تحذيرات إيرانية من تلقّي هجوم إلكتروني مماثل لـ«حزب الله»

نوّاب طالبوا بحظر معدات «موتورولا» في القطاعات الحساسة... تبايُن بشأن حالة السفير لدى بيروت

صورة متداولة في المواقع الإيرانية من لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى
صورة متداولة في المواقع الإيرانية من لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى
TT

تحذيرات إيرانية من تلقّي هجوم إلكتروني مماثل لـ«حزب الله»

صورة متداولة في المواقع الإيرانية من لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى
صورة متداولة في المواقع الإيرانية من لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى

برزت في إيران مخاوف داخلية من احتمال تعرّض القطاعات الحساسة لهجوم إلكتروني مماثل لاختراق أجهزة اتصال منتسِبي «حزب الله»، ما أدّى إلى انفجارات متزامنة، في وقت تضاربت المعلومات الإيرانية بشأن حالة سفير طهران لدى بيروت، مجتبى أماني، بعد إصابته بجروح بالغة في الوجه، خلال الهجوم الإلكتروني على أجهزة اتصال لمنتسِبي «حزب الله» اللبناني.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأربعاء، إن الانفجارات تشكّل «وصمة عار» للدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل.

وأضاف بزشكيان في بيان، إن «هذا الحادث أظهر مرة أخرى أنه على الرغم من ادّعاء الدول الغربية والأميركيين أنهم يسعون إلى وقف إطلاق النار، فإنهم في الواقع يدعمون تماماً جرائم الكيان الصهيوني»، وفق بيان نشره موقع الرئاسة الإيرانية.

وطالب عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، علاء الدين بروجردي، بتوجيه رد حاسم على إسرائيل، بسبب ما وصفه بـ«الاعتداء على السفير الإيراني».

وقال بروجردي: «يجب على إيران ووزارة الخارجية أن تتخذ موقفاً بشأن هذا الأمر؛ لأن هذا الفعل هو اعتداء جديد، كما هاجموا قنصليتنا في دمشق، وقاموا بعمل إرهابي، فقد تعرض السفير الإيراني الذي يُمثّل دولتنا وشعبنا في لبنان للاعتداء»، وأضاف: «بالإضافة إلى إدانة هذا العمل من قِبل حكومتَي لبنان وإيران أن نرد بسرعة وبحزم على النظام الصهيوني»، وفقاً لموقع «خبر أونلاين».

واتهم بروجردي الولايات المتحدة بـ«المشاركة، ولعب دور كبير في الجريمة الواضحة والعمل الإرهابي» لإسرائيل، متهِماً على وجه خاص شركة «موتورولا» الأميركية، وطالَب بعقوبات دولية على هذه الشركة، وقال: «يجب على الحكومة اللبنانية رفع دعوى قانونية؛ لأن مواطنيها تعرّضوا لهذه الأضرار الجسيمة».

صورة تُظهر بقايا أجهزة اتصال متفجّرة معروضة بمكان مجهول في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وبموازاة بروجردي، حذّر نائبان إيرانيان دول المنطقة، بما في ذلك المسؤولون التنفيذيون في بلادهم، من تكرار ما حدث في لبنان، وطالَبا بحظر معدات شركة «موتورولا».

وقال النائب رضا حاجي بور لوكالة «إيسنا» الحكومية، إن «الحادث الإرهابي بلبنان شاركت فيه شركات أميركية صيهونية، وخصوصاً شركة (موتورولا)، أحذّر دول المنطقة من إمكانية تكرار حادثة لبنان في هذه الدول، بسبب استخدام أنظمة الشركات الأميركية، وخصوصاً (موتورولا)».

وأوضح أنه وجّه تحذيراً مكتوباً إلى الرئيس مسعود بزشكيان، ووزراء الاتصالات والاستخبارات والخارجية والداخلية.

وأشار النائب إلى استخدام منتجات «موتورولا» في القطاعات الإيرانية الحساسة، وقال: «يجب على وزارتَي الاتصالات والاستخبارات منع دخول هذه المعدات إلى إيران فوراً، وأن تُبَدَّل بمعدات أكثر أماناً بعد مراجعة دقيقة من قِبل منظمة الدفاع المدني ووزارتَي الاتصالات والاستخبارات».

سيارة إسعاف تنقل جرحى انفجارات أجهزة الاتصالات إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت (أ.ف.ب)

ووجّه النائب أبو القاسم جرارة تحذيراً مكتوباً إلى وزير الاتصالات والتكنولوجيا، قال فيه: «يجب متابعة جميع الشركات، بما في ذلك (موتورولا)، ومراجعة التحقيقات بسرعة؛ نظراً لحساسية الموضوع، وإمكانية الإضرار بالمواطنين».

تلميحات إسرائيلية

وكانت إيران قد شهدت في السنوات الأخيرة عمليات تخريب في منشآت نووية وعسكرية، فضلاً عن اغتيال شخصيات، نُسبت إلى إسرائيل، وكان آخرها مقتل رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، على هامش حضوره مراسم اليمين الدستورية للرئيس مسعود بزشكيان نهاية يوليو (تموز) الماضي.

صورة منشورة على موقع الرئاسة الإيرانية للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي تُظهر استخدامه لجهاز «بيجر» وأعادت نشرها حسابات إسرائيلية

وسارعت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، للتعليق على صورة نشرتها حسابات إسرائيلية في منصة «إكس»، وتُظهر جهاز «بيجر» إلى جانب الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي الذي توفي في 19 مايو (أيار)، إثر تحطّم طائرته المروحية، بعد ساعات من لقائه الرئيس جمهورية أذربيجان ألهام علييف، في حدود البلدين.

وقالت «تسنيم»: «إن الحسابات الإسرائيلية تنشر تقارير كاذبة للتأثير على الرأي العام في إيران».

وقالت إن نشر الصورة «يهدف للإيحاء بأن الرئيس اغتِيل بواسطة تفجير هذا الجهاز»، وأشارت الوكالة إلى التقرير النهائي الذي أصدرته لجنة تحقيق تابعة لهيئة الأركان، حول ظروف سقوط مروحية الرئيس في ظروف مناخية سيئة، وجاء هذا التعليق بعدما أفادت وسائل إعلام إيرانية، نقلاً عن النائب المتشدّد حميد رسائي، الثلاثاء، إن «التهم الموجَّهة لجمهورية أذربيجان لا تزال مفتوحة».

طهران تدين الهجوم

أتت هذه الردود في وقت اتهمت إيران، عدوّتها إسرائيل، بارتكاب «مذبحة» بعد تفجير الأجهزة التي بيد عناصر «حزب الله» الموالي لإيران، ما أدّى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة قرابة 3000 آخرين.

وأكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني، في بيان، «إدانة العمل الإرهابي للكيان الصهيوني، بوصفه مثالاً على مذبحة».

وعبّر كنعاني في بيانه عن التضامن مع عائلات القتلى والجرحى، وقال إن «مواجهة الأعمال الإرهابية ضد الكيان (الصهيوني) والتهديدات الناجمة عنها ضرورة واضحة»، وأضاف: «من الضروري أن يتحرك المجتمع الدولي بسرعة لمواجهة إفلات السلطات الصهيونية المجرمة من العقاب»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

بدوره، قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إن «الإرهاب وقتل الأبرياء جزء لا يتجزّأ من الطبيعة الخبيثة للنظام الصهيوني، ما دام هذا النظام قائماً لن يتوقف عن القتل والإبادة الجماعية».

وأضاف: «ندين بشدة العملية الإرهابية للنظام الصهيوني في لبنان، وفي الوقت الذي نعلن فيه تضامننا مع ضحايا الحادث، فإننا كما في الماضي نقف إلى جانب الشعب اللبناني».

جروح بالغة

ومن بين الجرحى، السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني. وقالت وكالات حكومية إيرانية في تقاريرها الأولى، إن أماني أُصيب «في اليد والوجه»، ووصف التلفزيون الرسمي جروحه بـ«الطفيفة»، لكن صحيفة «كيهان»، عبر قناتها على «تلغرام»، قالت إنه «أُصيب بأضرار بالغة في الوجه والعينين».

وانتشر مقطع فيديو من وصول أماني إلى المستشفى بعد الانفجار، وظهر في الصور بقميص ملطّخ بالدماء وعيناه مغطّاة بقطعة قماش بيضاء.

وتحدّث وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى زوجة السفير، حسبما أعلنت على شبكة «إكس». وقالت إن عملية علاجه «تسير بشكل جيد»، وندّد عراقجي بشدة خلال اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني «بالهجوم الإرهابي»، وشكر لبنان على تقديم الرعاية الطبية الفورية للسفير.

رجل مصاب يخضع لعملية جراحية في أعقاب انفجارات أجهزة اتصالات في جميع أنحاء لبنان (رويترز)

وفي وقت لاحق، ذكرت حسابات تابعة لـ«الحرس الثوري» على منصات التواصل الاجتماعي، أن أماني أُصيب بجروح بالغة في العينين، وقالت بعض وسائل الإعلام إنه فقد البصر. وكتب حسين سليماني، مدير موقع «مشرق»؛ منصة جهاز استخبارات «الحرس الثوري» على منصة «إكس»، إن «عين السفير أُصيبت بأضرار بالغة».

لكن السفارة الإيرانية لدى بيروت كتبت بالفارسية عبر حسابها على منصة «إكس»، إن «الشائعات المتداولة حول الحالة الصحية وحالة البصر لسفير إيران في بيروت غير صحيحة»، وأضافت: «يسير علاج السفير بشكل جيد، والشائعات المنتشرة حول حالته الصحية وحالة بصره لا أساس لها من الصحة»، وقال بيرحسين كولي وند، رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني الذي سافر إلى بيروت، إن «حالة السفير مستقرة».

وفي وقت لاحق ذكرت وكالة «مهر» الحكومية، أن نجل علي معروف حجازي، ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في بيروت، أُصيب بجروح بالغة من ناحية العين والوجه في حادث تفجير أجهزة اتصال منتسِبي «حزب الله» اللبناني.

وبدوره، نفى المتحدث باسم «الحرس الثوري»، علي محمد نائيني، التقارير عن مقتل ضابط من «الحرس الثوري» في انفجارات «البيجر» بلبنان، وفق ما نقلت وكالة «أرنا» الرسمية.

وتحاشت وسائل الإعلام الإيرانية الخوض في التعليق على استخدام السفير الإيراني لأجهزة يستخدمها منتسِبو «حزب الله»، لكن وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، قالت إن الجهاز الذي انفجر هو «لأحد حُرّاسه الشخصيين»، دون أن تشير إلى هوية الحارس، أو حالته.


مقالات ذات صلة

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

المشرق العربي تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

تكشف عمليتا التفجير لأجهزة اتصالات «حزب الله»، الثلاثاء والأربعاء، القدرات الكبيرة للاستخبارات الإسرائيلية. ولكن كيف يُقارن هذا النجاح بعمليات الموساد السابقة؟

كميل الطويل (لندن)
المشرق العربي فرق إطفاء إسرائيلية تخمد (الأحد) حريقاً قرب تل أبيب نشب جراء صاروخ أطلق من اليمن (أ.ف.ب)

إسرائيل تنفي رواية الحوثي: القبة الحديدية اعترضت الصاروخ

نفى الجيش الإسرائيلي الرواية التي قدمتها جماعة الحوثي بأنها قصفت إسرائيل بـ«صاروخ حديث» اخترق منظومتها الدفاعية، وادعى بأن مضادات «القبة الحديدية» اعترضته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية نشرتها وكالة «تسنيم» للفرقاطة الإيرانية «جماران»

إيران تنهي مهمة أسطول بحري بعد 126 يوماً في البحر الأحمر

أفيد في طهران بأن «أسطول 98»، التابع للبحرية الإيرانية، أنهى مهمته بعد 126 يوماً في مياه البحر الأحمر، واستقرّ أخيراً في أحد أرصفة ميناء «بندر عباس»، جنوب إيران

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الإعلام العبري يتوقع هجمات إيرانية ضد أهداف خارج إسرائيل (إ.ب.أ)

إعلام عبري: «الحرس الثوري» قرر سيناريو الانتقام لهنية

تشير تقديرات إسرائيلية جديدة إلى أن «الحرس الثوري» الإيراني اتخذ قراراً باستهداف مؤسسات إسرائيلية ويهودية في الخارج، رداً على اغتيال إسماعيل هنية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطيني نازح يتفقد منزله في دير البلح بقطاع غزة نهاية أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

تحليل إخباري لماذا لم تُحسم حرب غزة حتى الآن؟

دمّرت إسرائيل وقتلت في غزة لكنها ليست قادرة على إحراز نصر استراتيجيّ، وضربت «حماس» الوضع الذي كان قائماً لكنها عاجزة عن ترجمة سياسيّة لـ«طوفان الأقصى».

المحلل العسكري

غالانت يعلن انتقال التركيز إلى الجبهة مع لبنان... ونتنياهو: سنعيد سكان الشمال

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)
TT

غالانت يعلن انتقال التركيز إلى الجبهة مع لبنان... ونتنياهو: سنعيد سكان الشمال

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، إن إسرائيل «ستضمن عودة عشرات الآلاف من سكان مناطق الحدود الشمالية إلى ديارهم»، في حين أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن تركيز إسرائيل انتقل إلى الجبهة الشمالية مع بدء «مرحلة جديدة» من الحرب، وذلك وسط تصاعد التوتر مع «حزب الله» اللبناني.

وقال نتنياهو، في بيان مصور قصير: «قلت ذلك من قبل، سنعيد مواطني الشمال إلى ديارهم بأمان وهذا بالضبط ما سنفعله». ولم يعطِ مزيداً من التفاصيل.

من جهته، توجه غالانت بالحديث لأفراد سلاح الجو الإسرائيلي في قاعدة رامات ديفيد الجوية، في تصريحات نشرها مكتبه، بحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، قائلاً: «مركز الثقل يتحرك شمالاً. نحن نحول القوات والموارد والطاقة نحو الشمال».

في وقت سابق اليوم، تم نشر الفرقة 98 التابعة للجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل، بعد قتال دام أشهراً في قطاع غزة.

وأضاف غالانت: «أعتقد أننا في بداية مرحلة جديدة في هذه الحرب، ونحن بحاجة إلى التكيف. سنحتاج إلى الاتساق بمرور الوقت، تتطلب هذه الحرب شجاعة كبيرة وتصميماً ومثابرة».

وأشار إلى أن أهداف حرب إسرائيل في الشمال «واضحة وبسيطة: إعادة سكان البلدات في الشمال إلى منازلهم بأمان».

كما لفت إلى «أننا لم ننس الرهائن... هذا واجبنا ونحن نؤديه في نفس الوقت».

وفي السياق، أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن لدى إسرائيل «قدرات كثيرة لم تستغلها بعد».

وقال: «نخطط لمراحل مقبلة وفي كل منها يجب أن يكون الثمن الذي يدفعه (حزب الله) فادحاً».

وقُتل 9 أشخاص وأصيب أكثر من 300 بجروح، اليوم، في موجة جديدة من الانفجارات طالت أجهزة اتصال لاسلكية يحملها عناصر من «حزب الله»، بعد تفجيرات «البيجرز»، أمس (الثلاثاء)، التي تسببت بإصابة نحو 2800 شخص من الحزب وسقوط عدد من القتلى.