تصاعد التحذيرات في إيران من عمليات اختراق محتملة

عراقجي تفقد حالة السفير بعد إجلائه مع 95 مصاباً من لبنان

عراقجي يتحدث إلى وزير الصحة السابق حسن قاضي زاده هاشمي الذي يشرف على علاج السفير الإيراني لدى لبنان في مستشفى بطهران
عراقجي يتحدث إلى وزير الصحة السابق حسن قاضي زاده هاشمي الذي يشرف على علاج السفير الإيراني لدى لبنان في مستشفى بطهران
TT
20

تصاعد التحذيرات في إيران من عمليات اختراق محتملة

عراقجي يتحدث إلى وزير الصحة السابق حسن قاضي زاده هاشمي الذي يشرف على علاج السفير الإيراني لدى لبنان في مستشفى بطهران
عراقجي يتحدث إلى وزير الصحة السابق حسن قاضي زاده هاشمي الذي يشرف على علاج السفير الإيراني لدى لبنان في مستشفى بطهران

تصاعدت التحذيرات في إيران من تكرار سيناريو الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي الواسع، بواسطة تفجير أجهزة اتصال منتسبي «حزب الله» اللبناني. وكشف قيادي سابق في «الحرس الثوري» عن فحص شامل لأجهزة الهواتف الجوالة للمسؤولين الإيرانيين، في أعقاب مقتل إسماعيل هنية في طهران، نهاية يوليو (تموز) الماضي.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب إسماعيل كوثري، إن «المرشد الإيراني كان قد حذر من أن العدو سيستخدم في اللحظة المناسبة ما باعه لنا».

ونقل كوثري، وهو قيادي بارز في «الحرس الثوري»، عن خامنئي قوله: «لا يمكننا أن نثق بالأعداء، فقد يبيعون لنا بعض الأدوات لكن في اللحظة المناسبة قد يساء استخدامها».

وأضاف كوثري أن «الكيان الصهيوني يدخل من أي طريق لتنفيذ جرائمه»، وادعى أن جهاز الاتصال (البيجر)، هو «وسيلة يستخدمها الناس العاديون في لبنان، استغل الكيان الصهيوني هذه الوسيلة لإلحاق الضرر بـ(حزب الله)».

النائب إسماعيل كوثري مسؤول الشؤون العسكرية في لجنة الأمن القومي البرلمانية (أرشيفية - إرنا)

وأضاف: «تحذير لجميع الدول المحبة للحرية في العالم بأن تتجه نحو الاكتفاء الذاتي في مجال الاتصالات الإلكترونية لتجنب استغلال الكيان الصهيوني».

وجاءت تحذيرات كوثري في سياق تحذيرات وردت على لسان نواب إيرانيين، طالبوا بحظر منتجات شركة «موتورولا»، وكذلك إجراء تحقيق في احتمالات وقوع أحداث مماثلة بأجهزة اتصال إيرانية مستوردة من الخارج وتستخدم في قطاعات حساسة.

في نفس السياق، كشف القيادي السابق في «الحرس الثوري»، محسن رفيق دوست، عن تعليمات تلقاها المسؤولون الإيرانيون بشأن استخدام هواتفهم الجوالة، في أعقاب مقتل رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية، أثناء وجوده في معسكر تدريبي تابع لـ«فيلق القدس» في شمال طهران، في 31 يوليو الماضي.

وكانت السلطات الإيرانية قد طرحت فرضية الاختراق الإلكتروني لأحد أجهزة مرافقي هنية، ما سهل تحديد مهمته للمهاجمين، نافية أن يكون التفجير قد تم بواسطة قنبلة مزروعة جرى تفجيرها من بعد. وقالت السلطات الإيرانية إن الاغتيال تم بإطلاق قذائف من جبل على قرب من المكان الذي كان يوجد فيه هنية.

وفي إشارة إلى تداعيات الحادث، أبلغ رفيق دوست موقع «خبر أونلاين» الإيراني أنه «في إيران، تم إبلاغ العديد من المسؤولين بأن يبتعدوا عن هواتفهم الجوالة، وأن يرسلوا الهواتف إلى جهة معينة لاختبارها قبل تسلمها مرة أخرى».

ولفت رفيق دوست إلى أن العديد من الفرق التابعة لـ«الحرس الثوري» ووزارة الاستخبارات عملت على التحقق من احتمال اختراق أجهزة المسؤولين الإيرانيين.

وأشار إلى تلقي أمين عام «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، والعديد من المسؤولين تحذيرات بضرورة الابتعاد عن هواتفهم الجوالة وفحصها، مضيفاً أن نصر الله أصدر قبل بضعة أشهر أوامر لعناصر «حزب الله» بعدم حمل الهواتف الجوالة. وأضاف: «يجب العمل على هذا الإجراء الجديد لتجنب أحداث أخرى».

وحول ما إذا كان الهجوم على السفير الإيراني، وإصابته في تفجير كان مقصوداً، أجاب رفيق دوست: «نعم».

وبشأن تهديدات إيران بالرد على اغتيال هنية، قال رفيق دوست: «من المؤكد سيتم في هذه الأيام».

وليست المرة الأولى التي تطرح إيران احتمالات اختراق عبر قطع الغيار. ففي نهاية أغسطس (آب) العام الماضي، أعلن التلفزيون الحكومي الإيراني عن إحباط «مؤامرة» إسرائيلية لتخريب برنامجها للصواريخ الباليستية والمسيّرات من خلال قطع غيار معيبة، حصلت عليها طهران من مستورد أجنبي.

وقالت السلطات حينها إن القطع «يمكن تفجيرها أو التسبب في تعطل الصواريخ الإيرانية قبل إطلاقها»، متهماً جهاز «الموساد» بالوقوف وراء إرسال قطع غيار ورقائق إلكترونية تستخدم في الصواريخ والمسيّرات. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن «شبكة من العملاء سعت إلى إدخال قطع غيار معيبة».

وفي أبريل (نيسان) 2021، هز تفجير صالة تضم مئات من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم، واتهمت إيران جهاز «الموساد» الإسرائيلي. وقال عضو البرلمان حينذاك، علي رضا زاكاني، مرشح الرئاسة الأخيرة، الذي يتولى منصب عمدة طهران حالياً، إن الانفجار سببه «متفجرات تبلغ 300 رطل جرى زرعها في معدات أُرسلت إلى الخارج من أجل تصليحها». ودمر الانفجار دائرة توزيع الكهرباء على بعد 50 متراً تحت الأرض.

أما النائب فريدون عباسي، فقد قال إن المتفجرات وُضعت في «طاولة ثقيلة جرى تحضيرها إلى المنشأة». وكان عباسي رئيساً للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، ونجا من محاولة اغتيال في 2010.

جاءت هذه التحذيرات في وقت أعلن مسؤولون إيرانيون إجلاء سفير طهران لدى لبنان، مجتبى أماني، و95 آخرين، بعد أن تعرضوا لإصابات في الأيدي والأعين في انفجارات أجهزة النداء «البيجر».

وتوجّه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى أحد مستشفيات العاصمة طهران للاطلاع على حالة السفير لدى لبنان، مجتبى أماني، الذي أصيب بجروح بالغة، إثر تفجير أجهزة الاتصال لمنتسبي «حزب الله» اللبناني.

لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى في صورة متداولة على المواقع الإيرانية

وتحدّث عراقجي إلى وزير الصحة السابق حسن قاضي زاده هاشمي، الاختصاصي في جراحة العيون، الذي يتولى الإشراف على حالة أماني. ونقلت وكالة «إيسنا» أن هاشمي أطلع عراقجي على مسار علاج السفير والجرحى الآخرين، معرباً عن أمله في أن يتمكن أماني قريباً من العودة إلى مقر عمله.

رسالة إلى نصر الله

وتفقد قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي الجرحى، ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن سلامي قوله في رسالة إلى أمين عام «حزب الله» إن  إسرائيل ستواجه «رداً ساحقاً من محور المقاومة (...) مما يؤدي إلى زواله».

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله إن: «العدو العاجز عن المواجهة المباشرة يلجأ إلى ارتكاب الجرائم من خلف الخطوط وتضخيم إنجازاتها، أملاً في تأخير نهايته والتستر على فشله المتكرر أمام أنظار العالم. وهذا بحد ذاته يمثل هزيمة كبيرة جديدة».

ونفى «الحرس الثوري» الإيراني في بيان رسمي الأربعاء، إصابة أي من ضباطه في لبنان.

من جانبه، قال كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية للشؤون الدولية والقانونية إن «الإجراءات القانونية والدولية ضد العمل الإرهابي للكيان الصهيوني على جدول أعمال اللجنة القانونية للجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتشاور مع لبنان».

والأربعاء، قال المبعوث الإيراني للأمم المتحدة، سعيد أيرواني، في رسالة إلى مجلس الأمن إن بلاده ستتابع الهجوم الذي استهدف سفيرها لدى لبنان. وأضاف أيرواني أن طهران «تحتفظ بحقوقها بموجب القانون الدولي في اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تراها ضرورية للرد».

وتباينت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية حول حالة السفير مجتبى أماني. وكان التلفزيون الرسمي قد تحدّث عن تعرض أماني لـ«إصابة طفيفة»، فيما تحدث تقارير أخرى عن إصابة بالغة في عيونه.


مقالات ذات صلة

إيران تقترب من اعتماد «فاتف» بعد سنوات من التردد

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع «تشخيص مصلحة النظام» من جلسة أعضائه حول اتفاقية «فاتف» الأسبوع الماضي

إيران تقترب من اعتماد «فاتف» بعد سنوات من التردد

كشفت وسائل إعلام حكومية عن بدء العد العكسي لمصادقة مجلس «تشخيص مصلحة النظام» على مشروع الانضمام إلى «فاتف»، وعقد البرلمان جلسة مغلقة لمناقشتها دون اتخاذ قرار.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية نصيري يتصفح مجلة إيرانية (جماران)

إيران تعتقل ناشطاً سياسياً منتقداً للحكام

أعلنت زوجة الناشط والصحافي السياسي المحافظ مهدي نصيري، عن اعتقاله من قبل السلطات الإيرانية إثر انتقاده لحكام الجمهورية الإسلامية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإيراني الجنرال عزيز نصير زاده يوضح للرئيس مسعود بزشكيان أثناء تفقُّده معرضاً للصواريخ (الرئاسة الإيرانية)

بزشكيان: لا دولة تجرؤ على مهاجمة إيران

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إنه «لا دولة تجرؤ على مهاجمة الأراضي الإيرانية»، خلال تدشين صاروخ باليستي بمدى 1700 كيلومتر ومنظومات دفاع جوية.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (ا.ف.ب)

ماكرون يندّد باحتجاز «تعسّفي وغير لائق» لفرنسيين في إيران

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، بـ«الاحتجاز التعسّفي وغير اللائق» في إيران لفرنسيَّين منذ ألف يوم، ولثالثٍ منذ أكثر من عامين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
تحليل إخباري متظاهرة تحمل صورة الرهينة الفرنسية سيسيل كوهلر في 23 مارس الماضي المعتقلة في إيران منذ عامين (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ألف يوم من التوتر بين باريس وطهران

تصاعد التوتر بين باريس وطهران بسبب مواصلة احتجاز ثلاثة فرنسيين في ظروف بالغة القسوة، في حين حذرت فرنسا مواطنيها من البقاء في إيران أو السفر إليها.

ميشال أبونجم (باريس)

ويتكوف يريد إدارة مفاوضات «هدنة غزة» بطريقة كيسنجر

ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط (رويترز)
ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط (رويترز)
TT
20

ويتكوف يريد إدارة مفاوضات «هدنة غزة» بطريقة كيسنجر

ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط (رويترز)
ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط (رويترز)

كشف النقاب في تل أبيب عن أن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أبلغ أطراف اتفاق الهدنة في غزة ورعاته أنه سيتبع آلية جديدة للمفاوضات بين إسرائيل و«حماس» تعتمد على «الدبلوماسية المكوكية».

وقالت مصادر سياسية، لوسائل إعلام عبرية، إنه «يؤمن بالنموذج الذي كان قد بناه وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، وفيه عرف كيف يمارس ضغوطاً ميدانية على الطرفين».

وسيقوم ويتكوف بزيارات منتظمة بين الجانبين في محاولة لتوضيح مواقف الطرفين والقضايا الدقيقة التي ستناقشها الوفود.

ومن المتوقع أن تحل الآلية الجديدة محل الاجتماعات التي عقدت حتى الآن في الدوحة والقاهرة بحضور جميع الأطراف.

ووفقاً لمصادر في تل أبيب، ستتولى إدارة ترمب عملياً المحادثات بطريقة تؤدي إلى ما وصف بـ«تحييد هيمنة مصر وقطر».

هيمنة إدارة ترمب

ووفقاً لمسؤول كبير تحدث مع موقع «أي 24 نيوز» الإسرائيلي، فإن «التغيير ينبع من هيمنة إدارة ترمب ورغبتها في تولي زمام المبادرة في محادثات التفاوض».

وأضاف المسؤول: «الفرق بين الإدارتين هو أن فريق ترمب دخل المحادثات بزخم كبير، والآلية المتفق عليها تتضمن مشاركة كبرى لمبعوث ترمب، في محاولة للوصول إلى مفاوضات فعالة».

ويبدأ ويتكوف هذه المفاوضات، الاثنين، في موعدها المقرر (اليوم السادس عشر من بدء تطبيق اتفاق وقف النار)، وذلك في واشنطن.

وسيلتقي المفاوض الأميركي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بلير هاوز، مقر إقامة الضيوف على البيت الأبيض. ويتباحث معه حول ضرورة إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق، ومن ثم آلية التفاوض التالي، وسبل إنجاح المفاوضات في المراحل التالية.

تغييرات إسرائيلية

وقالت مصادر إسرائيلية أخرى إن نتنياهو ينوي تغيير فريق المفاوضات، وبشكل خاص رئيس الوفد ديفيد بارنياع، واستبداله بوزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، حتى يلائم وضعه للطريقة الجديدة.

وأفادت المصادر بأن «المفاوضات ستجري ليس مع (حماس) وحسب، بل بالأساس مع الإدارة الأميركية، لذلك ينوي نتنياهو اختيار ديرمر؛ كونه خبيراً في الشؤون الأميركية وقريباً من الحزب الجمهوري الأميركي».

وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر (غيتي)

وتثير تحركات نتنياهو مخاوف في إسرائيل، خصوصاً لدى عائلات المحتجزين، من أنها تخفي نيات سيئة تؤدي إلى إجهاض المفاوضات والعودة إلى القتال، مع كل ما يحمله هذا من أخطار على حياة من تبقوا أحياء في الأسر.

وسافر إلى واشنطن وفد من عائلات المحتجزين، ليسبق نتنياهو ويحاول إقناع ترمب بضرورة ممارسة الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى يواصل المفاوضات، ويعيد جميع المخطوفين والأسرى.

«جر للحرب»

ونشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً افتتاحياً، حذرت فيه من سعي اليمين المتطرف إلى «جر إسرائيل لاستئناف الحرب».

وقالت: «الأيام القريبة القادمة ستحسم وجهة إسرائيل، قبيل المفاوضات بين إسرائيل و(حماس) على المرحلة الثانية».

وتضيف «هآرتس» أن «الضغط الأميركي على نتنياهو مهم في ضوء الضغط الذي سيواصل اليمين المتطرف ممارسته عليه. بتسلئيل سموتريتش يواصل الحديث عن احتلال غزة، وأحاديث ترمب عن نقل السكان فتحت له الشهية للترحيل».

ورأت الصحيفة أنه «على نتنياهو وترمب أن يبقيا إسرائيل على المسار الذي بدأت تتقدم فيه: نهاية الحرب وإعادة كل المخطوفين».