سيُحاكم رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا أكرم إمام أوغلو في قضيتين أمام محكمتين مختلفتين في 11 أبريل (نيسان) المقبل يواجه فيهما عقوبات بالحبس والعزل من وظيفته وحظر النشاط السياسي. وقبلت الدائرة 14 بمحكمة الجنايات العليا في إسطنبول، الأربعاء، لائحة اتهام مقدمة من مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول، في إطار التحقيق الذي خضع له بسبب تصريحاته حول المدعي العام لإسطنبول أكين جورليك، التي يطالب فيها بحبسه لفترة تتراوح من سنتين و8 أشهر حتى 7 سنوات و4 أشهر بتهم «التهديد» و«الإهانة» و«استهداف الأشخاص الذين يؤدون واجبهم في مكافحة الإرهاب». وطالب الادعاء العام في لائحة الاتهام، التي قُدّمت للمحكمة، الأسبوع الماضي، أيضاً بتجريد إمام أوغلو من منصبه في الخدمة المدنية، وتم إدراج المدعي العام، أكين جورليك، بوصفه «المجني عليه أو الضحية».
ملاحقات قضائية
وأمر جورليك في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي بفتح تحقيق ضد إمام أوغلو أثناء حديثه على الهواء مباشرة خلال ندوة نظّمها حزب الشعب الجمهوري حول «القانون الحديث وتسييس القضاء»؛ إذ وجّه انتقادات إلى المدعي العام، الذي كان قد أصدر قبل ساعات من انعقاد الندوة أمراً باعتقال رئيس فرع الشباب في حزب الشعب الجمهوري، جيم آيدين، من منزله.

وقال إمام أوغلو: «أنت (المدعي العام لإسطنبول) تدعوه إلى الإدلاء بإفادته، إذا جاز التعبير، ثم تداهم منزله برفقة 8 من رجال الشرطة. هدفك هو ترهيب الناس. السيد المدعي العام عقلك فاسد، وأنا أقول لك: سنستأصل العقل الفاسد الذي يحكمك (في إشارة ضمنية للرئيس رجب طيب إردوغان) من أذهان هذه الأمة، من أجل إنقاذ حتى أطفالك. سنقتلعه حتى لا يطرق أحد باب أطفالك عند الفجر بهذه الطريقة. دعنا نضمن السلام لبيتك ولأولادك».
وفتح المدعي العام ذاته تحقيقاً ثانياً ضد إمام أوغلو، الذي يتولّى أيضاً رئاسة اتحاد البلديات في تركيا ويُنظر إليه على أنه مرشح محتمل بقوة لرئاسة تركيا، في 27 يناير، بسبب تصريحات في مؤتمر صحافي، وجّه فيه انتقادات إلى بعض التحقيقات المتعلّقة ببلديات تديرها المعارضة، بتهمتَي «محاولة التأثير في شخص يقوم بواجب قضائي أو خبير أو شاهد»، و«محاولة التأثير في محاكمة قضائية».
وقال إمام أوغلو إن «خبيراً واحداً (رمز إليه بالحرفين «إس بي») تمّت الاستعانة به شاهداً في تحقيقات قضائية معه ومع مسؤولي بلديات أخرى في إسطنبول»، يديرها حزب الشعب الجمهوري الذي يُعد أكبر أحزاب المعارضة في تركيا.

وأدلى إمام أوغلو بإفادته في التحقيقين، الأسبوع قبل الماضي، وسط احتجاجات الآلاف من أنصار حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة الذي ينتمي إليه، و13 حزباً آخر، شهدت مصادمات مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وجاء في لائحة الاتهام أن التصريح المتعلق بالمدعي العام لإسطنبول تجاوز حدود التعبير عن الفكر، وأن العبارة والكلام موضوع الجريمة يهدفان أيضاً إلى المساس بكرامة الضحية، ومن غير الممكن أن يحظى الفعل بالحماية القانونية في سياق حرية التعبير.
انتقاد للمعارضة
وقال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، خلال مقابلة تلفزيونية الأربعاء معلقاً على التحقيقات ضد إمام أوغلو، إنه يتم التعبير بكلمات تقترب من التهديدات، هذا ليس صحيحاً، يقولون إن هناك «مضإيقات قضائية» لهم، لكن الحقيقة هي أن هناك مضايقات للقضاء. وكان إمام أوغلو وصف أمام حشد من مؤيديه، عقب الإدلاء بإفادته في التحقيقين، الأسبوع الماضي، التحقيقات الجارية ضده وضد سياسيين وصحافيين معارضين بأنها «مضايقات قضائية».

وقال تونتش: «للأسف، هناك كلمات غير لائقة تجاه القضاء... استخدم السيد أوزغور أوزال (رئيس حزب الشعب الجمهوري) أمس تعبير (هراوة قضائية)، بعد القبض على عدد من المسؤولين في البلديات التابعة لحزبه بتهمة الإرهاب، ويستخدم بشكل متكرر تعبير (المقصلة المتنقلة)، في إشارة إلى المدعي العام لإسطنبول. في الواقع، هناك مضايقات للقضاء... القضاء المستقل سيفصل في هذا الأمر».
ويواجه إمام أوغلو العديد من القضايا والتحقيقات، وعاقبته محكمة تركية في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022 بالحبس لمدة سنتين و7 أشهر و15 يوماً، ومنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات بتهمة «إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات».
وظلت القضية قيد الاستئناف أمام المستوى الأدنى من المحكمة العليا، التي تُعدّ أيضاً «محكمة استئناف» حتى الآن، لكن تأييدها للقرار سيعني فرض الحظر السياسي على إمام أوغلو. وستعقد في اليوم ذاته، في 11 أبريل (نيسان) المقبل جلسة للنطق بالحكم في قضية متهم فيها إمام أوغلو، بـ«التزوير والتلاعب في المناقصات» خلال فترة رئاسته لبلدية بيلك دوزو في إسطنبول، قبل فوزه برئاسة بلديتها الكبرى في عام 2019.
ويطالب الادعاء العام في هذه القضية بحبس إمام أوغلو لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات، وحظر نشاطه السياسي لمدة مماثلة للحكم، لكنه طلب الحصول على وقت إضافي في الجلسة الثامنة، التي كان مقرراً فيها النطق بالحكم، والتي عقدت قبل شهر، بإعطائه مهلة إضافية لتقديم مذكرة تتضمن رأيه، فقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 11 أبريل المقبل.
واستبعد محامي إمام أوغلو، كمال بولاط، أن يكون هناك نوع من التعمد في تحديد جلستي المحاكمتين في اليوم ذاته، عاداً الأمر مجرد مصادفة.