على غرار البيجر... إيران تكتشف جهازاً مفخخاً في برنامجها النووي

ظريف حذر من تسلل إسرائيل لشبكات الالتفاف على العقوبات

ظريف على هامش اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
ظريف على هامش اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT
20

على غرار البيجر... إيران تكتشف جهازاً مفخخاً في برنامجها النووي

ظريف على هامش اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
ظريف على هامش اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

كشف محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، عن إحباط عمل تخريبي في برنامج بلاده لتخصيب اليورانيوم، بواسطة عمود «مفخخ» لأجهزة الطرد المركزي، حصلت عليها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية عبر وسطاء يساعدون بلاده في مراوغة العقوبات.

وحذر ظريف في برنامج تلفزيوني يبث على شبكة الإنترنت حصراً من أن بلاده تواجه تحديات أمنية في شراء قطع الغيار بسبب العقوبات الأميركية.

وكان ظريف يتحدث عن محاولات إيران وحلفائها للالتفاف على العقوبات، في شراء المعدات الحساسة، لافتاً إلى أن ذلك يؤدي إلى خلق ثغرات تستغلها دول مثل إسرائيل.

وقال: «إذا تمكنت إسرائيل من التسلل إلى أحد هؤلاء الوسطاء، حينها يمكنها زرع أي شيء... وهذا تحديداً ما حدث».

وأشار إلى سلسلة تفجيرات أجهزة البيجر التي شهدتها بيروت في سبتمبر (أيلول) 2024، قبل أن يقطع كلامه ويشير إلى مثال وقع في إيران، متحدثاً عن اكتشاف مواد متفجرة، جرى إخفاؤها داخل معدات أجهزة الطرد المركزي التي اشترتها طهران عبر وسطاء في السوق السوداء، دون أن يخوض في التفاصيل.

وقال ظريف: «لقد اشترى زملاؤنا منصة للطرد المركزي للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، وتبين أن مواد متفجرة كانت مخبأة بداخلها، وقد تمكنوا من تحديدها بنجاح».

وفي 17 سبتمبر، انفجرت الآلاف من أجهزة «البيجر» التي يستخدمها عناصر «حزب الله» اللبناني، في وقت واحد في الضاحية الجنوبية لبيروت ومعاقل أخرى للحزب، وكان السفير الإيراني مجتبى أماني أحد المصابين.

وأدى الهجوم إلى جانب هجوم ثانٍ في اليوم التالي شمل تفجير أجهزة اتصال لاسلكية (ووكي توكي) إلى مقتل 39 شخصاً وإصابة أكثر من 3400.

وقال ظريف إن عملية أجهزة البيجر «استغرقت سنوات عدة، وجرى تصميمها وتنظيمها بدقة من قبل الصهاينة (الإسرائيليين)».

وبعد هجمات البيجر، حذر مسؤولون ونواب برلمان الإيراني من اختراقات إسرائيلية مماثلة. وخضعت أجهزة اتصال المسؤولين الإيرانيين لمراجعة أمنية.

وليست المرة الأولى التي تطرح إيران احتمالات اختراق عبر قطع الغيار. ففي نهاية أغسطس (آب) 2023، أعلن التلفزيون الحكومي الإيراني إحباط «مؤامرة» إسرائيلية لتخريب برنامجها للصواريخ الباليستية والمسيّرات من خلال قطع غيار معيبة، حصلت عليها طهران من مستورد أجنبي.

وقالت السلطات حينها إن القطع «يمكن تفجيرها أو التسبب في تعطل الصواريخ الإيرانية قبل إطلاقها»، متهماً جهاز «الموساد» بالوقوف وراء إرسال قطع غيار ورقائق إلكترونية تستخدم في الصواريخ والمسيّرات. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن «شبكة من العملاء سعت إلى إدخال قطع غيار معيبة».

وفي أبريل (نيسان) 2021، هزّ تفجير صالة تضم مئات من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم، واتهمت إيران جهاز «الموساد» الإسرائيلي. وقال عضو البرلمان حينذاك، علي رضا زاكاني، مرشح الرئاسة الأخيرة، الذي يتولى منصب عمدة طهران حالياً، إن الانفجار سببه «متفجرات تبلغ 300 رطل جرى زرعها في معدات أُرسلت إلى الخارج من أجل تصليحها». ودمر الانفجار دائرة توزيع الكهرباء على بعد 50 متراً تحت الأرض.

أما النائب فريدون عباسي، فقد قال إن المتفجرات وُضعت في «طاولة ثقيلة جرى تحضيرها إلى المنشأة». وكان عباسي رئيساً للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، ونجا من محاولة اغتيال في 2010.


مقالات ذات صلة

قلق أوروبي من تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار

شؤون إقليمية صورة نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من انطلاق اجتماعها الفصلي الأول لعام 2025 في فيينا الاثنين الماضي

قلق أوروبي من تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار

أبدت فرنسا وألمانيا وبريطانيا قلقها البالغ من تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار في وقت تتوسع في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري يسير بوتين أمام حرس الشرف خلال لقائه قائد جيش ميانمار مين أونغ هلاينغ في موسكو الثلاثاء (رويترز)

تحليل إخباري هل تنجح الوساطة الروسية لتسوية الوضع حول «النووي» الإيراني؟

عكس إعلان الكرملين عن الوساطة بين واشنطن وطهران سعي موسكو لترتيب أوراقها استعداداً للقمة الروسية الأميركية لمناقشة القضايا المشتركة.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية عراقجي يستقبل لافروف في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

روسيا: الملف النووي الإيراني جزء من محادثاتنا مع أميركا

قال «الكرملين»، الأربعاء، إن المحادثات المستقبلية بين روسيا والولايات المتحدة ستشمل مناقشات حول البرنامج النووي الإيراني، وهو موضوع قال إنه «جرى التطرق إليه».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية بزشكيان لدى استقباله لافروف الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

روسيا تعرض الوساطة بين واشنطن وطهران لحل الخلافات

أعلنت روسيا استعدادها لبذل كل ما بوسعها لمساعدة الولايات المتحدة وإيران في حل خلافاتهما عبر المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (لندن - موسكو)
شؤون إقليمية ظريف يغادر مقر الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية: بزشكيان لم يقبل استقالة ظريف بعد

لم يقبل الرئيس مسعود بزشكيان بعد استقالة نائبه للشؤون الإستراتيجية محمد جواد ظريف؛ بناءً على توصية رئيس القضاء الإيراني غلام حسين إجئي.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

أُسر فرنسيينَ تحتجزهم إيران: «يموتون ببطء»

نويمي كوهلر خلال مظاهرة في يناير للمطالبة بالإفراج عن شقيقتها وبقية الرهائن الفرنسيين المحتجزين في إيران (أ.ف.ب)
نويمي كوهلر خلال مظاهرة في يناير للمطالبة بالإفراج عن شقيقتها وبقية الرهائن الفرنسيين المحتجزين في إيران (أ.ف.ب)
TT
20

أُسر فرنسيينَ تحتجزهم إيران: «يموتون ببطء»

نويمي كوهلر خلال مظاهرة في يناير للمطالبة بالإفراج عن شقيقتها وبقية الرهائن الفرنسيين المحتجزين في إيران (أ.ف.ب)
نويمي كوهلر خلال مظاهرة في يناير للمطالبة بالإفراج عن شقيقتها وبقية الرهائن الفرنسيين المحتجزين في إيران (أ.ف.ب)

المعتقلون الفرنسيون في إيران، الذين تصفهم باريس بـ«الرهائن»، في حالة «موت بطيء»، كما حذّرت، الأربعاء، نويمي كوهلر، شقيقة إحدى المعتقلات، مجددة التأكيد على «الظروف اللاإنسانية» لاحتجازهم.

وتعتقل إيران رسمياً 3 فرنسيين، هم سيسيل كولر، وشريكها جاك باري، وأوليفييه غروندو، منذ 2022.

وقالت نويمي كولر، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، إنها تشعر بالقلق، خصوصاً حيال جاك باري، شريك شقيقتها.

وأوقفت سيسيل كولر، أستاذة الآداب الحديثة، خلال رحلة مع شريك حياتها، في مايو (أيار) 2022 في إيران. ووجّه القضاء الإيراني إليهما تهمة «التجسس». وهما محتجزان في «قسم 209»، الخاضع لجهاز استخبارات «الحرس الثوري» في سجن إيفين سيئ الصيت في طهران، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضافت كوهلر: «ليست لديهم إمكانية الوصول إلى محامين مستقلين. يتصلون بنا بشكل عشوائي جداً، أقل من مرة واحدة في الشهر، عبر مكالمات أو محادثات فيديو قصيرة جداً على (واتساب)، تتراوح بين 3 و10 دقائق إذا كنا محظوظين».

وعلى الرغم من أن السجينين غير مسموح لهما بالتحدث عن حالتهما الصحية، فإن التغيرات الجسدية التي تظهر عليهما كافية لإثارة ذعر أسرتهما. وأكدت: «نحن قلقون للغاية على صحتهما، إنهما يموتان ببطء في هذا القسم 209. نشعر بالعجز».

امرأة تحمل صورة لمعلّمة اللغة الفرنسية سيسيل كولر في تجمع وسط باريس في مارس 2024 (أ.ف.ب)
امرأة تحمل صورة لمعلّمة اللغة الفرنسية سيسيل كولر في تجمع وسط باريس في مارس 2024 (أ.ف.ب)

«هذا يؤرقني»

وقالت نويمي، التي تمكنت من رؤيته وشقيقتها خلال مكالمة فيديو في 19 فبراير (شباط): «لا شك أن جاك باري هو أحد الرهائن الثلاث الذين تعرضوا لأقسى المضايقات. فهو يبلغ 71 عاماً، وينام على بطانيات، ولم ينل سوى 8 كتب منذ بداية احتجازه».

وقالت الشابة: «لقد صدمت بشكل خاص من وجهه النحيل. إن ذلك يؤرقني»، مشيرة إلى أن السجانين أوهموا المعتقلين بوجود مفاوضات وبإمكانية الإفراج الوشيك عنهم، ومارسوا بالتالي «تعذيباً نفسياً حقيقياً».

وأضافت: «أما أختي فقد عبّرت عن شعورها باليأس للمرة الأولى. قالت لنا: لقد قاومت، ولكن لم يعد لديّ قوة، الأمر صعب للغاية، والوقت طويل جداً، لن نخرج أبداً». وأشارت إلى «أنهم يموتون ببطء، ونحن عاجزون، والسلطات الفرنسية عاجزة».

«محطم نفسياً»

كما استمعت اللجنة إلى والدة أوليفييه غروندو، الذي كشف مؤخراً عن اسمه الكامل في رسالة لوسائل إعلام فرنسية.

قالت تيريز غروندو إن ابنها خرج «محطماً نفسياً» بعد 10 أسابيع قضاها في الاحتجاز لدى الشرطة عقب توقيفه. وأوضحت أن ابنها المحتجز في ظروف «عادية» في سجن إيفين، قال إن «ما يقلقه هو عدد رفاقه السجناء الذين سيجدهم في الصباح، لأن بعضهم يختفي ونعلم أنهم سيعدمون. إنه أمر فظيع».

ودعا الرهينة السابق لويس أرنو، الذي أفرج عنه في يونيو (حزيران) 2024 بعد احتجازه لنحو عامين، إلى «ردّ قوي ومنسق على المستوى الأوروبي» أمام «دبلوماسية الرهائن» التي تمارسها طهران.

وقال: «في السجن، رأيت جميع الجنسيات الأخرى تغادر قبلي. الذين بقوا هم الفرنسيون. يبدو أن هناك معاملة خاصة للأميركيين والبريطانيين والفرنسيين».

وأضاف: «هناك نوعان من الرهائن. يمكن اعتقالهم في إطار تبادل السجناء أو لإطلاق أصول إيرانية مجمدة في الخارج. لكن يبدو أن كثيرين يُعتقلون بشكل انتهازي أو لتبرير الدعاية»، حسبما نقلت وسائل إعلام فرنسية.

وأضاف: «أعتقد أن هذا كان حالتي، مثل جميع الأوروبيين الذين اعتُقلوا في نفس الفترة»، أي بعد اندلاع احتجاجات مهسا أميني. واختتم قائلاً: «هذه الحاجة لتغذية فكرة المؤامرة الغربية متجذرة بعمق في آيديولوجية النظام، وهو شيء لن يتوقف غداً».

وتحتجز إيران العديد من المواطنين الغربيين أو المزدوجي الجنسية، من جانب مؤيديهم ومنظمات غير حكومية، باستخدامهم كورقة مساومة في المفاوضات بينها وبين دول أخرى، وتصفهم الحكومات الغربية بـ«رهائن الدولة».