها بصدد فرض حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، قال مسؤول أوروبي رفيع تحدث إلى «الشرق الأوسط» إن الاتحاد لا يعتزم، في الوقت الراهن، فرض أي عقوبات أو إجراءات قسرية على إسرائيل بسبب انتهاكاتها العديدة لأحكام القانون الإنساني الدولي، علماً أن إسبانيا وآيرلندا دعتا مراراً في السابق إلى فرض مثل هذه العقوبات، لا بل تعليق مفاعيل اتفاق الشراكة الموقع بين بروكسل وتل أبيب.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في المفوضية الأوروبية ببروكسل الاثنين (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في المفوضية الأوروبية ببروكسل الاثنين (إ.ب.أ)

وكانت الحكومتان الإسبانية والآيرلندية وجهتا رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية في مثل هذه الأيام من العام الماضي، تطلبان فيها إعادة نظر عاجلة في بنود الاتفاقات التجارية الموقعة مع إسرائيل، والتي تعود بمنافع ضخمة على الدولة العبرية؛ نظراً لأهمية مبادلاتها التجارية مع بلدان الاتحاد التي تشكّل مجتمعة الشريك التجاري الأول لإسرائيل بنسبة تزيد على 30 في المائة من مجموع مبادلاتها التجارية.

وتنصّ اتفاقية الشراكة بين الطرفين الأوروبي والإسرائيلي في مادتها الثانية، على وجوب احترام حقوق الإنسان، إذ جاء فيها: «تقوم العلاقات بين الطرفين، كما جميع أحكام هذه الاتفاقية، على احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تستند إليها سياسات الاتحاد الداخلية والخارجية، وتشكّل أحد العناصر الأساسية في هذه الاتفاقية».

ويقول مصدر مطلع إن رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، لم تجب قَطّ على تلك الرسالة الإسبانية - الآيرلندية، وإن تجاهلها التام لها تسبب في توتر بين بروكسل من جهة، ومدريد ودبلن من جهة أخرى، في حين لم تُظهر الدول الأعضاء الأخرى أي رغبة حتى الآن في فرض عقوبات على إسرائيل، أو تجميد اتفاقية الشراكة معها.

التحرك الأوروبي الوحيد كان الدعوة إلى عقد هذا اللقاء في عاصمة الاتحاد، بحضور وزراء خارجية الدول الأعضاء، ونظيرهم الإسرائيلي جدعون ساعر، إلى جانب مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس، ومفوضة الشؤون المتوسطية دوبرافكا سويكا.

مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس خلال اجتماع مجلس الشراكة مع إسرائيل ببروكسل الاثنين (أ.ب)
مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية كايّا كالّاس خلال اجتماع مجلس الشراكة مع إسرائيل ببروكسل الاثنين (أ.ب)

وكان مسؤول أوروبي رفيع المستوى وصف هذا اللقاء بأنه فرصة تاريخية لإجراء حوار مباشر مع الإسرائيليين للمرة الأولى منذ نشوب الحرب في القطاع، ومناقشة طائفة من القضايا الأساسية مثل توسعة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والقيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومستقبل «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا).

وقبل دخوله قاعة الاجتماع، تحدث وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل آلباريس، إلى «الشرق الأوسط»، وأكّد أنه سيطرح على طاولة المحادثات مع الجانب الإسرائيلي مسألة احترام حقوق الإنسان، والقرارات الصادرة عن المحاكم الدولية بحق إسرائيل وعدد من كبار المسؤولين فيها، وفي طليعتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقال: «كثيرون من الذين يدافعون عن حقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية، مثل الصحافيين وأفراد المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، قضوا تحت القنابل الإسرائيلية، ولا يمكن أن يمر ذلك من غير محاسبة».

يُذكر أن العلاقات الإسبانية - الإسرائيلية شهدت توتراً شديداً منذ بدء العمليات التي شنها الجيش الإسرائيلي على القطاع، وصلت إلى حد استدعاء كل من الحكومتين سفيرها لدى الأخرى، فضلاً عن تصريحات متبادلة عالية اللهجة لم يسبق أن شهدتها العلاقات بين البلدين منذ إقامتها في عام 1986، وكانت يومها أحد الشروط لانضمام إسبانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة.

وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل آلباريس (يسار) ونظيره الآيرلندي سيمون هارّيس في المفوضية الأوروبية ببروكسل الاثنين (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل آلباريس (يسار) ونظيره الآيرلندي سيمون هارّيس في المفوضية الأوروبية ببروكسل الاثنين (إ.ب.أ)

وقال آلباريس إن الاتحاد الأوروبي سيشدد أمام الطرف الإسرائيلي على أن «حل الدولتين» هو المخرج الوحيد من الأزمة، وأن وقف إطلاق النار الحالي يجب أن يستمر ويتوطد، وأن «غزة هي أرض الغزاويين، ويجب أن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية في المستقبل، وأن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية هي شريكنا للسلام». وأضاف: «يجب على الاتحاد الأوروبي أن يؤكد بوضوح اليوم أنه لن يعترف أبداً بضم الضفة الغربية أو قطاع غزة، وأن يدعو الطرف الإسرائيلي إلى احترام المحاكم الدولية والامتثال لقراراتها التي هي ملزمة لكل الدول، بما فيها إسرائيل».

وزير الخارجية الآيرلندي، سيمون هارّيس، قال من جهته إن بلاده ما زالت مُصرّة على ضرورة إعادة النظر في اتفاقية الشراكة، لكنه اعترف بأن المهم الآن هو مواصلة الضغط على إسرائيل لتمديد وقف إطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتمكين «أونروا» من الاستمرار في أنشطتها. ودعا إلى فرض عقوبات شديدة على المستوطنين العنيفين، وكل الذين يسعون إلى عرقلة «حل الدولتين».

المنظمات غير الحكومية أبدت تشاؤماً حول النتائج التي يمكن أن تخرج عن هذا اللقاء، وقالت الناطقة بلسان «أوكسفام» بشرى خالدي: «لا يمكن الاستمرار داخل هذه الدوامة من الكلام الخاوي. إسبانيا وآيرلندا أعربتا عن موقف جريء ومتقدم، لكن هذا لا يكفي إزاء التهم الموجهة ضد إسرائيل حول جرائم الإبادة. من واجب الاتحاد الأوروبي أن يتحرك؛ لأن الإفلات من العقاب يحرّض على مواصلة ارتكاب الجرائم».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من غزة

المشرق العربي صواريخ أطلقت من قطاع غزة باتجاه إسرائيل (أرشيفية - د.ب.أ) play-circle

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من غزة

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه اعترض «بنجاح» صاروخاً أُطلق من قطاع غزة، ما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار في عدة مناطق مفتوحة تابعة لبلدات الحدود الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وزير الخارجية المصري يبحث مع المنسقة الأممية الوضع «الكارثي» في غزة

بحث وزير الخارجية بدر عبد العاطي مع كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، الوضع الإنساني «الكارثي» في القطاع.

خاص صورة من موقع غارة جوية إسرائيلية في حي الشجاعية بمدينة غزة 10 أبريل 2025 (رويترز)

خاص عملية الشجاعية الثالثة... إسرائيل تبحث عن رهائنها

لليوم التاسع على التوالي، تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، ويبدو أنها تبحث من جديد عن رهائن قد يكونون محتجزين هناك.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مدرسة تابعة لوكالة «الأونروا» في القدس الشرقية (أ.ف.ب)

السعودية تدين إغلاق إسرائيل 6 مدارس لـ«الأونروا» في القدس

أدانت السعودية بأشد العبارات أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق 6 مدارس تابعة لوكالة «الأونروا» في القدس الشرقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدَّث في مؤتمر صحافي عقب «اجتماع أنطاليا الوزاري لحل الدولتين» الجمعة (واس) play-circle 00:44

السعودية تُجدِّد رفضها تهجير الفلسطينيين تحت أي ذريعة

جدَّدت السعودية رفضها القطعي لتهجير الفلسطينيين في غزة تحت أي ذريعة، مطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

«الشرق الأوسط» (أنطاليا)

واشنطن وطهران تجتازان «اختبار النوايا»

عنصرا أمن عمانيان يراقبان موكبا من السيارات يعتقد أنها تقل الوفد الأميركي في مسقط أمس (أب)
عنصرا أمن عمانيان يراقبان موكبا من السيارات يعتقد أنها تقل الوفد الأميركي في مسقط أمس (أب)
TT
20

واشنطن وطهران تجتازان «اختبار النوايا»

عنصرا أمن عمانيان يراقبان موكبا من السيارات يعتقد أنها تقل الوفد الأميركي في مسقط أمس (أب)
عنصرا أمن عمانيان يراقبان موكبا من السيارات يعتقد أنها تقل الوفد الأميركي في مسقط أمس (أب)

اجتازت المباحثات الأميركية - الإيرانية في مسقط، أمس، مرحلة اختبار النوايا، إذ اتفق الجانبان على استئناف الحوار بشأن البرنامج النووي الإيراني القريب من مستوى الأسلحة.

وتبادل مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ونظيره الإيراني، عباس عراقجي، رسائل خطية، في محادثات غير مباشرة، بوساطة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي تنقل بين صالتين استقر فيهما الوفدان الإيراني والأميركي. وذكرت «الخارجية» الإيرانية أن ويتكوف وعراقجي تحدثا معاً لفترة وجيزة بحضور البوسعيدي، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ إدارة باراك أوباما.

وقال البوسعيدي الذي استضافت بلاده الحوار النادر، إن المناقشات جرت في «جو ودّي»، مشيراً إلى أن الهدف منها إبرام «اتفاق عادل وملزم».

من جهته، أوضح عراقجي أنه «ستتم مناقشة الأطر العامة للاتفاق المحتمل بالجلسة المقبلة»، السبت على الأرجح، لافتاً إلى أن الطرفين «أبديا التزامهما بمواصلة هذه المحادثات للوصول إلى النتيجة المرجوة للطرفين».

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الطرفين «تبادلا وجهات النظر في جو بنّاء قائم على الاحترام المتبادل».

وأفاد مصدر عماني «رويترز»، بأن المحادثات تركز على تخفيف التوتر في المنطقة، وتبادل السجناء، والتوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات على إيران، مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني.